إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس 29 أيار 2025، بقضايا متنوعة مرتبطة بالوضع العام الداخلي الإيراني والإقليمي والدولي، ففي جانب المفاوضات النووية حذرت من خديعة "الثنائيات الكاذبة" التي يخوضها الأميركيون دومًا. كما اهتمت بتوضيح العلاقات الثنائية مع دول الجوار مثل تركيا في ظل الأوضاع الراهنة.
ثنائية الحرب والاكتفاء الذاتي بنسبة صفر بالمئة
في هذا الصدد، قالت صحيفة "رسالت" إن خلق "ثنائيات كاذبة" هو إحدى الصيغ الثابتة والواضحة، في مجال السياسة الخارجية الأميركية، إذ يعتقد كلا الحزبين الأميركيين التقليديين (الديمقراطيون والجمهوريون) أن المجتمعات التي تستهدفها واشنطن، في مختلف مناطق العالم، يجب أن تتعرض لمعضلة أو خيار قسري بين خيارين. وأضافت: "في الأيام الأخيرة، اتخذ مسؤولو إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب النهج نفسه، بعد انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في مسقط. لقد خلق البيت الأبيض في البداية ثنائية الاتفاقية – الحرب بالاستعانة بأدواته الإعلامية والدعائية في ما يتعلق بمصير المفاوضات، ثم خلق بعد ذلك نوعًا من القياس والتماهي بين مصطلحي الاتفاقية والتخصيب بنسبة صفر في المئة، وبناء على ذلك، تحاول واشنطن الآن تحويل ثنائية الاتفاقية/الحرب إلى ثنائية التخصيب بنسبة صفر في المئة/الحرب".
وأردفت الصحيفة: "في هذا الصدد، هناك نقطة أساسية لا تملك واشنطن القدرة على حسابها أبدًا، وقد أصبحت هذه المسألة بمثابة نقطة ضعف أميركا في خلق ثنائيات كاذبة تجاه طهران: رفض إيران قبول الرواية الأميركية!". ورأت أن: "أهم سمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي تستمد جذورها من خطاب الثورة الإسلامية، هي عدم تقبلها للمقترحات المفروضة. ومن ناحية أخرى، وعلى النقيض من العديد من دول العالم المتأثرة بالثنائيات الكاذبة لواشنطن، فإن إيران تمتلك القدرة على بناء السردية، وهذه القضية تطرح أمام بناء سردية العدو عقبات معقدة". ولفتت إلى أنه لم تستسلم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للثنائية الأميركية فحسب، استهدفتها أيضًا بالاعتماد على استراتيجيتين: المقاومة النشطة وتوسيع نطاق اللعب. وبعبارة أخرى، تحدت طهران في الوقت نفسه شكل وطبيعة اللعبة الدعائية المستهدفة التي تنتهجها الولايات المتحدة، وأكدت حقها الطبيعي وفقًا لقوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومعاهدة منع الانتشار النووي، وشددت بشكل أساسي على أن تحقيق التخصيب داخل أراضي البلاد هو الشرط الأساسي والرئيسي لأي اتفاق نووي مع الطرف الآخر.
كما أكدت الصحيفة أن: "هذا الخط الأحمر لن يختفي، ولن يتلاشى حتى مع خلق ثنائيات كاذبة من مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية، فعلى مدى 46 عامًا مضت منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أبدت بلادنا مرارًا وتكرارًا ردًا ذكيًا وحاسمًا على التلميحات والتصريحات الملفقة للجانب الأميركي، وأحبطت مشاريع واشنطن القائمة على الازدواجية واحدًا تلو الآخر. وهذه المرة، من المؤكد أن طهران ستتصرف بالحزم واللباقة نفسها، ما يخلق فشلًا آخر يضاف إلى قائمة الإخفاقات العديدة للسياسة الخارجية الأميركية. وسوف يدرك ترامب هذه الهزيمة والفشل عندما لا تكون هناك أي فرصة أمامه لتغيير مجرى الأحداث والهروب من الهزيمة".
غزة الاختبار الأخلاقي للفلسفة الغربية
من جهتها، ذكرت صحيفة وطن أمروز أن الحرب الأخيرة في غزة والنطاق غير المسبوق بقتل المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، يشكلان اختبارًا صعبًا للمفكرين والفلاسفة الغربيين. وهو اختبار جاءت نتائجه مخيبة للآمال بالنسبة إلى العديد من المراقبين. وبعد أحداث السنوات الأخيرة، عندما اتخذ العديد من هؤلاء المفكرين، بأصواتهم العالية وأقلامهم الناقدة، موقفًا ضد انتهاكات حقوق الإنسان والظلم في أجزاء أخرى من العالم ــ من الاحتجاجات ضد غزو روسيا لأوكرانيا إلى دعم أعمال الشغب (المرأة والحياة والحرية) في إيران ــ كان من المتوقع أن نرى المستوى نفسه من التصميم والتعاطف في مواجهة كارثة بهذا الحجم والعمق الذي نشهده في غزة. لكن الواقع على الأرض يظهر أن مواقف الفلاسفة الغربيين تجاه غزة كانت معقدة للغاية، مصحوبة بالصمت وعدم المبالاة، ومتناقضة في بعض الأحيان، وصادمة في بعض الأحيان".
ورأت الصحيفة أن: "بعض هؤلاء الفلاسفة، والذين يعدون أنفسهم أبطال الحرية وحقوق الإنسان وأصوات المهمشين ومنتقدي السلطة، إما ظلوا صامتين في مواجهة هذه الكارثة، أو سوّغوا بنهج متحيز أفعالًا مشكوكًا فيها بشكل خطير من حيث أخلاقيات الحرب والقانون الدولي، وحتى المبادئ الأكثر أساسية للإنسانية. وقد دفع هذا الوضع كثيرين إلى التساؤل: هل تعاني الفلسفة الغربية انهيارًا أخلاقيًا في مواجهة المصالح والعلاقات السياسية؟". وتابعت: "في نهاية المطاف؛ مأساة غزة تطرح مرة أخرى سؤالًا أساسيًا عن مهمة الفلسفة في العالم المعاصر: هل ستبقى الفلسفة مجرد لعبة فكرية وأكاديمية أم أنها يمكن أن تكون صوت الضمير الجماعي ضد الظلم والمآسي الإنسانية؟ إن صمت بعض الفلاسفة أو مواقفهم المحافظة، خاصة بالمقارنة مع مواقفهم القوية بشأن قضايا أخرى، يمكن عدّه علامة على الانهيار الأخلاقي للفلسفة الأوروبية، كما قال بعض النقاد صراحة".
وأردفت الصحيفة: "في عالم يواجه تحديات لا حصر لها، من المتوقع من الفلاسفة، بصفتهم قادة فكريين، بدلًا من اللجوء إلى التعقيدات النظرية أو المعايير السياسية، أن يقفوا بشجاعة إلى جانب المظلومين ويسلطوا نور العقل والأخلاق على ظلام الجهل والقمع. وإن الصمت على قتل الأبرياء يعني تجاهل الكرامة الإنسانية التي هي أساس أي فلسفة أخلاقية حقيقية، وغزة ليست أزمة سياسية فحسب، هي أيضًا أزمة أخلاقية عميقة تتحدى ضمير الإنسانية. وفي هذه الحال ضمير الفلسفة الغربية، ربما يعتمد مستقبل الفلسفة على قدرتها على الاستجابة لهذه التحديات واستعادة الثقة في رسالتها الأخلاقية".
العلاقات الإيرانية - التركية
بدورها، كتبت صحيفة إيران: "لا يمكن تلخيص العلاقة بين إيران وتركيا فقط في مصطلحات مثل الجوار أو التعاون الإقليمي. لقد برز هذان اللاعبان المهمان، في غرب آسيا (الشرق الأوسط) في السنوات الأخيرة متنافسين وأحيانًا أصدقاء وسط مجموعة من الأزمات السياسية والأمنية. لكن ما يميز هذه العلاقة هو قدرة البلدين على إدارة الخلافات والتحرك نحو المصالح المشتركة". وقالت: "في وقت تتطور فيه التطورات الإقليمية بوتيرة سريعة، تسعى طهران وأنقرة إلى إيجاد لغة مشتركة لتجاوز الأزمات، على الرغم من اختلاف وجهات النظر بينهما: لغة المصالح الاقتصادية ودبلوماسية الحدود وتجنب التوتر".
وأضافت الصحيفة: "ترى الدولتان أن إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة والحفاظ عليهما يعد شرطًا أساسيًا لازدهار وتنمية ورفاهية دول المنطقة وشعوبها. وإن إدارة الشؤون الإقليمية بالتوافق والتعاون بين البلدان الإقليمية من دون تدخل البلدان العابرة للحدود الإقليمية سوف تكون فعّالة، وغياب التدخل الأجنبي في القوقاز ودول المنطقة هو قضية متفق عليها بين إيران وتركيا. وفي ما يتعلق بسورية، فبالإضافة إلى المحادثات الثنائية، كانت عملية أستانه جارية بالفعل بين الدول الثلاث إيران وتركيا وروسيا، ونحن الآن نجري محادثات ثنائية، ونعتزم توسيع نطاق الاتصالات والمناقشات مع تركيا بشأن سورية في القريب العاجل".