إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 29 حزيران 2025 بالمشهد الشعبي للتشييع الكبير لشهداء العدوان الصهيوني الأميركي، وكيف عكس هذا المشهد الوحدة بين الشعب وقيادته، والرسائل التي وجهها للخارج، كما اهتمت أيضًا بالمواقف الأميركية المضطربة تجاه الجمهورية الإسلامية.
نهاية وهم الفجوة بين الدولة والناس
أشارت صحيفة رسالت إلى إنّه "شهدت طهران أكبر وأروع وأشمل حضور شعبي لتكريم وتأبين شهداء حرب الاثني عشر يومًا. وكانت صورة طهران، أم العالم الإسلامي، صورةً مضيئة، وكأن الناس يمشون على أجنحة ملائكة سماوية"، لافتةً إلى أنّ "هذا الحضور التاريخي والملحمي، الذي جسّد إحياء رأس المال الاجتماعي للنظام، أبهر الأنظار وحطم وهم المسافة بين الدولة والأمة، وأضاء صورةً للوحدة الوطنية والإجماع والتلاحم الإسلامي في ساحة المجتمع الدولي".
وأضافت: "كان تشييع شهداء المعركة الأخيرة المهيب بمثابة بيعة الأمة الإيرانية للشهداء لمواصلة الكفاح ضد مجرمي العالم. إيران رائعةٌ بعد حرب الاثني عشر يومًا، يقف أحرار العالم شامخين ويشاهدونها. كانت هذه رسالة الشعب إلى العالم في تشييع وتأبين الشهداء"، مشيرةً إلى أنّ حرب الـ 12 يومًا كانت "حربًا ناجحة للغاية وغير مكلفة. يمكن رؤية أعظم إنجاز لها في التهاني الثلاثة التي ذكرها الإمام خامنئي في رسالته:
- تهانينا على الوحدة والاتفاق الاستثنائي للأمة الإيرانية، أمة موحدة بصوت واحد وبدون أي اختلافات.
- تهانينا على الانتصار على النظام الصهيوني المزيف بكل الضجيج.
- تهانينا على انتصار إيران على النظام الأمريكي، لقد انتصرت إيران ووجهت لأمريكا صفعة قوية على وجهها".
وأردفت الصحيفة: "إن التجمعات العامة الضخمة في الخارج مع علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتعبيرات الفرح والسرور بهذا النصر العظيم هي علامة على فهم المجتمع الدولي لهذا الحدث الملحمي. تمتلئ إطارات الكاميرات وصفحات وسائل الإعلام العالمية بصورة إيران القوية، ونظام قوي وراسخ كان قادرًا على القتال مع قوتين نوويتين إقليميتين وعالميتين والخروج منتصراً من الساحة".
لماذا غضب ترامب؟
من جهتها كتبت صحيفة وطن أمروز: "كانت مواقف قائد الثورة في كلمته الثالثة مع الشعب بعد هجوم النظام الصهيوني على إيران مرهقة للغاية بالنسبة لترامب لدرجة أنه في يوم الجمعة، وخلال خطاب له، وبوقاحة وإهمال غير مسبوقين واستخدام لغة قبيحة وشنيعة وقذرة، نشر الكراهية وقدم ادعاءات كاذبة وقذرة ضد شعب إيران وقائد الثورة. وعلى الرغم من أن هذا الهراء هو طبيعة المقامر ولا يُتوقع منه أي شيء آخر، فمن الجيد إثارة بعض النقاط حول أصل هذا الغضب والانفجار".
وتابعت: "يبدو أن السبب الأهم لغضب ترامب من خطاب قائد الثورة هو أن آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، في بيان موجز ودقيق، ذكر حقائق ونتائج عدوان النظام الصهيوني والولايات المتحدة على إيران لمدة 12 يومًا، وخاصة الجزء من تصريحاته الذي أشار وأشار إلى حالات هزيمة أمريكا في هذه الحرب واستحالة مطالبة ترامب باستسلام إيران"، مشيرةً إلى أنّ "من يتابع خطابات قائد الثورة وأدبياته، وأسلوبه في التعبير عن القضايا، يعلم أن الإمام الخامنئي يتوخى أقصى درجات الحذر والحيطة في إعلان المواقف والتعبير عنها. وعليه، فإن مراجعة تصريحاته في مقابلته المصورة الثالثة مع الشعب بعد هجوم الكيان الصهيوني تحمل في طياتها نتائج صادمة".
ولفتت الصحيفة إلى أنّه "فيما يتعلق بالهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، صرّح قائد الثورة الإسلامية بأن هذا الهجوم شُن أولاً لإنقاذ الكيان الصهيوني، وثانيًا، لم يُحقق أي إنجاز للولايات المتحدة. وأكد أن الأميركيين عجزوا عن القيام بأي شيء مهم، وأن الرئيس الأميركي مارس مبالغة غير تقليدية بشأن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية"، مشيرةً إلى أنّ قائد الثورة وصف "الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الأميركية في قطر بأنه صفعة قوية من الجمهورية الإسلامية للولايات المتحدة، مؤكّدًا أن هذا الإجراء أظهر أن إيران تتمتع بالوصول إلى مراكز أميركية مهمة في المنطقة، وأنها ستتحرك ضدها في الوقت المناسب".
وأضافت: "الآن، لماذا غضب ترامب من هذه التصريحات، وفقد السيطرة، وأهبط بمكانة رئيس الولايات المتحدة إلى مستوى المقامرين الأميركيين؟
[...] في الواقع، أوضح قائد الثورة المشهد، وهذا الوضوح يعني فشل الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية. وهذا ما يخشاه ترامب بشدة".
ورأت الصحيفة أنّ رد فعل ترامب على انتقادات وسائل الإعلام الأميركية كان "متوترًا وعدوانيًا للغاية. ولهذا السبب كان منزعجًا للغاية من تبيين قائد الثورة للحقيقة. إن تبيين حقيقة نتيجة الحرب المفروضة من قبل النظام الصهيوني والولايات المتحدة على إيران يُظهر فشل الولايات المتحدة وتهور ترامب. لذلك، يشعر ترامب بالانزعاج والغضب من أي شيء يفسر حقائق الهجوم على إيران ويوضحها، لكن الحقيقة لا يمكن إخفاؤها. ارتكب الرئيس الأميركي العديد من الأخطاء الغبية بالتواطؤ مع نتنياهو والمشاركة في الهجوم على إيران. لم تعني هذه الحرب شيئًا بالنسبة له، لكن تكاليفها عليه لم تنته هنا؛ لقد حان الوقت لدفع التكاليف. ما فعله ترامب بالهجوم الفاشل على المنشآت النووية الإيرانية سيصبح قريبًا بالتأكيد إحدى الفضائح الكبرى للرئيس الأميركي"، لافتةً إلى أنّ سلوك ترامب "المثير للاشمئزاز والسخيف يوم الجمعة، وإهانته لقائد الثورة، كشف هذه الحقيقة للعالم أجمع: شخص نرجسي ومتغطرس ذو روح طفولية يترأس الولايات المتحدة الأميركية الآن. إن وجود مثل هذا الطفل على رأس السلطة الأميركية ينطوي على مخاطر جسيمة، لكن الخطر الأهم بالتأكيد هو على أميركا نفسها وجهازها الحاكم".
ليس هناك طريق آخر مع إيران سوى الدبلوماسية
بدورها كتبت صحيفة إيران: "دعت مجموعة من أبرز خبراء ضبط التسلح والسياسيين وصانعي السياسات النووية، في رسالة موجهة إلى رئيس الولايات المتحدة، إلى حل دبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية. في الأيام الأخيرة، ارتفعت أصواتٌ قوية في الأوساط الأميركية الداخلية تطالب بتجنب استخدام القوة ضد إيران. وقد لاقت هذه الأصوات صدىً خاصًا في الأوساط الأكاديمية والمهنية في البلاد".
ولفتت إلى أنّ "من وجهة نظر خبراء العلاقات الدولية وخبراء ضبط التسلح، فإن أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، بصفتها عضوًا ملتزمًا بمعاهدة حظر الانتشار النووي، من شأنه، ولأول مرة في التاريخ، أن يُهدد بانهيار حظر الانتشار في العالم. كما ستمتد عواقب الصراع مع إيران إلى الشرق الأوسط والعالم أجمع".
وأردفت الصحيفة: "في الأسبوع الماضي، حذّر أكثر من 700 أستاذ وخبير في العلاقات الدولية إدارة ترامب من تبني سياسات عدوانية وشن حملة عسكرية. وفي أحدث التطورات، أصدرت مجموعة من خبراء الأمن القومي والسياسة الخارجية وضبط التسلح تحذيرًا مماثلاً للحكومة الأميركية، حثّوا فيه ترامب على العودة إلى الدبلوماسية".
وأضافت: "ومما تم الحث عليه من قبل هؤلاء في البيان أن الهجوم الأميركي على ثلاث منشآت نووية إيرانية نهاية الأسبوع الماضي كان عملاً عسكريًا خطيرًا عرقل المفاوضات الجارية مع إيران، ودفع الولايات المتحدة وإيران إلى شفا حرب شاملة. وقبل أيام قليلة من الهجوم، أعلن الرئيس ترامب أن التوصل إلى اتفاق سياسي مع إيران أولوية، وحدد مهلة أسبوعين لاستئناف المحادثات الدبلوماسية. بصفتنا خبراء في الأمن القومي والسياسة الخارجية، وبحسب ما ذكروه فإنهم يحثون إدارة ترامب على مضاعفة جهودها لترسيخ اتفاق وقف إطلاق النار الناشئ بين "إسرائيل" وإيران، والالتزام بعملية دبلوماسية جادة لضمان عدم توجه إيران نحو نقطة تحول نووية".
وختمت الصحيفة: "تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الشعب الأميركي يؤيد بأغلبية ساحقة القيادة الأميركية في السعي إلى حل دبلوماسي للأنشطة النووية الإيرانية. ومن هنا ذكر هؤلاء الخبراء أنه لا ينبغي إجبار القوات الأميركية على الانخراط في حرب أخرى غير ضرورية في الشرق الأوسط، ولا ينبغي أن يدفع الشعب الأميركي ثمن مثل هذه الحرب".