لبنان

أكّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب، أن على السلطة الرسمية في لبنان أن تعتمد على قوة شعبها، وتنسجم معه في مواجهة الضغوط الأميركية، وأن تقف بصلابة فلا تخضع للإملاءات.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سماحته في المجلس العاشورائي الذي تقيمه جمعية التعليم الديني الإسلامي في قاعة الجنان في ثانوية البتول (ع)، بحضور حشد من علماء الدين والشخصيات والفعاليات السياسية والتربوية والاجتماعية، لفت فيها إلى "أن واقعة كربلاء وشهادة الإمام الحسين (ع)، تجسيد واقعي لحقيقة التناقض بين مفهومَي الحق والباطل، فكما أن الحق والباطل يمتنع بل يستحيل اجتماعهما في عالم المفاهيم، كذلك في عالم الواقع الموضوعي؛ لأن العالم الموضوعي ليس إلا انعكاسًا لعالم المفهوم، فما يستحيل مفهومًا يستحيل واقعًا".
وقال الشيخ الخطيب: "إنّ التناقض بين الحق والباطل تناقض تام في المبادئ والأهداف والوسائل؛ ولذلك فإن الصراع بينهما كان صراعًا وجوديًّا، ولم يكن هناك من إمكانية للصلح بينهما، وكان لا بد لأحدهما أن ينفي الآخر، وأن التاريخ عبارة عن وقائع متجددة لهذا الصراع المستمر بأشكال متعددة، يسجل الانتصار فيه للحق، فالباطل يبقى باطلًا، والحق يبقى حقًّا، ويومئذ يخسر المبطلون.. قد يستطيع الباطل أن يربح جولة في الصراع العسكري، ولكنه بحساب القيم يبقى خاسرًا، أما الحق فيبدو أحيانًا أنه الخاسر في بعض الوقائع العسكرية، ولكنه هو المنتصر دائمًا بالحسابات المعنوية. وإنما يخسر أصحاب الحق لتخليهم عن حقهم، أما الحق فهو يسجل انتصاره دائمًا؛ لأنه لن يستطيع المبطلون أن يغيروا من حقيقته".
أضاف: "قد تبدو الأمور في ظاهرها على غير حقيقتها، ولكن الواقع شيء آخر. لقد رسخّت الثورة الحسينية هذه الحقيقة، وقلبت الموازين التي حاول أهل الباطل ترسيخها، وما زالت تفعل فعلها رغم مرور الزمن، فإن مرور الزمن لا يأتي عليها وإنما يزيدها نصاعةً ووضوحًا، حيث نتابع اليوم وقائع كربلاء في مظهرها الجديد في معركة الحق الذي يحاول الغرب الكافر بالقيم والأخلاق أن يظهر بمظهر المنتصر متبنيًا منطلقات وأهداف يزيد في معركة الأمة، بالوسائل نفسها، من الكذب والتشويه ومحاولة قلب الحقائق والمفاهيم والقتل والإبادة، ففضحته المقاومة وفضحه أهلها المتمسكون بها رغم ما أصابهم من ويلات هذا العدوّ، وأظهروه على واقعه وحقيقته المنافقة في رفعه الشعارات الإنسانية التي لم تكن إلا تضليلًا، وأعطت لأهل الحق مزيدًا من القوّة والصلابة والإيمان بالمستقبل القادم والنصر الآتي بإذن الله، وهو ما يجب أن ينعكس على تعاطي الممسكين بالسلطة في العالم العربي تماسكًا وقوّة في مواجهة الغرب وأتباعه وطلباته، وأن يعتمدوا على قوة شعوبهم وقوة حقهم".
وتابع: "وكذلك على السلطة الرسمية في لبنان أن تعتمد على قوة شعبها في الوقوف بهذه الإرادة الصلبة من أجل إفشال مخطّطاته، وأن تنسجم مع شعبها في قوة القرار أمام الضغوط الأميركية، وأن تقف بصلابة، فلا تخضع لإملاءاته التي يأتينا بها عبر مبعوثيه وعبر مندوبيه، وأن تُصرّ على حقها في إخراج العدوّ من المناطق المحتلة وتطبيق القرار الدولي الذي سعت إلى الاتفاق على تنفيذه، ثمّ تحاول التخلّص من التزاماتها، وتحاول فرض الهزيمة على الحكومة اللبنانية وعلى الدولة اللبنانية وعلى لبنان، وهو ما عجزت الولايات المتحدة الأميركية والعدو "الإسرائيلي" عن تحقيقه في الميدان، ولو كانا قادرين على ذلك لما توانيا عن تحقيقه، ولما لجآ إلى هذا الاتفاق ودعيا إلى القبول بالقرار 1701. اعتمدوا على قوة شعبكم ومقاومته التي أبدعت في إيلامه وإجباره على طلب وقف إطلاق النار".
وختم: "السلطة هي التي تتحمّل اليوم مسؤولية تحرير الأرض ومنع العدوّ من الاستمرار في العدوان وخرق الاتفاق، ولهذا ستكونون غدًا تحت المسؤولية، وسيحاسبكم شعبكم على التزاماتكم، ونقول لهم مرة أخرى، للإسرائيليين وللأميركيين: وإن عدتم عدنا نحن جميعًا مقاومة، كلنا مقاومة".