لبنان
استقبل مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في حزب الله، الحاج عبد الله ناصر، رئيس وأعضاء مجلس بلدية مدينة بنت جبيل الذي فاز بالتزكية في الانتخابات البلدية للعام 2025، بحضور مدير مديرية العمل البلدي في المنطقة علي الزين، إلى جانب عدد من الفعاليات والشخصيات المواكبة لعمل البلدية وجهود حزب الله من أجل خدمة أهالي المدينة والقرى المحيطة.
وخلال اللقاء الذي تخللته مأدبة غداء على شرف الحاضرين، هنّأ ناصر المجالس البلدية المنتخبة حديثًا أو تلك التي نالت ثقة أهلها وفازت بالتزكية على امتداد المنطقة، ومنهم المجلس البلدي في مدينة بنت جبيل الذي نال التزكية لأول مرة في تاريخ المدينة، كما توجّه بالشكر إلى مَن أنهوا مهامّهم في المجالس السابقة؛ تلك التي واكبت مرحلة فيها ظروف صعبة وحساسة على المستويين الإنمائي والبلدي.
وأشاد بالجهود الكبيرة التي بذلها جميع المساهمين في إنجاز الاستحقاق الانتخابي هذا العام، بدءًا من لجنة الإشراف المركزية، وأعضاء مجلس النواب، والعاملين في العمل البلدي، مرورًا بمسؤولي القطاعات والشُّعب، والمشرفين على القرى، وصولًا إلى العائلات والفعاليات والمخاتير الذين كان لهم دورٌ أساسيٌّ رغم الحرب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بالمنطقة.
وتناول ناصر مجموعة من القضايا المستجدة على الساحتين اللبنانية والإقليمية، فقال إن "لبنان يمر اليوم بتغييرات وتحولات كبيرة يجب أن نكون واعين ومواكبين لها، خاصة أننا لا نزال في خضم الحرب، فـ بنت جبيل قدّمت التضحيات والشهداء، وكانت في مقدمة مراحل التصدي للعدو وما زالت، وحتّى الشباب الذين جُرحوا واستشهدوا من بنت جبيل أعدادهم كبيرة، ونجد اليوم أن هناك شبانًا آخرين يزداد إقبالهم وحضورهم واستعدادهم، ونحن اليوم نشجعهم ونحفزهم إذ لا يمكننا أن نكون إلا جزءًا من مشروع المقاومة، سواء المقاومة السياسية أو العسكرية المسلحة.
وأضاف ناصر: نحن جميعًا مقتنعون بأن هذه المرحلة ستتغير، سواء كان هذا الواقع قريبًا أو بعيدًا، فليس لدينا مشكلة، ولكن لسنا مكتوفي الأيدي إذا تعرضنا لضربات، بل لدينا دراستنا لهذه المرحلة.
وأضاف ناصر: رغم تعرضنا لضربات خلال العدوان الصهيوني على لبنان، ومنها شهادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والقادة والمجاهدين، فإننا حاربنا لستة وستين يومًا ومنعنا العدوّ من التقدم، لافتًا إلى أن العدوّ الذي حشد هذه الفرق كلها لم يكن هدفه فقط الدخول إلى هذه المنطقة، ولكنَّ تصدي المقاومة منعه من التقدم أكثر.
ولفت ناصر إلى أن إحدى الأدوات التي يستخدمها العدوّ الآن هي التأثير في الوضع الداخلي، وأن المرسوم للبنان هو نفسه المرسوم للمنطقة ويتلخص بالتطبيع مع الكيان الصهيوني وجعل البلد في تبعية كاملة للأميركي، ومنع أي علاقات مع الجمهورية الإسلامية في إيران ونزع سلاح حزب الله، وأن هناك في لبنان من يسوق لهذا المشروع، إضافة إلى دول عربية تسوق له بشكل رئيسٍ أيضًا.
وتابع ناصر: هناك ضغوط أميركية تمارس على لبنان ولكن المستفيد الوحيد هو العدوّ "الإسرائيلي"، وأضاف: إضافة إلى الضغط الأميركي هناك ضغوط تمارس من بعض الأنظمة العربية على رئيسَي الجمهورية والحكومة وعبر وسائل إعلامية أيضًا لتحقيق هذه المطالب، خاصة أنها تعتبر حزبَ الله عائقًا في طريقها، فتتقاطع مع الأهداف "الإسرائيلية" والأميركية في عدائها تجاهنا، مشدّدًا على أن حزب الله يتعامل مع قرار الحكومة بنزع سلاح المقاومة على أنه قرار غير ميثاقي، ولا قيمة أو أثر له، وغير قابل للتطبيق.
وتناول ناصر مجموعة من الأمور المتعلّقة بالعمل البلدي، فأشار إلى أن الاستحقاق البلدي أُنجز بصورة مميزة جدًا بفضل وعي المجتمع وحساسيّته تجاه التفاهمات، موضحًا أن عملنا شمل 109 بلديات أُنجزت من بينها 72 بلدية بالتزكية، منوّهًا بأن من بين هذه البلديات أربعًا أو خمسًا من البلديات الكبيرة التي تضم 18 إلى 21 عضوًا بلديًّا، ما يعكس وعي الأهالي وتفهمهم لخيارات المقاومة، على الرغم من صعوبة المرحلة وتداعيات الظروف الراهنة.
وشدد على أن المرحلة المقبلة قاسية وصعبة وتتطلب من الجميع شجاعة وصبرًا وتحملًا كبيرًا للمسؤوليات، مؤكدًا أن من تصدّى للعمل البلدي دخل بشجاعة وإرادة قوية لخدمة المجتمع. وأوضح أن المراحل الصعبة تحتاج إلى "رجال"، موضحًا أن ذلك يشمل كلَّ مَن يمتلك ميزة تحمّل المسؤوليات وخدمة الناس، معتبرًا ذلك من أرقى الأعمال الإيمانية التي تقرّب إلى الله تعالى، ومشددًا على أن الهدف الأساسي من العمل الإنمائي والبلدي هو النهوض بالمجتمع، خصوصًا أن احتياجات الناس اختلفت وأصبحت الأولويات مختلفة بسبب حجم الدمار الذي لحق ببعض القرى.
وأوضح ناصر أن القرى التي دُمّرت بنيتها التحتية تحتاج إلى خطط مختلفة وأولويات جديدة، خصوصًا أن المشكلة بدأت من العمق في بعض القرى الحدودية والمتضررة من العدوان. وأشار إلى أن التخطيط هو النقطة الأولى التي ينطلق منها العمل الإنمائي، موضحًا أن المعادلة الصعبة تكمن في كيفية تلبية احتياجات كبيرة بموارد محدودة، وهنا يظهر دور الإنسان النوعي القادر على الابتكار والاتكال على الله للخروج من التقليد وتقديم حلول غير تقليدية.
وتابع ناصر قائلًا: إن هناك تجارب تاريخية لشعوب دُمّرت ثمّ نهضت بجهود فردية وطرق مبتكرة، داعيًا إلى السير على النهج ذاته. وشدّد على أن الإنماء يشمل إعادة إعمار البنية التحتية والخدمات من ماء وكهرباء وطرق وإزالة النفايات، إضافة إلى إعادة الدورة الزراعية التي تشكّل جزءًا من هوية القرى. وأكد أن مسؤولية البلديات لا تقف عند ذلك فقط، بل تشمل النسيج المجتمعي والحفاظ على العادات والتقاليد، إذ إن استمرار التهجير يهدّد هوية المجتمع.
أما على مستوى التربية والتعليم، فقد أشار إلى أن البلديات معنية بدعم قطاع التعليم، لا سيما أن المستوى التعليمي المرتفع يُعدّ سلاحًا أساسًا يحمي الأرض والعرض ويحافظ على الفكر والعقيدة. وأضاف أن تعزيز الثقافة الدينية والوطنية أمرٌ أساسٌ، داعيًا إلى إنشاء مرافق ثقافية ومكتبات وتنظيم فعاليات دينية ووطنية لتوفير بيئة تربوية سليمة من خلال تنقية المحيط من السلوكيات الضارة وتوجيه المجتمع نحو القيم الإيجابية.
وشدّد ناصر على أهمية دعم الشباب والشابات من خلال تدريبهم على المهن والحرف لخلق فرص عمل تحدُّ من البطالة وتمنع انتشار المشكلات الاجتماعية.
وأكد أن من مهام المجلس البلدي صناعة مجتمع مستقيم عبر التشبيك والعلاقات الجيدة مع المخاتير والفعاليات وأصحاب الشأن والخبرات داخليًّا وخارجيًّا، إضافة إلى الاستفادة من الدعم الدولي والمحلي، مؤكدًا أن حزب الله يدعم قدر المستطاع.
وشدد ناصر على أهمية تطبيق القانون بصرامة، مؤكدًا أن ذلك جزء أساس من عمل البلديات من حيث احترام المعايير والاعتمادات المالية التي تقرّها الدولة ومتابعتها بدقة وشفافية. وأضاف أن الرقابة والتقييم من خلال أجهزة رسمية تساعد على بناء الثقة لدى الأهالي، فالالتزام بالشفافية ودراسة المشاريع بدقة ومراعاة الأولويات يجذب الدعم من الأطراف كافة، ويضمن النهوض بالبلدات وتحقيق أهدافها التنموية.