لبنان

أكد سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت، مجتبى أماني، أنّ الكيان الصهيوني تلقّى هزيمة معنوية وعسكرية غير مسبوقة في تلك العملية، بعدما فشل في تحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة، مؤكّدًا أنّ "طوفان الأقصى" مثّل نقطة تحوّل في الصراع وأعاد للقضية الفلسطينية موقعها المركزي في الوعي الإسلامي والعالمي.
وفي حوار مع وكالة "تسنيم" للأنباء، تناول أماني، مسار تطورات معركة "طوفان الأقصى"، والضربات القاصمة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية إلى كيان الاحتلال، مؤكدًا أن المشروع الصهيوني يعيش حالة تراجع إستراتيجي عميق منذ انطلاق العملية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأوضح السفير الإيراني، أنّ الكيان الصهيوني "اعتاد أن يبني إستراتيجيته العسكرية على تحقيق انتصارات حاسمة تُظهر تفوُّقه أمام الرأي العام"، إلا أنّه منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، عجز العدو عن تحقيق أي نصر حقيقي، مشيرًا إلى أنّ الهزائم المتتالية في لبنان وغزة أثبتت هشاشة هذا الكيان رغم الدعم الأميركي اللا محدود.
وأضاف، أنّ العدو "الإسرائيلي" حاول بعد فشل عدوانه على غزة نقل المعركة إلى لبنان عبر تفجير أجهزة "البيجر" واستهداف قادة المقاومة، ظنًا منه أنّه سيتمكّن من إنهاك حزب الله وإجباره على التراجع، "لكن هذه الجريمة، كما استشهاد السيد حسن نصر الله لاحقًا، تحوّلت إلى محطة عزّ جديدة في مسار المقاومة".
وفي حديثه عن استشهاد السيد نصر الله وعدد من القادة، قال السفير أماني: "كنتُ من بين المصابين في تفجير أجهزة "البيجر"، ورغم الإصابات البليغة عدت سريعًا إلى بيروت لأواصل مهمتي، لأنّ المعركة كانت معركة مصيرٍ للأمة كلّها. كان السيد نصر الله مثالًا للثبات والإيمان، واستشهاده جسّد مدرسةً كاملة في الصبر والجهاد".
وتطرّق أماني إلى العلاقة التي جمعته بسيد المقاومة منذ مطلع الألفية، مؤكدًا أنّه التقى الشهيد السيد نصر الله عشرات المرات في لقاءات امتدت لساعات طويلة، ناقشا فيها قضايا المنطقة ومستقبل محور المقاومة. وأشار إلى أنّ السيد نصر الله كان يولي غزة اهتمامًا خاصًا، وكان يعتبر الدفاع عنها واجبًا دينيًا وإنسانيًا.
وفي سياق الحديث عن دور حزب الله بعد انطلاق "طوفان الأقصى"، شدّد أماني على أنّ قرار السيد نصر الله بفتح جبهة الدعم والمساندة من جنوب لبنان كان حاسمًا في تخفيف الضغط عن غزة، موضحًا أنّ "هذا القرار لم يكن مجرد تضامن سياسي، بل كان عمل ميدانيًّا منظمًّا أربك حسابات العدو وأجبره على القتال في جبهتين في آنٍ واحد".
كما أشار السفير الإيراني إلى أنّ مشاركة حزب الله في هذه المعركة "جسّدت وحدة الدم والمصير بين الشيعة والسنة في مواجهة الاحتلال"، معتبرًا أنّ هذا التضامن الإسلامي هو من أهم إنجازات محور المقاومة في العقدين الأخيرين.
ورأى أماني، أنّ ما جرى بعد استشهاد السيد نصر الله وعدد من كبار القادة في حزب الله، شكّل صدمة للعدو ودرسًا للأمة، قائلاً: "ظنّ الصهاينة أن باغتيال القادة سينهار الحزب ومحور المقاومة، لكن ما جرى كان العكس تمامًا، فقد تجددت روح المقاومة، وارتفعت معنويات المجاهدين في كل الساحات".
وحول انعكاسات "طوفان الأقصى" على المشهد الإقليمي، أكد السفير الإيراني أنّ العملية "أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي بعد سنوات من محاولات التهميش"، وأفشلت المشاريع الأميركية – الصهيونية مثل صفقة القرن واتفاقيات التطبيع.
وأضاف أماني: "كانت واشنطن و"تل أبيب" تراهنان على طيّ صفحة فلسطين، لكن دماء الشهداء أعادت رسم خريطة الوعي في الأمة، وجعلت من المقاومة الخيار الوحيد أمام الشعوب الحرة".