لبنان

وقع وزير العمل؛ الدكتور محمد حيدر، على عقد انضمام لبنان إلى مركز العمل الإسلامي، بتفويض من رئيسَي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام.
وجاء ذلك خلال مشاركة الوزير حيدر في أعمال الدورة السادسة للمؤتمر الإسلامي لوزراء العمل الذي تستضيفه قطر، تحت شعار "تجارب محلية وإنجازات عالمية، قصص نجاح في العالم الإسلامي"، بتنظيم من وزارة العمل القطرية ودعوة من منظمة التعاون الإسلامي.
كما التقى الوزير حيدر على هامش المؤتمر وزراء العمل القطري والسريولوني والمصري، وتم التباحث بملفات ذات اهتمام مشترك في ما خص اليد العاملة وتبادل الخبرات.
وألقى الوزير حيدر في المؤتمر كلمة قال فيها: "يشرفني أن أستهل كلمتي بتوجيه أصدق التحيات وأطيب التمنيات لكم جميعًا، وأن أعرب عن بالغ سروري بالمشاركة في هذا المؤتمر المهم، المنعقد في دولة قطر الشقيقة التي نتوجه إليها بخالص الشكر والتقدير؛ قيادةً وحكومةً وشعبًا، على كرم الضيافة وحسن التنظيم، وهو ما يجسّد حرصها الدائم على دعم قضايا التنمية والتكامل في عالمنا الإسلامي".
وأضاف: "إن انعقاد هذا المؤتمر اليوم يعبر بوضوح عن إرادتنا الجماعية لتوثيق النجاحات، وتبادل الخبرات، وتحويل التجارب الوطنية إلى أدوات تعاون فعّالة بين دولنا، بما يسهم في بناء أسواق عمل أكثر مرونة واستقرارًا وعدالة".
وذكر حيدر أنّ "دولنا الإسلامية تواجه تحديات متزايدة في ميادين العمل، تبدأ من ارتفاع معدلات البطالة، ولا سيما بين الشباب، ولا تنتهي عند التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي وتداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية".
وأوضح: "من هذا المنطلق، نرى في لبنان أن تعزيز التعاون والتكامل بين دول منظمة التعاون الإسلامي لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحّة. فنحن نؤمن بأن توحيد الرؤى وتبادل التجارب واستثمار مكامن القوة في كل دولة، يمكن أن يقودنا إلى نموذج عمل إسلامي متكامل، يضع الإنسان في صميم التنمية، ويكفل له عملًا كريمًا وحماية مستدامة".
وتابع الوزير حيدر: "في هذا الإطار، يشرفني أن أعلن، باسم الجمهورية اللبنانية، وبناءً على تفويض رسمي من فخامة رئيس الجمهورية، ودولة رئيس مجلس الوزراء، أن لبنان قرر الانضمام رسميًّا إلى "مركز العمل الإسلامي"، وقد تم تكليفي بالتوقيع على وثيقة الانضمام خلال هذه الدورة".
وأردف: "إننا نعتبر هذه الخطوة انطلاقة لمسار جديد من التعاون البنّاء مع الدول الأعضاء، وفرصة لتبادل الخبرات ووضع تجربتنا المتواضعة في خدمة الجميع، والاستفادة من تجارب أشقائنا لتطوير السياسات والبرامج ذات الصلة. وكما أن أبوابنا مفتوحة دائمًا للتعاون، فإن أيدينا ممدودة للجميع".
وواصل الوزير حيدر قائلًا: "إننا بدأنا بالفعل خطوات عملية في هذا الاتجاه، كان آخرها مع دولة قطر الشقيقة، حيث تم أمس توقيع اتفاقية تعاون مع شركة "جسور" لتنظيم الاستفادة من الكفاءات اللبنانية في سوق العمل القطري، ضمن إطار يحفظ حقوق العمال اللبنانيين ويضمن التزامهم بالقوانين والأنظمة في الدولة المضيفة".
وبيَّن أنّ "هذا النموذج من التعاون يؤكد أن التكامل بين [الدول الإسلامية] ممكن ومثمر، متى ارتكز على الشفافية والتنظيم والرؤية المشتركة لمصلحة شعوبنا". وقال: "انطلاقًا من عنوان مؤتمرنا هذا، اسمحوا لي أن أستعرض بإيجاز أبرز ما قمنا به في لبنان، رغم ما نواجهه من أزمات متتالية. لقد اعتمدنا نهج الحوكمة والرقمنة في وزارة العمل، ويمكننا القول اليوم إن أكثر من 90 في المئة من معاملات الوزارة باتت إلكترونية، ما عزز الشفافية وسرّع الخدمات ورفع كفاءة الأداء".
واستطرد حيدر: "رغم الانهيار الاقتصادي وتداعيات العدوان "الإسرائيلي" الأخير على لبنان، والذي خلّف أضرارًا جسيمة، لم نتوقف عن أداء واجبنا. فقد أعدنا تفعيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بعد أن كان على شفير الانهيار، واستطعنا خلال فترة وجيزة استعادة أكثر من 90% من التقديمات الصحية والاجتماعية، وهو إنجاز نعدّه انتصارًا لحقوق العمال وصمودًا أمام التحديات".
ولفت وزير العمل إلى أنّه "في إطار مواكبة التطورات الحاصلة في علاقات وأنماط العمل، تم تعديل قانون العمل عبر إدخال أنماط العمل الجديدة، لا سيما العمل المرن وعن بعد، ضمن الحماية والمنظومة القانونية مما يسهم في إيجاد فرص عمل للشباب خصوصًا المرأة. كما عملنا على تنظيم العمالة الأجنبية بما يضمن حقوقها ويوفر بيئة عمل عادلة وآمنة، ويحافظ في الوقت ذاته على توازن سوق العمل اللبناني وفق المعايير الدولية".
وأشار الى "أهمية التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية"، وقال "لقد تشرفنا مؤخرًا باستضافة أول ورشة من نوعها حول الحوكمة الرشيدة في سوق العمل، بالتعاون مع منظمة العمل العربية، في بيروت الشهر الماضي، ونتطلع إلى مواصلة هذه الجهود بالتعاون مع "مركز العمل الإسلامي وسائر الشركاء".
وقال حيدر: إنّ "قضايا العمل اللائق والضمان الاجتماعي والتمكين الاقتصادي ليست ملفات إدارية فحسب، بل هي قضايا إنسانية وسيادية تمَسُّ كرامة الإنسان وأمنه المعيشي مباشرة.. من هذا المنطلق، نؤكد في لبنان أن تعزيز التعاون الإسلامي في هذه المجالات واجب ومسؤولية مشتركة، وليس خيارًا انتقائيًّا".
وأكد أنّ "لبنان سيبقى، رغم الصعوبات، شريكًا فاعلًا، منفتحًا، مخلصًا، ومبادرًا في كل جهد يهدف إلى خدمة الإنسان وتعزيز العدالة الاجتماعية في عالمنا الإسلامي".
وختم الوزير حيدر كلمته بتوجيه "خالص الشكر والتقدير لمعالي رئيس المؤتمر، ولدولة قطر الشقيقة، ولمنظمة التعاون الإسلامي، ولكل من أسهم في إنجاح هذا اللقاء"، راجيًا "أن يشكل هذا المؤتمر محطة جديدة نحو شراكات أكثر فاعلية، وقرارات قابلة للتنفيذ، ومشاريع تنعكس إيجابًا على حياة شعوبنا".