إيران
حذرت البعثة الدائمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في فيينا، في مذكرة توضيحية بشأن التقرير الجديد للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أن الضغوط التي تمارسها بعض الدول الغربية دفعت مجلس محافظي الوكالة إلى التسييس، ما انعكس سلبًا على حيادية عملها الرقابي.
كما أوضحت البعثة، في مذكرتها التوضيحية، الجوانب القانونية والفنية التي نشأت بعد الهجمات العسكرية الأميركية و"الإسرائيلية" على المنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للضمانات، مؤكدةً أن تقرير المدير العام الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء ناقصًا وانتقائيًا، ومشوهًا بفعل الضغوط السياسية، ما أدى إلى عرض صورة غير دقيقة حول التطورات الأخيرة.
واستعرضت المذكرة واقع التعاون مع الوكالة، مشيرة إلى استئناف أنشطة التحقق في معظم المنشآت النووية تزامنًا مع استمرار التعاون، إلا أن التنفيذ الطبيعي لاتفاقية الضمانات في ظروف الحرب والعدوان بات يواجه قيودًا كبيرة. وأوضحت البعثة أن إيران اضطرت إلى تنظيم التعاون في إطار قرارات مجلس الشورى الإسلامي والمجلس الأعلى للأمن القومي، حفاظًا على أمنها ومصالحها الوطنية.
وجددت البعثة انتقادها لامتناع الوكالة ومديرها العام عن إدانة الاعتداءات العسكرية (الأميركية والصهيونية)، وتجاهلهما للخسائر البشرية والأضرار التي لحقت بالمنشآت السلمية، والمبالغة في مسائل تقنية، خاصةً المتعلقة بمستوى تخصيب اليورانيوم، مؤكدة أن جميع الأنشطة تتم ضمن معاهدة حظر الانتشار النووي واتفاقية الضمانات، وأن المواد والأنشطة النووية كافة قد أُبلغت للوكالة.
وشدد البعثة في مذكرتها على أن أي محاولة لإعادة فتح قضايا مغلقة بأنها انتقائية تفتقر إلى الأساس القانوني وتعكس تلاعبًا سياسيًا، مؤكدة أن ظروف الحرب تسببت في إعاقة استمرارية أنشطة التحقق، وساهمت في تفاقم الوضع.
وأكدت أن الهجمات الأميركية و"الإسرائيلية" في يونيو/حزيران 2025 شكّلت انتهاكًا واضحًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، محذرة من أن مثل هذه الاعتداءات لم تعرض السلم والأمن الإقليمي والدولي للخطر فقط، بل ألحقت أيضًا ضررًا بمعاهدة عدم الانتشار النووي ونظام الضمانات الشاملة، مع الإشارة إلى صمت المدير العام للوكالة حيال هذه الانتهاكات وانتقاده في التقارير دون الإقرار الكامل بحجم الاعتداءات.
وأشارت البعثة إلى التزام إيران التام بجميع التزاماتها بموجب اتفاقية الضمانات، ومواصلتها إتاحة الوصول الكافي لفريق التفتيش إلى المنشآت التي لم تتعرض للأضرار، بينما أوقفت بعض إجراءات الرقابة فيما يتعلق بالمرافق المتضررة، لأسباب أمنية.
وأضافت: "امتثلت جمهورية إيران الإسلامية تمامًا لالتزاماتها، بما في ذلك اتفاقية الضمانات الشاملة (INFCIRC/214)، وبذلت قصارى جهدها لتمكين الوكالة من تنفيذ أنشطة التحقق في إيران بفعالية، بما في ذلك تدابير الضمانات والمراقبة (C/S) على المواد والأنشطة النووية الإيرانية. تجدر الإشارة إلى أنه نتيجةً العدوان ، اضطرت إيران إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أمن وسلامة منشآتها النووية وسكانها وبيئتها".
وتابعت: "وصلت الضغوط السياسية المستمرة التي تمارسها بعض الدول إلى حد تغيير نتائج المسائل الفنية التي حُلّت في تقارير الوكالة، خلافًا للاتفاقيات المبرمة. وقد منعت هذه الضغوط ذات الدوافع السياسية الوكالة من أداء دورها المهني والنزيه على النحو المفترض".
وشددت المذكرة على قصور اتفاقية الضمانات الشاملة في معالجة ظروف الحرب بشكل دقيق، مشيرة إلى أن تنفيذها في أوقات النزاعات يكتنفه العديد من العراقيل القانونية والعملية، ما اضطر إيران لاعتماد تدابير جديدة لحماية مصالحها. وانتقدت البعثة كذلك إبراز المدير العام لبعض النقاط بشكل انتقائي وتوظيفها سياسيًا، محملةً الضغوط الغربية والتدخلات السياسية مسؤولية تعطل الدور المهني للوكالة وانحرافها عن الحياد العلمي والرقابي المطلوب.
وأوضحت أن بيان المدير العام في التقرير، ومفاده أن "الوكالة تُقر بأن الهجمات العسكرية على المنشآت النووية الإيرانية قد خلقت وضعًا يتطلب تعاونًا بنّاءً بين إيران والوكالة لتنفيذ التزاماتها بالضمانات بموجب اتفاق الضمانات الشاملة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، لا يعكس إلا جزءًا من الحقيقة، إذ إن اتفاق الضمانات الشاملة نفسه لا يشمل بالضرورة حالات الحرب". واردفت: "في حالات الحرب، كتلك التي شهدتها إيران، تُعدّ "استمرارية المعرفة" ضحية أخرى من ضحايا الحرب. وبمجرد عودة الظروف اللازمة، يُمكن استعادة استمرارية المعرفة".
واكدت: "أن مستوى ومدى التخصيب في إيران، كما هو موضح في تقرير المدير العام، لا ينتهكان أيًا من أحكام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الشاملة. إن تسليط الضوء على إيران في التقرير، في ما يتعلق بمستوى ومدى التخصيب المتوافق تمامًا والضمانات، هو عمل سياسي واضح ويتعارض مع مبادئ الاحترافية والنزاهة".
وختمت المذكرة بالقول: "تشارك إيران المدير العام التزامه بمعالجة القضايا المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الضمانات الشاملة، لا سيما في ظل استمرار الحرب".