اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي "اليونيفيل": الغارات "الإسرائيلية" جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

مقالات

دمشق و
مقالات

دمشق و"الربيع الأميركي" الموعود

71

كاتبة صحفية، عضو في الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين / ماجستر في العلاقات الدولية من جامعة LAU 

"ذاب الثلج وبان المرج"، هذا أقصى ما يمكننا أن نقوله بعد زيارة الشرع لواشنطن، وبعد أن دنس رئيس وزراء الكيان بزيارته الاستعراضية أرض القنيطرة المحررة بدماء الشهداء. وانتقل الشرع من إرهابي لقبه الجولاني ثمنه 10 ملايين دولار مطلوب أميركيًا ليغدو زائرًا "سوريًا" رسميًا يرشه ترامب بمرشته وعطره، وبعد أن فضح المبعوث الأميركي توم برّاك سر اللقاء، باحتلال قاعدة المزة، بات الجولاني رجل أميركا المعتمد في سورية، حتّى إشعار آخر.

كشف برّاك، أن الأميركيين يتحضرون لإنشاء قاعدة عسكرية جديدة قرب العاصمة السورية، دمشق، في مطار المزة العسكري. وهذا معناه احتلال أميركي لدمشق بعد احتلال منابع النفط في شرقي الفرات. مطار المزة بني في الستينيات كمطار مدني، وتم تحويله في أوائل السبعينيات إلى مطار عسكري، شهد على انطلاق الطيارين السوريين لقتال الطيارين الصهاينة والأميركيين على حد سواء، واليوم تنتشر عبر وسائل التواصل صورة الطيار الأميركي الذي أسقط السوريون طائرته خلال الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان 1982، والذين كتبوا أجمل الملاحم في حرب تشرين التحريرية في العام 1973 . هذا المطار كان يومًا رمزًا لمقاومة الإرهاب، واليوم سيستخدم من أجل رصد حركة المقاومين في لبنان، وأية حركة مقاومة قد تنشأ أو قيد الإنشاء في سورية وضرب عناصرها. أيضًا أشار تقرير "المونيتور" في السادس من الشهر الماضي أن القاعدة ستستخدم لأغراض لوجستية مثل "الاستطلاع". 

القواعد الأميركية في خدمة الأمن الصهيوني في الهلال الخصيب

هناك سلسلة من القواعد الأميركية في المنطقة، قاعدة الأزرق، الشهيد موفق السلطي سابقًا، على مثلث الحدود الأردنية - السورية - العراقية، وقاعدة عين الأسد، القادسية سابقًا، في الأنبار على الحدود السورية الأردنية العراقية، وقواعد في كردستان العراق وأكبرها قاعدة أربيل، وقاعدة التنف، التي تغطي طول الحدود السورية العراقية، وبذا فقد تم حصار العراق بالرقابة الصهيونية - الأميركية. وإعطاء أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي، قاعدة المزة للأميركيين، يقع ضمن سلسلة من عطايا "الاتفاق الأمني"، والذي سيمنح الاحتلال الصهيوني "أمانًا" في المحافظات السورية المحتلة، درعا والسويداء والقنيطرة. قواعد أميركية لم يكن ليعطيها الرئيس حافظ الأسد، ولا الرئيس بشار الأسد.  

قاعدة عسكرية في قلب سورية في مطار المزة، تذكرنا بقاعدة باغرام في أفغانستان، بوجود حكومة أفغانية جاء بها الأميركي. وبدل العمل على تحرير الأرض فقد جاء الانتقالي بمجموعة من الاحتلالات المتشابكة المصالح في سورية، احتلال صهيوني لسورية يمتد اليوم حتّى قطنا التي تبعد 28 كم تقريبًا عن دمشق. تكريس الاحتلال الأميركي في قلب دمشق، واحتلال تركي وضم كامل لمحافظتي إدلب وحلب. هذا هو اليوم الاتفاق الأمني، الذي ذهب من أجله الشرع إلى البيت الأبيض والذي قبض ثمنه رفع العقوبات الأميركية عن شخصه. 

الأسد، سد منيع في وجه المطالب الأميركية

في لقاء سابق مع الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، على قناة الميادين، حدد الأسد المطالب الأميركية التي جاء بها الأميركي على لسان مبعوثيه من العام 2003 وحتّى آخرها على لسان ويليام بيرنز، وكيل الخارجية للشؤون السياسية، في شباط/ فبراير 2010، والتي رفضها جميعًا: أولها، إخراج قيادات الفصائل الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة، فأجابهم الأسد نحن لن نخرج أحدًا إلا إذا أرادوا العودة إلى بلادهم، فهل ستسمحون لهم بذلك؟ ثانيها، إيقاف التعاون مع حزب الله في لبنان، ووقف جميع أنواع الدعم. ثالثها، منع دخول وتسليم أي من القيادات العسكرية العراقية، ومن ثمّ أضيف طلب لاحق بعدم إيواء الكفاءات العراقية، لكن سورية استقبلت الكفاءات وأوجدت شواغر لهم في الجامعات السورية العامة والخاصة. 

وبحسب ما نشرته "ويكيليكس"، ما رفضه الأسد: فك الارتباط مع إيران، وفرض نظام مغاير بالقوّة، والانضمام إلى التحالف الدولي، وتقييد خطوط إمداد المقاومة في لبنان، وفتح الاقتصاد أمام الشركات الأميركية، والقبول بدور أمني أميركي داخل سورية، لم يقبل الأسد أيًّا منها، بل طالب بانسحاب أميركي وتركي وصهيوني كامل من سورية حتّى اللحظة الأخيرة. وأصر على أن أي سلام سيكون تحت عنوان "الأرض مقابل السلام". وفيما بقي النظام في سورية منذ العام 1970 وحتّى 6 كانون الأول/ديسمبر 2024، تاريخ سقوط دمشق صامدًا رافضًا بيع الجولان أو التخلي عنه، حرر قمة حرمون والقنيطرة وسعسع في حرب استنزاف استمرت عامًا كاملًا بعد حرب تشرين، فيما قدم الشرع الأرض والجولان وكامل القنيطرة بصمت ودون إطلاق رصاصة واحدة على العدو. واليوم نتنياهو، بعد وزير حربه والمتحدث باسم جيشه، يرتع في القنيطرة وفي أراضي الجولان مختالًا.

الفروق الجوهرية بين نظامين

في البداية لا يمكننا أن نسمي النظام اليوم، على أنه نظام يحاول بناء دولة، في وقت تسير فيه سورية إلى نظام فيدراليات أو دويلات طائفية، خاصة بعد ارتكاب المجازر المتنقلة من درعا بداية، وهذا ما ينتبه له البعض، واعتبر البعض الآخر أن ما حدث هو جمع للسلاح فقط بعد محاولات يتيمة لمقاومة الصهاينة، إلى المجازر المتنقلة من صحنايا إلى الساحل السوري إلى السويداء واليوم في مدينة حمص، لإخراج العلويين منها، والدور قادم على كلّ من يختلف اليوم مع حكام دمشق اليوم. في حين أن سورية خلال حرب ضروس منذ العام 2011، باسم ربيع الحرية "العربي"، لم تشهد هكذا مجازر موجهة ضدّ كلّ من وقف في وجه "الربيع" إلا في الأماكن التي احتلها الإرهابيون. لقد كان هذا "الربيع" بداية النهاية لأية قوة عربية يمكن أن تواجه المد الصهيوني وبالتأكيد الهيمنة الأميركية، وقد شهدناها في سورية لأنها رفضت التخلي عن دورها المحوري، ولاحقًا في لبنان والعراق المقاومين للتطبيع، وشهدنا في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ربيعًا أتى على ما تبقى من قوة مالية للبنان، والقادم أعظم في العراق.

على مستوى السياسة الداخلية، يمكننا كتابة صفحات حول سورية البارحة مع كلّ الانتقادات التي واجهها الرئيس بشار الأسد بانتهاجه سياسة اقتصادية كانت أحد أسباب الأزمات التي حدثت، ومع ذلك لا يمكننا مقارنة اليوم بالبارحة، على مختلف الصعد التعليمية والاقتصادية والصحية والثقافية و... وحتّى بما يتعلق بالنظام العلماني، الذي عامل السوريين بناء على هويتهم فقط، وليس بناء على طائفتهم أو دينهم. كما شهدنا طوال السنوات التي سبقت 2024، محاولات الكيان عبر أذرعه "الداعشية" في درعا محاولات يائسة فشلت في السيطرة على ريف درعا الغربي الغني بالمياه. ريف حوران بشطريه الغربي والشرقي كان يزود سورية ولبنان والأردن بالخضار والفواكه والقمح، وسقت مياه الريف الغربي درعا والسويداء والأردن، ومنع الكيان منها عبر نهر الأردن المحتل. واليوم يفتقر ريف دمشق الجنوبي للماء القادم من نبع عرنة في جبل الشيخ، وحرمت السويداء من مياه الشرب والخدمة، ولم يسلم سهل القنيطرة من الجرف الذي طال الأراضي الزراعية فيها، المدينة التي استردها الرئيس حافظ الأسد وضيعها الشرع، كما ضيع ادلب وحلب وعزّة دمشق. وهذا ما يثير تساؤلات أكثر حول دور سورية ومستقبلها اللذين باتا غامضين مقلقين.

الكلمات المفتاحية
مشاركة