لبنان
أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار إجراء مخالف بوضوح لكل التصريحات والمواقف الرسمية السابقة، التي كانت تشترط وقف الأعمال العدائية من قبل العدو قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.
ورأى خلال مهرجان "نَجيع ومِدادٌ" الذي نُظّم تعظيمًا للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس، أن ما جرى تنازل مجاني لن يغيّر من موقف العدو ولا من عدوانه ولا من احتلاله، مشيرًا إلى أن المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن "إسرائيل" ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار.
ووصف هذا الإجراء بأنه سقطة إضافية تُضاف إلى "خطيئة 5 آب"، وقال "بدلًا من اتخاذ خطوات إلى الأمام تمنح البلد قوة وتحقق إنجازات، تُقدَّم تنازلات لن تنفع مع "إسرائيل".
وشدّد الشيخ نعيم قاسم، على أنّ مهرجان "نَجيع ومِدادٌ" اليوم يأتي وفاءً للعلماء الشهداء الذين شكّلوا جزءًا أساسيًا من مسيرة المقاومة، مؤكّدًا أنّ "عطاءهم وجهادهم وحضورهم في الصفوف الأمامية هو الذي أسّس لهذه المسيرة ورسّخ ثوابتها".
وقال الشيخ قاسم إنّ هذا الاحتفال "محاولة للتعرّف إلى هذا الاتجاه العظيم الذي أثّر في حياتنا"، موضحًا أنّ عنوان المهرجان يجمع بين النجيع، أي الدم، والمداد، أي الحبر، "في إشارة إلى تلازم العلم والجهاد في مسيرة العلماء".
وكشف الشيخ قاسم أنّ حصيلة الشهداء من العلماء بلغت 15 عالمًا، ومن طلبة العلوم الدينية 41، ومن أبناء العلماء 39، مشيرًا إلى أنّ هؤلاء "قدّموا أنفسهم وأموالهم وكل ما يملكون في سبيل القضية".
ولفت إلى ضرورة استذكار الشهيدين السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب بوصفهما "طلائع في هذه المسيرة"، مؤكدًا أنّ "الجهاد — جهاد النفس وجهاد العسكر — هو أساس في المنظومة الإسلامية التي نتربّى عليها".
وأشار الشيخ قاسم إلى أنّ العلماء "نجحوا في بناء الأصالة والعزة والحياة الطيبة"، وأنّ الكثير داخل لبنان وخارجه فوجئوا "بقدرة حزب الله على شق طريقه والتفاف الناس حوله"، معتبرًا أنّ ذلك يعود إلى "تجربة صادقة وأمينة ومخلصة".
وأضاف أنّ الحزب عمل على "الالتزام بثوابت الإسلام، والجهاد، ومكارم الأخلاق، والإيمان بالكلمة السواء"، مؤكّدًا أنّ تربية الحزب قائمة على "حب الوطن، وحرية الاختيار، وإقامة الدولة، وحرية التعبير".
وعاهد سماحته العلماء الشهداء على "الاستمرار، ومن المقاومين عهد الثبات والنصر، ومن الأهالي عهد الصمود والوفاء والعزة".
وأشار الشيخ قاسم إلى أنّ "هذه هي التعاليم التي عملنا على أساسها، والتي ثبّتها علماؤنا وكان لهم الفضل الكبير في الترويج لهذا المسار والتأسيس له"، مؤكدًا أنّ حزب الله "استطاع أن يقدّم نموذجًا راقيًا ومؤثرًا، وأن يطرح تجربة وطنية مميزة كانت محط أنظار، حتى أصبح العالم المستكبر يريد القضاء على حزب الله".
وأضاف أنّ مواجهة المقاومة تأتي لأنها "تطرح مشروعًا يقوم على الوطنية والاستقلال والعزّة والأخلاق، فيما لا يريد لنا الآخرون أن نعيش هذه الحياة".
وتوقف الشيخ قاسم عند العلاقة التي بناها حزب الله مع التيار الوطني الحر عام 2006، معتبرًا أنّها شكّلت "نموذجًا لتحالف بين حزب الله وقوة مؤثرة على الساحة المسيحية"، مشددًا على أن الحزب "لم يكن يومًا معزولًا، بل كان دائم التعاون، ويفتح يده للجميع، وقدّم تجربة رائدة أغاظت المستكبرين".
ولفت إلى أنّ التربية التي يعتمدها الحزب في كشّافه ومدارسه "هي التجربة التي تُبرز الاستقامة والالتزام الوطني وروح التعاون مع الجميع".
وتطرّق الشيخ قاسم إلى البيان الذي وجّهه حزب الله إلى البابا، معتبرًا أنّ "بعض الجهات المنزعجة شنّت حملة اعتراض متسائلة: لماذا أُصدر هذا البيان؟" وأضاف: "لقد واجهوا البيان لأنه وصل إلى القلب وترك أثره، فحاولوا تشويه الصورة، لكنهم لن يقدروا".
وتساءل: "من الذي يريد تشويه صورة شعب غني بقوته وبمعنوياته وبوطنيته، وبرغبته في أن يكون في الموقع العزيز، وبمقاومةٍ بذلت الدماء وضحّت من أجل الوطن؟".
وأكد الشيخ قاسم أنّ "كل هذه السهام ستتكسر، وستزيدنا عزيمة وقوة وطاقة، لأننا جماعة آمنّا بالله وتربّينا على أيدي العلماء الربانيين". واعتبر أنّ وجود اختلاف سياسي داخل الوطن "أمر طبيعي"، لكن المهم هو "تنظيم هذا الخلاف بحسب الدستور والقوانين، وفي إطار أنّ الخلاف الداخلي يجب أن يكون لتحسين شروط الدولة".
وأضاف أنّ حزب الله "يتعاون مع الجميع لبناء الدولة وتحرير الأرض"، مشيرًا إلى أنّ "صحيفة أعمالنا تثبت ذلك، ولا ننتظر شهادة من أحد ولا نعطي شهادة لأحد". وانتقد الذين يحاولون تقديم أنفسهم كمرجعيات وطنية، قائلًا: "لا يتصدّى أحد لإعطاء شهادات وطنية، وهم بحاجة إلى من يبرّئهم من تاريخهم السيّئ وجرائمهم والحرب الأهلية".
وشدّد على أنّ الانتخابات النيابية "تكشف الحقائق كما هي، وهي الحاكمة في نهاية المطاف".
وعن الاعتداءات "الإسرائيلية"، قال الشيخ قاسم: "هذا العدو عدوّ توسّعي، لم يلتزم بالاتفاق، وهناك اعتداءات دائمة. وهذه الاعتداءات ليست بسبب السلاح الموجود لدى حزب الله، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان بشكل تدريجي ورسم "إسرائيل الكبرى" من بوابة لبنان".
وأوضح أنّ "الحدود التي يجب أن نقف عندها في كل علاقاتنا كدولة لبنانية مع العدو "الإسرائيلي" هي حدود الاتفاق الذي يتحدث حصرًا عن جنوب نهر الليطاني"، معتبرًا أنّ أي علاقة خارج هذا الإطار تشكّل تجاوزًا للثوابت الوطنية.
وأضاف الشيخ قاسم أنّه "لا وجود لأي مفهوم اسمه ما بعد جنوب الليطاني، فكل ما يُثار في هذا الإطار لا علاقة له سوى باللبنانيين وكيفية تنظيم شؤونهم الداخلية". وأكد أنّه "لا شأن للولايات المتحدة بسلاح المقاومة ولا باستراتيجية الدفاع أو بالخلافات اللبنانية".
ولفت إلى أنّ المطلوب من قِبَل الأعداء هو "نزع السلاح وتجفيف مصادر التمويل، ومنع الخدمات، وإقفال المدارس والمستشفيات، وعرقلة الإعمار والتبرعات، وصولًا إلى هدم البيوت"، مشيرًا إلى أنّ "الغاية الحقيقية من كل هذه الضغوط هي إلغاء وجود المقاومة".
وتساءل الشيخ قاسم: "هل يُراد لنا أن نقتنع بأنّ مجرّد نزع السلاح سيحلّ الوضع في لبنان؟"، وشدّد على أنّ "حزب الله سيدافع عن نفسه وعن أهله وبلده"، وأكّد أنّ "بأس المقاومة سيكون أشدّ وأقوى، وأنها ستبقى إلى جانب أهلها وجرحاها الذين يُجسّدون أسطورة التضحية، وسنحفظ العهد وأمانة الشهداء ولن نتراجع".
وأكد الشيخ قاسم أنّه لن يعير خَدَم "إسرائيل" أي اهتمام، وقال "لن نعير خدام "اسرائيل" أهمية، وسنهتم بمن يريد أن يسمع من مواطنينا والقوى السياسية ونناقش ونتعاون في إطار البلد الواحد، وفي إطار استراتيجية دفاعية نتفق عليها وهذا الإطار الوحيد المفتوح".
وأضاف أنّه "لا أحد في العالم قادر على منع المقاومة من امتلاك قدرة الدفاع، فهذا أمر محسوم، وليجرّبوا قوتهم في أمور أخرى مع المهزومين لا معنا".
وانتقد الشيخ قاسم "مشاركة وفد مدني في لجنة الميكانيزم"، موضحًا أنّها "مخالفة واضحة، لأن الشرط الأساس كان وقف الأعمال العدائية من جانب العدو".
واعتبر أنّ الدولة قدمت تنازلًا مجانيًا للعدو الذي لن يغيّر موقفه ولا عدوانه"، وأنّه رغم ذهاب الوفد المدني واجتماعاته إلا أنه زاد الضغط والعدوان.
وأشار إلى أنّ "إسرائيل" أرادت أن تقول للبنان إنّه سيبقى تحت النار، معتبرًا أنّ "الإجراء يشكل سقطة جديدة تضاف إلى سقطة 5 آب".
وشدّد الشيخ قاسم على أنّ "حزب الله قام بما عليه، ومكّن الدولة من فرض سيادتها ضمن إطار الاتفاق"، مؤكّدًا أنّ "العدو لا يستطيع تحقيق أي مكسب عندما نتوحد"، وختم بالقول: "التماهي مع "إسرائيل" يعني ثقب السفينة، وعندها يغرق الجميع".
لقراءة ومشاهدة الكلمة الكاملة اضغط هنا