إيران
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 14 كانون الأول 2025 بالأحداث الدولية والإقليمية المؤثرة في مسار تشكل الأوضاع في إيران والمنطقة، وتناولت بشكلٍ واضحٍ سلوك الإدارة الأميركية وتل أبيب بتفكيك الاتحاد الأوروبي وإضعاف الدول الأوروبية في سياق إقامة السلام بالقوة في منطقة أوراسيا، كما اهتمت أيضًا بتتبع العلاقات الإيرانية مع دول الجوار ودول المنطقة وخاصةً لبنان الذي يشهد تطوراتٍ متسارعةً.
دور تل أبيب في حروب أوراسيا
كتبت صحيفة رسالت: "إن التطورات الأخيرة في مواقف الغرب من الحرب الأوكرانية، ولا سيما تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس المشككة بشأن خطة السلام الأميركية، تنبع من النفوذ الاستراتيجي لتل أبيب في السياسة الخارجية للدول الأوروبية (إلى جانب الولايات المتحدة). ففي المعادلات الدولية، غالبًا ما تلعب ألمانيا دور الوسيط المستقل الذي يُجبر على اتخاذ خياراتٍ صعبةٍ بين المصالح التكتيكية المتضاربة لواشنطن وتل أبيب. ويمكن تفسير زيارة ميرتس الأخيرة للأراضي المحتلة وموقفه اللاحق من وقف إطلاق النار الأوكراني على أنها إشارةٌ "دبلوماسية"ٌ من "إسرائيل" إلى الولايات المتحدة؛ إشارةٌ تؤكد على ضرورة استمرار استغلال الأزمة الأوكرانية لحماية المصالح الإقليمية للكيان الصهيوني، حتى لو تعارض ذلك مع التكتيكات الأميركية المؤقتة في إدارة الأزمة. ويُمارس هذا النفوذ من خلال آلياتٍ معقدةٍ من الضغط والتنسيق الأمني والانتماءات الأيديولوجية المشتركة داخل الغرب، والتي يُنظر إليها على أنها ذات وزنٍ أكبر من المصالح السياسية للاتحاد الأوروبي. يواصل الأوروبيون أيضًا لعب دورهم في هذا اللغز وهذا النظام، طواعيةً وضد مصالح دولهم.
[...] لطالما اتسم حلف شمال الأطلسي (الناتو) بتوازنٍ هشٍ بين مصالح أعضائه من خارج المنطقة (الولايات المتحدة) وأعضائه الأوروبيين. وقد تعرض هذا التوازن لضغوطٍ غير مسبوقةٍ في أزمة أوكرانيا. فمن جهةٍ، للولايات المتحدة مصلحةٌ في إضعاف روسيا كمنافسٍ استراتيجيٍ في أوراسيا على المدى البعيد؛ ومن جهةٍ أخرى، تتأثر دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا بشكلٍ مباشرٍ بالتبعات الاقتصادية والطاقية واللاجئين لهذه الحرب.
ومع ذلك، فإن تحليل هذه الضغوط من منظور تضارب المصالح بين واشنطن وباريس أو برلين وواشنطن فقط يُعد تحليلًا ناقصًا. فهناك طبقاتٌ خفيةٌ أخرى تُوجه فيها جهاتٌ فاعلةٌ إقليميةٌ، ولا سيما الكيان الصهيوني، مسار الحرب بشكلٍ غير مباشرٍ من خلال نفوذها على العواصم الأوروبية.
[...] لطالما سعت واشنطن، ولا سيما في ظل حكوماتٍ مختلفةٍ، إلى خلق أزماتٍ وإرهابٍ في العالم لتعزيز مشاريعها الهيمنية. لكن في الوقت نفسه، تحتاج الحكومات الأميركية أحيانًا إلى إدارة التوترات قصيرة الأجل أو تخفيفها لمنع نشوب صراعٍ شاملٍ (قد يخرج عن السيطرة) أو لإتاحة متسعٍ من الوقت لمعالجة القضايا الداخلية والانتخابات المحلية. غالبًا ما تضمنت خطة "السلام" الأميركية (التي نوقشت في الأوساط الإعلامية آنذاك) تنازلاتٍ من زيلينسكي لتحقيق وقف إطلاق نارٍ قد يعني استقرارًا نسبيًا للوضع الراهن وخفضًا لمستوى الأزمة على المدى القصير. هذا التخفيف من حدة التوتر هو تحديدًا ما تسعى "إسرائيل" حاليًا إلى منعه؛ لأن الاستقرار النسبي يسمح لمنافسي "إسرائيل" الإقليميين بالتنفس ويدفع حلفاء أميركا (مثل أوروبا) إلى إعطاء الأولوية للاقتصاد على حساب الأمن".
العلاقات الإيرانية اللبنانية في منعطفٍ حاسمٍ
كتبت صحيفة وطن أمروز: "دخلت العلاقات الإيرانية اللبنانية مرحلةً جديدةً في الأشهر الأخيرة، وتُظهر الأحداث الأخيرة وزيارة وزير الخارجية الإيراني إعادة تعريفٍ للعلاقات بين البلدين. لا يقتصر هذا الحدث على مجرد اختلافٍ في وجهات النظر الدبلوماسية، بل يعكس توجهاتٍ عميقةً في البنية السياسية اللبنانية، فضلًا عن تغييرٍ في نهج إيران تجاه السياسة الخارجية.
[...] يُظهر قبول وزير الخارجية الإيراني زيارة بيروت أن الجهاز الدبلوماسي الإيراني يتجه نحو نهجٍ أكثر مرونةٍ قائمٍ على الحوار والاحترام المتبادل. ويُسهم هذا الإجراء في تخفيف حدة التوتر المحتمل، ويُقدم صورةً إيجابيةً لإيران كفاعلٍ عقلانيٍ ومتفاعلٍ، ويمنع تراجع دورها في المعادلات اللبنانية. وفي ظل تصاعد التنافس بين القوى المختلفة على لبنان، بات الحفاظ على قناة اتصالٍ رسميةٍ مع الحكومة اللبنانية أكثر أهميةً لإيران، إذ لا يمكن للعلاقات مع الجماعات غير الحكومية وحدها أن تحل محل التفاعل مع البنية القانونية والرسمية للبلاد. إضافةً إلى ذلك، يلعب لبنان دورًا هامًا في المعادلات الأمنية المتعلقة بالكيان "الإسرائيلي"، ويُعزز التعاون مع الحكومة اللبنانية قدرة إيران على الردع في المنطقة.
[...] لطالما كان لبنان ساحةً للتنافس بين القوى الإقليمية، وذلك بسبب بنيته السياسية متعددة الأقطاب، وأزمته الاقتصادية، والتنافس الشديد بين الفاعلين الدوليين، والدور المحوري للجماعات المحلية. وبصفتها أحد اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، سعت إيران إلى بناء علاقاتٍ مع العديد من الجماعات السياسية في لبنان، ويجب ضمان جزءٍ من هذه السياسة من خلال علاقاتٍ رسميةٍ مع الحكومة اللبنانية الشرعية. ويُعد التفاعل البناء بين الحكومتين، القائم على الاحترام والتفهم للأوضاع الداخلية، رسالةً واضحةً للمجتمع السياسي اللبناني والفاعلين الإقليميين الآخرين: إيران، كما عهدناها دائمًا، وخلافًا للضجة الإعلامية والسياسية، شريكٌ موثوقٌ وعقلانيٌ".
خطة ترامب لتفكيك الاتحاد الأوروبي
كتبت صحيفة مردم سالاري: "كشفت مسودةٌ مسربةٌ لوثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي نشرتها الولايات المتحدة مؤخرًا، أن دونالد ترامب يسعى إلى زعزعة استقرار أوروبا بسحب إيطاليا والنمسا وبولندا والمجر من الاتحاد الأوروبي.
[...] قوبلت المحاولات الأولية للإدارة الأميركية للتدخل في أوروبا في وقتٍ سابقٍ من هذا العام، مثل خطاب نائب الرئيس جيه. دي. فانس المثير للجدل في مؤتمر ميونيخ للأمن، بالرفض في البداية من قبل مراقبي العلاقات عبر الأطلسي. جادل الكثيرون بأن الإدارة الجديدة في واشنطن لم تجد بعد موطئ قدمٍ لها في دورها الجديد.
لكن منذ ذلك الحين، اتخذ نهج الإدارة الأميركية منحى التدخل المتكرر. ويتجلى النمط نفسه لتدخل واشنطن في الحملات الانتخابية في رومانيا وبولندا وألمانيا؛ إذ تدعم الحكومة الأميركية من تعتبرهم حلفاءها الأيديولوجيين، ومن تستطيع تقويض نفوذهم في بروكسل.
ويشكك خبراء في أن يكون هدف الولايات المتحدة تشجيع خروج أيٍ من هذه الدول الأربع من الاتحاد الأوروبي، بل بالأحرى تعزيز الانهيار التدريجي للتكامل الأوروبي من خلال الدعم الدبلوماسي والسياسي، وربما حتى المالي، لتلك الدول".