لبنان
برعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب ممثلًا برئيس مركز مشارق للبحوث والدراسات الفكرية المعاصرة فضيلة الشيخ د. محمد شقير أقام المركز حفلًا تكريميًا للباحثين المشاركين في تأليف مجموعة كتب "الشّذوذ الجنسيّ" الصادرة عن المركز، وذلك في مقر المجلس طريق المطار.
وحضر الحفل: الشيخ بلال الملا ممثلًا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الشيخ سامي عبد الخالق ممثًلا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، رئيس الجامعة الإسلامية في لبنان البروفيسور حسن اللقيس، رئيس جمعية الإمداد الخيرية النائب السابق محمد برجاوي، المحامي رمزي دسوم ممثلًا التيار الوطني الحر، نائب رئيس حركة شباب لبنان المحامي محمد شمص، الدكتور علي غريب ممثلًا حزب الراية الوطني، محمد عودة ممثلًا مفوض عام جمعية كشافة الإمام المهدي (عج) الشيخ نزيه فيّاض، وفد جمعية الإصلاح والإرشاد الذي ضم: الأستاذ خضر الآغا والسيدة عزيزة ياسين، القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي، العلامة السيد عبد الله فضل الله، وحشد كبير من علماء الدين والشخصيات والفعاليات السياسية والقضائية والحزبية والتربوية والقانونية والنسائية والاجتماعية والكشفية والإعلامية والمهتمين والمكرمين.
وبعد تلاوة أي من الذكر الحكيم للقارئ مهدي شمعوني قدم للحفل الإعلامي د. علي قصير فقال: ثمة شبهة تقول بأن القيم الإنسانية ليست بحاجة إلى الدين، على العكس من ذلك فإن هناك دورًا للأنبياء هو في توجيه نزعة الخير لدى الإنسان بشكل صحيح كي لا تنحرف من خلال ترجيح رغبة على رغبة أو من خلال تغذية الرغبة بطريقة منحرفة، وكثيرة هي الأزمات التي بدأت تضرب بالأسرة في العصر الراهن، من قبيل الترويج لبعض النزعات المتطرّفة التي تستهدف الأسرة، مثل تشريع "الشذوذ الجنسيّ" ومحاولات قوننة هذه العلاقة، وتحويل الأسرة بطرفيها إلى أحادية الجنس.
وألقى الشيخ شقير كلمة راعي الحفل العلامة الخطيب فقال: "كلفني فشرفني نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب، بتمثيله في هذا الحفل، الذي يقام لتكريم ثلة من الباحثين المحترمين، الذين ساهموا بمقالاتهم وأبحاثهم العلمية الهادفة في مجموعة كتب الجنوسة والشذوذ الجنسي الصادرة عن مركز مشارق، والتي أتت كاستجابة للتحدي القيمي والثقافي والاجتماعي الذي يهدّد أسرنا ومجتمعاتنا، وهذا ليس مبالغة في القول، عندما نجد أن سفارات أجنبية وجمعيات وجامعات تعمل على الترويج لهذا الشذوذ، وهو ما يستنفر كلّ غيور وحريص وعاقل في هذا البلد، حيث إن من يواجه هذا الانحراف هو أحد ثلاثة: إما محافظ ملتزم بأصالته، وإما متدين حريص على حكم ربه، وإما عاقل إمامه عقله، حيث إن البعد العقلاني يدعو إلى حماية الأسرة في لبنان، لأنها من أهم مرتكزات القوّة والسلامة والصلاح في مجتمعنا، ومع إضعاف الأسرة أو تدميرها، ماذا يبقى لدينا من مرتكزات قوة في المجتمع، لأن الذي يهتم بالفرد، بشكل أساس، إحدى مؤسستين، إما الدولة وإما الأسرة، وعندما تكون الدولة ضعيفة، لا يبقى لدينا إلا هذه الأسرة".
أضاف: "ومن هنا كان موقفنا الحازم كمؤسسات ومرجعيات دينية في رفض هذا الانحراف، بل مواجهة هذا العدوان القيمي والحرب القيمية، التي هي جزء من حرب هجينية ثقافيًا وإعلاميًا وقانونيًا، تشن على مجتمعنا ووطننا، وتستخدم فيها أسوأ أساليب التضليل والتزيين (قرآنيًا). وفي هذا السياق لن يكتمل دور المجتمع الأهلي المسؤول والمرجعيات الدينية، الا مع تحمّل الدولة لمسؤوليتها في هذا الشأن، هذه المسؤولية التي لن تفلح في دورها، إلا إذا كانت قائمة على أساس من السيادة القيمية، التي هي أحوج ما نحتاجه في وطننا في مختلف متعلّقاتها، التي ترى في قيم الاجتماع اللبناني الأصيلة والعقلانية ما هو أرقى من أي قيم أخرى دخيلة ومستوردة، (وهنا أعتقد أن هناك مسؤولية على "اللقاء التنسيقي لصون الأسرة والقيم" في هذا السياق، بما في ذلك على المستوى القانوني وغيره...)".
وأردف: "لقد استطاع مركز مشارق للدراسات والبحوث الفكرية المعاصرة، أن يقدم مرجعية معرفية متنوعة الأبعاد، في الرؤية لهذا التهديد وهذا الانحراف، حيث يمكن لأي مهتم ومسؤول أن يستفيد من هذا النتاج، ليتبين جملة من مخاطر هذا التهديد، إذ يشكّل هذا النتاج نوع حُجة ثقافية وطنية على الجميع، تحديدًا من يريد أن يتعامل بوعي ومسؤولية تجاه هذا الموضوع وتبعاته".
وختم شقير قائلًا: "أخيرًا نتوجه بالشكر إلى مركز مشارق على مبادرته هذه، ونخص بالشكر الفريق العامل على هذا البرنامج، والباحثين المكرمين الذين أبلوا بلاء حسنًا في مساهماتهم القيمة هذه، التي نرجو أن تترك أثرًا في الخير العام دنيويًا، وأن تكون نورًا في صحيفة أعمالهم أخرويًا، حيث جاء عن رسول الله (ص): "المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم، تكون تلك الورقة يوم القيامة سترًا في ما بينه وبين النار، وأعطاه الله تعالى بكلّ حرف مدينة أوسع من الدنيا وما فيها"، لأن الحرف الذي يكون منارة في الدنيا، يؤول إلى مدينة في الآخرة، بوركت جهودكم".
وألقى كلمة المكرمين د. علي فضل الله فقال: "في زمن ما بعد الحرب الشاملة، المستمرة بأشكال أخرى، نعرف أن لدينا مناطق فراغ كثيرة، يهيمن عليه الفكر المادي أو المحارب، بإعلامه ومؤسساته التعليمية. هناك أغلبية من المتحدثين يعيشون داخل الصندوق، ولا يعرفون كيفية الانفكاك عن هذا الإطار، الأمر الذي يوجب على المخلصين تحرير العلم من أثقاله الشيطانية والأمارة بالفساد، وتأصيل المعرفة كما ينبغي، كمسؤولية تاريخية تجاه جيلنا والأجيال المقبلة. لا بد من كتابة روايتنا للأحداث، وحسن تقديم الأفكار النافعة للناس، فالباحث يكمّله الإعلامي والمعلم والمؤلف، وكله يبدأ بإرادة فردية مصممة، يؤازرها الدعم والتنظيم المؤسساتي. فالبحث ليس عالمًا بعيدًا، بل يجب أن يكون ملتصقًا بحاجات المجتمع والرغبة في تقدّمه".
أضاف: "هنا، في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، أود أن أشير وأذكر بتميّز المناهج الحوزوية التي يجهلها كثيرون. فمتى طبقت هذه المناهج كما هي، ومنها المذاكرة والمباحثة، وإعداد الطالب لتدريس المادّة عند إنهائها، والكيفية التي تبنى فيها شخصية الطالب البحثية والنقضية والنقدية، فإن النتيجة تكون حيازة هائلة لعلوم نافعة بآلية تستقر في العقول، ومرتبطة بمدارس أخلاقية تعلي شأن العدالة وبراءة الذمة الأخروية. إن الحوزة هي مؤسسة تنتج بطبيعتها باحثين على قدر عالٍ من الكفاءة، ويا حبذا لو يتم الاستفادة منها في الأكاديميات".
وتابع فضل الله: "مع مركز مشارق، لحظنا مزيج الحرص على المعايير البحثية، وعدم البعد عن التأصيل. وكانت فرصة طيبة للتعاون وجمع العقول لمناقشة قضايا إشكالية في المجتمع المعاصر، وطرحِ حلول لها، بلغة يفهمها الجميع، وضمن مقاربات متنوعة. إليهم نتوجه بالشكر على هذه الجهود، ومنهم نرغب إلى المهتمين في دعم هذه المؤسسات، وإيلاء الأهمية المستحقة للبحث العلمي في ثقافتنا، حيث توجد الكثير من الطاقات الكامنة، التي تنتظر من يستخرجها. أما التهديد الأكثر فتكا بالأسرة حين يضعها البعض أساسًا بديلًا عن الأسرة الطبيعيّة الموروثة منذ نشوء البشريّة. فما هو موقف الاديان السماوية وبالخصوص الإسلام من الانحراف الجنسيّ؟ وما هي فلسفة تحريمه؟ وما هي أبرز الشبهات المطروحة حول هذه القضيّة؟ هذا ما عالجه باحثونا المكرمون اليوم والذي طافوا بأبحاثهم القيمة على ضفاف الحقيقة العلمية والطبيعة البشرية".
وألقى نائب رئيس مركز مشارق الشيخ علي عبد الساتر كلمة فقال: يسعدنا في مستهل هذا اللقاء العلمي أن نتوجّه بجزيل الشكر والتقدير إلى راعي هذا الحفل، على رعايته ودعمه لهذا النشاط، بما يعكس اهتمامًا واضحًا بتعزيز البحث العلمي، ودعم المبادرات المعرفية التي تسهم في تطوير الإنتاج الفكري وترسيخ العمل المؤسسي".
أضاف: "نلتقي اليوم في مناسبةٍ علمية لتكريم نخبة من الباحثين الذين شاركوا بجهودهم البحثية في تأليف مجموعة من الكتب الصادرة عن مركز مشارق للبحوث والدراسات الفكرية المعاصرة، الذي كانت انطلاقته منذ أربع سنوات استجابةً لحاجةٍ ملحّة، تمثّلت في مواجهة التحديات والشبهات الفكرية التي باتت تواجه وطننا ومجتمعنا، لا سيما في ظل تنامي مفاهيم وافدة تمسّ البنية القيمية والثقافية للمجتمع".
وتابع عبد الساتر: "وأمام خطورة شيوع مفهوم الجندر، وتصاعد خطاب الشذوذ الجنسي، وما يحمله ذلك من تهديد مباشر للمجتمع، عبر السعي إلى إلغاء الهوية الفردية والإنسانية، وما يترتب عليه من آثار سلبية على الأفراد والأسر، لا سيما الفئات الأكثر عرضة للتأثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، برزت الحاجة إلى مواجهة علمية منهجية.
أمام هذه الخطورة، استجاب مركز مشارق بأشكال متعددة، كان من أبرزها إنتاج فيديوهات ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن إعداد ونشر مقالات وأبحاث علمية هدفت إلى تفكيك هذه الموضوعات ودفع الشبهات المرتبطة بها، فتناولت موضوع الشذوذ الجنسي، وأبحاث الجنوسة والجندر، لتشكّل هذه المقالات والأبحاث مادة علمية لإصدار هذه المجموعة من الكتب، التي تعالج هذا التحدّي من خلال مقاربته بأبعاده المتعدّدة: الفكرية، والقانونية، والاجتماعية، والتربوية، والإعلامية، والسياسية، والاقتصادية. فكان النتاج في خمسة كتب، تمثّل ثمرة انشغال بحثي استمرّ لأكثر من سنة، وشارك فيه عدد من الباحثين والمتخصصين، في إطار عمل علمي جماعي منظّم، هذه الكتب تحت عنوانين: الشذوذ الجنسي في بعديه الفكري والقانوني، الشذوذ الجنسي تطبيع اعلامي وحرب ناعمة، الشذوذ الجنسي مقاربات فكرية فلسفية اجتماعية دينية، الشذوذ الجنسي في ابعاده النفسية والتربوية والاجتماعية والدينية، والجنوسة وقضايا المرأة: مقاربات فكرية فلسفية اجتماعية دينية. تشكّل، كما يتّضح من عناوينها ومضامينها، مرجعية معرفية للباحثين والمعنيين بهذا التحدّي والجهد التوعوي، داخل لبنان وخارجه".
وختم عبد الساتر بتوجيه جزيل الشكر والتقدير باسم رئيس المركز إلى جميع المؤلفين والباحثين، وإلى فريق العمل في جمعية مشارق، الذين لم يدّخروا جهدًا في إنجاح برنامج الاستكتاب، وهذا الحفل الكريم، "آملين بأن نستمر بعون الله سبحانه وتعالى بمهمة التصدي للمخاطر التي تحيط بمجتمعنا، من خلال المشاريع البحثية والاستكتابية التي سوف يعلن عنها في وقت لاحق إن شاء الله".
وفي ختام الحفل قدم الشيخ شقير والشيخ الملا والشيخ عبد الخالق دروعًا تكريمية للمكرمين، وأخذت الصورة التذكارية.






