لبنان
هل تسري بنود اتفاق وقف إطلاق النار بشأن السلاح على شمال الليطاني؟
اتفاق وقف إطلاق النار وتأرجح التنفيذ ما بين جنوب الليطاني وشماله
كاتب وباحث لبناني في الشؤون العسكرية
يستمر الجدل على المستويين الداخلي والخارجي حول مسألة "نزع سلاح حزب الله" وما إذا كان الأمر مرتبطًا بمنطقة جنوب الليطاني فقط أو سيجري تنفيذ "نزع السلاح" في منطقة شمال الليطاني وكلّ لبنان وهو ما يذهب إليه بعض الساسة في لبنان والخارج.
من حيث المبدأ يجب أن يشكّل نص اتفاق وقف الأعمال العدائية مرجعًا لمقاربة الموضوع والاستناد إليه كمادّة أساسية صالحة للتنفيذ، لكن الأمور لا تحصل ربطًا ببنود الاتفاق بل تخضع للغطرسة "الإسرائيلية" من جانب ورغبات بعض القوى السياسية اللبنانية من جانب ثانٍ وانحياز الجانب الأميركي بالمُطلق لكيان العدوّ من جانب ثالث.
على المستوى الداخلي يبدو حزب "القوات اللبنانية" الأكثر استعجالًا لـ"نزع سلاح حزب الله" من كلّ لبنان، وهو ما جاء على لسان رئيسه في ردّه على الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في محاولة منه لتفسير بنود الاتفاق وعلى أن ما جاء فيها مُلزم لكل الميليشيات متناسيًا أن مصطلح ميليشيا ينطبق على بعض الأحزاب ولا ينطبق على المقاومة بكلّ فصائلها، خصوصًا أن ما جاء ربطًا بمصطلح الميليشيات ونزع سلاحها يرتبط بأي نزاع أو حرب داخلية وليس السلاح الذي يقاوم العدوّ "الإسرائيلي".
بدوره دولة رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أعلن استعداد لبنان الدخول في مرحلة ما بعد جنوب الليطاني حتّى قبل إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من تنفيذ مهامه جنوب الليطاني.
صحيح أن نزع سلاح حزب الله هو مطلب أميركي و"إسرائيلي" ومطلب بعض الدول العربية والغربية، لكنّ تنفيذ هذا المطلب قد يذهب بالبلد إلى دوامة من التباينات والسجالات وربما إلى أكثر من ذلك.
حزب الله المعني الأول بموضوع السلاح أعلن على لسان أغلب مسؤوليه وعلى رأسهم الأمين العام الشيخ نعيم قاسم رفضه تسليم السلاح شمال النهر رابطاً الموضوع بتحقيق أمرين:
أولًا: وقف كامل للاعتداءات "الإسرائيلية" والانسحاب التام والكامل من الأراضي اللبنانية وإطلاق سراح الأسرى.
ثانيًا: الشروع بنقاش إستراتيجية أمن وطني تحفظ لبنان وتحدد مكامن القوّة وكيفية الاستفادة منها ومن بينها سلاح المقاومة.
من خلال متابعة كلّ ما يحصل لا يرى البعض ما يفعله العدوّ باستمراره بالعدوان منذ اليوم الثاني لتوقيع الاتفاق، ففي حين أن لبنان نفّذ ما يتعلق به ممّا ورد في بنود الاتفاق يستمر العدوّ باعتداءاته اليومية بغطاء من أميركا رئيسة لجنة المراقبة وباستغلال واضح من قبل العدوّ لاستعجال البعض في لبنان وكأن المعركة بينهم وبين المقاومة وليست بين لبنان وكيان العدو.
بالرجوع إلى بنود الاتفاق ليس هناك ما يعطي الحق للعدو باستمراره بالعدوان خصوصًا أن هناك بنودًا في الاتفاق تُعد شأنًا داخليًا لبنانيًا وتنفيذها أمر حصري بين اللبنانيين خصوصًا بما يتعلق بخصوصية التركيبة اللبنانية وتداخلاتها.
- البند الأول من الاتفاق ينص صراحة على تنفيذ كلّ من لبنان وكيان العدوّ وقف الأعمال العدائية بتوقيت محدّد وكذلك انسحاب العدوّ من الأراضي اللبنانية التي يحتلها خلال 60 يومًا من موعد توقيع الاتفاق.
- في البند الثاني نص واضح يقول: لن تنفذ "إسرائيل" أي عمليات عسكرية هجومية ضدّ أهداف لبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية والعسكرية، أو أي أهداف أخرى تابعة للدولة، في أراضي لبنان، سواً برًا أو جوًا أو بحرًا وهو ما سبقه التزام لبنان باعتراف الجميع بمن فيهم قوات الأمم المتحدة.
- البند الثالث فيه إشارة واضحة للقرار 1701 وهو أصلًا القرار الذي صدر بعد حرب 2006 والذي يرتبط بجنوب الليطاني حصرًا.
- في البند الرابع إشارة إلى حق لبنان وكيان العدوّ بالدفاع عن النفس وهو ما لا يفعله لبنان وينتهكه كيان العدوّ كلّ لحظة بذرائع مختلفة.
- في باقي البنود لا يوجد أي إشارة إلى نزع سلاح الحزب شمال الليطاني وفي باقي الأراضي اللبنانية وكلّ ما ورد يعطي الدولة اللبنانية الحق بنشر قواتها المسلحة على كافة المعابر البرية والبحرية والجوية لمراقبة الحدود وضبط الأمن وليس اقتحام مواقع الحزب ومستودعاته.
يبقى أن حلّ المواضيع يجب أن يكون بالتفاهم بين الدولة والحزب انطلاقًا من استخدام كلّ مكامن القوّة وعدم الذهاب أكثر في تقديم تنازلات تمكّن العدوّ من ابتزاز لبنان وتسمح له بتحقيق أهدافه وهو ما يتطلب مساحات حوار تأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان ولا تنطلق من النكد السياسي المعتاد لبعض الأطراف التي تنطلق في مواقفها من مناهضة المقاومة كحق طبيعي تكفله القوانين الدولية مع التأكيد أن موقف هذه القوى ليس بالجديد فهو امتداد لمواقف أسلافهم من الخط السياسي القائم على مقولة "قوّة لبنان في ضعفه".