الانتخابات البلدية والاختيارية 2025

آراء وتحليلات

التناقضات تحكم الساحة "الإسرائيلية" 
06/05/2025

التناقضات تحكم الساحة "الإسرائيلية" 

مجدداً يظهر التناقض داخل مجتمع الكيان "الإسرائيلي" بين القيادة السياسية والعسكرية من جهة، وبين القرار السياسي والرأي العام الشعبي من جهة أخرى على مستوى خيارات الحرب والسلم وقضية استعادة الأسرى من قطاع غزة. 
ويظهر ذلك جلياً من خلال الأرقام التي عرضتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" "الإسرائيلية" مؤخراً عبر استطلاع للرأي يشير إلى أنّ نصف "الإسرائيليين" يرون أن تراث نتنياهو هو مسؤوليته عن إخفاق 7 أكتوبر والفساد السلطوي، فيما لا يثق 60% منهم بأن "إسرائيل" ستبذل كل ما بوسعها من أجل تحريرهم من الأسر، ما يؤكد أن تصريحات وزير المالية "بتسلإيل سموتريتش" التي تبناها نتنياهو لاحقاً بعدم إعطاء الأولوية لتحرير الأسرى تركت انطباعاً سلبياً لدى الجمهور "الإسرائيلي" ولا تحظى بأي أولوية لدى الحكومة.
ويعلّق الباحث والخبير في الشؤون "الإسرائيلية" إسماعيل مسلماني لموقع "العهد" الإخباري على مسألة التناقض الحاصل بين المستوى السياسي والعسكري في الكيان، مشيراً إلى أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قام بتغيير كل توليفة الجهاز العسكري، بدءاً من وزير الحرب السابق "يؤاف غالانت"، وصولاً إلى الضابط في الاستخبارات "الإسرائيلية" رونين بار، قبل أن يتراجع عن إقالته بسبب الخلافات التي توسعت على المستوى الأمني. ويرى مسلماني، أن هذه الإقالات وغيرها تأتي في إطار التصادم على مستوى الأفكار والقرارات والاتجاهات بينهم وبين نتنياهو الذي يصر على استكمال الحرب، بالرغم من عدم تحقيق الأهداف المزعومة وعلى رأسها القضاء على حركة "حماس". وفي هذا السياق أظهر استطلاع للرأي أجراه "معهد الأبحاث القومي" أن 56% من الجمهور في كيان العدو مقتنعون بأن حركة حماس ستبقى في الحكم في قطاع غزة بعد عام، ما يعني أن كل التصريحات "الإسرائيلية" التي تتحدث عن غزة بلا حركة حماس وتحقيق الأهداف بالقضاء على المقاومة غير واقعية، ولم تتحقق إلى الآن. 
ويلفت الباحث في الشؤون "الإسرائيلية" إسماعيل مسلماني إلى الخلاف الحاصل أيضاً على مستوى القرارات التي يصدرها المستوى السياسي، حيث إنّ المسؤولين في قيادات جيش العدو غير مقتنعين بما يجري في المستوى السياسي، وتسهم هذه التناقضات برأي مسلماني في تأجيج الشارع "الإسرائيلي"، خصوصاً بعد تصريحات نتنياهو بأن القضاء على حماس هو الأولوية، وهذا ينسجم مع التوليفة التي حيكت في الغرف المغلقة وصرح عنها الوزير "سموترتش" في إحدى لقاءاته، ما يشير بشكل واضح إلى أنّ وزير المالية أصبح لاعباً مركزياً في كل القضايا.
كذلك يشير مسلماني، في حديثه لموقع "العهد" الإخباري، إلى وجود تصادم بين متطلبات أهالي الاسرى والقرار السياسي الذي يتجه إلى توسيع العمليات العسكرية في غزة. ويبدو أن الضغط الكبير الذي تمارسه العائلات لوقف الحرب واستعادة أسراهم لن يفضي إلى أي حلول قريبة، لا سيما وأن المعطيات والمؤشرات بأغلبها تشير إلى توجّه "الكابينت" نحو توسيع العمليات العسكرية في غزة للضغط على حركة حماس ودفعها للتنازل عن الشروط والقبول باتفاق يرضي الطرف "الإسرائيلي".
وفي سبيل هذا الهدف، يلفت مسلماني إلى أن العدو يعتمد سياسة التجويع والتعامل مع غزة بشكل يتجاوز كل الأخلاقيات، ما يعكس مشهداً مطبقاً بحصار كامل على القطاع، ويحاول كسر إرادة الحاضنة الشعبية للمقاومة عبر الموت البطيء، وهذا ما لم ينجح حتى اليوم ويدفع الولايات المتحدة الأميركية للبحث عن طرائق أخرى قد تكون أكثر نجاحاً وفعالية. 
ويصف الباحث والخبير في الشؤون "الإسرائيلية" المرحلة اليوم بأنها مرحلة كسر عضم، يحاول من خلالها الطرفان الأميركي و"الإسرائيلي" الاستحصال على مزيد من أوراق القوة للاستفادة منها في المفاوضات السياسية. ويظهر أن مسألة التخلي عن الأسرى "الإسرائيليين" والتضحية بهم في سبيل تحقيق هذا الهدف هو القرار الذي اتخذه الجانب السياسي، ويحظى بموافقة أميركية مطلقة كما يشير مسلماني. 
في المقابل، يبدو واضحاً أن قطاع غزة دخل في مرحلة عدم العودة إلى الوراء، لا سيما أنه لم يعد هناك ما يخسره، وبالتالي المقاومة لا يمكن أن تتراجع الآن، ولا تملك خيار التنازل أو الاستسلام أو الرضوخ للشروط "الإسرائيلية"، يقول مسلماني. 
في الخلاصة، أياً كانت الخيارات "الإسرائيلية"، يبدو واضحاً أن نتنياهو ليس في وارد إيقاف الحرب، ويسعى جاهداً لتعطيل كل المقترحات السياسية، ولو كلّفه ذلك توسعة الخلافات والتناقضات بينه وبين الجانب العسكري والشعبي، وهذا ما دفع موقع "زمان إسرائيل" إلى القول، إن "الإسرائيليين" يمرّون بلحظات حاسمة ستُحدد فيها مستقبلهم، إما التدهور وصولاً إلى "دولة" تسلّطية تأخذهم نحو طريق الجنون بحسب تعبيرها، وإما عودة النظام السياسي إلى مساره الطبيعي، في الوقت الذي يسيطر فيه بنيامين نتنياهو، العجوز المنهك، على جميع آليات الحكم، وعلى سلطته المطلقة، بفضل خبرته ومهاراته الواسعة.
 

الكيان الصهيوني

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة