اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي مؤتمر الرياض 2 دعوة جدية ام خطوة استعراضية؟

نقاط على الحروف

أخي الشهيد: عن الليلة الأخيرة
نقاط على الحروف

أخي الشهيد: عن الليلة الأخيرة

كنت وحدك خارج الخيمة، فيما الجميع نيام. لا شيء يعينك على ظلمة الليل سوى ضوء من بدر مكتمل في السماء
4606

زهراء جوني
يحضر الخامس عشر من شعبان مجدداً فأخرج إلى مكان مفتوح لأبحث عن رفيقك في تلك الليلة. كنت وحدك خارج الخيمة، فيما الجميع نيام. لا شيء يعينك على ظلمة الليل سوى ضوء من بدر مكتمل في السماء، وسبحةٌ على أصابعك وكتاب دعاء. ليتني كنت رابع الأشياء إلى جانبك في ذلك المساء..

يستيقظ رفيقك في تلك الجرود القاحلة على صوت مناجاتك يخرج عميقاً من القلب، يسألك عن موعد نومك فتجيبه بلباقتك المعهودة: "سأنام بعد قليل". ثم تعود بكُلّك إلى الله؛ الحبيب الذي عاش فيك فأخرج منك كل هذه المعجزات.

لم تنم لحظة في تلك الليلة الأخيرة يا أخي. يعلم صديقك الذي استيقظ مراراً على صوتك وبكائك وأنين مناجاتك ذلك جيداً، ثم يخبرنا عن شكل وجهك وأنت تخاطب الله مستغفراً كثرة الذنوب والآثام. أنت يا محمد؟ تبكي من كثرة الذنوب في حضرة روحك المتيّمة بالحبيب؟ كم كنت جميلاً في دعائك واستغفارك وتوسلك إلى الله. ثم ماذا يفعل المذنبون أمثالنا أمام الله؟

يغفو صديقك في خيمته مجدداً. يظن أنك ستنام الآن. ولكن كيف تنام في ليلة الإمام؟ تدير وجهك ناحية القبلة مجدداً ولا تفوّت موعداً مع الله. يظهر ظلك من انعكاس ضوء القمر، أحدٌ ما يركع ويسجد، ثم يركع ويسجد مجدداً، يفعل ذلك كثيراً ولا يتعب. يراك صديقك مجدداً، ثم يحدّثك: "يا محمد ألا يحضرك النعاس؟" فتبتسم له دون أن تقطع حديثك مع الله.

هل كنت تدري يا محمد أنها ليلتك الأخيرة، لذلك ما أردت النوم فيها؟ يجزم العارفون فيك أنّ روحك علت إلى ربها في ليلة الخامس عشر من شعبان وأنك لحقتها بجسدك صباح النهار التالي. هل يعرف الشهداء موعد رحلتهم إلى السماء؟

يوم ذهبنا إليك بعد شهادتك لنرى المكان الذي حضن جسدك الساكن في اللحظة الأولى وقد فارقته الروح، أردت أن أقف مكانك في تلك الليلة الأخيرة. لكنني وجدت أننا لا نقوى جميعاً على فعل ذلك.

في تلك البقعة تماماً قوةٌ من نور لم تكن قادمة من القمر في السماء فحسب، كانت تخرج من داخلك الجميل، فتدفع هذا العالم نحو الطمأنية والأمان.

بعدك، فقدنا النور يا أخي، فلم يعد ضوء القمر الذي قرأت عليه كل مناجاتك في تلك الليلة يُسعفنا لنخرج من الظلام. نحتاج صوتك وروحك ويدك التي كانت تحتوينا جميعاً، ليعود إلينا ذلك السلام الذي كان ينشره حضورك. مبارك عليك أعظم إحياء وأعظم ليلة وأعظم ختام يا أخي "منتصر".

الكلمات المفتاحية
مشاركة