اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي جلسة لمجلس الوزراء: جدول أعمال من عشرين بندًا وتعيينات مختلفة 

مقالات

مواقف الإمام الخامنئي حوّلت المفاوضات إلى ميدان لمقاومة الغطرسة الأميركية 
مقالات

مواقف الإمام الخامنئي حوّلت المفاوضات إلى ميدان لمقاومة الغطرسة الأميركية 

260

من المتعذر قراءة مواقف الإمام الخامنئي الأخيرة بشأن المفاوضات النووية، وبالتحديد ردوده على مواقف المسؤولين الأميركيين، بمعزل عن منظومة فكرية وإستراتيجية متكاملة، تشكل جوهر سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فهذه المواقف ليست ردود أفعال عابرة، بل انعكاسات مباشرة لمبادئ راسخة: رفض التبعية، عقيدة المقاومة الشاملة، تعزيز الاستقلال، الحفاظ على المبادئ الثورية الإسلامية.

من ضمن الأسس الجوهرية التي تستند إليها هذه المواقف هو المعرفة بحقيقة أهداف الولايات المتحدة ومخططاتها إزاء الجمهورية الإسلامية، وما ينتج عنها من عدم الثقة بأي طروحات أياً كان غلافها. ضمن هذا الإطار يندرج تأكيد الإمام الخامنئي على أن الهدف الفعلي للولايات المتحدة من الإصرار على التفاوض المباشر هو "إضفاء صورة الاستسلام على موقف إيران".

في المقابل، بالنسبة لمرشد الجمهورية الإسلامية، لا تُعد طاولة المفاوضات طريقًا لحلٍّ جدي لأي قضية عالقة، يكون أحد أطرافها الولايات المتحدة. بل هي أداة وساحة تسعى واشنطن من خلالها لتأكيد تفوقها وتقديم إيران كطرف مُنصاع. في ضوء ذلك، يصبح الموقف الإيراني أحد أوجه "المقاومة". ويأتي في هذا السياق استحضارُ الإمام الخامنئي لموقف رئيس الجمهورية الإسلامية السابق، الشهيد السيد إبراهيم رئيسي الذي لم يمنح أعداء إيران أي فرصة للإيحاء بالضعف. وبذلك تتحول المفاوضات، في البعد الإيراني، إلى التزام عميق بمبدأ الصمود، بل ساحة تجلٍّ له مكلل بالخطوط الحمراء والرفض لأي إملاءات، والتصميم على انتزاع حقوق الشعب الإيراني دون أي مسٍّ بالثوابت. هذا ما كان الرئيس رئيسي يجسده عبر رفض الانكسار أمام الإملاءات.

ليس أمراً عابراً أو رمزياً وصفُ الإمام الخامنئي التصريحات الأمريكية بـ "العبثية" و"الوقحة" في هذا السياق وفي ظل مفاوضات حساسة، فهي تجسد الندِّية في التعامل مع "الشيطان الأكبر" وتحصينًا للسيادة الإيرانية، وردًّا على الاعتداءات الكلامية التي تصدر عن المسؤولين الأميركيين. وتوج ذلك بالتأكيد على أنَّ أحدًا في البلاد لا "ينتظر إذن هذا الطرف أو ذاك"، وأن "الجمهورية الإسلامية ستواصل نهجها وسياستها الخاصة" في هذا الشأن.

في إطار هذه الرؤية، لا يُعد التخصيب النووي مجرد برنامج تقني، بل هو رمز لقدرة إيران على اتخاذ قراراتها المستقلة في مواجهة الضغوط الخارجية، وهو تجسيد حي لمبدأ "لا شرقية ولا غربية". علاوة على ذلك، تُبيِّن إشارة الإمام الخامنئي إلى النية الحقيقية وراء الإصرار الأمريكي والغربي على وقف التخصيب، ووعده بتوضيح هذا الأمر للشعب لاحقاً، أن هناك تشككًا عميقًا في الدوافع المعلنة. ويعني ذلك، أنه لا يرى هذا الإصرار كتعبير عن مخاوف مشروعة من انتشار نووي، بل جزء من أجندة أوسع تهدف إلى سلب إيران أحد أهم إنجازاتها العلمية التي سيكون لها دور كبير في تقدمها وتطورها. وأيضًا في تقييدها وتجريدها من أوراق القوة، بما يتماشى مع مفهوم "الاستكبار العالمي" الذي تسعى "المقاومة" لمواجهته. ويشكل تسليط الأضواء على هذه الرؤية أمراً أساسياً بالنسبة للرأي العام الإيراني، كونها تضفي مزيدًا من المشروعية على خيارات النظام الإسلامي في مواجهة السياسة الغربية التي تهدف إلى إضعاف إيران، وليس ضمان السلامة العالمية.

بناءً على ما تقدم، يغدو واضحًا أن الإمام الخامنئي يرى في المفاوضات مع الولايات المتحدة محطة في سياق صراع متواصل، ولذلك ينبغي أن تكون ضمن إطار المقاومة، تُدار من منظور الصمود والمبادئ الثورية، حيث تُحلل نوايا الطرف المقابل بعمق، ويتم اتخاذ المواقف التي تخدم مصلحة الجمهورية الإسلامية انسجامًا مع المبادئ التي رسمها لسياستها الخارجية، العزة والحكمة والمصلحة.

في المقابل، فإن مشكلة العدو الإسرائيلي، ومعه واشنطن، أن هذه المبادئ هي الحاكمة على أداء ومواقف القيادة العليا لإيران، وسبق أن لمس الطرفان أن طهران مستعدة لتحمل الأثمان وتقديم التضحيات من أجل التمسك بهذه المبادئ. وإذا ما تطلبت المتغيرات الدولية والإقليمية وحتى الداخلية، قدرًا من المرونة فإنها تبقى تحت سقف خدمة الأهداف والمبادئ. وهو أمر لم تتعود عليه واشنطن وتل أبيب في سياساتهما تجاه الدول العربية والإسلامية.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة