لبنان

بدعوة من مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان، شهدت بلدة تمنين التحتا لقاءً فكريًا حاشدًا استضاف نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، في محاضرة بعنوان "الإصلاح الاجتماعي والتحديات التي تواجه المجتمع المقاوم في لبنان"، بحضور شخصيات دينية وسياسية واجتماعية.
إصلاح الدولة يبدأ من معيار الكفاءة
في مستهل كلمته، شدد العلامة الخطيب على أولوية معيار الكفاءة في إدارة الدولة، داعيًا إلى بناء دولة حديثة بعيدة عن المحسوبيات والطائفية والمصالح الضيقة.
وقال الشيخ الخطيب : "لا نريد سلطة تسرق الدولة وترهنها للخارج، نريد دولة تحكم بمعايير صحيحة وتخدم الناس، لا أن تستخدمهم لخدمة مصالحها وأن هناك فرق جوهري بين الدولة والسلطة، فالشعب هو الدولة، والجيش والمرافق العامة تنتمي إلى هذا الشعب لا إلى السلطة العابرة".
السلطة في مواجهة الشعب
وتوجه الخطيب بانتقاد مباشر للسلطة السياسية الحالية، متسائلًا: "أين هي السلطة التي يفترض بها أن تدير الشأن العام وتضع مصلحة الناس في أولوياتها؟ هل يعقل أن تبقى البلديات محرومة من أموالها؟"، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات تنذر بتصادم حتمي بين الشعب والسلطة إذا استمرت السياسات الراهنة.
المقاومة ليست فصيلاً... بل شعبًا
وأكد الخطيب أن:" المقاومة في لبنان ليست فصيلًا مسلحًا، بل قوة شعبية تأسست على التقوى والتضحية، مستشهدًا بقادة كبار من أمثال الإمام موسى الصدر والسيد حسن نصرالله".
واستنكر سماحته وصف المقاومة بالميليشيا، معتبرًا أن من يطرح نزع سلاح المقاومة يمنح العدو فرصة للإيذاء، ويقوم ببطولات وهمية على حساب أمن البلد.
كما دعا إلى التوقف عن اللعب بالمفردات الطائفية والمذهبية، محذرًا من أن "الحديث عن قوى مسيحية وإسلامية وشيعية وسنية" يعمّق الانقسام ولا يخدم سوى الفاسدين، مشددًا أن الدين هو لكل الناس، والمواطنة لا تُجزأ.
الإصلاح ليس شعارًا... بل مسؤولية
أوضح العلامة الخطيب أن: الإصلاح ليس مجرد خطاب سياسي، بل هو مهمة الأنبياء وغاية الرسالات السماوية، وأن الذي يتلبس بلباس الإصلاح وهو فاسد، يرتكب جريمة مزدوجة: بحق نفسه وبحق الناس، مؤكدًا أنه لا وجود لمنطقة وسطى بين الإصلاح والفساد.
كما ندد بالتمييز في المؤسسات العامة ضد أبناء بيئة المقاومة، لا سيما ما يحصل في المطار والمرافئ، واعتبر أن محاولة إقصاء الكفاءات الوطنية لحسابات سياسية هو شكل من أشكال الإفساد، ويخدم بشكل مباشر أجندات العدو الصهيوني.
الثقافة أساس التنمية
وفي مقاربة تنموية، اعتبر الخطيب أن البلديات هي خط الدفاع الأول عن المجتمع، مشددًا على دورها في توفير الحصانة الاجتماعية والاقتصادية من الداخل، من دون الاعتماد على الخارج ، فلا تنمية بلا ثقافة، ومن يتبوأ هذه المواقع يجب أن يتمتع برؤية ثقافية تؤهله لخدمة الناس والبلد على حد تعبيره.
وختم الشيخ الخطيب بدعوة اللبنانيين إلى: "مراجعة خطابهم السياسي والاجتماعي، واعتماد لغة جامعة ترتقي فوق الانقسامات، مشيرًا إلى أن لبنان يحتاج إلى رجال في الموقف، لا إلى متفرجين خائفين،وأن المقاومة باقية لأنها مقاومة شعب، ولا يمكن لأي سلطة أو جهة أن تنهيها أو تتجاوزها، ومن لا يملك الجرأة للوقوف مع الحق، فليتنحَّ جانبًا"