خاص العهد

الإعلام "الإسرائيلي" جزء من منظومة الحرب... التعتيم الصهيوني يصطدم بتكنولوجيا العصر
الرد الإيراني كسر معادلات التعتيم والتفوق
في تحوّل نوعي واستراتيجي، وجّهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية صفعة مدوية لكيان العدو، عبر عملية عسكرية غير مسبوقة حملت اسم "الوعد الصادق 3"، استخدمت فيها صواريخ باليستية دقيقة وطائرات مسيّرة هجومية، طالت مواقع استراتيجية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الضربة جاءت ردًا على العدوان الصهيوني الآثم الذي ارتُكب فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو 2025، وأدى إلى اغتيال عدد من قادة حرس الثورة الإسلامية وعلماء من النخبة في المجال النووي الإيراني، في محاولة يائسة من العدو لضرب العقل والقيادة.
لكن إيران، وفي معادلة لا التباس فيها، لم تنتظر كثيرًا، بل جاء الرد سريعًا، صريحًا، وصادمًا، في رسالة واضحة: كل يد تمتد على الجمهورية الإسلامية ستُقطع، وأي عدوان لن يُقابل بالصمت أو الاستيعاب.
ورغم فرض كيان العدو تعتيمًا إعلاميًا محكمًا في محاولة لإخفاء حجم الفشل والارتباك، إلا أن المعطيات التي رشحت تؤكد أن الضربات الإيرانية توزعت على موجات متلاحقة، استمرت طيلة يومين، واستهدفت منشآت ومراكز حساسة من الشمال إلى الجنوب، لتثبت أن جغرافيا الكيان بكاملها باتت مكشوفة ومعرضة للاستهداف المركز.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشؤون الصهيونية علي حيدر في حديث لموقع العهد الإخباري أن:" الإعلام في كيان العدو ليس سلطة مستقلة كما يحاول الترويج، بل هو جزء لا يتجزأ من منظومة الحرب الصهيونية لأن الإعلام في كيان قبل أن يكون العدو مهنيًا، هو صهيوني أولًا، وعند اندلاع المواجهات، يُسخّر بكامله لخدمة الأهداف العسكرية والأمنية للكيان".
كما أن حرية التعبير داخل كيان العدو تتوقف عند عتبة الحرب، حيث "يتحول الجميع إلى جنود يخضعون لتوجيهات الرقابة العسكرية الصهيونية".
التعتيم الصهيوني يصطدم بتكنولوجيا العصر
وأشار حيدر إلى أن الكيان يواجه اليوم صعوبة في فرض تعتيم شامل كما في السابق، إذ إنه "لم يعد ممكنًا حجب صور الأبنية المدمرة والأحياء المتضررة، فكل من يحمل هاتفًا نقالًا قادر على توثيق الواقع ونشره خلال دقائق".
في المقابل، بيّن أن العدو لا يزال قادرًا على فرض تعتيم دقيق على الأهداف الحساسة مثل المراكز الأمنية والشخصيات القيادية، مشيرًا إلى التزامٍ "شعبيٍّ" كبير في هذا السياق، إضافة إلى قوانين قمعية تحظر النشر أو التصوير في هذه الحالات.
قدرة على الإخفاء... وحدود للسيطرة
وأوضح حيدر أن: الإعلام الإسرائيلي نجح في إخفاء بعض الضربات المؤلمة، منها إصابة مركز وزارة الحرب في تل أبيب، حيث أكد مراسل أجنبي وقوع الاستهداف، في حين لم تنشر أي صورة تؤكد ذلك، رغم أن المبنى ضخم للغاية".
ولفت إلى أن "هناك قدرة نسبية على ضبط المعلومات، لكنها لا تشمل كل المستويات، خصوصًا حين تبدأ الأضرار الميدانية بالظهور للعيان".
الرد الإيراني كسر معادلة الردع
وحول تأثير الضربات الإيرانية، شدد حيدر على أن:" الجمهورية الإسلامية نجحت في استعادة زمام المبادرة خلال ساعات ودخلت في مسار تصعيدي فرض معادلة جديدة على كيان العدو، غيّرت من طبيعة المواجهة وحجمها".
وأضاف أن أول ضربة إيرانية مباشرة على الكيان، في عملية "الوعد الصادق 3"، كسرت الصمت وأظهرت قدرة طهران على الرد الحاسم والمنسق، ما أربك العدو وأحدث خللًا في منظومته العسكرية والإعلامية.
سردية الخطر الوجودي... هل تنجح؟
وتناول حيدر محاولة العدو صياغة سردية إعلامية جديدة تُبرر العدوان، مؤكدًا أن "الكيان يعمل على ترسيخ سردية تعتبر أن إيران تمثل تهديدًا وجوديًا، وأن فشل الضغوط السياسية والعسكرية والاقتصادية يستوجب تحركًا مباشرًا".
ورأى أن هذه السردية قد تجد صدى لدى الجمهور الإسرائيلي فقط إذا حققت تل أبيب مكاسب ميدانية واضحة، أما إذا فشلت، فـ"لن تنجح أي سردية في تغطية الفشل أو إقناع الشارع بجدوى الخيار العسكري".
العدو لا يستطيع المواصلة بلا أميركا
وحول أمد المعركة، أكد حيدر :" أن الكيان الصهيوني غير قادر على خوض حرب طويلة دون دعم أميركي مباشر، وأن غياب واشنطن عن الميدان سيدفع الاحتلال للبحث عن "استراتيجية خروج تحفظ ماء وجهه".
الإدارة الأميركية في مأزق استراتيجي
إن التدخل الأميركي في الحرب بحسب حيدر ليس خيارًا سهلًا ومن المستبعد أن تنخرط واشنطن في حرب شاملة بالمنطقة في ظل تحدياتها الداخلية، وأولوياتها في مواجهة الصين، وأيضًا في ظل رأي عام أميركي غير مستعد لقبول معركة تستنزف الاقتصاد الأميركي.
كذلك فإن:" أي تورط أميركي عسكري سيكون هدية استراتيجية لخصوم واشنطن، وعلى رأسهم الصين، وسيضاعف من التحديات الدولية التي تواجهها الإدارة الحالية".
معادلة جديدة ومحور مقاومة يتقدم
وختم حيدر حديثه لموقعنا بالتأكيد أن ما يجري حاليًا ليس سوى بداية لمعادلة جديدة في المنطقة، فرضتها إيران بقوة الرد ودقة التوقيت، مشيرًا إلى أن الأيام المقبلة "ستشهد تطورات أكثر تعقيدًا، لكنها أيضًا ستكرّس حقيقة واحدة: الكيان الصهيوني لم يعد في موقع المبادرة، بل في موقع الدفاع والخوف والتراجع".