خاص العهد

أكدت نخب إعلامية وسياسية عراقية أنّ ازدواجية الولايات المتحدة الأميركية ونفاقها، في تعاطيها مع العراق، أتاح الفرصة للكيان الصهيوني لاستباحة وانتهاك السيادة الوطنية، عبر استخدام أجوائه لشن العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وشدّدت هذه النخب لموقع "العهد" الإخباري على ضرورة أن يكون للحكومة العراقية مواقف وخطوات وإجراءات عملية حازمة لمنع أميركا والكيان الغاصب من استخدام الأراضي والأجواء العراقية للاعتداء على أحد جيران البلاد، وهو ما يتنافى مع أحكام الدستور والمواثيق الدولية، لا سيما ميثاق منظمة الأمم المتحدة.
التنديد وحده لا يكفي
الباحث في الشأن السياسي إبراهيم السراج يؤكد، في حديثه لـ"العهد"، أن الحكومة العراقية، ومختلف القوى والفعاليات السياسية، عبرت عن استنكارها وتنديدها ورفضها للعدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فضلاً عن استخدام الأجواء العراقية لمرور الصواريخ والطائرات "الإسرائيلية" لضرب ايران، لكن ذلك الاستنكار والتنديد والرفض، وان كان مطلوبًا، إلا أنه غير كاف لردع واشنطن و"تل أبيب".
ويرى السراج: "أن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن يومًا صادقة في التعامل مع العراق، فمجمل التجارب أثبتت أنها تريد فرض إرادتها وتمرير مصالحها، وجعل العراق قاعدة لتصفية حساباتها مع الخصوم، وتحديدًا الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتأمين مصالح الكيان الصهيوني وأمنه".
أمن الكيان أولوية أميركية
من جهته، يشير رئيس مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي جمعة العطواني إلى: "أن الولايات المتحدة الأميركية لم تجلب جيوشها وأجهزتها الاستخباراتية إلى المنطقة لمحاربة الإرهاب والأنظمة الديكتاتورية ومساعدة الشعوب لنيل حريتها، إنما جاءت من أجل ضمان مصالحها في المنطقة، وحفظ أمن الكيان الصهيوني، وتمرير وفرض مشروع الشرق الأوسط الكبير، وخلافًا لأي من ذلك، فهي تضرب به عرض الحائط".
ويتابع العطواني: "الوجود العسكري الأميركي في العراق يهدف إلى حماية الكيان ومساعدته في مواجهة خصومه واعدائه، ولهذا من الطبيعي أن تكون الآن سماء العراق منطلقًا للاعتداء على الجمهورية الإسلامية في إيران، بل أكثر من ذلك، فقد جرى مؤخرًا نقل عدد كبير من القوات الأميركية إلى قاعدة عين الأسد في الأنبار، فضلًا عن العديد من الطائرات المسيّرة التي جيء بها إلى القاعدة، لتكون عاملًا مساعدًا للكيان الصهيوني"، موضحًا: "بعبارة أخرى؛ العراق في جميع الأحوال، أصبح - شئنا أم أبينا - جزءًا من المعركة. وهذا الجزء من المعركة، ليس من قبل الحكومة أو الدولة العراقية، بل العراق دخل جغرافيًا في المعركة، لأن سماءه، وحتى أرضه، جزء من العمق الاستراتيجي للكيان اللصهيوني، انطلاقًا من قاعدة عين الأسد وقاعدة حرير في أربيل، فضلًا عن الأدوات التي تتحرك في الداخل العراقي للوقوف مع الكيان الصهيوني".
ويضيف رئيس مركز أفق أن أي حديث عن أمن قومي عراقي واتفاقية أمنية واتفاقية اطار استراتيجي لا يتعدى كونه شماعة تريد أن تستغلها الولايات المتحدة لمساندة الكيان الصهيوني.
أميركا تبحث عن مصالحها
من جانبه، يؤكد المتحدث الرسمي باسم حزب اقتدار وطن علي عبد الرضا العطواني: "بات واضحًا جدًا أن الولايات المتحدة الأميركية لا تتخذ موقفًا لحماية أمن العراق من الانتهاكات الصهيونية، لأنها لا تنظر للاتفاقية الأمنية على أنها التزام بحماية السيادة العراقية، بل أداة تخدم مصالحها في المنطقة".
ويوضح العطواني لـ"العهد" أن "الاتفاقية الأمنية المبرمة في العام 2008، تنص على احترام سيادة العراق وعدم استخدام أراضيه أو أجوائه للإضرار بجيرانه، لكن واشنطن تغض الطرف عن الانتهاكات "الإسرائيلية"، بل هي متواطئة أو متسامحة معها، خاصة حين تستهدف أطرافًا تعدها الولايات المتحدة خصمًا إقليميًا لها، مثل جمهورية إيران الإسلامية".
ويردف أن الازدواجية الأميركية تكشف أن الأمن العراقي ليس أولوية عند واشنطن إذا تعارض مع استراتيجياتها وتحالفاتها، وعلى العراق أن يعيد تقييم واقعية التعويل على هذه الاتفاقيات في حماية سيادته.
انتهاكات صارخة للقوانين الدولية
أما الخبير في القانون الدولي الدكتور محمد عبد الرحمن الجنابي، فيرى في تصريحاته لموقع "العهد" الإخباري أن الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني لا يعيران أي أهمية للقوانين والمواثيق الدولية التي تنظم العلاقات بين أطراف المجتمع الدولي وتمنع شن العدوان وانتهاك سيادة الدول وتعريض السلم والأمن الدوليين للخطر.
ويشير إلى أن ما قام به الكيان الصهيوني ضد إيران، مؤخرًا، وبدعم وتشجيع وتحريض من الولايات المتحدة الأميركية، يمثل انتهاكًا صارخًا لكل القيم والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية، لاسيما ميثاق الأمم المتحدة، والذي ينص في مادته الثانية على "تحريم استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة أراضي الدول أو استقلالها السياسي".
ويشدد الخبير القانوني على: "وجوب أن يقوم المجتمع الدولي، وتحديدًا مجلس الأمن الدولي بأعضائه الخمسة عشر، بالعمل على وضع حد لجرائم الكيان الصهيوني".
وبخصوص الموقف العراقي إزاء ما يحصل حاليًا في المنطقة، يلفت الجنابي إلى أنه: "على الرغم من الموقف الإيجابي للعراق، إلا أن المطلوب مواقف أكثر حزمًا، لأجل إحقاق الحق من جانب، وحفظ سيادة البلاد وحرمتها من جانب آخر".