اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي عراقيون يحتشدون في احتفال جماهيري احتفاءً بانتصار إيران

مقالات

إنجازات
مقالات

إنجازات "الوعد الصادق 3" داخليًّا وخارجيًّا

70

جاءت عملية "الوعد الصادق 3" بوصفها محطة مفصلية في مسار المواجهة مع العدو "الإسرائيلي" وداعمه الأميركي والغربي؛ ولهذا فقد تضمن الخطاب الرسمي والإعلامي المصاحب للعملية قائمة طويلة من الإنجازات التي توصف بأنها ثمرة مباشرة للعملية. هذه الإنجازات تعكس بشكل أو بآخر رؤية إيران لدورها الإقليمي وقراءتها لأثر العمليات العسكرية والأمنية في سياق التوازنات القائمة.

واحدة من أبرز الرسائل التي سعت العملية إلى ترسيخها تتعلق بالجانب العسكري والتقني، حيث تم التشديد على قدرة إيران على الحفاظ على قدراتها الصاروخية التي استمرت في الانطلاق نحو عمق العدو وأهدافه الحساسة، حتى آخر لحظة قبيل وقف إطلاق النار، ودخوله حيز التنفيذ، وبالنتيجة نفسها استمرار البرنامج النووي دون أي تراجع، بل هناك تقدم كبير منتظر، تؤكده التصريحات الرسمية الإيرانية، إضافة إلى الحفاظ على مخزون "إستراتيجي" من "اليورانيوم" المخصّب بنسبة 60%، وهو رقم يحمل دلالة سياسية واضحة بأنه لا تراجع عن الطموحات النووية. في الوقت ذاته، توجّه رسالة ضمنية بأن أي تهديد عسكري أو ضغط خارجي لم يُفلح في تقليص هذه القدرات.

أما على المستوى الأمني، فقد تم تسليط الضوء على ما وُصف بكشف شبكات "الموساد" وضربها بقوة، وهي إشارة إلى حرب الظل الاستخباراتية المتصاعدة التي تُدار بين إيران وهذا العدو البارع في استخدام وسائل التجسس وتجنيد العملاء، وهي مهمة بالتأكيد، أخذت الكثير من الوقت من قبل أجهزة استخبارات عالمية، "الموساد" واحد منها. هذا الإنجاز يفهم داخليًا كدليل على يقظة الأجهزة الأمنية الإيرانية، وخارجيًا كرسالة مفادها، أن الساحة الإيرانية لم تعد ساحة مفتوحة أمام الاختراقات.

في المقابل، تحمل بعض "الإنجازات" طابعًا نفسيًا ودعائيًا أكثر منه عملياتيًا، مثل ترسيخ الخوف من إيران في الأراضي المحتلة وخلق شرخ عميق بين المعارضين. هذه النقاط تهدف إلى التأكيد على الأثر المعنوي الذي خلفته العملية، ليس فقط على العدو، بل أيضًا على القوى المعارضة للنظام داخل إيران وخارجها. ويرتبط بذلك ما أُشير إليه حول نهاية نتنياهو وإجبار ترامب ونتنياهو على التراجع، وهي رسائل تهدف إلى إبراز صورة إيران كقوة قادرة على فرض إرادتها وتغيير المعادلات السياسية.

ومن بين الإشارات اللافتة التي يمكن أن تُقرأ كدليل غير مباشر على نجاح الضربات الإيرانية وتأثيرها العميق، ما صرّح به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حين قال علنًا، إنه أنقذ "إسرائيل"، ويستعد لإنقاذ نتنياهو. هذه التصريحات، عكست حجم القلق داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" من التبعات المحتملة لأي تصعيد غير منضبط. وإن كان التدخل الأميركي قد نجح في فرض وقفٍ لإطلاق النار ومنع انفجار أوسع، فإن مجرّد حاجة "إسرائيل" إلى حماية أميركية مباشرة، يُعدّ في نظر طهران وحلفائها انتصارًا بحد ذاته. فالصورة التي تتشكّل هنا، هي أن الكيان الذي لطالما قُدّم باعتباره القوة الإقليمية المتفوقة، بات اليوم في موقع الدفاع، يعتمد على مظلة أميركية لحمايته من رد إيراني محسوب. وفي هذا وحده كفاية في عرف الدعاية السياسية لتثبيت سردية التفوق الإيراني.

إقليميًا، لم تغب الرسائل الموجهة للدول العربية، حيث أشارت الضربة على قاعدة "العُديد" في قطر إلى أن هذه القواعد لن تجلب الأمن للدول التي تستضيفها، وأنها لم تعد آمنة من الضربات المحتملة، في تأكيد على اتساع مدى الردع الإيراني. وإن كان الأميركي يعتمد على عَلاقات هذه الدول بإيران، ويظن أن مثل تلك العلاقات التي بدأت تتحسن، يمكن أن تمثل حماية لقواعده، فقد كانت هذه الرسالة واضحة للأميركي، ليس هناك أي حصانة، حتى وإن كنت في بلد صديق لطهران.

في الشق الداخلي، تحضر بقوة مسألة إدراك الشعب لمفهوم الأمن وضرورة الحفاظ عليه، حيث اعتبرت العملية مناسبة لتعزيز وحدة الصف الداخلي، وتقوية الثقة بالقيادة، والإيمان بالمؤسسة العسكرية والأمنية كخط دفاع أول عن الوطن. وتُضاف إلى ذلك مسألة تزايد شعبية الجمهورية الإسلامية التي تُفسر ضمن سياق تعزيز المشروع المقاوم في مواجهة قوى الاستكبار والطغيان العالمية.

في النهاية، تبرز معركة "الوعد الصادق 3" صورة إيران كدولة تتقن استخدام أدوات الردع، كما تتقن التلاعب بجبهات متعددة، من الأمن إلى الإعلام ومن السياسة إلى التقنية النووية. وهي عملية لا يصح قياس نتائجها فقط بعدد الصواريخ أو مدى الأهداف التي أصيبت، بل يجب أن تقاس أيضًا بمستوى الأثر الذي أحدثته في عمق العدو، العمق الأمني والسياسي والعسكري، كل هذه الأعماق مجتمعة، وأيضًا في الداخل الإيراني وفي وعي الخصوم الإقليميين والدوليين والمراقبين على حد سواء.

الكلمات المفتاحية
مشاركة