اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي مجددًا.. العدو يتجاوز الحدود في الجنوب ويُمعن في اعتداءاته

مقالات

ليبقى لبنان قويًّا
مقالات

ليبقى لبنان قويًّا

341

بين دمعة اختلجت بذرف الفقد، وبين بسمة أشرقت بالحب شوقًا وحنينًا، افترش الشيخ نعيم قاسم رحلته العميقة مع سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله، بوصفه إيّاه "قائدًا قلّ نظيره في العالم بل عبر التاريخ"، مجدّدًا عهده ووفاءه لكلّ منهجه في الاجتماع السياسيّ اللبنانيّ وصراطه المستقيم على المقاومة والصبر والجهاد.

ساعتان وعشر دقائق، ظلّلتها معادلة من الوزن الثقيل، تفرض إيقاعها، وتفرّغ الإجرام الأميركيّ-"الإسرائيليّ" من أهدافه، وهي روح السيّد نصر الله في قيادة العقول والقلوب والإرادات، الذي ما زال يشرف من عليائه شاهدًا وشهيدًا، يبثّ روح التصميم والعزيمة على رسوخ المبادئ والالتزام بالثوابت والحفاظ عليهما، من الإيمان بتحرير فلسطين ووحدة المسلمين والوحدة الوطنية وبناء لبنان ومؤسّساته، والحفاظ على استمرارية الحضور العروبيّ المقاوم، ووثاقة علاقة الوفاء والولاية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتفاعل الحيويّ لحزب الله كجوهرة طليعيّة ورائدة في "جبهة المقاومة". 

لم تكن مقابلة الشيخ نعيم قاسم الأخيرة في بثّها على قناة الميادين استثناءً، بل هي سلسلة من حلقات مستمرّة لمواقف واضحة، تؤكّد على وعي المرحلة الجديدة بتغيّر معالم كثيرة فيها، إلا أن شواخصها الثابتة تبقى علامات ومنارات تقي من التهور أو الجبن في آن، فتقع دائمًا على إحداثيّة الشجاعة صبرًا أو حربًا، فـحزب الله يرمّم ويتعافى وجاهز للنزال، وسيقوم بحراك سياسي شامل في لبنان، ولديه الاستعداد لإقامة علاقات مع كلّ دول العالم باستثناء أميركا و"إسرائيل".

أجريت المقابلة في 11 حزيران/يونيو 2025، أي قبيل يومين من الهجوم السافر على الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وبثّت بعد يوم من مغادرة المبعوث الأميركيّ توماس برّاك، وقد تجلّى الموقف وفق رؤية الشيخ قاسم، بأن الأميركي يريد أن "يأخذ بالسياسية ما لم يأخذه بالحرب"، ولن يكون له ذلك. مؤكّدًا أن الصبر ينفد، وعندئذٍ لا حائل من قرار المواجهة بين خياري النصر أو الشهادة، ولا مكان للاستسلام.

رغم المدّة الفاصلة بين تاريخ إجراء المقابلة وبين بثّها، وما تخلّلها من أحداث خطيرة للغاية ومفصليّة على المستوى الإقليميّ، ظلّت صالحة للتواصل مع الجمهور المتلهّف لمزيد من الإجابات والطمأنة بعد انقضاء ستّة أشهر على معركة "أولي البأس"، وظلّت راجحة في الاقتراب من التطوّرات كجزء من الدور في تحفيز الإعلام المقاوم، وإطلاع الرأي العام، ووضع النقاط على حروف السياسة اللبنانيّة الداخليّة وعلى ديناميّات الأحداث وموازين القوى على خارطة الصراع المستمر في "غرب آسيا" بأوجه وميادين مختلفة. 

بشفافيّة نادرة وحرفيّة حاسمة، أوضح الأمين العام لحزب الله ظروف وقرار الإسناد وحدوده مع تأكيده على صوابيّته في الانخراط المحسوب، لناحية التوفيق بين القناعة بتحرير القدس وتقديم خدمة عمليّة في نصرة غزّة وبين أولويّة رعاية خصوصيّة لبنان وإبعاد الضرر عنه ما أمكن، ولناحية نجاحه في تحقّق الأهداف من جلب قوّات كبيرة للعدو إلى الشمال وإيقاع قتلى فيهم وإيقاع خسائر في الشمال وتهجير سكانه.  

سلّط سماحته الضوء بجسارة الواثق على الحقيقة الدامغة بعجز العدوّ عن إنهاء حزب الله، وعلى الطاقة الكامنة داخل الحزب وعلى عناصر العقيدة والإيمان والصلابة الضامنة فيه للاستمرارية وبقاء المقاومة صامدة، وعلى الصمود الإعجازيّ الكبير الذي منع "إسرائيل" من التقدّم، وعلى الحكمة التي منعت الفتنة، فـ"حزب الله مشروع وعقيدة وخطّ ولديه امتداد شعبي وهو أكبر حزب موجود في لبنان"، و"السلاح ليس سبب بقاء حزب الله بل هو سبب بقاء لبنان قويًا".

بثّت الحلقة، وقد بلغت أعداد الشهداء 57575 والجرحى 136879 منذ بدء حرب الإبادة الجماعيّة على قطاع غزّة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بينما أكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون، الثلاثاء 8 تموز/يوليو 2025 في قصر بعبدا، أنّ "وضع المسيحيين في سورية صعب، والانفجار الذي استهدف الكنيسة أمر مقلق، خصوصًا وأنّ ردود الأفعال عليه غابت من الرئيس السوري (أحمد الشرع - الجولاني) ومن الحكومة السورية". 

لا شك، أن هذين الخبرين خارجان عن سياق المقابلة، حدثا في ميقات بث المقابلة لا في توقيت تصويرها، ومختلفان رتبة ووظيفة، إلا أنّهما يشتركان بالحملة الدموية الناشطة في ساحات وطرائق شتّى، المسلّطة لاستيلاد قيصريّ وقسريّ، لـ"شرق أوسط إسرائيليّ" جديد على أرضيّة تبدّلات "جيوسياسيّة" و"إستراتيجيّة"، وتحقيق الازدهار بالقوّة.

 يكفي هذان الخبران المنفصلان عن بعضهما بعضًا، ليتألق الاستشهاديّ الحاذق قاسمًا من أجل أن يبقى لبنان قويًّا، عصيًّا على الهيمنة الأميركيّة والعدوان "الإسرائيلي" وما يدبّر للبنان في شرقه وشماله وداخله في ليل ونهار؛ فإن المقاومة قدر حماة الوطن والأمّة والإنسان.

الكلمات المفتاحية
مشاركة