اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الخطر الداعشي: ما علاقة سلاح المقاومة؟

مقالات

أميركا ودعم الإرهاب.. الاعتراف سيد الأدلة!
مقالات

أميركا ودعم الإرهاب.. الاعتراف سيد الأدلة!

67

قبل شهور قلائل كشفت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي جابارد معلومات خطيرة عن دعم بلادها للجماعات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة؛ من أجل إسقاط بعض الأنظمة السياسية في منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط). وقد حددت في كلامها، دعم إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما (2008-2016) لتنظيم القاعدة الإرهابي من اجل الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، مع إشارات واضحة الى العمل بالأسلوب والسياق ذاته في دول أخرى في المنطقة.  

على الرغم من أن ما كشفته جابارد، في حينه، ربما لم يكن جديدا وغير مسبوق، إلا أنه يثبت ويؤكد مرة أخرى حجم النفاق والخداع والتضليل والتناقض في عموم السياسيات والمواقف الأميركية  من مجمل الوقائع والاحداث. هذا إضافة إلى امتداد ذلك النفاق والخداع والتضليل والتناقض إلى ساحات الصراع والتنافس السياسي الداخلي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على مواقع السلطة والتأثير والنفوذ.

من ناحية التوقيت؛ تحدثت تولسي جابارد عن دعم أوباما الديمقراطي لتنظيم القاعدة بعد أن عينها دونالد ترامب الجمهوري في منصب رئاسة الاستخبارات الوطنية. وهو أحد ابرز المواقع الأمنية الفيدرالية في هيكلية الإدارة الأميركية. علما أنها في عهد أوباما كانت تشغل منصب عضو في الكونجرس عن الحزب الديمقراطي، وكانت بشكل أو بآخر مقربة من أوباما، وأكثر من ذلك، هي ترشحت للانتخابات الرئاسية في العام 2015، إلا أنها خسرت في معركة التنافس داخل الحزب الديمقراطي أمام جو بايدن.

ارتباطًا بالتوقيت أيضا، جابارد تحدثت عن دعم أوباما لتنظيم القاعدة لإسقاط الأسد، في الوقت الذي دعم ترامب جبهة النصرة المدرجة بصفة منظمة إرهابية في قوائم وزارة الخارجية الأميركية، وساعدها كثيرا، حتى نجحت في ما لم ينجح فيه تنظيم القاعدة في عهد أوباما!.

ليست جابارد وحدها التي أماطت اللثام عن حقائق مخزية، لقد سبقها في ذلك ساسة كبار، أمثال وزير الخارجية الأسبق جون كيري والسيناتور السابق ريتشارد بلاك، حتى إن ترامب نفسه اتهم بشكل واضح وصريح أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلنتون، في العام 2016، بتأسيس تنظيم داعش الإرهابي الذي عاث فسادا واجراما في كل من سوريا والعراق وبلدان أخرى.   

 لكن علينا، هنا، التنبّه إلى أن ترامب الذي فضح أوباما هو ذاته الذي أشرف على خطط أميركية لاستهداف من واجه تنظيم داعش وهزمه في العراق، فضرب مقرات الحشد الشعبي، واستهداف قياداته ورموزه، جرى كثير منها خلال الولاية الرئاسية الأولى لترامب بين عامي 2016 و2020، وأقرب مثال على ذلك، اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، قرب مطار بغداد الدولي، مع مطلع العام 2020.  

لم تقتصر عمليات استهداف واشنطن للحشد الشعبي على الجانب العسكري، امتدت إلى الجوانب الإعلامية والسياسية والمالية الهادفة بمجملها إلى تفكيك هذا العنوان الكبير والمهم، إما عبر حله نهائيا أو في أفضل الأحوال دمج أفراده في مؤسسات وزارتي الدفاع والداخلية.

ما نشهده اليوم من حملات تسقيط وشيطنة وتشويه للحشد ورموزه وقياداته من وسائل إعلام متعددة، ومنصات ومنابر سياسية، محلية وأجنبية، ليس سوى جزءا من خطط ومشاريع ممنهجة، لا تنفصل بأي حال من  الأحوال عن خطط ومشاريع واسعة تستهدف كل قوى وتيارات محور المقاومة، في سبيل الوصول إلى هدف استراتيجي يتمثل بجعل الكيان الصهيوني الطرف الأقوى والأكثر هيمنة ونفوذا في المنطقة، بعد تحييد وتحجيم أعدائه وخصومه، مثل حزب الله اللبناني وحركات المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حماس والجهاد الاسلامي، وحركة أنصار الله اليمنية، والنظام الحاكم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسوريا وفصائل المقاومة الإسلامية العراقية.

في هذا الصدد؛ ينبغي الإشارة الى التحذيرات التي أطلقها مؤخرا إمام جمعة النجف الأشرف السيد صدر الدين القبانجي عن وجود مخططات تستهدف تصفية قادة الإطار التنسيقي وتشكيل ما يسمى بـــ"حكومة إنقاذ وطني في العراق". 

ترى دوائر القرار الأميركية والصهيونية أنها نجحت، خلال العامين المنصرمين، في إضعاف مختلف أطراف محور المقاومة لتبقى مهمة إنهاء وجود الحشد، مهمة مفصلية للاقتراب من الهدف المنشود. ولعل عرقلة إقرار قانونه-أي قانون الحشد- ثم خلق العراقيل المالية له، تمثل محاولات إضافية لإنهاء وجوده.

إذًا لم تكن مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية قد تحدثت بوضوح وصراحة عن المخططات والمشاريع الأميركية الصهيونية حيال العراق، فإنّ آخرين من الساسة والعسكريين والإعلاميين والباحثين الأميركيين والصهاينة والغربيين لم يخفوا، في تصريحات ومقالات ودراسات وبحوث لهم، حقيقة ما يجري داخل الغرف السرية وكواليس واشنطن وتل ابيب وعواصم أخرى لقلب الموازين والمعادلات في العراق، بالشكل الذي يفضي إلى تقليص تأثير وحضور القوى المناهضة لمشاريع التطبيع وإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني.. وربما يكون الاقتصاد، بمعناه الواسع، إحدى بوابات تحقيق أهداف واشنطن و"تل أـبيب" المنشودة..

هذا ما يطرح هنا وهناك في مراكز التفكير الأميركية والغربية، والتي يرى البعض -أو الكثير منها -"أن التأكيد على التعاون في مجالي الطاقة والأمن يمكن أن يخدم بشكل مباشر أهداف الولايات المتحدة المتمثلة في مواجهة النفوذين الإيراني والصيني، وخلق فرص اقتصادية جديدة، وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بشكل عام، وتقليص المساحات غير الخاضعة للحكم التي غالبًا ما تستغلها الجهات المعادية".

الولايات المتحدة الأميركية، في حال استجابت للمطاليب والضغوط العراقية بإنهاء وجودها العسكري في البلاد، هي بلا شك ستكون قد فكرت وخططت بعمق للدخول من بوابات ومنافذ أخرى، منها بوابة الاقتصاد، وغيرها. فضلًا عن إبقائها ورقة "داعش" تحت اليد، لتحركها وتلعب بها متى ما أرادت، علما أن ساسة وقادة عسكريين أميركيين أقرّوا قبل أعوام: "أن التوجه العام يتمثل بتحجيم وإضعاف تنظيم داعش، وليس القضاء عليه نهائيا". وكلام جابارد ورفاقها وزملائها يؤكد هذا كله.

الكلمات المفتاحية
مشاركة