لبنان

ناصر الدين افتتح الملتقى الطبي في الجامعة اللبنانية
وزير الصحة أكد التنسيق حول مشروع المختبر المركزي: لا إصلاح ناجح دون قاعدة أكاديمية متينة
افتتح وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين النسخة الخامسة من الملتقى الطبي، من ضمن المؤتمر العلمي الذي تنظمه الجامعة اللبنانية في الحدث، وذلك بحضور رئيس الجامعة الدكتور بسام بدران، وممثلين عن نقابتي الأطباء والمستشفيات الخاصة، وعدد من عمداء الكليات وشخصيات سياسية وأكاديمية.
واستهل وزير الصحة كلمته منوهًا بأهمية الجامعة اللبنانية، واصفًا إياها بـ"الجامعة الأم العزيزة والجامعة"، مضيفًا أن "هذا الصرح الوطني يشكّل ركيزة أساسية في تكوين أجيال لبنان الطبية، ولطالما قدّم للوطن كفاءات مشهودًا لها، في مختلف الاختصاصات، وفي أصعب الظروف".
ولفت إلى أنه "من خلال ممارسته الطب ولقائه بزملائه الأطباء المتخرجين من الجامعة اللبنانية، تأكد له ما كان يعرفه في الأساس، وهو أن متخرّجي الجامعة اللبنانية، وبكل إنصاف، متميزون دائمًا، وهذا لا يحتاج إلى شهادة من وزير الصحة أو غيره".
وتابع كلمته متطرقًا إلى النظام الصحي، وقال: "نعلم جميعًا أن النظام الصحي في لبنان يمرّ بتحديات جذرية. فقد واجه ولا يزال أزمات متتالية أثّرت في موارده، وإمكانياته، وثقته بنفسه، بدءًا من الانهيار الاقتصادي وانفجار المرفأ، إلى الحرب الأخيرة، والنزوح الكبير، وحادثة البيجر، وما ترك كل ذلك من آثار كبيرة في القطاع الصحي. ورغم كل الضغوط، لم يستسلم هذا القطاع، بل على العكس، حوّل هذه التحديات إلى فرص. وقد أطلقت وزارة الصحة العامة، بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، الإستراتيجية الوطنية للصحة 2030، وهي خارطة طريق شاملة تهدف إلى تعزيز الحوكمة، وتحقيق التغطية الصحية الشاملة، وتحسين جودة الرعاية، وضمان الاستدامة المالية".
ولفت الوزير ناصر الدين إلى أن "الإستراتيجية لم تُكتب في مكاتب مغلقة، بل كانت ثمرة تشاور واسع شاركت فيه المؤسسات التربوية، وعلى رأسها الجامعة اللبنانية التي نعتبرها شريكًا أساسيًا في هذه الرؤية وترجمتها إلى واقع. وفي هذا السياق، بدأت الوزارة بتنفيذ إصلاحات هيكلية طال انتظارها، ومنها ما يتم العمل عليه بالتنسيق الكامل مع البروفيسور بدران، إذ يتم التخطيط لإطلاق المختبر المركزي للصحة العامة، والذي سيكون مرجعية وطنية لضبط جودة الدواء والغذاء، وتعزيز الأمن الصحي".
وأضاف: "سيكون لهذا المشروع أثر إيجابي"، معتبرًا في هذا السياق أن "الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية للجامعة اللبنانية، برمزيتها، لا تدل إلا على الاهتمام بالجامعة الوطنية والاستثمار في طاقاتها، وهذا ما تتطلع إليه الوزارة من خلال التعاون البنّاء مع الجامعة اللبنانية في مشروع المختبر المركزي".
وأشار إلى "تأسيس الهيئة الوطنية لتقييم التكنولوجيا الصحية (Health Technology Assessment)، لضمان الاستخدام الأمثل للموارد، وتقييم فعالية وتكلفة العلاجات الجديدة بشكل علمي وشفاف". وقال "هنا أيضًا، كان لأساتذة الجامعة اللبنانية دور كبير في وضع الهيئة في مسارها الصحيح، خصوصًا الدكتورة ريتا كرم التي أسهمت بفعالية".
ولفت إلى "وضع الأسس التنظيمية لإنشاء الوكالة الوطنية للدواء (LDA)، فقد أُقر قانونها عام 2022"، وتابع قائلاً: "وعملنا على إعداد المراسيم التطبيقية التي أُرسلت إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وستُوضع على جدول أعمال الجلسة المقبلة للمجلس. ونأمل أن نقول للبنانيين قريبًا: مبارك ألف مرة الـ LDA".
وأكد أن "العديد من هذه الإصلاحات ستكون بالتعاون المباشر مع القطاع الأكاديمي، وفي مقدمها الجامعة اللبنانية، من خلال خبرائها، وباحثيها، وطلابها المتدربين. فنحن نؤمن أن لا إصلاح ناجح دون قاعدة أكاديمية متينة، ولا تطور في القطاع الصحي دون ربط وثيق بين السياسات والتعليم والبحث العلمي".
وأشار إلى أن "التحديات التي لا تزال تواجهنا كبيرة، من هجرة الكفاءات، وغياب التمويل المستدام، إلى ضغط الواقع السياسي. لكننا نؤمن أن الشفافية، والعمل الجدي، والخطط المبنية على الأدلة، والشراكات الحقيقية؛ كل ذلك قادر على إحداث الفرق وتحقيق النهوض". وقال: إن "رؤية الوزارة ليست فقط في إدارة الأزمة، بل العمل لبناء مستقبل جديد للقطاع الصحي، يقوم على العدالة، والجودة، والشفافية. وفي هذا المستقبل، سيكون للجامعة اللبنانية الدور المحوري في تأهيل الكوادر، وتطوير المناهج، وإنتاج المعرفة التي تبني السياسات".
وختم مؤكدًا أن "أبواب وزارة الصحة العامة مفتوحة لكل مبادرة وشراكة تهدف إلى بناء نظام صحي يليق بلبنان وشعبه"، وأضاف: "معًا نستطيع أن ننتقل من الصمود إلى النهوض، ومن الأزمات إلى الإصلاح، ومن الاستنزاف إلى الإنتاج".