إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الاثنين 21 تموز 2025، بالأحداث السياسية المرتبطة بواقع الصراع الأميركي -الإيراني المستمر، لا سيما في المجالات غير العسكرية، لا سيما المجالين الاقتصادي والقانوني.
لماذا فشلت أميركا؟
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة رسالت تقول: "أنهى الإمام الخميني (رض) الحرب المفروضة، والتي استمرت 8 سنوات في 17 يوليو/حزيران 1988 بقبول القرار 598. وانتهت الحرب بينما لم يحقق العدوّ أيًا من أهدافه المحدّدة مسبقًا. [...] بعد 37 عامًا من الإجرام في المنطقة والعالم، بدأت أميركا والكيان الصهيوني عدوانًا سافرًا على تراب وطننا الإسلامي، مواجهين الأمة الإيرانية. لقد صدقت توقعات الإمام الذي قال إنهم سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن الأعداء يلاحقوننا. لكن هذه المرة، لم تستمر المعركة 8 سنوات، بل اثني عشر يومًا فقط. ورفعوا راية الاستسلام في الأيام الستة الأولى.
كانت تكلفة هذه المعركة أكثر بقليل من ألف شخص، لكن شعبنا وقواتنا المسلحة الجبارة أذاقت العدوّ مرارة الهزيمة والدمار والتشريد، وسجلت أقل حرب كلفة مع أميركا والكيان الصهيوني في التاريخ المعاصر بانتصار الشعب الإيراني.
أثبت هذا الحدث التاريخي العظيم صحة نظرية الإمام الخامنئي القائلة: ثمن المقاومة أقل بكثير من ثمن الاستسلام.
[...] وذكر الإمام الخامنئي، في اجتماع مع رئيس ومسؤولي السلطة القضائية، ثلاث نقاط رئيسة لشرح الوضع الميداني:
1. ليعلم الأصدقاء والأعداء أننا لن نظهر بمظهر الطرف الضعيف في أي ميدان.
2. سندخل كلّ ميدان بكامل قوتنا؛ لأننا نملك المنطق والقوّة العسكرية الجبارة.
3. لقد وصلت إيران إلى مرحلة لم تعد فيها تخشى الولايات المتحدة فحسب، بل تُخيفها أيضًا.
[...] تُظهر استطلاعات الرأي العالمية بعد المعركة التي استمرت 12 يومًا بين الشعب الإيراني والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ما طرحه فلاسفة السياسة وعلماء اجتماع الحرب من نظريات في الفكر العالمي المرموق، أن ثمن الصمود ومقاومة عدوان أميركا وتجاوزاتها في العالم وجرائم الكيان الصهيوني في غرب آسيا أقل بكثير من الاستسلام لفظائعهم الصارخة. سيظهر هذا التوازن وتحليل التكلفة والفائدة تدريجيًا آثاره في الإجراءات وردود الفعل السياسية والعسكرية للقوى الكبرى والصغرى في العالم".
انتهاك صارخ للقانون الدولي باسم الدفاع عن النفس
بدورها، كتبت صحيفة إيران: "بعد الواقع المرير الذي برز، في حرب الاثني عشر يومًا وانتهاك المبدأ الأساسي لعدم استخدام القوّة في ميثاق الأمم المتحدة بشكل واضح من الولايات المتحدة و"إسرائيل" في ما يتعلق بإيران، فإن السؤال الأساسي الذي يواجه إيران الآن هو: ما الذي يمكن فعله ضدّ العدوان "الإسرائيلي"؟.
في هذا السياق، بالإضافة إلى تصميم الإستراتيجيات والجهود العسكرية والرادعة، في الساحتين السياسية والدبلوماسية، من الضروري الدخول بذكاء في مجال القانون الدولي المعقّد ولكن الفعال.
[...] يمكن للجمهورية الإسلامية الإيرانية إنشاء منصات رسمية وموثقة لمتابعة العدوان، بالإفادة من إمكانات المعاهدات الدولية والآليات القضائية؛ مثل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، بالإضافة إلى المؤسسات غير القضائيةـ مثل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
[...] في الأيام الأولى التي تلت الهجوم، ادعى المسؤولون "الإسرائيليون" والأميركيون أن غزو إيران كان دفاعًا عن النفس. وبطبيعة الحال، يفتقر ما أسموه الدفاع الوقائي عن النفس إلى أساس سليم ومقبول في القانون الدولي. وقد طُرحت الحركة نفسها التي تتحدث عن الدفاع الوقائي عن اليوم نفسه، خلال إدارة جورج بوش والهجوم على أفغانستان، عدة شروط محدّدة لهذا النوع من الدفاع، منها أن يُشن هجوم استباقي عندما يكون الهجوم على وشك الحدوث ويُعدّ وشيكًا، وثانيًا، إذا وقع الهجوم، ستكون آثاره لا رجعة فيها. وبهاتين الحجتين، ادعى الأميركيون أنه إذا لم يتخّذوا إجراءً استباقيًا، فسيقع الهجوم حتمًا وستكون آثاره لا رجعة فيها. لذلك، فإن السبيل الوحيد لمنعه هو اتّخاذ إجراء فوري واستباقي.
أصبحت هذه الحجة أساسًا للهجوم الذي أطلقوا عليه هجومًا استباقيًا. وبعد مرور بعض الوقت، تحدثوا عن الدفاع عن النفس، ومن خلال تغيير السرد، قدموا الهجوم نفسه في إطار الدفاع عن النفس.
[...] في هذا الإطار القانوني والتاريخي، لا بد من العودة إلى السؤال الرئيس: ما العمل؟ لقد تعرضنا لانتهاك، وانتُهك القانون الدولي، وشُن هجوم غير قانوني، وأصبحت مزاعم "إسرائيل" والولايات المتحدة على المحك أيضًا... في ظل هذه الظروف، يجب على إيران تحديد استراتيجيتها المناسبة للرد القانوني والدبلوماسي، بالاعتماد على الحقائق القانونية والتاريخية والجيوسياسية في المنطقة. وبالطبع، تنطوي المسائل القانونية، وخاصة القانون الدولي، على بعض التعقيدات.
[...] بشكل عام، يمكن القول إن العالم اليوم منخرط في حرب روايات. لكي نتمكّن من تقديم سرديتنا لحدث ما إلى المجتمع الدولي والنظام القانوني الدولي؛ وليس فرضها، يجب أن يكون لدينا الأدوات والإعداد اللازمين.
في هذا المجال، نحن ضعفاء؛ يجب أن ندافع عن حقنا في التعبير عن روايتنا للوقائع الدولية، بالاعتماد على حجج قانونية دقيقة. بدلًا من تكرار الشعارات غير الفعالة، يجب أن نركز على التحليل القانوني الحقيقي والإستراتيجية القانونية العملية".
الصراع بين الليبرالية الجديدة وصراع العقوبات
من جهتها؛ كتبت صحيفة إيران: " في السنوات الأخيرة، وُجّهت انتقادات واسعة النطاق للسياسات الاقتصادية القائمة على النماذج النيوليبرالية والصيغ التي اقترحتها مؤسسات مثل البنك الدولي في الأوساط الأكاديمية. ويعتقد العديد من الاقتصاديين أن استمرار سياسات مثل تحرير الأسعار، وتقليص حجم تدخل الحكومة، وتقليص الحماية الاجتماعية لم يُسهم في حل الأزمات الاقتصادية للبلاد فحسب، ألقى أيضًا عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد الإيراني من خلال تفاقم الفقر، وتوسيع فجوة التفاوت، وتدمير البنية التحتية للإنتاج.
ومن أبرز محاور هذه الانتقادات تجربة الخصخصة الفاشلة في العقود السابقة؛ وهي مرحلة نُقلت فيها العديد من المؤسسات الاقتصادية إلى القطاع الخاص بهدف تخفيف العبء المالي على الحكومة وتحسين الإنتاجية. ومع ذلك، غالبًا ما نُفذت عملية النقل هذه على عجل ومن دون توفير بنية تحتية إشرافية مناسبة، ما أدى إلى إفلاس بعض الوحدات وسحب أصولها من دورة الإنتاج بعد البيع. تُظهر هذه الأحداث بوضوح أن الخصخصة غير المخطّط لها، بناءً على التوصيات العامة للبنك الدولي، لم تُحقق أي نتائج، بل أضعفت أيضًا القدرات الصناعية والإنتاجية للبلاد.
من ناحية أخرى، تُعد مسألة التسعير في الاقتصاد الإيراني أداة تقليدية وضرورية إلى حد كبير، نظرًا لهيكل دعم العديد من السلع المصنعة. في ظلّ مواجهة البلاد لعقوبات قاسية، ونقص في الاستثمار الأجنبي، وقيود مالية خانقة، فإن إلغاء التسعير الحكومي لا يُخالف العدالة الاجتماعية فحسب، بل قد يؤدي أيضًا إلى صدمات سعرية واستياء عام.
[...] لا يمكن لمسار الإصلاح الاقتصادي في إيران أن يكون مثمرًا ومستدامًا إلا عندما يبتعد عن مجرد تقليد النماذج الخارجية غير الفعالة، ويتّجه نحو إعادة تصميم السياسات محليًا. وهذا يتطلب تحولًا على عدة مستويات حاسمة: مراجعة نظام صنع السياسات، وتحويل التعليم وإنتاج المعرفة الاقتصادية، واستعادة دور الحكومة الإشرافي والتوجيهي في دعم شرائح المجتمع المنتجة والضعيفة".