اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي أكثر 10 أندية ربحًا من بيع نجومها في صيف 2025

لبنان

لبنان

الشيخ الخطيب يدعو مجلس الوزراء للتراجع عن الخطأ: المقاومة ستبقى الأحرص على الوطن

الشيخ الخطيب: قرار مجلس الوزراء ضد المقاومة انقلاب صادم ورضوخ للعدو
187

أكَّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، الأربعاء 7 آب/أغسطس 2025،  أنَّ "القرار الذي اتّخذه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة كان صادمًا في الانقلاب على الموقف الرسمي الموحّد في وجه الورقة "الإسرائيلية" التي حملها المبعوث الأميركي توم برّاك".

وشدد على أنّ "المقاومة وبيئتها ستبقيان الأحرص على سلامة الوطن؛  لأنّ هذه البيئة دفعت الثمن الغالي من الدماء والبيوت والأبناء والأمن والاستقرار".

كلام الشيخ الخطيب جاء خلال إقامة اتحاد الكتاب اللبنانيين، في مقر المجلس -  طريق المطار، ندوة حوارية حول كتابَي العميد الدكتور غازي قانصوه: "دولة المواطنة في لبنان في رؤية العلامة الشيخ علي الخطيب" و"العيش المشترك في لبنان في رؤية العلامة الشيخ علي الخطيب"، بحضور وزير الصحة ركان ناصر الدين، وحشد كبير من علماء الدين وشخصيات سياسية وأكاديمية واجتماعية وتربوية وقضائية وإعلامية ومهتمين.

وفي كلمته أشار الشيخ الخطيب إلى أنّ الموضوع المطروح للنقاش في هذا اللقاء يدور حول طرح ارتآه سماحته "كحل مناسب لإشكالية النظام السياسي اللبناني الذي أخفق بصورته الحالية الطائفية في تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها؛ لذا كانت الأهداف بناء دولة مستقلة ومجتمع وطني واحد".

وأضاف: "إنَّ أي نظام سياسي لأي مجتمع له أهداف وغايات تتناسب مع طموحاته كما يُفترض من تحقيق الاسقلال الوطني والاستقرار السياسي والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والمعرفية.. إلخ."

ولفت الشيخ الخطيب إلى أنّ "كل ذلك يستند إلى قاعدة أساسية مبنيّة على الوحدة الاجتماعية والشعور بوحدة الانتماء والمصير، وهذا من الأمور الأساسية التي لا يكون دونها معنى لأيّ نظام سياسي؛ من المؤكد أنّه سيفشل في تحقيق أيّ من هذه الأهداف مهما بدت الصيغة التي استند إليها جذّابة وبرّاقة وعلمية؛ لأنه سيفتقد إلى الأرضية اللازمة التي تحقق له النجاح، كمن ينتقي أفضل البذور ليزرعها في أرض ليست صالحة للزراعة".

وتابع: "هذا؛ مع أن صيغة النظام السياسي التي اختيرت للبنان، قد افترضت مسبقًا أن اللبنانيين ليسوا مجتمعًا موحّدًا، بل مجتمعات متعددة أُريد لها أن تتعايش متهادنةً لبعض الوقت حتّى يحين الوقت للانقضاض عليها لدى الفريق الذي يرى فرصة الانقضاض، فافترض أنها مجموعة من الشعوب المختلفة وقّعت على صيغة صلح أو هدنة في ما بينها حدود، كلما أحسّت إحداها بالتهديد من الأخرى أو رأت أن تتجاوز الهدنة للتغلّب على الأخرى وقعت الحرب بينها".

وأوضح الشيخ الخطيب أنّه بسبب ذلك "كانت صيغة النظام السياسي اللبناني عبارة عن صيغة مهادنةٍ بين الطوائف والمذاهب شبيهة بما كان يقع بين القبائل في شبه الجزيرة العربية". 

وبسبب هذا الوضع ترسّخ ــ بحسب الشيخ الخطيب ــ في ذهنية المنتمين للطوائف والمذاهب أنّها (الطوائف والمذاهب) "ليست سوى قبائل وعشائر تختلف حين تختلف مصالحها وأهدافها ويختل التوازن في ما بينها، ولذلك وجدوا أنّ النظام الطائفي والمحاصصة الطائفية؛ أيّ الحل العشائري هو الحل الذي يتناسب معها، فهل صحيح أن التنوّع في الانتماء الديني هو تنوّع عشائري قبلي عصبي مانع من الشعور بالوحدة الاجتماعية والاندماج الوطني؟ وهل الانتماء الديني هو حقًّا انتماء قبلي عصبي يمنع من الاندماج في وحدة مجتمعية سياسية؟".

وقال العلامة الخطيب: "هذا؛ مع الأسف ما كرّسته السياسات الخطأ للأنظمة التي حكمت عالمنا، ليس في لبنان فقط بل في العالمين العربي والإسلامي، ثم استفاد منه الغرب في الإجهاز على وحدة مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ منطلقًا من لبنان، وها هو يعمل الآن على تعميم هذه الصيغة على سائر بلداننا العربية والإسلامية؛ بما يتناسب مع أهدافه ومصالحه".

وأضاف: "الجواب أبدًا، فإن الأديان في جوهرها واحدة (إن الدين عند الله هو الإسلام) في الحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية هذا أولًا".

وتابع الشيخ الخطيب: "ثانيًا: إن الإسلام لا ينظر إلى من يخالفه في بعض التفاصيل الاعتقادية نظرة عدائية (كما يحاولون أن يصوروا لنا عبر فرق إرهابية في الفكر وفي العمل) أو دونية سواء على مستوى الأخلاقي أو الحقوقي (الناس كلهم سواسسية كأسنان المشط؛ كما يقول رسول الله (ص)، ولم يقل المسلمون سواسية؛ إنما قال الناس كلهم سواسية)، وقال الله سبحانه وتعالى: (ولقد كرَّمنا بني آدم)، والآيات والروايات صريحة وكثيرة في هذا المجال، وهي أكثر من أن تُعدّ".

ولفت إلى أنّ الأمر الثالث هو أنّ "الإسلام نهى عن التعاطي على أساس العصبيّة؛ الإسلام ليس عصبيًّا وإنّما هو رؤية وفكر، فقال: ليس منَّا من دعا إلى عصبية"، أمّا الأمر الرابع فهو أنّ "الإسلام فرَّق بين نظرته إلى نفس المعتقد الخطأ وبين المعتقد، فلم يعامل المعتقِد على أساس انتمائه الاعتقادي فيحرمه من حقوقه كإنسان أوجب الله احترامه على قاعدة: (ولقد كرَّمنا بني آدم) (والناس صنفان: إمَّا أخ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق)، كما أعطاه حرية الاعتقاد كما في سورة (الكافرون)".

وأوضح أنّ الإسلام أكّد على: حرية المعتقد، المساواة في الحقوق والواجبات، العدالة الاجتماعية، "ولا يجرمنَّكم شنآن قوم على ألَّا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى".

وقال الشيخ الخطيب: "خامسًا: ما فعله رسول الله (ص) في وثيقة المدينة مع اليهود؛ نصّت الوثيقة على أن "يهود بني عوف أمة مع المؤمنين؛ لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم". وهذا يعني أنّ اليهود لهم الحق في ممارسة شعائر دينهم بحرية دون إكراه من المسلمين". 

وأشار الشيخ الخطيب إلى العدل التام، حيث أكدت الوثيقة على "مبدأ العدل والمساواة بين المسلمين واليهود، ونصت على أن "النصر للمظلوم". وهذا يعني أن أي ظلم يقع على أي فرد، سواء كان مسلمًا أو يهوديًّا، يجب أن يُنصف منه". 

وبيَّن الشيخ الخطيب أنّ "الوثيقة أكّدت على مبدأ نصرة المظلوم، وأن "النصر للمظلوم". وهذا يعني أنه في حال وقوع ظلم على أي فرد، سواء كان مسلمًا أو يهوديًّا، يجب على الآخرين نصرته وإعانته"، كما "نصت الوثيقة على الآتي: "بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة". وهذا يعني أن المسلمين واليهود يتعاونون في الدفاع عن المدينة في حال تعرضها لهجوم".

وتابع الشيخ الخطيب قائلًا:"إننا بنينا موقفنا في طرحنا للمواطنة بناء على هذه الخلفية، لأن الكثيرين قد يستغربون أن لعالم دين أو لجهة دينية أن تطرح المواطنة نظامًا لدولة يعيش فيها ويتنوع فيها أهل الأديان، وأن هذه المواطنة هي الكفيلة في تحقيق الوحدة المجتمعية السياسية للخروج من إشكالية النظام الطائفي السياسي وإبطال الأسس التي قام عليها؛ لأنّ فيها تمييز بين المتعددين بالانتماء الطائفي والمذهبي، وهذا ليس عدلًا ولا يقوم بناء حقيقي عليه، وحين يقوم عليه سيفرط هذا العقد".

وأضاف العلامة الخطيب: "كما جرّبنا نحن في لبنان منذ عام 1920 إلى الآن، ولبنان بناء على هذه الصغية يتعرض دائمًا للاهتزاز السياسي وعدم الاستقرار وعدم التقدم، وكلما بذل المجتمع الأهلي فيه جهدًا يأتي أصحاب المنافع الذين يستفيدون من هذا النظام ليخرّبوا كلّ ما بناه اللبنانيون".

وشدد على أنّ "المشكلة في لبنان ليست في التعدد والتنوع الديني، وإنّما تكمن في التفريق بين المواطنين على أساس الانتماء الديني، وهذا هو الذي أوجد المشكلة، ثمّ يحمّلون الدين المسؤولية، يظلمون الدين مرّتين، مرة حين يجعلونه قبيلة، والمؤمنون المنتمون إلى أديان مختلفة يعني المسيحية قبيلة والإسلام قبيلة أخرى؛ التشيّع قبيلة، والتسنن قبيلة، والتوحيد الدرزي قبيلة، والمارونية قبيلة؛ الدين ليس كذلك".

وأردف سماحته: "الدين هو ما تلونا بعض نصوصه؛ الدين هو الذي لا يفرق بين أحد وأحد إلا على أساس التقوى، ويقول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، الذي يفسر التقوى هنا رسول الله (ص)؛ بأنه ليس مجرد الصيام والحج وبعض العبادات التي يأتي بها المؤمنون، وإنما أمر آخر؛ هو القصد من العبادة لله في بعض معانيه، حينما يقول رسول الله (ص) في تفسير التقوى: "الخلق كلهم عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله"". 

ولفت الشيخ الخطيب إلى أنّ "الصيغة السياسية القائمة على أساس المواطنة هي الكفيلة بتحقيق الاستقرار ـــ والتي لا تنافي الدين، والتي تحفظ كلّ المواطنين، وتحفط كلّ الطوائف وكلّ المذاهب. هي كذبة اخترعوها مفادها أن النظام الطائفي يحفظ الطوائف في لبنان، يحفظ المسيحيين؛ لأن المسيحيين أقلية في الشرق. المسيحيون عاشوا بين المسلمين إلى الآن، وكانوا كسائر المسلمين في هذا المجتمع. هذا هو سبب الاختلال في الاجتماع السياسي في العالم العربي والإسلامي وليس الدين، الدين بريء منهم ومن أعمالهم، ويتيح للمجتمع تقديم الإنجازات على كلّ الصعد الإدارية والاقتصادية والإنمائية والترابط الاجتماعي الضروري والتقدم العلمي والتربوي".

وتابع سماحته: "في الوقت الذي نبذل هذا الجهد من أجل تحقيق هذا الهدف الذي يُخرج لبنان من أتون الصراعات الطائفية والمذهبية لتأسيس دولة حقيقية قائمة على أساس المواطنة يتيح للمواطن الشعور بوحدة الانتماء السياسي للوطن، بدل الولاءات المتعددة التي تمزّقه وتضع الموقف الوطني في دائرة الخطر وتتقدّم معه المصالح الذاتية عليها".

وواصل الشيخ الخطيب حديثه قائلاً: "لقد كان رهاننا كبيرًا على أن تكون المرحلة الحالية بداية لتحول حقيقي في حسابات السلطة السياسية عمَّا عهدناه منها في الماضي، ولكن يبدو أنّ السلطة ما زالت تحمل العقلية نفسها، وحساباتها هي نفسها الحسابات التي تتحكم بها أوامر القناصل، وتتقدّم على المصالح الوطنية، على قاعدة أن من يأكل من خبز السلطان يضرب بسيفه، ويصبح التمني أن تكون المواجهة مع السلطان بشكل مباشر بدل أن تكون مع وجههه الذي يلبس لبوسًا وطنيًّا". 

وشدد على أنّ قرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة كان "صادمًا في الانقلاب على الموقف الوطني الجامع الذي تمّ الإجماع الرسمي عليه في الرضوخ لمطلب العدو، في الوقت الذي ما زال العدوّ يحتل الأرض ويستمر في الحرب والقتل والاغتيال والتدمير ومنع المواطنين من العودة إلى قراهم".

وسأل العلامة الخطيب: "هل هذه هي السيادة التي وعدتم بالدفاع عنها؟ أم أن حفظ السيادة التي تدّعون هي في نزع أوراق القوّة التي يمتلكها لبنان وأولها الوحدة الوطنية التي تعرّضونها الآن بقراراتكم التي اتّخذتموها بالأمس إلى الخطر إرسالًا لرسائل الاستسلام".

كما سأل: "علامَ تعوِّلون بعد ذلك؟ على الضمانات الأميركية التي رفض المبعوث الأميركي إعطاءكم إياها؟ أم على تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة التي تُمكّنه من ردع العدو؟ هذا التسليح الممنوع؛ يعني أنكم تسهمون في تمهيد الطريق للعدو لتحقيق ما لم يكن يحلم به، بل ما عجز عن تحقيقه في المعركة العسكرية".

وقال الشيخ الخطيب: "يا مجلس الوزراء، أيها الوزراء الذين اتّخذتم القرار، لقد سلكتم طريقًا خطيرًا يهدّد مصير الوطن. إنّكم تعيدون بهذا القرار التجارب الفاشلة الماضية نفسها".

وأكّد أنّ "مقاومة العدوّ وتحرير الأرض وحماية السيادة لا تكون بالقرارات المأخوذة على الأرائك والوسائد في الغرف المبرّدة بإملاءات العدو، بل بالمواقف في ساحات المواجهة وتقديم التضحيات وتحمّل المسؤولية". 

وتابع الشيخ الخطيب: "ذكّرتمونا بسنة 1982 وبـ17 أيار واتفاقية العار، ونحن أيضًا نذكّركم بسنة 1982 وبـ17 أيار وما حصل بعد ذلك من تحرير في العام 2000".

وواصل سماحته كلامه مخاطبًا المعنيين: "لا تفكّروا أن الأميركي إلى جانبكم، والله لو وقفتم موقف رجال لكان أشرف لكم"، متسائلًا: "ماذا سيفعل العدوّ أكثر مما فعل؟ نحن الذين دفعنا الثمن وأنتم تفرجتم علينا، ونحن نقتل وبيوتنا تقصف وأبناؤنا ونساؤنا يستشهدون، أي ثمن دفعتموه؟ لقد اعترض بعضكم على أن هذا القصف يمنعكم من الذهاب إلى الساحل لممارسة السباحة، أيّ شعور وطني لديكم؟".

وقال الشيخ الخطيب: "يا دولة رئيس مجلس الوزراء (نواف سلام) أنت تحاصرنا، أنت تحاصر هذه البيئة بمصادرة الأموال التي جناها أبناؤنا في الخارج بعرق جبينهم لمساعدة أهلهم ووطنهم؛ صادرتها في المطار بزعم أنها تبييض أموال. سوَّد الله وجوهكم".

وأردف: "نحن الذين نتحمّل المسؤولية، أما أنتم فلم تتحملوا المسؤولية على الإطلاق وفرّطتم بها، وأمّا الذين ليس لديهم استعداد للتضحية ودفع أثمان للموقف حينما يستدعي الأمر الموقف، فيصحّ فيهم: ومن ملَكَ البلاد بغير حربٍ.... يهون عليه تسليم البلادِ".

وأضاف العلامة الخطيب: "إننا لن نترك أرضنا محتلة وقرانا مستباحة وأهلنا لقمة سائغة للعدو، وننصح في عدم السير بهذا الموقف والتراجع عنه والرجوع إلى ضمائركم؛ لأن هذا يدفع بالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه. تراجعوا في جلسة الغد عن الخطأ الذي ارتكبتموه فالتراجع عن الخطأ فضيلة، فدفع الثمن للحفاظ على السيادة مهما بلغ أقل بكثير من الثمن الذي ندفعه بالاستسلام، أنتم تستسلمون الآن للأميركي".

ودعا إلى "العودة إلى الموقف الرسمي الجامع"، مخاطبًا الوزراء الذين شاركوا في الجلسة أول من أمس: "أنتم خرقتم الموقف الرسمي الوطني الجامع الذي يحافظ على الميثاقية. لا ميثاقية لقراركم. هذا الموضوع لا يبحث في مجلس الوزراء، ولا يؤخذ بالتصويت؛ إذ لا شرعية لأي قرار يخالف ميثاقية العيش المشترك، أين أنتم من اتفاق الطائف؟".

وتابع: "لا تأخذوا البلد إلى النار؛ المقاومون لن يَصْلَوا هذه النار، ولا الشرفاء الذي يبذلون الدماء والتضحية من أجل لبنان وكرامته ومن أجل كلّ اللبنانيين؛ لأننا نعتبر أن اللبنانيين جميعًا هم واحد في الكرامة وفي الحقوق والواجبات".

ثم ألقى الإعلامي جرادي كلمة رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبد أبو كسم الذي اعتذر لسببٍ طارئ، قال فيها: "أوافق رأي سماحة الشيخ الخطيب في أنّ تعزيز العيش المشترك في لبنان يتطلّب إعادة النظر في العديد من الأسس التي يقوم عليها النظام الاجتماعي والسياسي، كما يتطلّب تعزيز روح المواطنة الحقيقيّة بعيدًا عن المحاصصة الطائفيّة والتمييز بين المواطنين على أساس انتماءاتهم الدينيّة والحزبيّة، من هنا يجب إلغاء الطائفيّة السياسيّة كما نصّ اتفاق الطائف، وهذا ما يعزّز كما ذكرنا اعتماد الكفاءة والقدرة لدى اللبنانيين، بدل المحسوبيّات والمحاصصة".

وأضاف: "أمّا اللافت أيضًا ما أشار إليه سماحته بضرورة ضمان حقوق المرأة وإصدار قوانين تحمي حقوقها وتمثيلها في المجتمع".

ثم ألقى الدكتور رافي ماديان كلمة قال فيها: "بخصوص دولة المواطنة والعيش المشترك؛ لا بد من كلمة شكر وامتنان لاتحاد الكتاب اللبنانيين، وللمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؛ لتنظيمهما هذه الندوة الفكرية في زمن غياب الفكر السياسي والفلسفة السياسية لدى معظم القوى والفئات المنخرطة في إدارة السلطة والمؤسسات العامة".

ولفت إلى أنّ "العيش المشترك لا يتعزز فقط بالحوار والتواصل مع الآخر المختلف والاعتراف بخصوصياته وتقديم التنازلات والضمانات المتبادلة، وإنّما كذلك بالانتماء إلى هوية وطنية جامعة، هوية ونظرة تحدد العدوّ من الصديق وتحدد تموضع لبنان حيال قضايا المنطقة المركزية".

وتابع ماديان: "كما أننا بحاجة إلى ثقافة سياسية وطنية واحدة، وإلى تربية وطنية لبنانية لا تتحدث عن جناحين حتّى لا يطير البلد إن خفقا".

وأردف: "إننا بحاجة أيضًا للعودة إلى خدمة العلم وبناء أطر الانصهار الوطني على غرار الجيش. بالمختصر، بناء الدولة الوطنية التي تحتضن جميع المواطنين من كل الانتماءات، وتمثل جميع المكونات دون تمييز هو الفكرة المكثفة للعيش المشترك في ما بيننا، إذا جاز التعبير".

إلى ذلك، ألقى كلمة شيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى؛ الشيخ وسام سليقا الذي قال: "في زمن تتنازع فيه الهويات وتضيق فيه المساحات، وتتراجع فيه لغة العقل لصالح الغرائز والانقسامات، تبرز رؤية العلامة الشيخ علي الخطيب، كما قدّمها الكاتب الدكتور غازي قانصوه في كتابه "دولة المواطنة"، كضوء هادٍ وسط العتمة، ومشروع وطني -  أخلاقي يرسم معالم دولة عادلة يتساوى فيها المواطنون على اختلاف معتقداتهم وهوياتهم".

وأشار إلى أنّ "المواطنة - كما يؤكّد سماحة الشيخ علي الخطيب - ليست عقدًا قانونيًّا فحسب، بل هي قيمة أخلاقية وإنسانية، تُبنى على الاحترام المتبادل، والعدالة، والتكافؤ في الحقوق والواجبات. وهي، قبل ذلك وبعده، انتماء حقيقي وولاء للكيان الوطني فوق كلّ اعتبار طائفي أو مذهبي. إنها ليست مجرد صفة إدارية، بل نمط حياة، يؤمن بأن لا مستقبل لأحد دون الجميع، ولا وطن دون وحدة الإرادة".

وذكر سليقا أنّ "العيش المشترك في هذا السياق لا يعني مجرد التعايش السلبي، بل هو شراكة في الانتماء، وتعاون في البناء، وتكافل في التحديات. هو وعي متَّقدٌ بأن الاختلاف لا يلغي وحدة المصير، وأن اللقاء فوق الانقسام هو الخيار الوحيد لمجتمعٍ يسعى إلى الاستقرار والنهضة".

وأضاف: "هنا، تلتقي رؤية الشيخ علي الخطيب مع أرقى ما توصّل إليه الفكر الإنساني في بناء الدولة المدنية؛ دولة المواطن لا الرعية؛ دولة الحقوق لا الامتيازات، حيث الجميع سواسية أمام القانون، وحيث الدين لله والوطن للجميع".

وألقى رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين أحمد نزَّال كلمة قال فيها: "أن نجتمع اليوم في هذه الندوة التي تحتفي بكتابين للعميد الدكتور غازي قانصوه بعنوان: "دولة المواطنة في لبنان والعيش المشترك في لبنان في رؤية العلامة الشيخ علي الخطيب"، لهو اجتماعٌ استثنائيٌّ في الزمن الذي نحتاج فيه لهذه الرؤية العميقة إلى قضية العيش المشترك، وقضية المواطنة وقد صارت حقًا من حقوق الإنسان".

وأضاف نزال: "إيماننا بلبنان الرسالة كما قال البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، يعقد العلامة الخطيب العزم على ترسيخ مفاهيم العيش المشترك والمواطنة. وإننا في هذا الوقت الذي يمرُّ به لبنان والمنطقة، يظهر اتحاد الكتَّاب اللبنانيين حاضرًا، وبقوَّةٍ، على مدى عامين، مع القضايا الإنسانيَّة العادلة، وعلى رأسها قضيَّة فلسطين، معلنًا مواقفه التي اتَّفقت مع ثوابت الضمير الثقافي الوطني والعربي، مع الكثير من الهيئات المحليَّة والعربيَّة".

وتابع: "يعي الاتحادُ أخطارَ الاستهداف المنهجي للهُوية، وما يُعرف بالإبادة الثقافية، وتاليًا الإنسانية، بدءًا مما يُحكى في الكواليسِ والأروقة، عن تمريرِ مشروعِ توطين اللاجئين والنازحين في لبنان، كواحدٍ من السياقات المدرجة باسم "الشرق الأوسط الجديد"، الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية".

وأردف: "إننا في اتحاد الكتَّاب اللبنانيين، ومن موقعِنا الوطنيِّ المؤمن بلبنان؛ وطنًا نهائيًّا لجميعِ أبنائه، نرفضُ رفضًا مطلقًا توطينَ اللاجئين أو النازحين، تحت أيِّ عنوانٍ من العناوين، انطلاقًا من إيمانِنا الراسخ وانحيازِنا المطلق إلى جانبِ الحقوق المشروعة للشعبِ الفلسطيني، والتي كرَّستها قراراتُ الشرعيَّة الدوليَّة لجهة حقِّه بالعودة إلى أرضِه، وإقامة دولتِه المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشريف".

وواصل كلامه قائلاً: "على المستوى الداخلي، نؤكِّد انحيازَنا الدائم إلى قيام دولة المؤسسات، القادرةِ بجامعتها الوطنيَّة الموحَّدة، الناظرةِ بسواسيةٍ إلى أبنائها، دون تهميشٍ أو إقصاءٍ لأيِّ مكوِّنٍ لبنانيٍّ، المستقرَّةِ بأمنِها السياسي واﻻقتصادي والاجتماعي والصحي والبيئي والثقافي والتربوي، المحافظة على كلّ شبر من تراب لبنان".

وشدد على سعي اتحاد الكتَّاب اللبنانيين إلى تعميم "فكرة الاجتماعِ على مبادئَ أساسيَّةٍ، وهي المواطنيَّةُ وحريَّةُ التعبيرِ والحوارُ البنَّاء الذي يجمعُ اللبنانيين على كلمةٍ سواء، ضمن قواسمَ مشتركةٍ تتَّسع للجميع دون تمييزٍ أو تفرقةٍ أو تباغضٍ أو تناحرٍ". وأضاف: "لقد نجحنا في هذا الوطن عندما تكاتفنا في صدّ الإرهاب والقوى الظلامية، وكذلك في مقاومة الاعتداءات ""الإسرائيلية"". فليكن هذا التكاتفُ أيضًا في مكافحة الفساد وتعزيز ثقافة المواطنيَّة".

وألقى مؤلف الكتابَين الدكتور قانصوه كلمة جاء فيها: "في زمنٍ تتكاثرُ فيه الأزماتُ وتتنازعُ المصالحُ على حسابِ الوطن، يبقى الأملُ معلَّقًا على الفكرِ المنير، والموقفِ البنّاء، والنهجِ العادل الذي يعيدُ للإنسانِ قيمتَه، وللوطنِ هيبتَه".

وقال: "انطلاقًا من هذه القناعة، جاء إعدادُ هذين الكتابين؛ "دولةُ المواطنةِ في لبنان في رؤيةِ العلامةِ الشيخ علي الخطيب" و"العيشُ المشتركُ في لبنان في رؤيةِ العلامةِ الشيخ علي الخطيب"، فهما ليسا مجرّدَ مؤلَّفين، بل هما وثيقتان وطنيّتان وأخلاقيّتان، تُقدّمان نموذجًا متكاملًا لمشروعِ خلاصٍ وطني حقيقي، يُنقذُ لبنان من دوّامةِ الانقسام، ويعيدُ التّأكيدَ على أنّ "لبنانَ الوطنُ النّهائي لجميعِ أبنائه"، كما قال الإمام السيّد موسى الصدر".

ولفت إلى أنّ "المشكلة لم تكن يومًا مع الوطنِ نفسه، بل مع أنظمةٍ لم تُحسنِ الإدارةَ ولا العدل، ولم تُدرك معنى بناءِ دولةٍ راعيةٍ للإنسان. لذا، لا بدَّ من التوجُّهِ نحو دولةِ المواطنةِ الحقيقيّة، حيث يتساوى المواطنون أمام القانون، وتُبنى المؤسّساتُ على قاعدةِ الكفاءة، ويُصانُ العيشُ المشترك، وتُحترمُ التعدّديّة دون تمييزٍ أو امتيازٍ لفئةٍ على أخرى".

الكلمات المفتاحية
مشاركة