اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي حكومة سلام تضرب "الشراء العام"

مقالات مختارة

تكريم مسموم لزياد الرحباني
مقالات مختارة

تكريم مسموم لزياد الرحباني

بـ"ضربة غبي" عربشت الحكومة على ظهر الرحباني لتصفية حساب مع آل الأسد
102

ندى أيوب - صحيفة الأخبار

أن تتّخذ الحكومة اللبنانية قرارًا بإزالة اسم الرئيس السوري السابق حافظ الأسد عن جادّة السفارة الكويتية قد يكون مفهومًا بعد التغيّرات التي شهدتها سورية أخيرًا.

أمّا أن تستبدل الحكومة اسم الأسد باسم الموسيقي الراحل زياد الرحباني فهو اقتناص فرصة المطالبة الشعبية بتكريم زياد، واستغلال وفاته سياسيًا بما يخدم تحوّلات المرحلة. وهو ما حوّل قرار "التكريم" الكاذب إلى تشويه للذكرى، استكمالًا للاستعراض الذي بدأه رئيس الحكومة نواف سلام يوم دفن زياد، عندما وقف يلتقط الصور فوق تابوت الراحل.

تشكّلت حكومة سلام بداية شهر شباط الفائت، وكان نظام الأسد في سورية قد سقط. على مرّ الأشهر الستة - وحتّى من قبلها منذ انتخاب جوزيف عون رئيسًا - كثرت المواقف والقرارات الدالّة على أنّ لبنان دخل مرحلةً جديدة تستدعي القطع مع كلّ المرحلة السابقة، بما يتماشى ومقتضيات التحوّلات السياسية الكبرى في لبنان والإقليم.

والقطع هذا يستدعي التخلّص من رموز المرحلة المُراد نفض اليد منها، وعلى رأس هؤلاء حافظ الأسد الذي رغب رئيسا الجمهورية والحكومة الراحلان الياس الهراوي ورفيق الحريري بتكريمه في التسعينيات، حين كانت السلطة السياسية برمّتها تنام في أحضان الأسد ونظامه، ما عدا قلّة قليلة لم تزحف نحو الشام آنذاك.

وكان لزياد الرحباني موقفه الواضح من رفض التبعية السياسية لسورية وتحكّم الأسد في كلّ شاردة وواردة في الشؤون اللبنانية. ولأننا لسنا معنيين بالدفاع عن بقاء اسم حافظ الأسد بل نحن معنيون برفض استغلال زياد، فإن السؤال المُفترض أن تجيب حكومة سلام عنه: ما الذي منعها من اتّخاذ قرار إزالة اسم الأسد عن المسلّة المنصوبة في جادّة السفارة الكويتية في الأشهر الماضية، إن كانت فعلًا تريد ذلك؟

قبل أيام من انعقاد جلسة الحكومة أول من أمس، أطلق عادل جبر وأنطوان قسطنطين وإبراهيم شحرور، حملةً لإضافة اسم زياد الرحباني على اسم شارع الحمرا ليصبح "الحمرا - شارع زياد الرحباني".

تفاعل كثر مع المبادرة التي تأتي في سياقٍ طبيعي يربط بين زياد والحمرا، حيث عاش ومات، وحيث عمِلَ وكتب وألّف الموسيقى، وأحيا لياليها عزفًا وسهرًا، وكتب فيها وعنها. وارتاد مقاهيها وحاناتها.

الحمرا التي انتمى إليها البعض حبًا بزياد، وانطلاقًا من ارتباطه بها، والتي سكنت وجدانه وسكنها، من الطبيعي أن تحتضن اسمه وتخلّد ذكراه لتتخطّى الشوارع مجرّد كونها حجارةً وأرصفةً بل ذاكرة حيّة ومرايا لوجدان المدينة.

اقتنص سلام ووزراؤه الفرصة، وقرّروا تكريم زياد بإنزال اسمه مكان اسم حافظ الأسد في استغلال سافلٍ للمناسبة. فالحكومة تخيّلت أنها بيّضت صفحتها بعدما امتنعت عن إعلان الحداد الوطني إثر وفاة الراحل العظيم. وأرادت القول/ ها أنا أكرّمه. وبـ"ضربة غبي" عربشت على ظهر زياد الرحباني واستغلّته سياسيًا لتصفية حسابٍ مع آل الأسد.

أخذت حكومة سلام في الاعتبار ما يعنيها، وما يفيدها، من دون احترام الرابط التاريخي والوجداني بين زياد والحمرا. وإن كان تغيير اسم الشارع الرئيسي للحمرا أمرًا قابلًا للنقاش، لجهة عدم اختزال تاريخ الحمرا بزياد الرحباني، لكن ما لا يمكن القفز عنه هو ذكر الحمرا عند الحديث عن تخليد ذكرى زياد.

كان يمكن للحكومة - إن كانت صادقة - اختيار أي شارعٍ آخر في الحمرا مثل شارع المكحول الذي لم يفارقه، أو الشارع الذي كان يسكنه.

والخيارات عديدة إن توسّع البحث في شوارع الحمرا المُسمّاة بأسماء رجالات الانتداب، إلا إذا كان المسّ بالاستعمار الغربي يحتاج إلى جرأة لا يملكها سلام ووزراؤه، فكان المخرج الأدهى مسلّة السفارة الكويتية.

هذه الخطوة تفتح الباب على سؤال آخر، هل ستتعسّف الحكومة في المرحلة المقبلة، في تخطّي صلاحياتها والسطو على صلاحيات البلديات، على مستوى حقّها في تسمية الشوارع ضمن نطاقها الجغرافي، لمآرب سياسية؟

الكلمات المفتاحية
مشاركة