اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ناجٍ من مجزرة الصحفيين في غزة: خسرنا طاقم "الجزيرة"

مقالات مختارة

bbc تبرّر قتل أنس الشريف!
مقالات مختارة

bbc تبرّر قتل أنس الشريف!

73

علي سرور - صحيفة "الأخبار" 

لم تقف جريمة اغتيال الصحافيين الفلسطينيين في غزة على قتلهم فحسب. قبل أشهر من العملية وصولاً إلى ما بعد حدوثها، يدأب متحدّثو قوات الاحتلال على مهاجمتهم إعلامياً لتبرير استهدافهم، خصوصاً الشهيد أنس الشريف. 

لم تقف جريمة اغتيال الصحافيين الفلسطينيين في غزة على قتلهم فحسب. قبل أشهر من العملية وصولاً إلى ما بعد حدوثها، يدأب متحدّثو قوات الاحتلال على مهاجمتهم إعلامياً لتبرير استهدافهم، خصوصاً الشهيد أنس الشريف.

هذه الحملة الإعلامية الموجّهة من الاحتلال واكبتها شبكة «بي. بي. سي» البريطانية بكل حماسة، إذ اختارت أن تمنح دعاية الاحتلال مساحة واسعةً، مقدّمة مزاعمه كجزء «متوازن» من التغطية، كأنّ عرض رواية القاتل جنباً إلى جنب مع صرخة الضحية هو من صميم العمل الصحافي.

التقرير الذي بثّته الشبكة أخيراً، أشار إلى أنّ «جيش» الاحتلال اعترف باستهداف الشريف، ولكنه روّج لسرديات العدو بأنه «قائد خلية تابعة لحماس» استغل عمله الصحافي كغطاء.

بدورها، نفت «الجزيرة» هذا الزعم جملة وتفصيلاً، ووصفت الحادثة بأنها «اغتيال متعمّد» و«اعتداء صارخ على حرية الصحافة».

بالإضافة إلى ذلك، صرّح أنس الشريف مراراً وتكراراً أنّ ادعاءات العدو حوله زائفة، وبقي حتّى الرّمق الأخير ينشر على منصّة إكس الحقيقة التي تجري في غزة، وهذا ما أراد العدو اغتياله تحديداً، إسكات الصوت الأبرز في كشف هول الإبادة. لكنّ «بي. بي. سي» تجاهلت كل هذه الحقائق، مكتفيةً بعرض الموقفين على قدم المساواة، وكأن الحقيقة مسألة رأي شخصي، لا واقعة ميدانية موثقة.

هذا النمط من التغطية ليس جديداً على الشبكة. دائماً ما اعتمدت «بي. بي. سي» لغة مموّهة ومفردات مخففة عند الحديث عن جرائم الاحتلال، ولكنها في هذه المرة تجاوزت ذلك إلى إعادة تدوير سرديته لتبرير قتل الصحافيين، بهدف إضعاف وقع الجريمة في الوعي العالمي، وتحويل القاتل من مجرم حرب إلى طرف «له روايته».

الأخطر أنّ هذه السردية تأتي في وقت تمنع فيه إسرائيل دخول الصحافيين الدوليين إلى غزة، ما جعل المراسلين الفلسطينيين، ومنهم الشريف، المصدر شبه الوحيد للحقائق الميدانية.

لهذا السبب يمعن الاحتلال منذ أكثر من 22 شهراً، في استهداف الإعلاميين ضمن حملة منظّمة لإسكات أي صوت يُظهر ما يجري في غزة. وبينما تعتمد خطّة الاحتلال على استهدافهم، ثم التشكيك في نزاهتهم، في خطوة مزدوجة لطمس الحقيقة، تكرّر «بي. بي. سي» مزاعم الاحتلال، لتُسهم في هذه الإستراتيجية، سواء بوعي أو تحت غطاء «الحياد».

الحياد في مواجهة الإبادة ليس مبدأً أخلاقياً، بل شكل من أشكال التواطؤ. وعندما يتحول «التوازن» إلى تمرير اتهامات القاتل بحق الضحية، يصبح الإعلام شريكاً في الجريمة، لا مجرد شاهد عليها.
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة