لبنان

بلا ثمن سياسي أو تفاوضي.. السلطات اللبنانية تطلق سراح أسير "إسرائيلي"
استنكرت شخصيات سياسية ودينية وهيئات الخطوة ووصفتها بأنّها "وصمة عار" و"بيعُ النفس للشيطان"
مجانًا ومن دون ثمن سياسي أو تفاوضي، تسلّم العدو الصهيوني، صباح الخميس 21 آب/أغسطس 2025، الأسير "الإسرائيلي" "صالح أبو حسين" عبر معبر رأس الناقورة في جنوب لبنان.
لم يأتِ الإعلان عن إطلاق سراح الأسير "الإسرائيلي" من بيروت، بل من "تل أبيب"، حيث أصدر مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بياناً قال فيه: "استعدنا "مواطنًا" "إسرائيلياً"" كان محتجزًا في لبنان منذ عام"، مشيرًا إلى أنّ عملية الإفراج جاءت بعد "مفاوضات سريّة استمرت أشهرًا عدّة بمساعدة "الصليب الأحمر""، على حد قوله.
لكنّ المفارقة هي أنّ اللبنانيين لم يكونوا على علم بوجود هذا الأسير على أرضهم طوال المدة الماضية، ولم يَصْدر أيّ تعليق رسمي سابق من رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة الحالية أو السابقة، أو الأجهزة الأمنية حول القضية!.
والأسوأ من ذلك هو أنّ لبنان لم يحصل على أيّ ثمن سياسي أو تفاوضي جناه مقابل تسليم الأسير "الإسرائيلي"، وهذا ما جاء على لسان المسؤولين "الإسرائيليين" الذين أكدوا لـ"القناة 12" الصهيونية أنّ ""إسرائيل" لن تسلّم أيّ أسير لبناني" مقابل الأسير "الإسرائيلي".
شخصيات سياسية ودينية وهيئات: "وصمة عار"
واستنكرت شخصيات سياسية ودينية وهيئات إطلاق الدولة اللبنانية سراح "الإسرائيلي" وتسليمه إلى الكيان الصهيوني، بينما لا يزال هناك أسرى لبنانيون لدى الكيان لم تَسْعَ الدولة إلى إطلاق سراحهم، معتبرين ذلك "وصمة عار على جبين الدولة" وأنّ الدولة "باعت نفسها للشيطان الأميركي و"الإسرائيلي"".
فقد استغربت "هيئة ممثلي الأسرى والمحرَّرين اللبنانيين" أنْ "يُطلَق سراح "إسرائيلي" وهناك 19 مواطنًا لبنانيًا في زنازين العدو لا أحد يسمع بهم"، متسائلةً: "ألهذه الدرجة أصبحت بيئة المقاومة عبئًا على الدولة؟".
واعتبرت الهيئة، في بيان الخميس 21 آب/أغسطس 2025، أنّ "الدولة باعت نفسها للشيطان الأميركي و"الإسرائيلي""، مضيفةً: "يقولون بلد العجائب، لم نفهم ما هو هذا البلد ولمَ سُمِّي هكذا، لكنّنا اليوم فهمنا وعقلنا وعلمنا سبب هذه التسمية، إنّه بلد الحقد الطائفي، والتواطؤ على أبناء الوطن، من أصحاب العزة والكرامة".
وتساءلت: "ألهذه الدرجة ساسة الدولة حائرون في معاقبة بيئة المقاومة لأنّها رفضت الانصياع والخضوع للعدو، وأبت إلّا أنْ تتمسّك بوطنها وأرضها؟".
كما رأت أن "إطلاق سراح "الإسرائيلي"، وإبقاء 19 أسيرًا ومعتقلًا لبنانيًا يحملون الجنسية اللبنانية لأكثر من ألف عام، من الجنوب اللبناني والبقاع وشبعا، ليس إلّا خيانة موصوفة يجب أنْ يُحاسب عليها القانون، بدءًا من أعلى هرم الدولة حتى أسفله، ممن باع نفسه للشيطان الأميركي و"الإسرائيلي"، لحقدٍ في نفسه على فئة أبت أن تكون ذليلةً مثله".
بدورها، رأت عائلة عميد الأسرى في السجون الصهيونية، يحيى سكاف، أنّ "من العار أنْ تبذل الدولة اهتمامًا باعادة "مواطن" "إسرائيلي"" إلى كيان العدو وإعلان مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو عن استعادة "إسرائيلي" كان محتجزًا في لبنان منذ عام بعد مفاوضات جرت في الشهرين الماضيين بمساعدة الصليب الأحمر الدولي"، مؤكّدًة أنّ ذلك "يشكّل وصمة عار على جبين الدولة التي لم يَعُدْ للمواطن ثقة بها لحمايته بأيّ شكل من الأشكال".
وشدَّدت على أنّ "ما حصل هو إساءة لعوائل الأسرى اللبنانيين في سجون العدو ولعوائل الشهداء والجرحى وآلاف المناضلين الذين أفنوا حياتهم في سبيل الدفاع عن وطننا وعن الدولة، لأنّنا لو انتظرنا من الدولة مئات السنين لتقوم بواجبها لما استطعنا أنْ نرى الجنوب اللبناني مُحرَّرًا ولا مئات الأسرى اللبنانيين بيننا".
وأضافت: "كان الأجدى بالدولة اللبنانية العمل لتحرير الأسرى اللبنانيين من سجون العدو الصهيوني، وأنْ تبذل جهدًا للبدء باستراتيجية دفاعية لحماية الوطن من الاعتداءات الصهيونية اليومية التي باتت شبه عادية لدى الدولة، حيث لم تَعُدْ قادرة فقط على التصدّي لطائرات العدو، بل على إصدار بيانات إدانة لتحليق طائرات التجسُّس التابعة لجيش العدو فوق مباني الحكومة اللبنانية".
بدوره، استغرب العضو في كتلة "التنمية والتحرير"، النائب الدكتور قاسم هاشم، أنْ "يتم إطلاق (سراح) ""مواطن" "إسرائيلي"" بعد سنة على أسره دون أيّ إعلان وإعلام"، قائلًا: "مهما كانت طريقة القبض عليه بغض النظر عن أيّ تفاصيل، المهم أنّه يحمل الجنسية والجواز "الإسرائيلي"".
وسأل النائب هاشم: "وفق أيّ تبرير يُطلَق سراحه من دون محاولة لإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين من سجون العدو، ولا يمكن القبول بذريعة أنّه من أصول عربية، ومن قال إنّ هذا عامل مساعد لعرب الداخل"، مضيفًا أنّ "من يحمل جنسية وهوية العدو هو هو أيًّا كان انتماءه"، داعيًا إلى "الاستثمار في أيّ فرصة لإعادة شبابنا إلى الحرية وأرض الوطن".
من جهته، استغرب إمام وخطيب مسجد "الغفران" في صيدا، الشيخ حسام العيلاني، "إطلاق سراح "إسرائيلي" من قِبَل الحكومة اللبنانية"، سائلًا: "أليس كان من الأجدى أنْ تُحوَّل عملية التسليم إلى عملية تبادل؟ أليس في سجون العدو الصهيونى أسرى من أبناء الشعب اللبناني؟ ماذا تقول لعوائل الأسرى؟ وما هو شعور عوائل الأسرى اليوم؟ ألم يشعروا أنّهم أيتام؟ أين الدولة اللبنانية المسؤولة عن إعادة أبنائهم من الأَسر؟".
وشددّ الشيخ العيلاني على أنّ "الدولة اللبنانية ارتكبت اليوم خطًأ كبيرًا وعمّقت الهُوَّة مع بيئة المقاومة".
من ناحيته، علّق المهندس وليد معن كرامي على إطلاق سراح "الإسرائيلي" بالقول إنّ "الأسرى اللبنانيون في سجون الاحتلال "الإسرائيلي"، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والطائفية، هم لبنانيون أولًا وأخيرًا، وأيّ انتهاك لحقهم في الحرية هو انتهاك لكرامة لبنان".
وأضاف كرامي، في بيان: "بعد الإفراج عن أسير "إسرائيلي" بلا أيّ صفقة تبادل، يبرز سؤال: أين إطلاق أسرانا؟"، محذّرًا من أنّ أيّ "خطوة ناقصة من هذا النوع تهدر كرامتنا وتشجّع العدو ورئيس وزرائه المجرم على مواصلة عدوانه وابتزازه بحق لبنان".