اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الشيخ قاسم: من أراد نزع السلاح فهو يريد نزع أرواحنا وعندها سيرى العالم بأسنا

كلام الأمين

كلام الأمين

الكلمة الكاملة للشيخ نعيم قاسم في حفل تأبين العلامة السيد عباس علي الموسوي (رض)

56

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، الاثنين 25 آب/أغسطس 2025، في حفل تأبين العلامة السيد عباس علي الموسوي (رض) في قاعة رسالات- الغبيري:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي ‏القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار الأخيار، إلى يوم الدين. ‏

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‌‎.‎

نجتمع في ذكرى مرور أسبوع على وفاة العلامة الجليل، السيد عباس الموسوي، رضوان الله تعالى عليه. هذا العلامة ‏الذي أدى عملًا كبيرًا ومهمًا في الدعوة إلى الله، وفي تأليف مجموعة من الكتب تجاوزت العشرين كتابًا، وكذلك في ‏العمل في داخل الساحة السياسية والثقافية والاجتماعية، بما ملأ هذه الساحة بعطاءات مهمة. هو العالم والمبلغ الذي ‏شارك في تأسيس حوزة الإمام المنتظر في بعلبك، عجل الله تعالى فرجه الشريف، مع سماحة السيد عباس الموسوي ‏رضوان الله تعالى عليه، بعد أن خرج من النجف الأشرف بسبب الظروف التي كانت موجودة في العراق‎.‎

كان يؤدي صلاة الجمعة وليلة الجمعة في شمسطار، وكان يشارك كذلك في إحياء شهر رمضان، وإحياء عاشوراء ‏مع الناس، كما هو ديدن العلماء. هو مؤلف تجاوز العشرين مؤلفًا، أبرز مؤلفاته كانت "البيان في تفسير القرآن ‏الكريم"، المؤلف من خمسة عشر جزءًا، و"شرح نهج البلاغة"، المؤلف من خمسة أجزاء، وكلّ  كتاباته هي كتابات ‏محل الحاجة، ومحل التأثير، والوعي، والتربية‎.‎

 كما كان حاضرًا في ساحة العمل والجهاد في كلّ تفريعاتها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أقرب الناس ‏من درجة النبوة أهل العلم والجهاد"، عندما نعدد الاجتماعات واللقاءات التي كان يحضرها، والجمعيات والمؤسسات ‏التي كان يعمل معها، سنجد مدى سعة أفق هذا العالم الجليل‎.‎
كان عضوًا في الهيئة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، يعني أنه كان في رأس اهتمامات العمل الطائفي ‏المرتبط بخصوصيات الشيعة في لبنان، وكان عضوًا في هيئة الأمناء في تجمع العلماء المسلمين في لبنان، الذي يضمّ ‏السنة والشيعة، أي في رأس العمل الوحدوي بين السنة والشيعة، وهو عضو في الاتحاد العالمي للمقاومة، أي أنه ‏النصير والداعم والمؤثر في دعم المقاومة على مستوى لبنان وفلسطين وكلّ  المقاومة في العالم. هو عضو في المجمع ‏العالمي للتقريب بين المذاهب، الذي أُنشئ برعاية الإمام الخامنئي دام ظله، على نهج الإمام الخميني قدس الله روحه ‏الشريفة، والذي يضمّ المسلمين من كافة أقطار العالم، سنة وشيعة، ومن كلّ المذاهب، وهذا يدل على التنوع وعلى ‏الرؤية‎.‎

كان مهتمًا بمذهب أهل البيت عليهم السلام، وكان وحدويًا على مستوى لبنان والمنطقة، كما كان داعمًا ومؤثرًا في ‏خدمة المقاومة على امتداد فلسطين ولبنان والمنطقة والعالم‎.‎

كان أستاذًا لي، درست لديه عدة سنوات، رحم الله العلامة المجاهد السيد عباس الموسوي، أبو علي (لتمييزه عن ‏سماحة السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، أبو ياسر)، وإلى عائلته التعزية وكلّ  المواساة. نسأل الله تعالى ‏أن يرفع من مقامه، إلى روحه وأرواح أمواتكم جميعًا نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة، مع الصلاة على محمد وآل ‏محمد‎.‎

عدة نقاط مهمّة في هذا اللقاء، أختمها بالحديث عن الوضع السياسي العام‎.‎

أولًا: منذ أيام، في 28 صفر، مرّت ذكرى وفاة النبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. هو سيد البشرية، هو ‏سيد الأنبياء والرسل، هو الأول في العالم، منذ الأولين إلى الآخرين، الذي ملأ الأرض بهذا العمل العظيم، وهو إحياء ‏شريعة الله المقدسة، ونشر الدين الإسلامي الحنيف الذي يجمع كلّ رسالات السماء. إن الدين عند الله الإسلام‎.‎

ألفت النظر إلى أننا في هذا العام سنكون مع مرور 1500 سنة على ولادة النبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله ‏وسلم. نحن اليوم بالـ 1447 هجرية، وكان عمره 53 سنة عندما جاء إلى المدينة المنورة. إذا جمعنا الرقمين، يكون ‏الحاصل 1500 سنة. من المهم أن يهتم العالم الإسلامي بهذه الذكرى العظيمة. ولذا نتحدث إن شاء الله بالتفاصيل في ‏الذكرى التي تأتي بعد أسبوعين، في ربيع الأول، في هذا الشهر، بإذن الله تعالى‎.‎

ثانيًا: بعد أيام، في 31 آب، ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، أعاده الله سالمًا ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب، والأستاذ ‏عباس بدر الدين. الإمام موسى الصدر أحدث تحولًا جذريًا في وضعنا في لبنان، وأثر على المنطقة. الإمام موسى ‏الصدر هو إمام المقاومين، وهو فاتح عهد المقاومة الإيمانية الحسينية في هذه المنطقة. لقد دعا إلى مواجهة المحتل ‏بالأيدي والأظافر إذا لم يتوفر السلاح. وهو الذي قال بأن "إسرائيل" شر مطلق، وأن القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي ‏المؤمنين. كان حريصًا على الوحدة الوطنية في وطن هو لنا جميعًا، وإذا تألم جنوبه، تألم كلّ لبنان. وهو القائل: ‌‏"الجنوب تصدّى نيابةً عن لبنان، وعن كلّ لبنان، بل تصدّى عن كلّ العرب‎".‎

نسأل الله تعالى أن يفرّج عنه وعن رفيقيه، ونعاهده بأننا دائمًا تحت هذا اللواء، على نهج المقاومة، ونهج سيدنا السيد ‏حسن رضوان الله تعالى عليه‎.‎

ثالثًا: في 28 آب سنة 2017، تم تحرير الجرود في معركة فجر الجرود. معركة فجر الجرود هي معركة قام بها ‏الجيش اللبناني بالتعاون مع المقاومة الإسلامية - حزب الله، وحقق هذا الإنجاز العظيم. نسجل هنا أن هذه المعركة التي ‏كانت ضدّ التكفيريين وضد "داعش" ومن معهم، كانت بقرار حازم من رئيس الجمهورية السابق، العماد ميشال عون. ‏هذا الرجل الجريء والشجاع الذي اتّخذ قرار معركة فجر الجرود، رغم الضغوطات الأميركية التي رفضت أن يكون ‏هناك تعاون بين الجيش والمقاومة في المعركة، لكنّه أصرّ على خوض المعركة، وحصل التنسيق بين حزب الله وقيادة ‏الجيش اللبناني، المتمثلة يومها بالقائد العماد جوزيف عون، الذي تعاون بشكل كامل. وبالتالي، هذا نموذج من نماذج ‏الإستراتيجية الدفاعية التي تجعل المقاومة سندًا للجيش اللبناني في التحرير وفي إنجاز المهمات العظيمة‎.‎

رابعًا: قصفت "إسرائيل" في اليمن، ولكنها كالعادة تقصف المنشآت المدنية وتقتل المدنيين. تضرب الكهرباء، والمباني، ‏والسكان، والآمنين. "إسرائيل" رأس الإجرام. "إسرائيل" التي تقوم بالإبادة في داخل غزّة أمام مرأى العالم، هل يتوقع منها ‏إلا أن تكون بهذا الإجرام في اليمن؟ لكن هنا نسجل لليمن العزيز أنه يقف موقفًا بطوليًا استثنائيًا نادرًا أمام مرأى العالم، ‏وسيُسجل له في التاريخ بأنه كان الوحيد الواقف بهذه الصلابة وبهذه العزة لنصرة أهل غزّة ونصرة فلسطين‎.‎
أين العرب؟ أين المسلمين؟ أين العالم الحر ليقف مع غزّة؟ على كلّ حال، هذا الموقف هو الذي سيؤدي إلى النصر إن ‏شاء الله تعالى. ومهما تجبرت "إسرائيل"، ستسقط في نهاية المطاف إن شاء الله تعالى‎.‎

أدخل إلى الحديث السياسي، وأقسم الموضوع إلى ثلاثة أقسام‎.‎

أولًا: لبنان بحاجة إلى استعادة سيادته على أرضه، كلّ المشاكل التي نعانيها هي من العدوّ "الإسرائيلي"  ومن الاحتلال، ‏ومن الداعم الأميركي الذي يظلل كلّ الأذى للبنان، ويسبب الاستمرار في الاحتلال والعدوان. إذا أردنا أن نحل مشاكلنا ‏في لبنان، لها بداية، والبداية هي من استعادة السيادة الوطنية، يعني بوقف العدوان بشكل كامل، بالانسحاب "الإسرائيلي"  ‏من الأراضي المحتلة، ببداية الإعمار، وبالإطلاق للأسرى، من دون هذه البداية، لا يمكن أن نحل مشاكلنا‎.‎
الحكومة اليوم هي المسؤولة عن وضع خطة سياسية، إعلامية، عسكرية، تعبوية، من أجل تحقيق السيادة. لا يوجد ‏استقرار من دون سيادة، ولا تنمية من دون سيادة، ولا نهضة من دون سيادة. السيادة هي الأولوية على كلّ ما عداها، ‏ويجب أن تتصدّى الحكومة لهذه المهمّة وهذه المسؤولية‎.‎

أدعو الحكومة اللبنانية إلى جلسات مناقشة مكثفة لكيفية استعادة السيادة، ودراسة الخطط والبرامج. فكروا كيف ‏تستعيدونها بالدبلوماسية، وتسليح الجيش اللبناني، وقرار الحرب والسلم، وإستراتيجية الأمن الوطني، والإستراتيجية ‏الدفاعية، وكلّ  ما يساعد على أن تستعيد الحكومة سيادة هذا البلد‎.‎

وهنا أدعو الأحزاب والنخب والمؤثرين على مستوى لبنان أن يساعدوا الحكومة في طريقة التفكير وفي إنجاز الخطط. ‏ولذا بثوا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الإعلام، اقتراحاتكم. أوصلوها إلى الحكومة، لترى أنه توجد ‏مقترحات كثيرة قابلة لأن تُطبَّق، ولأن تحملها هذه الحكومة‎.‎
خصصوا هذا الأسبوع. دعونا نقول: من اليوم الاثنين إلى يوم الأحد، خصصوا هذا الأسبوع لتقديم مقترحات إلى ‏الحكومة. طالبوها، حتّى لو أغرقتم الحكومة

بالاقتراحات. هذا يساعد في موقع للحكومة، وفي موقع للوزراء على ‏مستوى التواصل الاجتماعي. أغرقوا مواقعهم باقتراحاتكم. ناشدوهم، تحدثوا معهم، حثوهم، قولوا لهم بأنكم حاضرون. ‏املأوا الشاشات والإعلام بالمطالبة بالسيادة. هذا أمر أساسي يجب أن يتحقق‎.‎

اكتبوا المقالات، وانشروا هذه الأولوية. ولو انصرع الأجانب من حسكم الوطني السيادي الجامع الذي يملأ لبنان، لا ‏تتركوا ساحة لبنان، ولا فضاء لبنان، ولا إعلام لبنان، إلا وتكون السيادة هي المطلب الأساسي من الحكومة لتعمل ‏عليه‎.‎

اخترت شعارًا قد يكون صالحًا لأن يكون هو المنتشر: "نطالب حكومة لبنان باستعادة السيادة الوطنية. نطالب حكومة ‏لبنان باستعادة السيادة الوطنية". فلنعمل تحت هذا الشعار على الأقل لمدة أسبوع، حتّى نشعر هذه الحكومة بأننا معها ‏في السيادة، وبأنها مسؤولة في أن تعمل لهذه السيادة‎.‎

الآن أعرف أن بعض إخواننا سيلومونني، سيقولون: "كنت قلت لنا الشعار من قبل، حتّى نحضر حالنا، حتّى نعمل ‏بطريقة معينة، يكون لدينا حضور على المستوى العام". بالحقيقة، أحببت أن أطرح الشعار، حتّى تكون نتيجة هذا ‏الشعار في الأسبوع القادم نتيجة عفوية وطبيعية، تدل على اهتمام الناس، وتدل على اهتمام كلّ القوى بموضوع السيادة ‏الوطنية‎.‎

ثانيًا: سمعت من عدد من المحللين والأحزاب أنهم يقولون بأن المقاومة قد أدت وظيفتها، ولم يعد لديها وظيفة. لماذا ‏أدت وظيفتها ولم يعد لديها وظيفة؟ قالوا: لأنها لا تستطيع أن تردع العدوّ "الإسرائيلي"  وتُسبب الخسائر الكبيرة، وبالتالي ‏لم يعد في مجال لأن تكون المقاومة هي التي تحمي، كما كانت لمدة أربعين سنة أو تزيد‎.‎

يبدو أنهم لا يعرفون ما معنى المقاومة، وما تقوم به المقاومة. أنا اليوم سأعرفكم عن المقاومة‎.‎

ما هي المقاومة؟

المقاومة هي للدفاع والتحرير‎.‌‏ المقاومة هي شعب وأهالي‎.‌‏ المقاومة هي إيمان وإرادة‎.‌‏ المقاومة هي وطنية وشرف‎.‌‏ ‏المقاومة هي عزة وصمود‎.‎
هذه المقاومة هي حالة معاكسة تمامًا للذل والاستسلام، والخضوع، وقبول الإملاءات الأجنبية‎.‎

هذه هي المقاومة‎.‎ المقاومة هي تضحيات بالدم والمال، والجرح، والأسر‎.‎ المقاومة ليست جيشًا لدولة، بل هي نصير لجيش الدولة الوطني‎.‎ ليست بديلًا عن الجيش، لكنّها تساند وتساعد، ويبقى الجيش هو المسؤول الأول عن الدفاع عن الوطن‎.‎ يجب تسليح هذا الجيش، ودعمه، وتحميله المسؤولية. هو الذي يجب أن يحمي البلد‎.‌‏ أما المقاومة فهي عامل مساعد‎.‎ بناء على هذا التعريف، المقاومة لم تفقد وظيفتها.‏ لأن المقاومة لا تحمي من العدوان! ما هو هذا التعبير الذي يستعملونه؟ قالوا: "المقاومة لم تحم من العدوان، والدليل ما ‏حصل‎".‎ لماذا؟ من قال إن المقاومة تمنع العدوان؟ المقاومة نشأت لتواجه العدوان‎.‎
لماذا هناك مقاومة؟ رد فعل على العدوان‎.‎ يقولون: "إسرائيل تعتدي، ولم تستطيعوا أن تمنعوا العدوان ‌‎"‌‏. يا أخي: "نحن نواجه العدوان، لا نمنع العدوان. العدوان ‏حتّى يمنع، يحتاج إلى مواجهات عديدة، يحتاج إلى إيقاع خسائر كبيرة بهذا العدو، يحتاج إلى تضحيات وصبر، يحتاج ‏إلى تعاون وتصدي بين الجيش والشعب والمقاومة. وبعد فترة من الزمن نقدر نمنع العدو، ونرسم معادلة معينة‎".‎

لكن أصل المقاومة أنها تواجه، ولا تمنع، ولا تستطيع أن تقول: "بأني كمقاومة لن أسمح للعدوان أن يعتدي". هو ‏سوف يعتدي. والمقاومة رد فعل على الاعتداء‎.‎
المقاومة تواجه العدوان، تهزم العدوان، تطرد العدو، تعيق أهدافه. هذه المقاومة. لكنّها لا تمنع العدوان إذا قرر المعتدي ‏أن يعتدي. وإنما تواجهه‎.‎

لكن أقول لكم: الالتباس الذي حصل أين، أمامنا مقاومة في لبنان هي مقاومة عظيمة، كبيرة، مسددة، موفقة، متلألئة ‏في العالم، لأنها استطاعت وبشكل استثنائي عن كلّ مقاومات العالم أن تردع "إسرائيل" حقيقة، من سنة 2006 إلى سنة ‌‏2023، يعني 17 سنة، هذه المقاومة رادعة "إسرائيل"، "ما عم تسترجي "إسرائيل" تقرب". طبعًا، هذا يعتبر إنجازًا ‏استثنائيًا. وإلا هو عادة المقاومة دائمًا كر وفر، دائمًا قتال مستمر، حتّى تخرج "إسرائيل" من الأرض، وحتّى نواجه ‏العدوان‎.‌‏ لكن في حالة حزب الله، وكلّ  المقاومين الشرفاء مع حزب الله، استطعنا بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، ‏استطعنا أن نردع العدوّ "الإسرائيلي"  لمدة 17 عامًا. وقبل منها 6 سنوات، من 2000 إلى 2006، كان يوجد شكل من ‏أشكال الردع ل"إسرائيل". وقبل منها، في سنة 2000، خرجت "إسرائيل" من دون اتفاق، ومن دون قيد أو شرط. وهذا لا ‏يحصل عادة مع المقاومة‎.‎

إذًا، المقاومة استطاعت تقديم إنجازات استثنائية لم نرها قبل ذلك‎.‎ هل نقدم الإنجازات، ما بقى نقبل إنجازات أقل؟ ما بقى نقبل استمرارية المقاومة؟ ما هو البديل عندكم إذا ما استمرت المقاومة، البديل أن تسلموا ل"إسرائيل". البديل أن تستسلموا ل"إسرائيل". البديل أن ‏تتخلوا عن إمكاناتكم وقدراتكم. هذا هو البديل! الذي حصل بالفترات السابقة‎.‎

هو توفيق إلهي، لا تنجزه المقاومة التي تدافع عادة، ولكن أنجزه حزب الله في لبنان‎.‎ فليكن معلومًا: "إسرائيل" قد تحتلّ وتدمر وتقتل، لكننا سنواجهها دفاعًا وتضحية، كي لا تستقر ولا تحقق أهدافها. وهذا ‏بمقدورنا، وهذا مستمر‎.‎ لولا المقاومة، لو وصلت "إسرائيل" إلى العاصمة بيروت كما وصلت إلى العاصمة دمشق، لولا المقاومة، لاحتلت ‏إسرائيل 600 كيلو متر مربع كما حصل في سورية، بينما هي واقفة على التلال بسبب المقاومة‎.‎

هل تظنون أن "إسرائيل" مكتفية بالتلال الخمس، والذين صاروا سبعة، لأنه لديها خطة مستقبلية، ولأنها تمارس تكتيكًا ‏بكيفية الاحتلال. لا، هي موجودة على هذه التلال فقط لأن المقاومة الموجودة تردعها عن الأكثر، كما ردعتها عن ‏التقدم، وكما ردعتها من أن تتمكّن من الاجتياح الواسع، وكما ردعتها من أن تستمر في عدوانها بالصيغة السابقة‎.‎

المقاومة عندها وظيفة، بل الآن وظيفتها أعلى وأكبر وأشد. ستبقى المقاومة سدًا منيعًا لمنع "إسرائيل" من تحقيق أهدافها. ‏لن تتمكّن "إسرائيل" من البقاء في لبنان، ولا من تحقيق مشروعها التوسعي من خلال لبنان‎.‎

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾‌‎.‎

ثالثًا وأخيرًا: حكومة لبنان اتّخذت القرار الخطيئة بتجريد المقاومة وشعب المقاومة من السلاح، أثناء وجود العدوان ‏"الإسرائيلي"  ونواياه التوسعية بإشراف أميركي آثم. هذا القرار الحكومي غير ميثاقي، وهذا القرار الحكومي اُتخذ تحت ‏الإملاءات الأميركية "الإسرائيلية"‎.‎

هذه الحكومة، إذا استمرت بهذه الصيغة، هي ليست أمينة على سيادة لبنان، إلا إذا تراجعت عن قرارها. والتراجع ‏فضيلة‎.‎

أما الحركة الأميركية التي نراها، هي حركة لتخريب لبنان، هي دعوة إلى الفتنة. أميركا إلى الآن تفرض عقوبات على ‏لبنان. أميركا إلى الآن تحرمنا من الغاز. أميركا تعمل ليلًا نهارًا لتمنع الإعمار وإعادة الإعمار، وتمنع مجيء ‏المساعدات من الدول المختلفة التي أعلنت جهارًا بأنها حاضرة لدعم لبنان، لكنّها ممنوعة لأن أميركا لا تريد أن تعمر ‏لبنان‎.‎

أميركا تعطي سلاحًا للجيش اللبناني بمقدار يستطيع من خلاله أن يقاتل داخليًا، ولكن ممنوع من السلاح الذي يمكن أن ‏يقاتل "إسرائيل". ممنوع. أميركا تمنع السلاح الذي يحمي الوطن‎.‎

ماذا تفعل أميركا؟ البعض يتغنى بخير الأميركيين. ماذا يفعلون؟ لعنة الله عليهم، هم "يكتر خيرهم" لهم يقومون بسلب ‏البلد. وكانوا في الفترة الماضية يعملون ليلًا نهارًا، منذ أن بدأ التحرك سنة 2019 إلى الآن، يعني لدينا ست سنوات ‏تقريبًا. كلّ المفاسد والنتائج والخلخلة والانهيار الذي حصل في البلد كان برعاية أميركية وبإشراف أميركي. كانوا ‏يبعثون بعض الأشخاص ليجتمعوا مع الـ"NGO”S‏"، لكي يعلموهم كيف يمكن أن يتظاهروا. فإذا تبين في التظاهر أن ‏الأمر لا يؤثر على البلد ولا يؤثر على الحكومة، لا مشكلة في إراقة الدماء، لأن الدماء في التظاهرات تساعد على أن ‏يكون هناك حلول ثورية وجوهرية وتستطيعون النجاح‎.‎
هذه أميركا التي تعبث بلبنان ليست موثوقة، بل هي خطر على لبنان‎.‎

ترامب يريد منطقة اقتصادية في غزّة ويطرد أهل غزّة، والآن حسب إكسيوس يريد منطقة اقتصادية في جنوب لبنان ‏ليطرد أهل جنوب لبنان ويعطي هذه المنطقة للكيان الإسرائيلي‎.‎

نتنياهو يريد "إسرائيل" الكبرى التي تشمل لبنان وسورية والأردن والعراق ومصر، فضلًا عن فلسطين كلّ فلسطين‎.‎ ألا تسمعون ما يقول هؤلاء؟ ألم ترون ماذا فعلوا خلال الفترات الماضية؟ ألم تعتبروا من النتائج التي تحصل؟ تريدون نزع السلاح الذي حرر؟ أوقفوا العدوان. إذا كنتم تريدون بسط السيادة، أوقفوا العدوان. إذا كنتم تعملون ‏لمصلحة لبنان، لكن تجردون المقاومة من سلاحها؟

تواجهون من ضحّى بعشرة آلاف من المجاهدين والمجاهدات والشعب والأطفال والرجال والنساء خلال كلّ هذه ‏الفترة، وخاصة خلال فترة طوفان الأقصى وما بعدها، حوالي خمسة آلاف، وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة، السيد ‏حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، والصفي الهاشمي رضوان الله تعالى عليه، والقادة والشهداء والناس. هؤلاء ‏كلهم قدموا تضحيات من أجل العزة وسيادة لبنان‎.‎
أنتم تريدون خرقها الآن؟ وتريدون مواجهة من حرّر؟ بدل أن تقفوا وراءه؟ بدل أن تكافئوه؟ بدل أن تستعينوا به؟ بدل ‏أن يكون مناصرًا للجيش كما في معركة فجر الجرود، وكما في كلّ المسار السابق؟

فليكن معلومًا لديكم: السلاح الذي أعزنا لن نتخلى عنه. السلاح الذي يحمينا من عدونا لن نتخلى عنه. لن نترك ‏إسرائيل تسرح وتمرح في بلدنا وتقتل المقاومين وتصادر الجنوب‎.‎ اعلموا أن "إسرائيل" لا تخدم من يخدم مشروعها. وهذه تجربة "لحد" و"حدّاد" موجودة أمامنا‎.‎ لذلك خلينا نكون معًا، خلينا نتعاون. هذا السلاح روحنا وشرفنا وأرضنا وكرامتنا ومستقبل أطفالنا‎.

كلنا واحد على الأرض: حزب الله، حركة أمل، القوى الحليفة، الشعب اللبناني، أهل الجنوب، والبقاع، والجبل، ‏والشمال، والضاحية، وبيروت. لدينا أنصار كثر يزيدون عن نصف الشعب اللبناني، فضلًا عن القوى السياسية ‏المؤثرة. هؤلاء كلهم معًا لحماية السلاح من أجل حماية لبنان، وحماية مقاومة لبنان، وأهل لبنان، وشعب لبنان، وعزة ‏لبنان‎.‎

من أراد أن ينزع هذا السلاح، يعني أنه يريد أن ينزع الروح منا. عندها سيرى العالم بأسنا. وهيهات منا الذلة‎.‎ تقولون: ماذا نفعل؟ أمامكم خارطة الطريق‎.‎ أخرجوا العدوّ من أرضنا. أخرجوا العدوّ من أرضنا، وأوقفوا العدوان، وأفرجوا عن الأسرى، وابدأوا الإعمار. هذه ‏خريطة الطريق‎.‌‏ ثمّ بعد ذلك تعالوا إلى الإستراتيجية الدفاعية‎.‎

قال بعضهم: "إلنا خليكم في خطوة منكم، خطوة منهم، وأنتم كحزب يجب أن تبدأوا بالخطوة‎". يعني كلّ شيء عملناه خلال 8 أشهر، بل خلال هذا العمل بعد وقف إطلاق النار، وقدمناه بالجنوب، كلّ هذا ما اسمه ‏خطوة؟ هل تثقوا بهذا العدوّ الإسرائيلي؟ ومن ورائه أميركا؟ هؤلاء ليسوا محل ثقة. لذلك لا خطوة خطوة، ولا كلّ هذا المسار ‏الذي يدعو إلى التنازلات‎.‎ فلينفذوا الاتفاق، ويقوموا بما عليهم، ثمّ بعدها نناقش الإستراتيجية الدفاعية‎.‎

الأخطَل الصغير، شاعر لبنان، يقول‎:‎
عذر لمن مات، لا عذر لمن سلم
إذا تهدم مجد واستبيح حمى
سيان عند ابتناء المجد في وطن
من يحمل السيف أو من يحمل القلم؟

التزموا بما اتفقنا عليه، أيتها الحكومة، ونحن نلتزم بما عهدتمونا. ألزموا "إسرائيل"، وقفوا، ما تعرضوا كتافكم وتقولوا: ‌‏"إنه ضاغطين علينا". قولوا لهم: "مش قادرين". قولوا لهم: "الوضع صعب" يا أخي مين طالب منكم؟ أنتم تتصدون، ‏وأنتم لستم أهلًا لهذا التصدي؟ معقول عم يطلبوا منكم أن تقتلوا أهلكم وبلدكم وتعطلوا قوتكم، وتقولوا لهم: "سمعًا ‏وطاعة "؟ يا أخي لا تقولوا لهم: "سمعًا وطاعة‎".‌‏ وعلى كلّ حال، حتّى لو قلتم لهم: "أنتم مش قادرين"، أحسن وأشرف ‏أن تقولوا: "مش قادرين" من الأول، أحسن ما يبين أنه مش قادرين. لاحقا إذا قلتم لهم: "مش قادرين"، ما تخافوا، ما ‏تخافوا على الكراسي. الكراسي محفوظة. لن يجدوا أحسن منكم، لن يجدوا غيركم. إذا أنتم عملتم أبطالًا وشجعانًا، ‏تأكدوا أنهم سيحرمون من أي موقف آخر من أي جهة أخرى. وعلى كلّ حال، حتّى لو جاء غيركم، لن يستطيع أن ‏يفعل شيئًا"‌‎.‎

لذلك كونوا شجعانًا وقفوا. نحن نشد على أيديكم بهذا الموقف العزيز. سنكون معكم. نعمر وطننا معًا بإمكاناتنا ‏وبقدراتنا‎.‌‏ ما أطيب الرغيف من عرق الجبين، وما أسوأ الطعام الفاخر والقدم فوق رأس آكله‎.‎

حياكم الله بعزته، وأخذ الله الأذلة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

الكلمات المفتاحية
مشاركة