لبنان

افتُتحت صباح السبت، 20 أيلول/سبتمبر 2024، في العاصمة القبرصية لارنكا، أعمال مؤتمر اتحاد النقابات العالمي للأعضاء والأصدقاء في الوطن العربي، بمشاركة لبنانية واسعة تمثّلت بـ: اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، اتحاد عمال محافظة لبنان الشمالي، واتحاد النهضة العمالية، إلى جانب العديد من الوفود العمالية العربية.
وفي افتتاح المؤتمر، ألقى رئيس اتحاد نقابات العمال في الشمال شادي السيد كلمةً استهلها بتقديم التحيات النضالية الصادقة لقيادة الاتحاد والمشاركين، معربًا عن سعادته بالمشاركة في هذا المؤتمر "الذي ينعقد في ظل تحديات عالمية وعربية وشرق أوسطية تواجه اليد العاملة".
التحديات العالمية وتحوّلات سوق العمل
ولفت السيد إلى أن "مفهوم العمالة يكاد يتغير يومًا بعد يوم، وأن الموازين كلها تكاد تختلف كليًا عما كانت عليه سابقًا"، مشددًا على ضرورة التعاطي النوعي مع هذه المتغيرات على مستوى العالم.
وأكد أن "الأمور بحاجة إلى عزم وقوة لحماية اليد العاملة البشرية في مواجهة التطور الخطير للتكنولوجيا والرجال الآليين والبرامج التي باتت تتحكم بالمصانع الكبرى"، موضحًا أن هذه المصانع "لم تعد تحتاج إلى أيدٍ عاملة، بل إلى مشرف واحد أو بالكاد".
وأشار إلى أن المعضلة الكبرى اليوم تكمن في الحفاظ على اليد العاملة ومصيرها، ومصير البشرية عمومًا، متسائلًا: "هل ندرك أن العامل قد تحوّل فقط إلى مراقب لشاشة، سواء في المنزل أو حتّى في المصنع أو مكان العمل؟" واعتبر أن هذا التطور "خطير ودقيق جدًا، وينبغي أن نواجهه بميزان دقيق، يشبه إلى حد بعيد ميزان تجار الذهب".
الحروب في العالم العربي وتأثيرها على العمال
وتحدث السيد عمّا تعانيه المنطقة العربية من حروب متنقلة، قائلًا: "نحن في العالم العربي نشهد حروبًا متنقلة، من السودان إلى سورية، إلى اليمن، مرورًا بلبنان".
وأوضح أن هذه الحروب تسببت بمشاكل عمالية هائلة، حيث قُتل العديد من العمال وشُرّد الآلاف، فيما خسر آخرون أعمالهم واضطرّوا للهجرة غير الشرعية عبر البحار، ما أدى إلى مآسٍ إنسانية بينها حالات غرق مأساوية.
ودعا السيد المجتمع الدولي إلى "إعداد خطة إنقاذ شاملة لإعادة اليد العاملة المتضررة إلى أعمالها، وتوفير فرص عمل متكافئة مع متطلبات مرحلة إعادة الإعمار".
ولفت إلى أن الأزمة السورية ما زالت قائمة رغم بعض الانتعاش، وأن "واقع اليد العاملة السورية في لبنان كان أحد أبرز أوجه الأزمة التي تعمّقت بفعل النزوح الكبير". كما أمل أن "تعود سورية إلى الحياة بشكل كامل، في وقت ما زالت اليمن والسودان ولبنان يعانون أزمات خطيرة".
أوضاع العمال والموظفين في لبنان
وعن الأوضاع الداخلية في لبنان، قال السيد: "بلدنا الحبيب لم يتعافَ بعد، وما زالت الأزمة ترخي بتأثيرها على اليد العاملة والموظفين في القطاعين العام والخاص".
وأشار إلى أنهيار الطبقة الوسطى التي كانت تتشكّل بمعظمها من اليد العاملة، واستبدالها بطبقة جديدة لا تشبه تلك التي "كانت تبذل الغالي والرخيص لبقائها ونجاحها".
وطالب السيد الدول العربية بـ"مبادرات فعلية لدعم لبنان، وليس الاكتفاء بالتصريحات، بل ترجمة المواقف عبر مشاريع حقيقية تعيد الحياة والنشاط والازدهار للقطاعات كافة".
وأضاف: "أنقل إليكم في هذا اللقاء أوجاع الحركة النقابية في لبنان، والأزمات التي تضيق على كلّ العمال حتّى تكاد تطبق عليهم".
الاعتداءات "الإسرائيلية" واستهداف العمال
وأكد السيد أن لبنان اليوم "رسالة ألم ووجع ودمار في جزء كبير من أراضيه نتيجة الاعتداءات "الإسرائيلية" المستمرة حتّى يومنا هذا".
وقال: "العدو يستهدف العمال يومًا بعد يوم في أماكن عملهم، في الجنوب، والضاحية الجنوبية لبيروت، والبقاع. ومن هنا نرفع الصوت علّه يصل إلى آذان صاغية في العالمين العربي والغربي".
التضامن مع عمال غزّة
كما تطرّق السيد إلى معاناة العمال في قطاع غزّة، قائلًا: "في غزّة، سقط عمال شهداء وهم يتمسكون بأرضهم وبفرص عملهم، لكن النار كانت أسرع وأقرب إليهم من حبل الوريد".
ودعا إلى "لحظة وجدانية لصالح غزّة وعمالها وأهلها، لنعطيهم شيئًا مما يستحقون ولو معنويًا"، معلنًا كامل التضامن مع عمال وشعب فلسطين، ومطالبًا كقوة شعبية أممية بوقف إطلاق النار وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
كما ذكّر بالقصف العشوائي على اليمن، الذي استهدف بناه التحتية، بما في ذلك الموانئ البحرية وشبكات الطاقة الكهربائية.
وختم السيد كلمته مؤكدًا أن "اتحاد عمال لبنان الشمالي يتشرف بانتمائه إلى اتحاد النقابات العالمي، هذا الاتحاد الذي كان ولا يزال يدافع عن حقوق الطبقة العاملة ضدّ استغلال الإنسان لأخيه الإنسان".