لبنان

وجّه الأمين العام لحزب الله؛ الشيخ نعيم قاسم خلال كلمته في الحفل المركزي الذي أقيم؛ إحياءً للذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين؛ حسن نصر الله وهاشم صفي الدين ورفاقهما الشهداء، التحية إلى الحضور الكريم والتمثيل الرسمي من مختلف الجهات في لبنان والخارج.
وقال الشيخ قاسم: "أحيّي الحضور الذي ينتشر اليوم بين مرقد سيد شهداء الأمة في بيروت، ومرقد السيد هاشم صفي الدين في دير قانون النهر، ومقام سيد شهداء المقاومة؛ السيد عباس الموسوي في النبي شيث".
وأضاف: "سيد شهداء الأمة؛ السيد حسن نصر الله، رحل عنا.. فماذا نقول في ذكراه السنوية الأولى؟ سأتحدث عنه في ثلاثة أمور: أولًا منطلقاته".
وأردف الشيخ قاسم: "سيدي، رحيلك مفجع، لكن نورك ساطع. كنت القائد، فأصبحت الملهم للقادة".
وأشار إلى أن السيد حسن نصر الله "تمسك بحبل النجاة، يمدّه إلى الأجيال، وارتبط بمدد الولاية: الإمام الخميني قدوة الزمان، ومع الإمام الخامنئي جعلنا نعشق الولاية".
وتابع الشيخ قاسم القول: "جُبِلت مسيرة حزب الله بفكره وروحه ودمه، وهي منصورة"، لافتًا إلى أنَّ "فلسطين زُرعت في قلوبنا فأينع الزرع مقاومة صلبة أبية".
وأضاف أنَّ "زمن الانتصارات انفتح في سنوات 1993 و1996، ثم تحقق التحرير في سنة 2000، وتواصل عبر مواجهة عدوان تموز 2006 والتحرير في الجرود عام 2017".
وأردف الشيخ قاسم: "أنت صاحب الكلمة المشهورة، ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات، ونحن نعيش زمن الانتصارات في نفوسنا وبوجه أعدائنا".
وأشار إلى أن "السيد سكن القلوب وتعلّق به الناس، ولن، ولن تغادره قلوبهم"، مؤكدًا أن "المقاومة جذّرت نفسها منيرة، ونشرت أنوارها في كل العالم، وغيرت وجه المنطقة ووجهتها، وامتدت هذه المقاومة إلى العالم وإلى كل صاحب ضمير".
وشدد على أنَّ "السيد هو سيد شهداء الأمة والعالم، والقائد المقاوم الأممي الذي يُلهِم الأحرار في العالم".
وأوضح الشيخ قاسم أنَّ "المقاومة التي نشرت هي لكل الأديان، ولكل إنسان على وجه الأرض. إنها المجاهد والجهاد والسلاح والقوة، والطفل الذي ينمو على الشموخ، والعائلة التي تتزوّد من معين الطهارة".
وتابع: "نهجك خالد. قتلوا جسدك فتحررت روحك، وأصبحت حيًّا دائمًا عند الله، ولن يهنؤوا وأنت موجود فينا".
هذا، وقال الأمين العام لحزب الله: "أحببت الناس وأحبك الناس"، وتوجه للسيد نصر الله باسمه وباسم إخوانه واسم هذا الجمهور وكل الجمهور الذين أحبوه: "إنا على العهد يا نصر الله".
وأضاف: "تابعت من بعد غيابك، ونهجك مستمر، ونتابع ونكون حملة الأمانة. إنا على العهد مستمرون وثابتون وحاضرون للشهادة"، وعاهد الشهيد الأسمى قائلًا: "لن نترك الساح، ولن نتخلى عن السلاح، وكما علمتنا ما تركتك يا حسين".
وتحدث عن السيد صفي الدين قائلًا: "كنت يا سيد عضدًا لسيد شهداء الأمة، وتشاركنا الطريق على قلب رجل واحد"، وأضاف: "أنت يا سيد هاشم صفي الدين اهتممت بالمجاهدين والتعبئة وقضاياهم، وكانت شؤون الناس حاضرة عندك دائمًا".
كما تابع: "يشهد الحقل التربوي لعطاءاتك، وكل المجالات التي فيها خدمة للناس، وخاصة عوائل الشهداء. غادرتنا سريعًا لكن آثارك باقية ومستمرة، والعهد مستمر إن شاء الله، أيها السيد الهاشمي العزيز الجليل".
وعن الشهيد القائد الحاج علي كركي (أبي الفضل)، قال سماحته: "كنت مع الاستشهاديين تهيئهم وتذهب معهم الى آخر المطاف. كنت في سورية تدعم هذه المسيرة، وشاركت في كل معركة الإسناد، مع حملك مسؤولية المعاون الجهادي للسيد نصر الله".
وأضاف: "كبرت مسؤوليتك، وكنت أهلاً لها. تحملت مسؤولية رئاسة الأركان بعد الشهيد فؤاد شكر، وأكرمك الله بالشهادة مع من أحببت"، وتابع: "أرادك السيد نصر الله إلى جانبه في مسؤولية إدارة المعركة، فتسلمت معه وسام الشهادة".
وأكَّد الشيخ قاسم، أنَّ من حق الإخوة الذين ارتقوا مع سيد شهداء الأمة والسيد الهاشمي أن نبارك لهم نيلهم وسام الشهادة.
وأشار إلى أنَّ حزب الله واجه حربًا عالميةً بالأداة "الإسرائيلية" وبالدعم الأميركي والأوروبي، موضحًا أنَّ مستوى الحرب مستوى عالٍ، وكان الهدف هو إنهاء المقاومة على طريق "إسرائيل الكبرى" في كل المنطقة.
وأضاف: "لو حصلت الأمور من خلال اغتيال القادة وأحداث البيجر واللاسلكي وقتل الأمين العام؛ سيد شهداء الامة والسيد الهاشمي مع مجموعة من القادة؛ لو حصلت هذه الأمور مع الدول لانْهارت".
ولفت إلى أنَّ "العدو كان يتوقع أن نسقط، لكننا استعدنا المبادرة وانتخبنا أمينًا عامًا جديدًا، ورممنا باستبدال قادة جدد واستمررنا في الميدان، وكان إخواننا يتابعون موضوع النزوح".
وأكَّد أنَّ المقاومة استطاعت في معركة "أولي البأس" أن توقف اندفاعة العدو، مضيفًا: "إننا خضنا هذه المعركة ابتداء من 23 أيلول/سبتمبر ولمدة 64 يومًا".
وتابع: "منذ انتهاء الحرب نحن في حالة تسابق بين العدو الذي يعمل لإنهاء المقاومة وبين المقاومة وجيشها وشعبها التي تسير لمنع تحقيق أهداف "إسرائيل"".
وبيّن أنَّ المقاومة استطاعت أن تقف على رجليها، وتواجه في معركة "أولي البأس"، وأن تستمر بعد الحرب، مضيفًا: "استمرت "إسرائيل" بعدوانها بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ودعمتها الولايات المتحدة لتحقق في السياسة ما لم تحققه في الميدان".
وأكَّد أنَّ هناك مشاهد دلَّت على قوة المقاومة وقدرتها على التعافي والاستمرار، منها التشييع المليوني المهيب للسيدين نصر الله وصفي الدين، والزحف الذي حصل من قبل أهالي الجنوب مباشرة إلى القرى الحدودية، وإقامتهم في الأماكن المدمرة.
كما قال سماحته: "خضنا الانتخابات النيابية، ولفت الأمر نظر الجميع بالنجاح بالتزكية؛ بأكثر من نصف البلدات. قمنا بحملة ترميم وإيواء ضخمة وواسعة شملت أكثر من 400 ألف مسكن، وأقمنا مراسم ومسيرة عاشوراء بشكل كبير ومختلف عما قبل".
وأضاف: "حضرنا على المستوى السياسي بكل المستويات وبشكل قوي وواثق، وكان لدينا حضور اجتماعي مهم في مساعدة الناس على المستويات كافة"، وتابع: "حصل لدينا التعافي الجهادي، ونحن نتقدم ونرمم، وحاضرون لأي دفاع في مواجهة العدو "الإسرائيلي"".
وأردف سماحته: "استطعنا أن نبقى في ساحة المواجهة، ولم يستطيعوا أن يحققوا في السياسية ما لم يحققوه في الميدان".
وتحدث عن الموفدين الأميركيين، فأشار إلى أنهم "يقولون إنهم يريدون نزع سلاح الحزب؛ يعني يريدون نزع قوة لبنان وأن يسلحوا الجيش فقط ليقاتل حزب الله، ويريدون "إسرائيل الكبرى"، والصورة أصبحت بعد كلام برَّاك أوضح بكثير مما كانت من قبل".
وأكَّد أنَّ الخطر "الإسرائيلي" الأميركي على لبنان خطر وجودي على المقاومة ولبنان، لافتًا إلى أنَّ نزع السلاح يعني نزع القوة تلبية لمطلب "إسرائيل" وتحقيق أهدافها.
وأضاف الشيخ قاسم: "لن نسمح بنزع السلاح، وسنواجه مواجهة كربلائية؛ لأننا في معركة وجودية، وبإمكاننا تحقيق هذه المواجهة إن شاء الله"، مشددًا على أنَّ "المشكلة "إسرائيل"، فهي لن تسمح باستقرار لبنان"، واصل قائلاً: "ونحن نرفض أي مشروع يصب في خدمة "إسرائيل"، ولو ألقي عليه اللبوس الوطني".
كما أكَّد أنَّ لبنان نفذ ما عليه من القرار 1701، فلتنفذ "إسرائيل" ما عليها، موضحًا أنَّ الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تحقيق الأولويات الأربع: إيقاف العدوان، وانسحاب "إسرائيل"، وإطلاق سراح الأسرى، وإطلاق عجلة الإعمار، مطالبًا الحكومة بالقيام بواجبها، وخاصة إعادة الإعمار، وألَّا تلتهي بأمور قشرية أخرى.
وأضاف: "على الحكومة أن تضع بند السيادة الوطنية على رأس جدول الأعمال، فالسيادة الوطنية هي بمنع "إسرائيل" من البقاء في لبنان، ونشر الجيش اللبناني على الحدود، ومنع "إسرائيل" من العدوان أو الاحتلال بأي طريقة من الطرائق".
وشدَّد سماحته على أنَّ "لبنان واحد لجميع أبنائه"، مضيفاً: "ونحن نحرص على الوحدة اللبنانية الداخلية، وعلينا أن نكون في خندق واحد في مواجهة العدو، ونحن حاضرون لأجل نهضة لبنان".
وأكَّد أنَّه يجب أن يكون لبنان قويًا، وأن نترجم الاستفادة من القوة في إستراتيجية الدفاع الوطني، وألَّا نخضع للتهديدات بالعدوان، بل أن نواجه بالدفاع لا بالاستسلام، وألَّا نخضع بالتهديد بالحرمان من المساعدات، بل أن نواجه هذا التهديد بتوجيه القدرات إلى الداخل.
ودعا الأمين العام لحزب الله إلى تطبيق اتفاق الطائف الذي يقول بتحرير لبنان من الاحتلال "الإسرائيلي" واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لأجل ذلك، وإلى بسط سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها كافة، ونشر الجيش اللبناني على الحدود، وهذا يعني اتخاذ الإجراءات كافة؛ بما فيها الاستعانة بالمقاومة، وإلى إجراء الانتخابات النيابية القادمة في موعدها وفق القانون الحالي.
وتوجه للحكومة بالقول: "ارتكبتم خطيئة عندما قررتم نزع سلاح المقاومة، فصححوا هذه الخطيئة"، كما دعاها إلى مد اليد لبناء البلد معًا، قائلاً "نبني بلدنا معًا، وهو لنا جميعًا".
وأضاف: "هم يثقبون السفينة من ناحيتهم، لكنها ستغرق بالجميع. يريدون من الجيش اللبناني مقاتلة أهله، ونحن نشد على يد الجيش اللبناني مقاتلة العدو، ونحن معه".
وأكَّد أنَّه خلال سنتين لم تستطع "إسرائيل" المضي بمشروعها في مواجهة الشعب الفلسطيني وحده، فكيف إذا تكاتفت الأمة بشعوبها ودولها.
ووجّه التحية إلى "إيران قيادة وشعباً، واليمن العظيم قيادة وشعباً والقوات المسلحة، والعراق المرجعية الشريفة والحشد الشعبي والعلماء والشعب والحكومة على نصرتهم لغزّة وفلسطين".
وأكَّد أنَّ التحية موصولة إلى حركة أمل؛ بقيادتها دولة الرئيس نبيه بري، وكل الناس والمجاهدين. هذا، ووجّه التحية أيضًا إلى تونس والحراك العالمي لنصرة فلسطين والصمود في كل العالم.
وخصَّ "جمهور المقاومة وبيئتها وشعبها في لبنان وفلسطين والمنطقة، ذاكرًا الأجنة في الأرحام وجرحى البيجر والشهداء والجرحى والأسرى، وكل هؤلاء الذين شكلوا البنية الأساسية للمقاومة، قائلًا: "نحن أمام عائلة لبنانية؛ حياتها مقاومة، ورايتها مقاومة، وزرعها وحصادها مقاومة".
وأضاف: "هذه الأرض التي رويت بهذه الدماء العظيمة ستطرد الصهاينة والأعداء، ولن تكون إلا لأهلها، ولا يمكن لأحد أن يهزمكم ومعًا سننتصر، ونُري الأعداء هزيمة مشروعهم".
وختم الشيخ قاسم بالقول: "إنا على العهد؛ نجددها هذا العام لنؤكد للعالم إنا على العهد".
لمشاهدة وقراءة الكلمة كاملة اضغط هنا