لبنان

تخليدًا للدماء الزاكية ووفاءً للنهج المقاوم، أقام حزب الله الاحتفال التكريمي في أجواء الذكرى السنوية الأولى لارتقاء شهداء بلدة معروب الجنوبية، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين، إلى جانب عوائل الشهداء، وعلماء دين، وفعاليات، وشخصيات، وحشود من البلدة والقرى المجاورة.
بعد آياتٍ من القرآن الكريم والنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله، ألقى النائب عز الدين كلمةً قدّم فيها التحايا لأرواح الشهداء الذين ساهموا في حماية لبنان ومنع احتلاله مجددًا.
وأشار عز الدين إلى أن هذه المقاومة ومنذ بدايتها في العام 1982، وعلى مدى ثمانية عشر عامًا، تمكنت بجهادها وتصديها دون ملل أو تعب أو تراجع عن انتمائها الوطني أن تُنزل في هذا العدو ضرباتٍ موجعة، وتُبلي بلاءً حسنًا، وبفضل عملياتها وتضحيات مجاهديها وصمود شعبها تمكنت من تحقيق النصر عليه وأنجزت التحرير سنة 2000 وجعلته أسير معادلات ردع المقاومة، وعبّرت عن مدى التزامها بعزّة وكرامة هذا الوطن.
وأضاف: بعد التحرير تمكنت المقاومة من ردع هذا العدو بشكلٍ كامل، حتى باتت هي التي تفرض عليه المعادلات، فلم يعد يجرؤ على الاعتداء، أما اليوم وبعد الذي حصل واختلال ميزان القوى لمصلحة العدو، تجاوز كل التفاهمات والاتفاقات، وأصبح يمارس اعتداءاته واغتيالاته للمدنيين، وآخرها استشهاد أحد المواطنين بين بلدتي دير كيفا وكفر دونين، وما سبقها ما حصل في مصيلح من تدمير معارض للآليات الثقيلة التي تساهم في الحركة الاقتصادية للبلد، وتدمير معمل الأسفلت ومعمل الباطون ومخازن المازوت التابعة لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي، متفلّتًا من كل الضوابط، وخاصة أن الشهيد لا علاقة له بأحد، بل كان ينتقل من بيته إلى عمله ومن عمله إلى بيته.
وأكّد أنّ هذا إن دلّ على شيء، فإنما يدل على عجز العدو، وأن بنك الأهداف، وبعد أن استنفذه، بات عاجزًا عن الوصول إلى قيادات المقاومة التي يريد النيل منها.
وأردف النائب عز الدين: لقد صنعت المقاومة معادلاتٍ واقعية أثمرت استقرارًا وازدهارًا في لبنان، فبفضلها تم إنجاز البنى التحتية وإعمار الأسواق، وكان ذلك في أوج القتال والمواجهة الذي أربك العدو الصهيوني ومنعه من التمادي في استباحة لبنان والسلم الأهلي.
وأما ما تروّج له أميركا اليوم والعدو الصهيوني للتفاوض المباشر بذريعة "السلام" فرأى عز الدين أنّه محاولةٌ لتضليل الرأي العام وإيهام الناس بأن السلام سيأتي على لبنان بالمنّ والسلوى، وليس سوى أوهامٍ وآمالٍ تجافي الحقيقة والوقائع التاريخية، مشيرًا إلى أنّه إذا أردنا أن نعود إلى الوراء قليلًا إلى أوائل التسعينات ونتائج المفاوضات التي أدت إلى اتفاقيتي وادي عربة وأوسلو ووعود قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، أو حتى إلى ما قبلها وتحديدًا إلى الوقت الذي وقّعت فيه مصر اتفاقية السلام مع العدو "الإسرائيلي"، فنجد خداع العدو برفضه قيام الدولة الفلسطينية، والأنكى من ذلك أن الكنيست "الإسرائيلي" صوّت سنة 2018 على يهودية الدولة. وما حصل باتفاقية كامب ديفيد مع مصر، وكذلك الأردن الذي وقّع اتفاقية وادي عربة، أما الشعب الفلسطيني فلم يحقق شيئًا من اتفاقية أوسلو، ولم يحصل على دولة إلى اليوم، والضفة الغربية صارت تعج بالمستوطنات، وبات الفلسطيني محاصرًا بين جدرانها.
وتابع: نقول لهؤلاء: إن منطق فرض السلام بالقوة، إنما هو منطقٌ يؤدي إلى الاستسلام والخضوع، فالسّلام يحتاج إلى عدالة، ومع فقدان العدالة والإنصاف في الحقوق لا يمكن أن يتحقق السلام.
كما شارك النائب عز الدين أيضًا في الاحتفال التكريمي لشهداء بلدة سلعا الجنوبية، والذي أقيم بمشاركة عوائل الشهداء وعلماء دين وحشد من الفعاليات والشخصيات والأهالي، فألقى كلمة حزب الله التي لفت فيها إلى أن ثمة أدواتٍ إعلاميةٍ وسياسيةٍ في بلدنا تعمل لصنع رأيٍ عامٍ ظاهريٍّ، من أجل أن يذهب لبنان إلى التفاوض المباشر مع العدو "الإسرائيلي"، أو يوقّع معاهدة سلام، أو يطبّع، أو يقيم العلاقات معه، وأننا بتنا نرى في واقعنا اليوم، وعبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي، مناخًا جديدًا يحاول البعض الترويج له نتيجةً للضغوط الأمريكية والإسرائيلية المتواصلة للسير بخيارات ومسارات تلاقي مصالح العدو وفرض شروطه.
وأردف: بتنا نرى هذا في وسائلنا الإعلامية الرسمية وسائر القنوات الخاصة، وهذا نضعه برسم وزير الإعلام، إذ صار بعض النواب والسياسيين يدعون إلى مفاوضات مباشرة مع العدو، في الوقت الذي لا يزال فيه هذا العدو بحسب عقيدة جيشنا الوطني عدوًا، وما زالت القوانين الوطنية تجرّم من يتعاطى أو يخدم مصالحه أو يقيم علاقة معه.
وأضاف عز الدين: كل من يذهب إلى "سلام ترامب ونتنياهو" يذهب في الحقيقة إلى الاستسلام وإلى مشهد الإجرام ومسلسل القتل والإبادة الجماعية، وما رأيناه في غزة شاهد على ذلك، لأن منطق أميركا، منطق القوة الذي يريدون فرضه بالقوة ضد من يقول لا لأميركا وربيبتها "إسرائيل"، مؤكّدًا أنّ هذا السلام الأميركي يضع الآخر إمّا أمام الاستسلام أو القتل، وهو نفس الخيار الذي وضعه يزيد أمام الإمام الحسين (ع) في كربلاء بين السلة والذلة، ونحن أتباع أهل البيت ومن مدرسة كربلاء وأتباع الإمام الحسين في نهجه وسلوكه وأفكاره وعقيدته وكل ما ضحّى من أجله، نقول بالفم الملآن كما قال إمامنا: هيهات منا الذلة.
وختم النائب عز الدين: لبنان بتكوينه الطائفي والسياسي لا يمكن فيه لفريقٍ ينخرط بما يتماهى فيه مع ما يريده الأميركي و"الإسرائيلي" أن يحقق ذلك، لأننا نحن شركاء في هذا الوطن، ومن حقنا أن نرفض لأننا أدركنا تمامًا أن هذا العدو لا يريد إلا السيطرة، وكل ما يُروّج له العدو، إن كان المطلوب هو الاستسلام والانصياع والإرهاب، فنحن في لبنان نرفض هذا المسار من بداياته، وأعلنّا موقفنا أكثر من مرة فيما يتعلق بهذا الموضوع.