إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس (23 تشرين الأول/أكتوبر 2025)، بالأحداث العالمية التي تُبرز يومًا بعد يوم التناقضات الأميركية في سياسة وإدارة المشاريع؛ بدءًا من الداخل الأميركي مرورًا بتعاملها مع أوروبا والصين وصولًا إلى منطقة غرب آسيا.
الارتباك بين التكتيكات والسلوك والإستراتيجية في ذهن ترامب
بداية، كتبت صحيفة وطن أمروز: "في التحليل التقليدي للسياسة الخارجية والعلاقات الدولية، يُعدّ التمييز بين السلوك والتكتيك والإستراتيجية أهمّ الشروط لفهم الفعل السياسي. السلوك هو التجلي الموضوعي واللحظوي لفعل الفاعل في ميدان الفعل؛ والتكتيكات نموذج مؤقت قائم على المواقف لتحقيق أهداف محدودة؛ والإستراتيجية هي التوجّه الكلي والمتماسك القائم على المصالح المستدامة للدولة. عندما تختلط هذه المستويات الثلاثة، بشكل غير منتظم في ذهن صانع السياسة، تكون النتيجة الفوضى والتناقضات السلوكية والغموض في التوجّه الجيوسياسي. وهنا تحديدًا تتجلى المشكلة، بشكل مكشوف، في السياسة الخارجية الأميركية اليوم، وخاصةً في خطاب وأفعال دونالد ترامب".
ولفتت الصحيفة إلى أنّه: "منذ تولي ترامب السلطة، حوّل مفهوم السياسة الخارجية إلى ساحة للاستعراض الشخصي والذاتي؛ ساحة لا تستند فيها القرارات الإستراتيجية إلى منطق موازنة المصالح، بل إلى التصورات الشخصية وردود الفعل الغريزية. لقد أظهر مرارًا وتكرارًا أنه لا يستطيع فهم الحد الفاصل بين العرض السلوكي والإستراتيجية الوطنية. لم يتسبب هذا الارتباك المفاهيمي في عدم استقرار السياسة الخارجية لواشنطن فحسب، تسبب أيضًا في تلقي الولايات المتحدة إشارات متناقضة من حلفائها وأعدائها في العديد من القضايا العالمية".. وسلوك ترامب أزاء روسيا وفلاديمير بوتين نفسه نموذج من ذلك، فقد وصف محادثات ألاسكا، والتي لم تسفر عن أي نتائج باستثناء بعض المجاملات الدبلوماسية، بأنها ناجحة. بعد ذلك بوقت قصير، وصف المحادثات نفسها بأنها غير مرضية وضعيفة، وزعم أن الجانب الروسي كان لديه سوء فهم لمواقف أميركا!..يُظهر هذا التقلب السلوكي أن ترامب لا يميز بين التقييم الإستراتيجي للتفاعل وانعكاسه في الخطاب الإعلامي.
كما أشارت الصحيفة إلى أنّه: "في إطار الدبلوماسية الكلاسيكية، كلّ مفاوضات هي جزء من لغز سياسة أمنية أكبر، لكن ترامب حوّلها إلى أداة للتفاخر اللحظوي. ادّعى مؤخرًا أنه أجرى محادثة ناجحة ومثمرة مع بوتين استمرت ساعتين ونصف، واقترح لقاءً في بودابست، لكنّه تراجع فورًا وألغاه، هذه التقلبات ليست تكتيكات ذكية ولا سلوكًا مدروسًا، هي انعكاس لعقلية مرتبكة لا تفصل القرار عن الصورة، والحساب عن العرض". وتابعت :"كذلك في التعامل مع الصين؛ ففي خطاباته تحدث عن اتفاقية تعريفة جمركية وشيكة، وشدد على ضرورة التعاون الاقتصادي بين واشنطن وبكين، ولكنه أعلن بعد ذلك مباشرةً فرض تعريفات جمركية بنسبة 100٪ ثمّ 155٪ على السلع الصينية. بالنسبة إلى المراقبين الخارجيين، يبدو هذان الموقفان نموذجًا للمساومة العدوانية، ولكن عمليًا، لا توجد آلية استراتيجية وراءهما. ويستخدم صانع السياسات الذكي تناقضات ظاهرية في التكتيكات لتحقيق هدف واحد، لكن ترامب في الواقع لا يملك خريطة طريق واضحة. ونتيجة لذلك، ما يبدو أنه إدارة للتناقضات ليس سوى نوع من لعبة غير منتظمة بين الغرائز اللحظوية والحاجة إلى إظهار السلطة".
كذلك أكدت الصحيفة: "يتجلى النمط الذهني نفسه أيضًا في التطورات في غرب آسيا. في تصريحاته الأخيرة، ادعى ترامب أنه المبادر إلى وقف إطلاق النار في غزّة وتحدث عن قوته، لكنّه في الوقت نفسه هدّد حركة حماس بمواجهة عسكرية شديدة. وقد أدى هذا التناقض إلى طريق مسدود في السياسة الخارجية الأميركية تجاه أزمة غزّة، وبشكل أعم، تجاه النظام الأمني في غرب آسيا.. ويظهر هذا النقص في الفهم أيضًا في مواقفه تجاه إيران. لقد تحدث مرارًا وتكرارًا عن صفقة جديدة مع طهران، وفي الوقت نفسه، اقترح سياسة الضغط القصوى والهجمات على البنية التحتية الإيرانية. في عقيدة السياسة الخارجية الكلاسيكية، لا يمكن لمسارين متعارضين المضي قدمًا في وقت واحد؛ ما لم يكن هناك تصميم معقّد هادف ومتعدد الطبقات، ولكن لا يوجد مثل هذا التصميم هنا، لأن ترامب لا يتمتع بالذكاء وقوة العقل؛ هذه مجرد سلسلة من السلوكيات التفاعلية المتجذرة في التفكير الشخصي والعقلي للفرد ".
يقظة أوروبا لتحقيق الاستقلال الرقمي عن أميركا
بدورها، كتبت صحيفة رسالت: "تُعيد أوروبا تشكيل خريطة طريقها التكنولوجية، ليس من خلال المواجهة السياسية المباشرة مع الولايات المتحدة، بل بإعادة تعريف عميقة لمفهوم السيادة الرقمية واعتماد نهج مفتوح المصدر. يأتي هذا التغيير رد فعل على عقدين من هيمنة شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة التي تتحكم في البيانات والخدمات السحابية، وحتّى أدوات المكاتب اليومية في القارة الخضراء". ووفقًا للصحيفة؛ فقد أوضحت المناقشات التي دارت في قمة OpenInfra Europe 2025 في باريس أن أوروبا لم تعد معنية بالجوانب التقنية فحسب، بل تنظر إلى القضية في سياق جيوسياسي، يشمل استعادة السيطرة على البيانات والأمن السيبراني والاستقلال الاقتصادي. وعلى عكس معظم مؤتمرات التكنولوجيا الحديثة، والتي تهيمن عليها المناقشات القائمة على الذكاء الصناعي، ركز هذا المؤتمر على الاستقلالية الرقمية واستعادة السيادة التكنولوجية الأوروبية.
تتابع الصحيفة: "يعني مفهوم السيادة الرقمية في أوروبا القدرة على التحكم في البيانات والبنية التحتية والخدمات الرقمية، من دون الاعتماد على الشركات الأجنبية. ويعود هذا النهج إلى مخاوف واسعة النطاق بشأن مراقبة الحكومة الأميركية للبيانات العالمية والتغيرات المستمرة في العلاقات التجارية عبر الأطلسي، وارتفاع تكلفة خدمات الحوسبة السحابية للشركات الأميركية. وعلى مستوى أعمق، يُطرح هذا المفهوم سؤالًا جوهريًا: هل تستطيع أوروبا إبقاء التكنولوجيا في خدمة مصالح مواطنيها؟... في نهاية المطاف، يبدو أن أوروبا تُثبت أن القوّة في عصر الذكاء الصناعي لا تكمن في ملكية البرمجيات، بل في التحكم بها واستقلاليتها وحوكمتها المُستنيرة. ولم تعد السيادة الرقمية مجرد مصطلح شائع؛ أصبحت حجر زاوية جديد في هوية أوروبا التكنولوجية في مواجهة الشركات الأميركية العملاقة، ونموذجًا يُحتذى به لمناطق أخرى من العالم في طريقها نحو الاستقلال الرقمي".
هزيمة الحرب التجارية الأميركية ضدّ القوّة التصديرية الصينية
كتبت صحيفة كيهان: "عندما دخل ترامب البيت الأبيض للمرة الثانية، وعد باستعادة عظمة الاقتصاد الأميركي من خلال حرب الرسوم الجمركية التي سيشنها، وتعويض العجز التجاري مع الدول الأخرى، وخاصة الصين، ومنع استغلال الولايات المتحدة. إلا أن البيانات الاقتصادية وتصريحات الخبراء تُظهر أن هذه السياسة لم تُجدِ نفعًا حتّى الآن. فقد زادت الرسوم الجمركية من تكلفة المواد الخام وقطع الغيار المستوردة، ووضعت الشركات المصنعة الأميركية تحت ضغط اقتصادي أكبر. كما أدت حرب الرسوم الجمركية إلى زيادة التضخم في الولايات المتحدة وإغراق السوق بالبضائع الصينية وتأجيج التوترات العالمية. ومع ذلك، لا يزال ترامب يُصر على مواصلة حرب الرسوم الجمركية هذه"... وعلى الرغم من الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، كتبت وكالة بلومبرج الإعلامية الأميركية في تقرير: تُظهر صادرات الصين اليومية، والبالغة مليار دولار، إلى الولايات المتحدة القوّة الاقتصادية للبلاد وقدرتها على الصمود. وعلى الرغم من الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على السلع الصينية، فقد تمكّنت بكين من الحفاظ على صادراتها وزيادتها بشكل كبير، وإدارة المشاريع بدءًا من الداخل الأميركي مرورًا بتعاملها مع أوروبا والصين وصولًا إلى منطقة غرب آسيا".