لبنان
افتتح اليوم الجمعة (7 تشرين الثاني 2025) في بيروت المؤتمر القومي العربي بدورته الرابعة والثلاثين، بمشاركة موسعة تجاوزت مئتي وخمسين شخصية من قيادات سياسية وفكرية ونقابية وأكاديمية عربية، في لقاء هدفه إعادة صياغة مراجعات المشروع القومي وبلورة استراتيجية مواجهة سياسية وثقافية للهيمنة والتطبيع، وتقديم الدعم المعنوي والسياسي لشعوب المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن وغيرها من ساحات المواجهة.
بشور
ألقى الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور كلمة محورية أكد فيها أن فكرة المقاومة تشكل الأساس الضامن لنهضة الأمة واستعادة حقوقها التاريخية، وأن أي مشروع نهضة حقيقي لا يمكن أن يتحقق من دون ترسيخ ثقافة المقاومة كموقف حياة واستراتيجية واقعية في مواجهة مشاريع الهيمنة.
صباحي
من جانبه، جدد الأمين العام للمؤتمر القومي العربي حمدين صباحي، في كلمته الافتتاحية، التأكيد على أن دروس "طوفان الأقصى" تشكل محطة فارقة في الوعي العربي، وأن على المؤتمر أن يتقدم الصفوف في المواجهة المطلوبة سياسيًا وثقافيًا وإعلاميًا، وأن يخوض معركته على جبهات متعددة دفاعًا عن قضايا الأمة.
وقال صباحي إن المواجهة التي يفرضها الواقع اليوم تقتضي دحض الدعاية القائلة بخسارة الأمة، وأن التقييم الصحيح لما جرى يؤكد أن الأمة هي المنتصرة وأن يوم تحرير فلسطين يقترب مع استمرار العزم الشعبي والمقاوم. وأشار إلى أن من إرهاصات "طوفان الأقصى" فوز الزهران ممداني في نيويورك وتأثير ذلك دليل على تحول عالمي لصالح العدالة الفلسطينية، وأن مواقف تنحاز لفلسطين تمثل نقطة تحول في خريطة التحالفات الدولية والمحلية.
ووجّه الأمين العام للمؤتمر القومي العربي تحية إجلال وإكبار لشعوب المقاومة من غزة إلى لبنان واليمن، مؤكدًا الفخر بالقيادات والشهداء الذين ضحّوا في سبيل القضية الفلسطينية، مشددًا على أن الاستمرارية في التضامن الشعبي والسياسي هي ما يضمن استمرار زخم المقاومة حتى تحقيق الأهداف. وأوضح أن من نتائج الطوفان أيضًا إعادة إحياء جيلٍ جديد من النضال والإرادة في الأمة، وأن مسار التطبيع الذي عاش على مدى أربعة عقود أصبح شعبيًا محكومًا عليه بالإدانة والفشل، وأن لا مستقبل للتطبيع أمام إرادة الشعوب.
ودعا إلى توحيد الصفوف والعمل على بناء خطاب عربي موحد يواجه مشاريع الهيمنة، مع التركيز على دعم المقاومة سياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا، والعمل على تقوية مؤسسات المجتمع المدني والثقافة الوطنية لردع محاولات التفتيت والتطبيع.
الحية
بدوه، أكد رئيس حركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة خليل الحية أن "طوفان الأقصى" كان ردًا على محاولات طمس القضية الفلسطينية وبناء شرق أوسط جديد. وقال خليل الحية في المؤتمر القومي العربي الرابع والثلاثين في بيروت إن غزة جريحة اليوم ولكنها عظيمة، وهي تناديكم لنواصل الطريق معًا نحو تحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة.
وأضاف الحية: "ستبقى فلسطين كما بقيت غزّة على الرغم من العدوان ببحرها ورجالها ونسائها وأطفالها وسيزول الظلم"، مردفًا: "الأمة جمعاء باجتماعها تستطيع تحرير فلسطين". وتابع: "سطّر السابع من تشرين الأول/أكتوبر ملحمة بطولية داخل فلسطين وعلى حدودها عندما اشتركت الأمّة كل بما يستطيع في نصرتنا". ولفت إلى أن الطوفان وضعنا أمام واجب كبير لوضع الخطط ومراكمة القدرات للسير نحو تحرير فلسطين، مشيرًا إلى أن العدو الصهيوني اليوم وقد ثار العالم عليه مطلوبٌ منا أن يبقى في دائرة الملاحقة، ونجرر قادته إلى محاكم جرائم الحرب.
النخالة
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قال: "شعبنا بقي ندًا حتى اللحظة الأخير، ولم يتراجع أو يستسلم، فهم أرادوها استسلامًا لشعبنا ومقاومته وأردناها صمودًا وإحباطًا لأهداف العدوان". وأضاف: "لقد قاتلت غزة وصمدت لعامين في مواجهة أعتى قوة على وجه الأرض وقاتلت تحالفًا دوليًا قادته الولايات المتحدة الأميركية"، مردفًا: "لقد كان شعبنا موحدًا في هذه الحرب وقدم نموذجًا فريدًا بانصهار قوى المقاومة في الميدان". ورأى أنه على الجبهة السياسية كانت المقاومة تتحدث بصوتٍ واحد، ولولا هذا الوحدة لم نكن لنصمد شهرًا واحدًا.
ودعا الحاضرين لتقديم مبادرة باسم المؤتمر القومي العربي لتوحيد الصف الفلسطيني حتى نستطيع مجتمعين مواجهة التحديات القادمة. وشدد على أن الموقف الأميركي أدرك بعد عامين من الحرب أن استمرارها بهذه الطريقة يضع العدو الصهيوني في مأزق ميداني كبير وعزلة دولية خانقة، ويجرد أميركا من هيبتها، معتبرًا أن المبادرة الأميركية أتت لتوقف تداعيات ما يجري ومحاولة للسيطرة على مسار الأحداث.
واردف: "لقد كانت فرصة لهم جميعًا للخروج من المأزق الأخلاقي الذي خرج عن السيطرة على امتداد العالم". وشدد على أن: "خطة ترامب وضعت عقبات كثيرة وشروطًا لا يمكن تطبيقها، وكل بند فيها يحتاج إلى كثير من الإجراءات والتفسيرات وذلك بسبب التباينات الكثيرة بين المقاومة والعدو".
وقال النخالة إن "إسرائيل" لم تستطع رفض خطة ترامب؛ لأنها تريد الخروج من أزمة المراوحة العسكرية في الميدان، مضيفًا: "أمامنا تحديات كبيرة في المرحلة القادمة". وأكد أننا ما نزال في الميدان، متوجهًا بالتحية والتقدير لكل من وقف معنا في لبنان واليمن وإيران ولكل شعوب أمتنا، مشددًا على أن النصر لنا إن شاء الله طال الزمان أو قصر.
مزهر
من جانبه، أكد نائب الأمين عام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر أننا لن نستسلم والقتال والنضال مستمر حتى تحرير فلسطين، مشيرًا إلى أن صمود غزة والمقاومة وحراك الشعوب العربية والدولية أعاد البوصلة إلى فلسطين. ورأى أننا ما نزال نقاتلكم ونواجه هذا المسار التاريخي في القدس عبر قرنٍ من المقاومة والصمود.
وشدد على أن القدس وغزة ونابلس وجنين لن تسقط، بينما المطلوب اليوم الانتقال من التضامن إلى الفعل ومن الشعارات إلى البرامج الفعلية، قائلًا: "قد تقف دبابات الاحتلال قرب دمشق اليوم؛ لكننا لا نزال نقاتله". وأكد أن الصراع اليوم هو معركة هوية ووجود بين مشروع تحرري عربي ومشروع استعمار احتلالي. وتابع: "يجب رفض مخططات الوصاية على الشعب الفلسطيني ورفض أي محاولات للتغييرات الديموغرافية، ويجب أن تباشر الجامعة العربية في رعاية المصالحة الفلسطينية الشاملة وترتيب البيت الفلسطيني".
السيد الموسوي
كما قال مسؤول العلاقات العربية في حزب الله السيد عمار الموسوي إن: "عملية طوفان الأقصى أتت كردٍ فعلٍ ومشهد صمود عزة فاق كل تصور". وفي كلمة له في المؤتمر القومي العربي في دورته الرابعة والثلاثين، قال الموسوي: "يشرفني أن أنقل لكم تحيات الأمي العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، وأن أرحب بكم في ربوع لبنان وخاصة في بيروت عاصمة المقاومة".
وتابع: "عامان من طوفان الأقصى والعدو يتخبط ويدير حربًا بدعم غربي، وفي الطليعة الولايات المتحدة الأميركية، ولم يستطع استرجاع أسراه إلا بالتفاوض"، مضيفًا: "رأينا كيف هرع مسؤولو العالم الغربي إلى الكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى ما يؤكد أنه عضو أصيل في المنظومة الغربية يقوم بأدوار ومهام بالنيابة عنهم". وأكد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب امتدح الجنود الصهاينة، خلال خطابه في الكنيست، وتصريحاته واضحة بالشراكة الكاملة مع العدو في الحروب التي خاضها ضد دول المنطقة وخاصة الشعب الفلسطيني في غزة.
وشدد على أن الحرب التي شهدتها منطقتنا ليست حروب "إسرائيل" فقط؛ بل حروب الغرب الاستعماري لإضعاف المنطقة. كما قال: "جاء قرارنا بدخول حرب الإسناد إلى جانب أهلنا في غزة على الرغم من التضحيات العظيمة التي قدمناها والحملات التي شُنّت علينا"، مردفًا: "لسنا نادمين على قرار الإسناد؛ بل نراه من أشرف وأنبل القرارات التي اتُخذت في مسيرة المقاومة".
ورأى أنه في المعركة بين الحق الناصع والباطل الأسود لا خيار ثالثًا للأحرار الشرفاء، قائلًا: "لقد كان لجبهات المقاومة في لبنان وإيران واليمن والعراق أدوار مؤثرة في إسناد غزة، وخاصة حركة أنصار الله في اليمن، على الرغم من بعد المسافة، سواء بفرض الحصار على الكيان أم بضرب الداخل المحتل". وتابع أنه: "ثمة فرصة كبيرة كي يواجه الكيان الصهيوني مزيدًا من العزلة بعد صحوة الشعوب التي شهدناها"، محييًا حكومات وشعوب أميركا اللاتينية وخاصة فنزويلا والبرازيل وكوبا، مشيدًا بالموقف الرسمي والشعبي الإسباني الذي تميز من داخل القارة الأوروبية لاتخاذه إجراءات عديدة ضد الكيان.
ورأى أن قرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح جاء جراء تدخلات خارجية عربية وغربية، ولا يمكن تقديم التنازلات للعدو، لأن هدفه إخضاعنا. وبيّن أن موقف المقاومة ينطلق من ثابتة أساسية بأنه لا يمكن الحديث بشيء قبل إلزام العدو بالاتفاق الموقّع وانهاء العدوان وإلغاء آثاره.
ورأى أن شهادة السيد حسن نصر الله لم تضعف المقاومة؛ بل تمكن أبناء السيد نصر الله أن يصدوا هجوم 5 فرق "إسرائيلية" ولم يستطيعوا إلا دخول بضع مئات من الأمتار، مؤكدًا أن المقاومة في كل بلدان العالم مرّت بظروف أصعب من تلك التي مررنا بها. وقال: "المقاومة التي أنجبت قادة مثل السيد عباس الموسوي والشيخ أحمد ياسين وفتحي الشقاقي وأبو علي مصطفى وغيرهم هي أجدر بأن تنجب قادة غيرهم"، مشددًا على أن المقاومة هي من سيصنع المستقبل وستنتصر.
السيد الحوثي
قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي أكد أن العدو "الإسرائيلي" يسعى، بدعم أميركي، إلى فرض معادلة الاستباحة وتوجيه اللوم دائمًا إلى الضحية وصاحب الحق.
وفي كلمة له خلال المؤتمر القومي العربي، قال إن: "الاحتلال حاول، على مدى عامين، نزع السلاح الذي يحمي لبنان ويعيقه عن السيطرة على غزة". وأشار إلى أن: "بعض الموالين للاحتلال يتعاونون معه من دون اكتراث بالخسائر التي تلحق بالأمة، بما في ذلك فقدان الحرية والاستقلال".
ووصف "إسرائيل" بأنها مجرم طاغ متكبر كشف للعالم وحشيته وتجرده من القيم الإنسانية، مشيرًا إلى أن: "أفعالها العدوانية تمتد في فلسطين ولبنان والمنطقة ضمن المخطط الصهيوني لإقامة ما يسمى إسرائيل الكبرى". وشدد على أن: "الحفاظ على عناصر القوة وعدم الخضوع لإملاءات العدو هو ما يفيد الأمة في مواجهة أطماعه"، مؤكدًا أن "ثبات غزة ولبنان وجبهات الإسناد أجبر الاحتلال على التوقف عن عدوانه".
وأضاف السيد الحوثي أن: "المعادلة الذهبية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة أسهمت في تحقيق ردع طويل الأمد". ورأى أنه: "يجب التحرك على كافة المستويات في ظل الهجمة على المنطقة، وخاصة تحرك النخب، ولا سيّما أن العدو يريد تغيير الشرق الأوسط وإقامة "إسرائيل الكبرى"".
وأوضح أننا: "قمنا بـ1880 عملية عسكرية داخل الكيان: وفي العمليات البحرية استهدفنا 128 سفينة: وأسقطنا 22 طائرة MQ9، وشنّ علينا 3 آلاف غارة "إسرائيلية" وأميركية". ولفت إلى أن: "الأعداء يحاولون تشويه الدور الإيراني الداعم للعرب: وكأن ما يجري مجرد صراع بين إيران و"إسرائيل" ولا علاقة للعرب به".
وأشاد قائلًا: " نتوجه بالتقدير والاعتزاز لدور حزب الله وتضحياته وثباته، إلى جانب دور اليمن في دعم غزة مع بقية جبهات الإسناد"، مؤكدًا أن "هذا الدور كان واضحًا للأطراف جميعها".
الشيخ الخالصي
وكانت كلمة لعضو المؤتمر القومي العربي الشيخ جواد الخالصي في المؤتمر؛ أكد فيها أن العدو يريد أن يقول لنا في الحرب النفسية إننا هزمنا، مشيرًا إلى أن العراقيين بإجماع يقفون مع المقاومة وفلسطين بكل ما يملكون من قوة.
وتابع: "غزة وحدتنا؛ لأن من قاتل في قضية غزة هم المسلمون المؤمنون العروبيون المخلصون لهذه الأمة"، لافتًا إلى أن: "العراق له موقف من قضية فلسطين منذ 1919 حين عُقد مؤتمر للدفاع عن فلسطين أمام الأطماع الغربية، وفي العام 1948 قاتل الجيش العراقي إلى جانب الشعب الفلسطيني وفي غيرها من المحطات". وقال: "الأغلبية الساحقة من أهل العراق يرون أن المعركة مع الكيان الصهيوني هي معركتهم وليست معركة فلسطين ولبنان فقط".
عبد الله
من جانبه، رأى المناضل جورج عبد الله أن لبيروت دور تاريخي في وجه المؤامرات في المنطقة ولا حصر له بفلسطين فقط بل عن جماهير الأمة. وأكد أن: "المقاومة هي الفكرة الأساسية التي تتحرك من خلالها الشعوب لمواجهة الامبريالية والكيان الصهيوني في منطقتنا هو امتداد للغرب الإمبريالي". وشدد على أن مصر قلب العروبة وعليها أن تستعيد مكانتها في الأمة، مضيفًا: "من حقنا ومن واجبنا أن ننظر بدقة للشارع الأوروبي والمحميات الأوروبية ما وراء البحار تشهد حركات تحرر تواجه بالقمع، وعلينا أن نتضامن معهم ليكون التضامن أمميًا".
بن جدو
بدوره، قال عضو المؤتمر القومي العربي غسان بن جدو: "يراد للبنان أن يستسلم ويرفع الراية البيضاء، ولكن المقاومة لم تُهزم ولن تُهزم في وجه التحديات". وشدد على أن الإعلام الذي قدّم الشهداء من غزّة ولبنان، ومن بينهم في الميادين، صمد بكفاءة على مدى العامين الماضيين، معتبرًا أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة على الإعلام الملتزم.
وأضاف: "ما كسبناه خلال طوفان الأقصى من صمود للمقاومة هو وحده كافٍ لانتصارنا في معركة السردية"، مردفًا: "ليس سهلًا أنّ دولًا في أميركا اللاتينية تناصر فلسطين؛ حيث يهدد الرؤساء بالتصفية من جراء مواقفهم الشجاعة".
وتابع: "السيد نصر الله استشهد من أجل فلسطين وليس من أجل فئة أو طائفة كما كان يُروّج، وحزننا كبير بأننا نجتمع اليوم في غياب السيد الشهيد حسن نصر الله وهذا المؤتمر يفتقده ولكن بفخر".