تكنولوجيا
شهد قطاع الساعات الفاخرة تطوّرًا غير مسبوق إثر الإعلان عن تعاون إستراتيجي أسفر عن ابتكار تقني جديد. هذا الإنجاز الذي وُلد من شراكة بين مؤسسة دبي للمستقبل ودار صناعة الساعات السويسرية العريقة أوديمار بيغيه (Audemars Piguet)، يدمج لأول مرة بين الدقة الميكانيكية الرفيعة والقدرات الروبوتية المتقدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ويتمثل هذا الاختراع في جهاز متطور مصمم خصيصًا لضبط ساعات التقويم الدائم المعقّدة خلال خمس دقائق فقط. يعتمد الجهاز على منظومة ذكية لتحديد المؤشرات التي تحتاج إلى تصحيح، ومن ثمّ يقوم بعملية الضبط أوتوماتيكيًّا بالكامل، ويُمكن التحكم به عبر تطبيق مخصص على الهاتف المحمول.
ويُعد هذا الابتكار قفزة نوعية، حيث يختصر وقتًا وجهدًا كبيرًا كان يتطلبه الضبط اليدوي المعقّد، والذي كان حكرًا على الخبراء الفنيين.
كيف بدأت الفكرة: تحدٍّ سويسري حيّر العالم
كشف خليفة القامة؛ المدير التنفيذي في مختبرات دبي للمستقبل، في تصريحات صحفية عن خلفية هذا التعاون. وأوضح أن شرارة المشروع انطلقت في فترة ما بعد جائحة كوفيد، عندما زار الرئيس التنفيذي لأوديمار بيغيه المختبرات بعد اجتماع روتيني.
ولفت القامة إلى أن التحدّي الأكبر الذي واجه فريق الذكاء الاصطناعي والروبوتات في دبي كان يتمثل في التوفيق بين عالم الساعات الميكانيكية التقليدية شديدة التعقيد وعالم الروبوتات الحديثة. وشدد على أن العمل تطلب فهمًا عميقًا لآليات تصنيع هذه الساعات الفاخرة، مؤكدًا أن جوهر الابتكار هو "دمج عالم الساعات مع عالم الروبوتات".
الوصول إلى الدقة العالمية في دقائق معدودة
كانت المهمّة الموكلة لمختبرات دبي تتمثل في تطوير جهاز يستطيع أي عميل، في أي بقعة من العالم، وضع ساعته بداخله ليتم ضبطها أوتوماتيكيًّا. وبشرح مبسط للفكرة، أشار القامة إلى أن العميل يمكنه الآن الحصول على ساعته مضبوطة بشكل مثالي خلال خمس دقائق، حيث يتم ضبط الوقت، الدقيقة، الثانية، طور القمر، والسنة بدقة فائقة. وأكد أن هذه العملية كانت تستنزف في السابق ما بين ثلاثين إلى خمس وأربعين دقيقة وتتطلب وجود اختصاصيين.
وأشار القامة إلى أن التحدّي لم يكن تقنيًّا بحتًا فقط، بل شمل أيضًا التعامل مع أسرار الصناعة السويسرية وآلياتها الدقيقة التي نادرًا ما يتم الكشف عنها. بيد أن هذا التحدّي تم تجاوزه بفضل الثقة المتبادلة بين الطرفين. وأكد القامة أنه "دون الثقة في أي شراكة، المشروع لا ينجح"، مشيرًا إلى أن الفريقين تبادلا البيانات وعملا بروح مشتركة وانسجام تام للوصول إلى الهدف المنشود.
عامان من العمل الشاق قاد إلى النجاح
على الرغم من أن النموذج الأولي للجهاز تم إنجازه خلال فترة قصيرة (ثلاثة إلى أربعة أشهر)، إلا أن تطوير المنتج النهائي استغرق نحو عامين كاملين. ويُعتبر هذا الزمن قصيرًا للغاية مقارنة بحجم المشكلة التي ظلت قائمة لدى الشركة السويسرية لسنوات.
وعزا القامة النجاح إلى شغف الفريق وإيمانه بقيمة المشروع، مشيرًا إلى أن الإدارة من الجانبين كانت "ترفع السقف وتُعطي الثقة لفريق العمل"، بهدف تقديم منفعة وإسعاد المتلقي.
ويمثل هذا الجهاز نقلة نوعية في عالم الساعات، إذ يُعيد تعريف العلاقة بين الحِرفية التقليدية والتكنولوجيا المتقدمة، ويؤكد ريادة الإمارات في توفير حلول مبتكرة في مجالات الدقة والتقنية المعقّدة.