عين على العدو
رأى المحلّل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون أنّ "الجيش "الإسرائيلي" وافق على مطلب وزارة المالية بخفض ما لا يقل عن 20 ألف جندي احتياط كان مُخططًا استدعاؤهم في عام 2026 للخدمة لمدة شهرين ونصف تقريبًا، وهو ما سيزيد العبء على أولئك الذين سيُطلب منهم الخدمة مجددًا"، مشيرًا إلى أنّ "النقص بنحو 10,000 جندي، الذي يواصل كبار قادة شعبة القوى البشرية التحذير بشأنه في مناقشات "قانون التهرّب من الخدمة" في الكنيست، سيؤثر على كل جندي احتياط، إضافةً إلى الحد من مرونة القوى البشرية التي تمتّع بها قادة وحدات الاحتياط خلال سنتين من الحرب".
وأضاف: "في ختام نقاشات موسّعة داخل قيادة الجيش خلال الشهرين الأخيرين، ولا سيما منذ وقف إطلاق النار مع حماس، صدّق رئيس الأركان، الفريق إيال زمير، على احتياجات القوى البشرية للعام المقبل وفقًا للتهديدات في الساحات المختلفة، كأحد دروس 7 أكتوبر، وبما يشمل مضاعفة عدد المقاتلين على الأقل في معظم قطاعات الأمن الجاري، ومع تقدير الوضع الذي عُرض على المستوى السياسي بأن الجيش سيواصل التمركز في عشرات المواقع داخل أراضي "العدو": على طول "الخط الأصفر" في قطاع غزّة، وفي الجولان السوري، وجنوب لبنان، وكذلك في مخيميْ لاجئين في الضفة الغربية".
وأردف زيتون: "بحسب هذا القرار، الذي صيغ في شعبتي العمليات والقوى البشرية والتخطيط في هيئة الأركان العامة وبالعمل مع القيادات المختلفة، فإن الجيش سيحتاج إلى نحو 60 ألف جندي احتياط في كل يوم من العام المقبل لتنفيذ مهام "الأمن الجاري المعزَّز" الاعتيادية، دون سيناريوهات التصعيد أو الانجرار لعملية برية إضافية في إحدى الساحات"، لافتًا إلى أنّه "خلال ليلة واحدة، وافق الجيش على التراجع. والحجم دراماتيكي: ثلث القوة البشرية التي كان الجيش يعتبرها ضرورية اختفت، والرقم للعام المقبل انخفض إلى نحو 40 ألف جندي احتياط في كل لحظة. وهكذا تم تمهيد الطريق الأسبوع الماضي لإقرار الميزانية في الحكومة، بميزانية أمن ستبلغ نحو 112 مليار شيكل في العام المقبل، مقابل 140 مليارًا طلبها الجيش في البداية بدعوى "تطبيق دروس 7 أكتوبر والحاجة إلى مواصلة تعزيز الجيش"".
ورأى المحلل الصهيوني أنّ "ميزانية أيام الاحتياط تشكل جزءًا كبيرًا من ميزانية الأمن، لأن تكلفة كل يوم خدمة لجندي الاحتياط تصل ـ بحسب وزارة المالية ـ إلى 1,100 شيكل، وعند ضربها بالأعداد الإجمالية تصل الكلفة إلى عشرات مليارات الشواكل في سنة حرب أو أقل بقليل في سنة أمنية متوترة كالعام المتوقع 2026"، مشيرًا إلى أنّه "منذ التغيير المفاجئ، يرفض الجيش التعليق على خفض 20 ألف جندي في العام المقبل، ولا يرد على الانعطافة رغم تبعاتها التي قد تؤثر على أمن الدولة وتزيد العبء على المقاتلين".
وأوضح زيتون أن جهات في الجيش "الإسرائيلي" قدّرت "وجود عدة تفسيرات لتغيير موقف الجيش. أولها إدراك الجيش أنه لن يكون قادرًا بعد الآن، كما طالب مرارًا أمام وزارة المالية، على توزيع أيام الاحتياط بلا حدود لتخفيف الضغط على المقاتلين وبالتالي تشجيعهم على الاستمرار في الحضور للخدمة، وهو آخر وسيلة تقريبًا لتقليل تآكل الدافعية لديهم بعد أن خدم كثيرون سنة إلى سنة ونصف بالتراكم بعيدًا عن منازلهم وأعمالهم".
وأردف: "مظاهر مثل أسبوع في الخدمة وأسبوع في المنزل، أو يومين في الجيش و3–4 أيام في المنزل على حساب الجيش، لن تستمر عقب خفض الـ20 ألفًا، ومن سيصل للخدمة سيُلزم بالخروج إلى إجازات وفق الأنماط القديمة المعروفة لجنود الخدمة النظامية: 11 يومًا في الجيش و3 - 4 أيام في المنزل"، لافتًا إلى أنّ "الاحتمال الثاني يتعلق بـاتفاق ضمني بين الطرفين: فالجيش لطالما وافق على حلول وسط في ميزانية الأمن عند بداية كل عام، ثم كان يخترقها خلال العام بطلبات استثنائية لإضافة ميزانيات. وربما يكون ما أقنع زمير بالتنازل عن عدد المقاتلين هو رسالة من المستوى السياسي بأن عام 2026 قد يشهد انسحابًا من إحدى الساحات عبر الحدود التي ينتشر فيها الجيش بتكلفة آلاف الجنود شهريًا".
وتابع: "ربما يكون الحديث عن انسحاب من "الخط الأصفر" في غزة، كمرحلة أساسية في "المرحلة الثانية" من خطة ترامب لاتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد بين إسرائيل وحماس"، مشيرًا إلى أنّه "في وزارة المالية يقدرون أنّه منذ 7 أكتوبر، ومع الشيك المفتوح لاستدعاء الاحتياط بأمر 8، هناك نحو 17 ألف جندي صُنّفوا بأنهم ملحقون، أي تنقلوا بين وحدات لضمان استمرار خدمتهم ـ غالبًا لأسباب مهنية واقتصادية، وقالت الوزارة: "مع كل المنح المختلفة، الامتيازات المالية، الإضافات وظروف الخدمة المرنة، أصبح من المجدي أن تكون جندي احتياط، بينما يتقاضى جنود الخدمة الدائمة في وظائف مشابهة ربع ما يحصل عليه جندي الاحتياط. نشأت تشوهات تقترب من شبهات جنائية"".
وبحسب المحلل الصهيوني فقد "أقروا في الجيش بأن الظاهرة خرجت عن السيطرة في بعض الحالات، وبدأ بفتح تحقيقات داخلية، لكنه رفض طلبات وزارة المالية بوضع "مراقب قوى بشرية" إلى جانب كل قائد فرقة أو لواء لضمان الاستخدام السليم لأيام الاحتياط، فيما اقترحت المالية أن يكون المراقب نفسه جندي احتياط ليضمن رقابة فعالة".
ووفقًا لشهادات وشكاوى وصلت إلى "ynet" و"يديعوت أحرونوت"، فإن الأمر لا يتعلق فقط بقادة سرايا أو كتائب يمنحون مرؤوسيهم أيام مكوث في المنزل أكثر مرونة مقارنة بالأيام في الجبهة، وقد وصف ضابط قتالي كبير في الاحتياط، الملمّ بهذه الظاهرة عن قرب، قائلاً: "هناك قادة ألوية نظاميون في الجيش أخذوا 60 - 70 جندي احتياط إلى غرف القيادة الخاصة بهم، ونفخوا حجمها بصورة غير متناسبة على الإطلاق. هذا جنون. فريق غرفة قيادة قائد فرقة ما، والذي يتكوّن في الحدّ الأقصى من 10–20 شخصًا يلازمونه ويقومون بالتناوب في حالة الاستعداد فيما بينهم، بات يتضخم خمسة إلى ستة أضعاف إلى حجم سرية غرفة قيادة متقدمة".