إيران
شدد آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، على ضرورة تغيير بنية الإعلانات والإعلام والاستعداد جيدًا للدفاع والهجوم ضدّ دعاية العدوّ وأنشطته الإعلامية التي تستهدف العقول والقلوب والمعتقدات، مؤكدًا أن الشعب الإيراني أحبط مساعي العدوّ المتواصلة لتغيير هويته الدينية والتاريخية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها سماحته في خلال احتفال مهيب أقيم اليوم الخميس 11 كانون الأول/ديسمبر 2025، في حسينية الإمام الخميني (رض)، إحياءً لذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء (ع)، بحضور حشد كبير من المسؤولين الإيرانيين وعلماء الدين وآلاف من محبي أهل البيت (عليهم السلام)، تخلله إلقاء العديد من القصائد الشعرية من وحي المناسبة.
وفي هذا الاحتفال الذي استمر نحو ثلاث ساعات، هنأ الإمام الخامنئي الشعب الإيراني بمولد الصديقة الطاهرة (عليها السلام)، وقال: "لقد أحبط الشعب الإيراني، من خلال مقاومته الوطنية، مساعي العدوّ المتواصلة لتغيير الهوية الدينية والتاريخية والثقافية لهذه الأمة. واليوم، في حين أنه من الضروري الاستعداد جيدًا للدفاع والهجوم ضدّ دعاية العدوّ وأنشطته الإعلامية التي تستهدف العقول والقلوب والمعتقدات، فإن إيران العزيزة تواصل مسيرتها نحو الأمام رغم المشاكل والنواقص التي تعتري البلاد".
وعرّف سماحته "المقاومة الوطنية" بأنها "الصمود والمقاومة في وجه جميع أنواع الضغوط التي يمارسها الظالمون"، مضيفًا: "أحيانًا يكون الضغط عسكريًا، كما شهده الشعب في الدفاع المقدس، وكما شهده المراهقون والشباب في الأشهر الماضية؛ وأحيانًا يكون ضغطًا اقتصاديًا أو إعلاميًا أو ثقافيًا أو سياسيًا".
ووصف الإمام الخامنئي، غطرسة عناصر الإعلام الغربي والمسؤولين السياسيين والعسكريين، وما يبثونه من أجواء دعائية، بأنها دليل على ضغط الدعاية المعادية، وقال: "إن هدف نظام الهيمنة من مختلف الضغوط هو الهيمنة على الأمم، وفي مقدمتها الأمة الإيرانية؛ وأحيانًا يكون التوسع الإقليمي، كما تفعل حكومة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية اليوم".
وأضاف: "أحيانًا يكون الهدف أيضًا السيطرة على الموارد الخفية، وأحيانًا يكون تغيير أنماط الحياة، والأهم من ذلك، "تغيير الهوية"، هو الهدف الرئيسي لضغوط الظالمين".
في إشارة إلى أكثر من مئة عام من محاولات القوى العالمية المتسلطة لتغيير الهوية الدينية والتاريخية والثقافية للأمة الإيرانية، قال الإمام الخامنئي: "لقد قضت الثورة الإسلامية على كلّ تلك الجهود، وفي العقود الأخيرة، أحبطت الأمة هذه المحاولات بصمودها وثباتها في وجه الضغوط المتواصلة والواسعة النطاق من أعدائها".
وأشار إلى انتشار مفهوم المقاومة وأدبياتها من إيران إلى دول المنطقة وبعض الدول الأخرى كحقيقة واقعة، مضيفًا بأن "بعض ما فعله العدوّ بإيران والأمة الإيرانية، كان سيفعله بأي دولة أخرى، وكانت تلك الدولة ستستسلم له".
وتطرق سماحته إلى دور منشدي أهل البيت عليهم السلام في تخليد ذكرى الشهداء وتعميق وتوسيع مفهوم المقاومة في البلاد، وقال: "اليوم، وبعيدًا عن الصراع العسكري الذي شهدناه، نحن في قلب حرب دعائية وإعلامية على جبهة عدو واسعة. لأن العدوّ أدرك أن هذه الأرض الإلهية والروحانية، هذه الأرض، لا يمكن التنازل عنها واحتلالها بالضغط العسكري".
ونبّه إلى أن "هناك من يثير باستمرار احتمال تكرار الصراع العسكري، وهناك من يتعمد إثارة الفتن في هذا الشأن لإبقاء الناس في حالة شك وبث الخوف، وهو ما لن ينجحوا فيه بإذن الله".
ورأى الإمام الخامنئي أن "خط العدوّ وخطره وهدفه" هو محو "آثار الثورة وأهدافها ومفاهيمها، ونسيان ذكرى الإمام الخميني (رحمه الله)"، وأضاف: "أميركا في قلب هذه الجبهة الواسعة والنشطة، وبعض الدول الأوروبية تحيط بها، أما المرتزقة والخونة وعديمو الجنسية الذين يسعون لكسب عيشهم في أوروبا فهم على هامش هذه الجبهة".
وشدد سماحته على ضرورة إدراك أهداف العدوّ وتكوينه، وقال: "كما هو الحال في الجبهة العسكرية، في هذا الصراع الإعلامي والدعاية، يجب علينا تحديد هويتنا وفقًا لأوامر العدوّ وخططه وأهدافه، والتركيز على النقاط التي استهدفها، ألا وهي "المعرفة الإسلامية والشيعية والثورية".
وأشار إلى أن مقاومة الحرب الإعلامية والدعاية الغربية أمرٌ صعب ولكنه ممكن تمامًا، وقال: "في هذا المسار، ينبغي على منشدي أهل البيت عليهم السلام تحويل المواكب إلى مراكز للتمسك بقيم الثورة، ومن خلال تقدير رغبة جيل الشباب في الحضور في المواكب، عليهم حماية هذا الجيل العزيز من أهداف العدوّ العنيد والشرير بالموارد المتاحة".
وتوجه الإمام الخامنئي إلى المنشدين ناصحًا بشرح التعاليم الدينية وتعاليم القتال بالاستناد إلى سير أئمة الهدى (عليهم السلام) والاستشهاد بها، ومهاجمة نقاط ضعف العدوّ مع الدفاع الفعال ضدّ شكوكه، وشرح المفاهيم القرآنية في مختلف المجالات الشخصية والاجتماعية والسياسية، وكيفية مواجهة العدو.
وقال: "إن أثر الرثاء المتقن والمؤثر قد يفوق أحيانًا أثر العديد من المنابر والخطب، وعلى المرثيين والمنشدين أن يحرصوا على ألا تتسلل أناشيد وثقافة عهد الطغيان إلى مجالسهم ودوائرهم".
واختتم الإمام الخامنئي كلمته قائلًا: "يومًا بعد يوم، تُعزز الأمة، بثباتها وإخلاصها وكرمها وسعيها لتحقيق العدالة، مكانة الإسلام وإيران، وبفضل الله، تتقدّم البلاد وتسعى جاهدة وتحرز تقدمًا".


