اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي كاريكاتور العهد

خاص العهد

يشوعي لـ
خاص العهد

يشوعي لـ"العهد" عن مشروع قانون الفجوة المالية: "تنقيط" للودائع.. والسندات "وهمٌ"

قراءةٌ للخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي عبر "العهد" لمشروع قانون الفجوة المالية واسترداد الودائع
49

أثار الإعلان عن مشروع قانون الفجوة المالية واسترداد الودائع، أمس الجمعة 19 كانون الأول/ديسمبر 2025، بصيغته المعدَّلة استجابةً لمطالب صندوق النقد الدولي، موجةً جديدةً من القلق في أوساط المودعين اللبنانيين. فبدل أن يشكّل هذا المشروع خطوةً مطمئنةً نحو استعادة الحقوق، أعاد فتح باب التساؤلات حول جوهره الحقيقي: هل نحن أمام آليةٍ عادلةٍ لإعادة الودائع، أم مجرد إطارٍ قانونيٍّ لإدارة خسائر باتت شبه محسومة، تُمدَّد زمنيًّا وتُستنزف قيمتها تدريجيًّا؟

وللاطلاع على مزيدٍ من التفاصيل، تواصل موقع العهد الإخباري مع الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي الذي حسم الأمر بالتأكيد أنّ هناك نيّةً لتذويب ما تبقّى من الودائع على المدى الطويل.

في البداية، شرح يشوعي ما حصل عشية الانهيار المالي عام 2019 وما تلاه من تعاميم أصدرها حاكم مصرف لبنان الأسبق رياض سلامة، موضحًا أنّ "سلامة كان يصدر تعاميم تذويبية تُلزم المودعين - بحجّة أنّ البلاد مخنوقة بسبب أزماتٍ متعدّدة - ببيع ودائعهم بقيمٍ تقلّ كثيرًا عن قيمتها الحقيقية. وأدّى ذلك إلى تذويب الودائع وهبوطها إلى نحو 80 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يمثّل الفجوة المالية، أي الأموال التي كان يُفترض أن تكون موجودة لدى مصرف لبنان لكنّها غير متوافرة أساسًا".

إلّا أنّ يشوعي أكّد أنّ "عملية التذويب وشطب الودائع لم تنتهِ بعد"، مشيرًا إلى أنّ "النيّة اليوم تتّجه إلى شطب نصف الـ80 مليار دولار العائدة للمودعين، تحت ذريعة ما إذا كانت هذه الودائع شرعيّةً أم لا". وطرح في هذا السياق سؤالًا: "لماذا تمّ القبول بهذه الودائع في المصارف من الأساس دون أي تدقيقٍ؟"، مشدّدًا على أنّ هذه المسؤولية "تقع على المصارف وليس على المودع"، ومؤكدًا أنّ هذه الذريعة تشكّل الحجة الأولى لشطب الودائع.

وأضاف أنّ "الحجة الثانية لشطب الودائع تتمثّل في الحديث عن الإفراط في الفوائد التي كانت تعتمدها المصارف"، مذكّرًا بأنّ هذه الفوائد كانت تضرب الاقتصاد، وتثقل كاهل الدولة بديونٍ هائلة، وتستنزف احتياطات المصرف المركزي. وأشار إلى أنّه كان معارضًا لهذه السياسات منذ عام 1994.

وقال: "هاتان هما الحجتان الأساسيتان لشطب الودائع، إضافةً إلى النقاش حول ما إذا كانت الفوائد مؤهلة أم لا، وقديمة أم جديدة".

وفي ما يتعلّق بتأثير مبدأ "الوديعة الواحدة" (أي تجميع حسابات الشخص في جميع المصارف)، أوضح يشوعي أنّ "أثر هذا الإجراء يتمثّل في إطالة أمد دفع المستحقات لصاحب الحق".

وبيّن يشوعي أنّ "النيّة من كلّ هذه الإجراءات هي إعادة 40 مليار دولار فقط للمودعين"، بعد عمليات الشطب والتذويب، وذلك في حال تمكّنت الدولة من دفع هذا المبلغ. وأوضح أنّ "هذه الـ40 مليار دولار ستُعتبر خسائر، وسيتم توزيعها بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف"، لافتًا إلى أنّ أصحاب المصارف اتّخذوا هنا موقفًا دفاعيًّا في هذا الإطار.

وأوضح أنّ "الدولة تمتلك سلطةً تمكّنها من زيادة الضرائب أو استثمار بعض الأصول لإرضاء المودعين جزئيًّا، كذلك، فإنّ مصرف لبنان يمكنه تأجير قسمٍ من الذهب أو زيادة الاحتياطي لتسديد جزءٍ من المستحقات. أمّا المصارف، فلا تملك سوى خيارٍ واحد، وهو الدفع من جيوبها وتحمل حصتها من الخسائر لصالح المودعين".

وشدّد يشوعي على أنّ "المحاسبة غير واردة وغير موجودة"، معتبرًا أنّه "طالما لا توجد محاسبة، لا يمكن تصديق أي شيء".

وفي ما يخصّ الصراع بين وزارة المال ومصرف لبنان حول ديون الدولة، أوضح يشوعي أنّ هذه الأموال تُصنّف ضمن فروقات القطع، الأمر الذي سيؤدي إلى نزاعٍ ومشكلةٍ إضافية.

وردًا على تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام في إعلانه عن مشروع القانون، جزم يشوعي بالقول: "لا يوجد حل، بل يوجد تنقيط للودائع، ولا أكثر من ذلك".

أمّا في ما يتعلّق بمسألة السندات، فرأى يشوعي أنّ "إعطاء سنداتٍ لأصحاب الودائع هو وهمٌ وكذبةٌ كبيرة"، معتبرًا أنّه "طالما السمسرات موجودة، لا يمكن للدولة أن تنهض". وأضاف: "طالما الودائع مفقودةٌ، ولا توجد محاسبةٌ أو قوانين فعلية أو استعادة للأموال المنهوبة من الخزينة ومال الشعب، فإن كلّ ما يُقال اليوم هو كلامٌ في الهواء".

وشبّه يشوعي ما يجري في ملف الودائع بوعود الكهرباء، قائلًا: "عندما يتم تأمين الكهرباء في لبنان تُسترد الودائع"، في إشارةٍ منه إلى "الذهنية السائدة، رغم عدم وجود علاقةٍ علميةٍ بين الملفين".

وعمّا إذا كان ما أُعلن عنه يهدف إلى إرضاء صندوق النقد الدولي، رأى يشوعي أنّ من في السلطة "يعيشون من أجل المال ولا يعتبرونه وسيلةً للحياة"، معتبرًا أنّه "طالما هذه الذهنية قائمة، فإن كلّ ما يحصل هو عبثٌ". وأضاف: "كُتبت الورقة ليقرأها (نواف سلام) فقط، ولا أكثر من ذلك".

وفي ما يتعلّق بقدرة المصارف على الاستمرار، قال يشوعي: إنّ "المصارف لم تُكلّف أي لجنةٍ أو هيئةٍ لتقييم وضع كلّ مصرف وموجوداته منذ بداية الأزمة"، مؤكدًا أنّه "لا يمكن معرفة حقيقة وضع المصارف طالما أنّ أوضاعها غير معروفة".

وأضاف: "المصارف خالفت قانون النقد والتسليف، وطَمِعَت بفوائد رياض سلامة، ولو كانت هناك محاسبةٌ فعلية لكان على كلّ مجلس إدارة أن يُحال إلى المحاكمة".

وفي ما يخصّ تأمين السيولة لمصرف لبنان، قال يشوعي: إنّه "قد يتم إصدار "فتوى" لتأجير قسمٍ من الذهب، ولا يمكن معرفة ما الذي قد يُقدمون عليه"، محذرًا من أنّ تحميل المصرف المركزي نسبة 60% من الخسائر يعني بالضرورة المسّ بالذهب، "شئنا أم أبينا"، وفق تعبيره.

الكلمات المفتاحية
مشاركة