تكنولوجيا
يتوقع خبراء أن يحمل عام 2026 ملامح البداية الحقيقية لعصر جديد في الطب، يقوم على التنبؤ بالأمراض قبل حدوثها، ولا سيما أمراض التقدم في السن، وذلك قبل ظهور أي أعراض سريرية، بحسب تقرير نشره موقع «وايرد» التقني. ويرى التقرير أن هذا التحول قد يُحدث نقلة نوعية في أساليب الوقاية والعلاج الطبي خلال السنوات المقبلة.
ويؤكد التقرير أن نماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية الضخمة ستلعب دورًا محوريًا في تحقيق هذا التوجه، بفضل قدرتها على تحليل كميات هائلة من البيانات الطبية وربطها بطرق تعجز عنها القدرات البشرية. ويطرح هذا التطور تساؤلات جوهرية حول مستقبل الطب، خاصة في ما يتعلق بدقة التنبؤات، وحماية خصوصية المرضى، وآليات الاعتماد الطبي لهذه التقنيات.
ويشير «وايرد» إلى أن علم الشيخوخة أسهم خلال السنوات الأخيرة في تطوير وسائل جديدة لتتبع ما يُعرف بالساعات البيولوجية للجسم، إضافة إلى مؤشرات حيوية مرتبطة ببروتينات محددة. وتتيح هذه المؤشرات تقدير العمر الحقيقي للجسم أو لأعضاء بعينها، ما يسمح بالكشف المبكر عن الأعضاء التي تشيخ بوتيرة أسرع من غيرها، والتدخل الطبي في الوقت المناسب.
وتُعد نماذج الذكاء الاصطناعي الطبية قادرة على رصد أنماط دقيقة يصعب على الأطباء ملاحظتها، مثل تحليل صور مسح الشبكية للتنبؤ بأمراض القلب والأوعية الدموية أو الأمراض التنكسية العصبية قبل سنوات من ظهور أعراضها. وعند دمج هذه النتائج مع بيانات التحاليل الطبية والصور الإشعاعية والمعلومات التي تجمعها الأجهزة الذكية القابلة للارتداء، تتوفر للذكاء الاصطناعي قاعدة بيانات واسعة تساعده على بناء توقعات أكثر دقة.
ومن خلال تحليل هذه البيانات، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد الإطار الزمني المتوقع لظهور المرض، أو ما يُعرف بعامل "meta"، وهو ما يمنح المرضى والأطباء فرصة ثمينة للاستعداد واتخاذ إجراءات وقائية مبكرة.
وخلال السنوات الماضية، أثبت الطب إمكانية الحد من بعض الأمراض أو تأخير ظهورها عبر تدخلات مبكرة في نمط الحياة، حتى قبل بروز الأعراض بسنوات. وتشمل هذه التدخلات تغييرات في النظام الغذائي، أو إدخال تمارين رياضية محددة، أو استخدام فيتامينات ومكملات غذائية مناسبة، بحسب الحالة الصحية واحتمالية تطور المرض.
وأظهرت دراسات سابقة أن مرضى خضعوا لاختبار الدم المعروف باسم "P-tau217"، والذي يكشف احتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر، تمكنوا من تقليل مخاطر تطور المرض عبر تحسين نمط حياتهم وزيادة النشاط البدني.
ورغم التفاؤل الكبير، يشدد تقرير "warred" على أن تقنيات التنبؤ بالأمراض ما زالت في مراحلها الأولى، وتحتاج إلى اختبارات موسعة وطويلة الأمد للتحقق من دقتها وفعاليتها. وتشمل هذه الاختبارات مقارنة نتائج الأشخاص الذين عدلوا نمط حياتهم بناءً على توقعات الذكاء الاصطناعي مع مجموعات أخرى لم تعتمد هذه التوصيات.
ويخلص التقرير إلى أن التنبؤ المبكر بالأمراض يُعد من أكثر استخدامات الذكاء الاصطناعي الواعدة في المجال الطبي، ويحقق حلمًا طالما سعى إليه الأطباء، يتمثل في إيقاف المرض قبل أن يبدأ، بدلًا من الاكتفاء بعلاجه بعد ظهوره.