الانتخابات البلدية والاختيارية 2025

مقالات مختارة

كيف تقنعون الناس بأنكم دولة تهتم بمواطنيها؟
25/04/2025

كيف تقنعون الناس بأنكم دولة تهتم بمواطنيها؟

إبراهيم الأمين - صحيفة الأخبار

لدى المقارنة بين الدول المتخلّفة وتلك المتقدمة، يُنظر بشكل بديهي إلى مدى تحمّل السلطات المسؤولية تجاه توفير متطلبات العيش الأفضل للمواطنين. وفي حالات الكوارث الطبيعية أو الحروب الوطنية الكبرى، تنصبّ جهود كلّ السلطات على معالجة آثار الكوارث أو العدوان.

في لبنان، حيث يكثر الحديث عن أهمية التشبّه بسلوكيات الدول المتقدمة، لا يبدو أن هذه القاعدة تسري في مواجهة المتطلبات الأساسية للناس. في ما النكاية السياسية عامل أساسي في تعامل السلطة مع مواطنيها. وتكفي الإشارة إلى العدوان "الإسرائيلي" المتواصل منذ 76 عامًا، ليتضح أن السلطات المتعاقبة تعاملت مع نتائج العدوان على أنها تتعلق بفئة من اللبنانيين، وليست مسؤوليتهم جميعًا، كما إنها - بالطبع - ليست من مسؤولية السلطات على أنواعها.

نعود اليوم إلى المعزوفة نفسها. في ما يصرّ البعض على اعتبار ملف سلاح المقاومة أولوية لا تتقدّم عليها أولوية أخرى، لا يقول لنا المتصدّون للأمر ما الذي سيعود على أهالي المناطق التي تتعرض للعدوان جرّاء هذه الخطوة. فلا هم يقدمون سردية وأدلة على قدرة الدولة على منع العدوان وتوفير الحماية، ولا يُظهرون أدنى اهتمام بأحوال هؤلاء، لا في الحالات الطبيعية، ولا خلال الحرب، ولا في مرحلة إزالة آثار العدوان. وهو ما نواجهه اليوم.

كل ما فعلته السلطة في لبنان، منذ اندلاع العدوان "الإسرائيلي"، اقتصر على بيانات عامة، وعلى تخصيص مبالغ زهيدة لا توفر علاجًا فعليًا لمسألة إعادة الإعمار، عدا عن الدولة، لا تخصص هذه المناطق بأي نوع من مشاريع التنمية المستدامة. وبعد انتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة، لم يقدم الحكم الجديد على أي خطوة نوعية تتعلق بعملية إعادة الإعمار، بل صرف معظم وقته وجهوده داخليًا وخارجيًا، لكسب رضى الولايات المتحدة والسعودية اللتين تمارسان وصاية تامة على لبنان اليوم، وبذلت المؤسسات العسكرية والمدنية قصارى جهودها لـ"طمأنة" الخارج، ومن خلفه "إسرائيل"، بأن لبنان ليس في وارد إغضاب أحد، بما في ذلك "إسرائيل".

ما الذي تفعله السلطة؟
تقول لنا إن لا إمكانية لوصول مساعدات لإعادة الإعمار إذا لم يلتزم لبنان برغبة دول الوصاية على صعيد العلاقات العربية والدولية وعلى صعيد قمع المقاومة ونزع سلاحها، وإن الدولة غير قادرة على رصد أموال لإعادة الإعمار، باستثناء بعض أشغال البنى التحتية، وإزالة الركام بطريقة عشوائية.
لكنّ السلطة، في المقابل، تقوم بأمور كثيرة معاكسة. إذ تمنع أي نقاش علمي داخل الحكومة عمّا يمكن أن توفره الدولة من تمويل محلي للإعمار في وقت يعلم الجميع - من وزارة المالية إلى مصرف لبنان والجهات المعنية الأخرى - أن في حساب الخزينة 36 في مصرف لبنان، نحو خمسة مليارات دولار ممنوع الاقتراب منها.

كذلك تمنع وصول مساعدات مقترحة من إيران والعراق وجهات مستقلة في أكثر من عاصمة في العالم، لا بل تقوم بكلّ الإجراءات لمنع وصول مساعدات من هذا النوع.

تستغرب السلطة كيف أن حزبًا لبنانيًا قادر على صرف نحو مليار دولار في الأشهر الستة الماضية في سياق إزالة آثار العدوان، وتتحرك لوضع عراقيل أمام عمل حزب الله ومؤسساته لتوسيع دائرة عمله في هذا المجال.

كذلك تتهرّب السلطات من تشكيل هيئة وطنية تُعنى بإعادة الإعمار، ولا تقدم على أي نوع من المبادرات المحلية أو مع اللبنانيين الميسورين في لبنان وخارجه لتوفير تمويل ولو جزئي لصندوق تتولى الهيئة نفسها الإشراف على انفاق ما يتجمّع فيه.

هل يبقى الناس في حالة صمت واستسلام؟
حتّى اللحظة، لا تشعر السلطة بأي ضغط للقيام بما يتوجب عليها القيام به، وهي ليست مهتمة بالأمر أساسًا. ويكفي سؤال كبار المسؤولين، من رؤساء ووزراء وغيرهم، عن حجم اهتمامهم اليومي بملف الإعمار، أو حتّى السؤال عن أحوال الناس في هذه المناطق. ولا يُطلب من الجيش أو القوى الأمنية تقديم أي مساعدة ممكنة في إزالة آثار العدوان، في ما على الجيش والقوى الأمنية القيام بكلّ ما يُطمئن الولايات المتحدة ومن خلفها "إسرائيل".

وإذا كان حزب الله تحديدًا ليس في وارد الدخول في مشكل داخلي مع الدولة وسلطاتها من أجل إطلاق العملية، فإن الأمور قد تتجاوز الحزب، في حال بادر الناس إلى خطوات ممكنة، عبر البلديات والهيئات الأهلية المنتخبة، أو عبر تجمعات سياسية وأهلية لممارسة ضغط سياسي وشعبي وإعلامي على أهل السلطة لإشعارهم بأن الصمت عن حقوق بديهية في السكن والتعليم والصحة بات أمرًا صعبًا، فكيف إذا كان ممنوعًا البحث في الإيواء وتوفير الأمن والتنمية لبقاء الناس في قراهم وبيوتهم. وهذا التحدّي لا يخص قوى بعينها، بل يجب أن يشعر فيه كلّ من يتحمل المسؤولية، ولا سيما حزب الله وحركة أمل، إضافة إلى بقية القوى والجهات الطامحة إلى احتلال موطئ قدم لدى هذه الفئة من الناس.
هل قلتم إنكم تريدون نزع سلاح المقاومة!؟

لبنانإعادة الإعمارالصحفالعدوان الإسرائيلي على لبنان 2024

إقرأ المزيد في: مقالات مختارة

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
فضل الله: مشروع المصارف الحكومي يضع أموال المودعين في غياهب المجهول
فضل الله: مشروع المصارف الحكومي يضع أموال المودعين في غياهب المجهول
أبناء بلدتي المغيري ومشان ردًا على خطابات التحريض البلدي: جبيل تبقى منارة للتعايش
أبناء بلدتي المغيري ومشان ردًا على خطابات التحريض البلدي: جبيل تبقى منارة للتعايش
الكلمة الكاملة للشيخ نعيم قاسم حول أولويات نهضة لبنان والانتخابات البلدية 28/04/2025
الكلمة الكاملة للشيخ نعيم قاسم حول أولويات نهضة لبنان والانتخابات البلدية 28/04/2025
حزب الله وأهالي بعلبك يشيّعون فقيد الجهاد والمقاومة محمد النمر
حزب الله وأهالي بعلبك يشيّعون فقيد الجهاد والمقاومة محمد النمر
قائد الجيش يتفقّد لواء المشاة السابع في مرجعيون ونقطة مراقبة متقدّمة في الخيام
قائد الجيش يتفقّد لواء المشاة السابع في مرجعيون ونقطة مراقبة متقدّمة في الخيام
 إعادة الإعمار واجب وطني لا مساومة فيه 
 إعادة الإعمار واجب وطني لا مساومة فيه 
جعجع يفوز بثقة أميركا والسعودية لقيادة المعركة ضدّ حزب الله
جعجع يفوز بثقة أميركا والسعودية لقيادة المعركة ضدّ حزب الله
الشيخ الخطيب: الحديث عن "نزع السلاح" لغة عداء لا وطنية
الشيخ الخطيب: الحديث عن "نزع السلاح" لغة عداء لا وطنية
وعد والتزام.. إحصاءات الأضرار
وعد والتزام.. إحصاءات الأضرار
وعد والتزام.. خير الدين لـ"العهد": ستعود القرى والمدن أفضل وأجمل ممّا كانت
وعد والتزام.. خير الدين لـ"العهد": ستعود القرى والمدن أفضل وأجمل ممّا كانت
الصحف الإيرانية: طهران تستطيع التغلّب على العقبات بالالتزام بمصالحها الوطنية والتحلّي بالعقلانية
الصحف الإيرانية: طهران تستطيع التغلّب على العقبات بالالتزام بمصالحها الوطنية والتحلّي بالعقلانية
الصحف الإيرانية: أفضل فرصة دبلوماسية لترامب
الصحف الإيرانية: أفضل فرصة دبلوماسية لترامب
توترات في جيش الاحتلال بسبب إصابات المدنيين المرتفعة في غزة: قد تهدد حياة "المختطفين"
توترات في جيش الاحتلال بسبب إصابات المدنيين المرتفعة في غزة: قد تهدد حياة "المختطفين"
الصحف الإيرانية: الاتفاق مع إيران هو ورقة ترامب الرابحة
الصحف الإيرانية: الاتفاق مع إيران هو ورقة ترامب الرابحة
الصحف الإيرانية: الصهاينة يطلقون النار ببنادق فارغة
الصحف الإيرانية: الصهاينة يطلقون النار ببنادق فارغة
الرئيس لحود: "نقول لـ"جرذان" الداخل ومِن ورائهم هذا العدوّ لا تظنوا يومًا أن طول البال ضعف
الرئيس لحود: "نقول لـ"جرذان" الداخل ومِن ورائهم هذا العدوّ لا تظنوا يومًا أن طول البال ضعف
بالصور| الاعتداء الصهيوني على الضاحية ألحق أضرارًا جسيمة بالمبنى المدني المستهدف
بالصور| الاعتداء الصهيوني على الضاحية ألحق أضرارًا جسيمة بالمبنى المدني المستهدف
 تداعيات الحرب على أطفال لبنان.. في قلب كلّ طفل صغير بطلٌ كبير 
 تداعيات الحرب على أطفال لبنان.. في قلب كلّ طفل صغير بطلٌ كبير 
العدو يواصل جرائمه.. شهيدان وجريحان في غارتين على كوثرية السياد وحولا
العدو يواصل جرائمه.. شهيدان وجريحان في غارتين على كوثرية السياد وحولا
وزير العمل يضع منظمة العمل العربية في صورة الأوضاع بعد العدوان الصهيوني: دعم فوري من المنظمة لخطة الوزارة 
وزير العمل يضع منظمة العمل العربية في صورة الأوضاع بعد العدوان الصهيوني: دعم فوري من المنظمة لخطة الوزارة