اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي معلّق صهيوني: تخلّينا عن كل الأوراق الاستراتيجية

نقاط على الحروف

من نقاش "السيادة" إلى سيادة الإهانة..
نقاط على الحروف

من نقاش "السيادة" إلى سيادة الإهانة..

من نقاش "السيادة" إلى سيادة الإهانة..
1511

لطالما برزت أزمة المفاهيم في مختلف المحطات المفصلية المحلية، وسادت مشكلة التناقض بين المفهوم بمعناه الأصليّ وبين ترجماته لدى فئة المتأمركين في لبنان. على سبيل المثال، حوّل هؤلاء مفهوم "حرية الرأي والتعبير" إلى "الحق بالخيانة والتعاون مع العدوّ"، وتعاملوا مع مفهوم "الكرامة الوطنية" على أنّه انسحاق تامّ تحت إمرة الأميركي، فحسبوا أنّهم أكثر كرامة كلّما غالوا في الانسحاق أكثر. وانسحب الأمر نفسه على مفهوم السيادة، فشوّهوه حدّ تظهير كلّ نقيض للسيادة على أنّه صورة لها، وكلّ داعم أو معزّز لها هو مسّ بها؛ بكلام آخر، يبرع "السياديون" في لبنان بالانبطاح ويتميّزون بتخلّيهم التام عن أي مظهر من مظاهر احترام الذات الوطنية، علانية وبدون أي شعور بالخجل. ولهذا، يمكن القول إن مسألة نقاش مفهوم "السيادة" معهم قد تمّ تجاوزه، على اعتبار أنّهم أثبتوا تكرارًا أنّهم يغالون برفع هذا الشعار كستار تضليليّ على وجه ارتهانهم التامّ والكليّ وغير المشروط لإشارة من طرف إصبع أصغر ممثّل للأميركي، حتى بدوا يتنافسون في ما بينهم عمّن يظهر منبطحًا أكثر وأشدّ قابلية للتصرّف كعبد مطيع في حضرة أيّ موفد من الولايات المتحدّة الأمريكية. 

تكثر الأمثلة على انبطاح السياديين في لبنان، ولعلّ المتغيّر الوحيد في حيثياتها هي أنّها تصبح أشدّ وقاحة في كلّ مرّة أكثر. قبل أشهر ليست ببعيدة، كانت دوروثي شيا، السفيرة الأميركية السابقة في بيروت، تدير حرفيًا مجموعة من السياسيين والإعلاميين والعاملين بالشأن العام من خلال تعليمات مباشرة ترد إليهم، وتظهر، بالأحرى تفضح، حين نراهم جميعهم يعومون في مستنقع كلاميّ واحد. تطوّر الأمر مع ليزا جونسون، السفيرة الحالية، فصارت تصدر تعليماتها للفريق نفسه ولكن بشكل علنيّ، تظهر في بداية العدوان على لبنان لتبلّغ الفريق الخاضع لإمرتها بوجوب الحديث المتكرّر عن زمن ما بعد حزب الله، وعن أنّ المقاومة في لبنان هُزمت وانتهت. ولأنّ الفريق الخاضع ذاك فقد كلّ شعور بالحدّ الأدنى من الكرامة وبضرورة المداراة أقلّه احترامًا للدم الذي كان لم يزل على الأرض، تسابق أعضاؤه إلى صناعة الجوّ الإعلاميّ الكلامي الذي يتماهى مع أوامر "ستّهم" ليزا.. 

وبعد، بدا أنّ الأميركيّ غير معنيّ بستر حقيقة استعباده لهؤلاء، فلم يتوانَ عن التصرّف بعنجهية مطلقة عبر المبعوثة مورغان أورتاغوس التي قامت بإهانة كلّ ما يمتّ إلى السيادة والكرامة الوطنية بصلة من على منبر رئاسة الجمهورية اللبنانية سواء بالكلمات أو بالمظهر عبر استخدامها خاتمًا يمثّل "نجمة داوود"، مع علمها التام أنّ أحدًا من الفريق "السياديّ" لن يتجرّأ على التمتمة باعتراض، بل لن يشعر أصلًا أنّ كرامته الإنسانية والوطنيّة مُسّت! هل اكتفت أورتاغوس بهذا، ونحن كما هي ندرك أنّها ما أهانت إلّا فريقها وما أحرجت إلّا "السياديين" الذين استعبدتهم بلادها؟ أبدًا، فالاعتذار الذي راسلت به رئاسة الجمهورية في اليوم التالي جاء متواريًا عن أنظار الإعلام، ولعلّ ما تلقّته من تأديب في زيارتها البروتوكولية لرئيس مجلس النواب الأخ الأستاذ نبيه برّي، عبر تذكيره إيّاها وكلّ من "يشدّ على مشدّها" أن "إسرائيل شرّ مطلق"، جعل منسوب الحقد الظاهر في دمها يعلو ويدفعها إلى حركة استفزاز صباحية قامت بها اليوم، وكيّلت فيها إهانة للجيش اللبناني بالدرجة الأولى عبر تباهيها بصورة إلى جانب رائد لبناني وهي تحمل صاروخ كاتيوشا صادره الجيش من مخازن المقاومة، وذيّلت الصورة بعبارة "All in a day’s work"، أيّ أن "كلّ هذا في يوم عمل واحد"، في إشارة تباهي إلى أنّ مصادرة سلاح المقاومة هو عمل تنجزه بنفسها عبر الجيش اللبناني، أو تعبّر من خلالها عن رضاها عن عمل الجيش الذي بالمناسبة تمنع بلاده تجهيزه بالعتاد وبالمعدّات والأسلحة الضرورية للدفاع عن النفس والأرض. والأكثر وقاحة، هو أنّ فريق السياديين نفسه يتباهى بالصورة ويستخدمها كدليل على هزيمة "المقاومة". بعيدًا عن سطحية هؤلاء وانفضاحهم المقزّز بالخيارات الانسحاقية، هل أبلغتهم سيّدتهم المبعوثة أو زميلتها السفيرة أنّ الأميركي يدرك جيّدًا اليوم أنّ سحق سلاح المقاومة غير قابل للتحقّق وأنّ محاولة استثمار العدوان الهمجيّ على لبنان في السياسة الداخلية قد باءت بالفشل! وهل عرفوا أنّ الإهانة التي وجّهتها أورتاغوس للبلد هي اليوم كعلامة "كفّ" على وجههم المتذلّل في حضرة "أميركا"، إذ لم يتحرّك فيهم أدنى حسّ وطنيّ أو إنسانيّ، كأن مورغان قالت لهم سأهين بلادكم وأرضكم وستصفقون لي. ربّما ليس مطلوبًا أو منطقيًا أن يمتلك الجميع حسًّا مقاوِمًا يرفض العدوان ويواجهه بدمه على الأكفّ، إلّا أنّه من غير المقبول أن يبلغ "إنسانٌ" حدّ التباهي بالإهانة. هذا الدرك الأسفل من الحقارة والانسحاق، بلغه السياديون في لبنان وصاروا "أمثولة" سيحكي عنها التاريخ كما حكى عن كيفية تعامل الأميركي مع عملائه في فيتنام وأفغانستان.

الكلمات المفتاحية
مشاركة