مقالات

اتفاق "قسد - الشرع" لمصلحة من وما أسباب استعجال توقيعه؟
"قسد" أضحت شريكة أساسية في "حكم دمشق"... و"قراراته"
لا تزال المجموعات التكفيرية الإرهابية تقترف الجرائم في حق أهل الساحل السوري، حيث تؤكد مصادر متابعة للأوضاع فيه أن "التكفيريين لا يزالون يمعنون في القتل والإجرام وانتهاك القرى وبيوت الآمنين، ولم يسجّل أي تراجعٍ، إلا في مهمات غالبية وسائل الإعلام، المفترض بها أن تنقل الصورة المأساوية في "الساحل"، غير أنها ركزّت اهتماماتها على الترويج "لاتفاق اندماج (قوات سوريا الديمقراطية- "قسد")، ذات الإمرة الكردية في الدولة السورية"، وذلك بالتزامن مع استمرار المجازر المتمادية المذكورة آنفًا".
"كذلك حاول بعض الإعلام المأجور تصوير لقاء بعض وجهاء محافظة السويداء في الجنوب السوري الذين ينتمون إلى طائفة الموحدين- الدروز، برئيس سلطة الأمر الواقع في دمشق أحمد الشرع أبي محمد الجولاني بـ "الإنجاز"، علمًا أن هؤلاء "الوجهاء"، ليس لهم سلطة شرعية في "جبل العرب"، وليس لديهم أيضًا صفة تمثيلية لدى الموحدين في سورية، "فلا يعدو هذا اللقاء سوى "جلسة علاقات عامة"، لا أكثر"، بحسب مصادر سياسية في دمشق. والدليل إلى صدقية معلومات هذه المصادر، هو نفي مرجعيات السويداء، عقد أي اتفاقٍ مع الجولاني.
بالعودة إلى اتفاق "اندماج قسد في الدولة"، فهو ليس دعائيًا، كما "الاتفاق مع الدروز"، بل "جاء بدفع من الإدارة الأميركية، في هذا التوقيت بالذات، أي في ضوء استفحال آلة القتل التكفيرية في جرائمها، في الساحل وجبال العلويين، الأمر الذي عجّل موعد انتهاء صلاحية سلطة الجولاني في دمشق، لذا وجدت واشنطن أن هذا التوقيت هو الأنسب لفرض أي شروط ترغب بها "قسد" ومن خلفها الإدارة الأميركية على الجولاني، كونه في أضعف حالاته، وإذا لم يرضخ لهذه الشروط، يكون بذلك قد قرر موعد نهايته بيده على أيدي الأميركيين مباشرةً"، بحسب تأكيد مصادر سياسية عليمة. وترى تلك المصادر أن "الإدارة الأميركية تريد أن تنزع صاعق تفجير المواجهة، بين طرفي الاتفاق المذكور آنفًا". علمًا أن تطبيقه أي (الاتفاق)، سيواجه عوائق، أبرزها: تعدد الفصائل التكفيرية المنتشرة على الأراضي السورية، فبعضها غير منضبطٍ، وقد لا يلتزم بتعليمات الجولاني (أحمد الشرع)، سواء لجهة الالتزام بالاتفاق مع الكرد، أو سواه. ولكن لا ريب أن هذا الاتفاق، جاء لمصلحة "قسد" والكرد، فوفقًا للتوجيهات الأميركية، وبعد خضوع الجولاني ومن خلفه إدارته الخارجية، بخاصةٍ التركية، ها هي "قسد" اليوم، أضحت شريكةً أساسيةً في الحكم، في دمشق، وفي أي قرار يصدر عن هذا الحكم، وسط "ترحيبٍ" تركيٍ.
وربما يكون هذا "الترحيب"، مردّه إلى سعي النظام التركي إلى إطالة مدة صلاحية حكم ربيبته "جبهة النصرة في الشام"، وللتعمية على مسؤولية تورط الأتراك في جرائم الساحل السوري، كونهم رعاة الجولاني وجماعته، أضف إلى ذلك، قد يكون لدى هذا النظام نظرة، مفادها أن تطبيق هذا الاتفاق المبهم بعض الشيء، معقد، وقد يكون غير قابلٍ "للحياة".
وليس أمام أنقرة راهنًا إلا "الترحيب"، رغم أنها تصنّف "قسد" إرهابية، ولكن الظروف المحيطة بتوقيع هذا الاتفاق، ليست بمصلحة الأتراك وأتباعهم التكفيريين في سورية، خصوصًا في ضوء التقارب الأميركي- الروسي الجديد، بعد دخول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ومعلوم أن الرئيس الأميركي وفريق عمله، لا يحبذون "مشروع حكم التكفيريين" في سورية وسواها، بخلاف الإدارة الديمقراطية السابقة. لذا ليس أمام رئيس النظام التركي رجب الطيب إردوغان، إلا انتظار، صدور تعليمات ترامب المتعلقة بأوضاع المنطقة، ليس إلا. والواضح أن تركيز الإدارة الأميركية الراهنة، منصب على إنهاء النزاع في أوكرانيا، بين حلف شمال الأطلسي وروسيا أولاً.