إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء 20 أيار/مايو 2025 بالذكرى السنوية لشهادة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان والطاقم المرافق لهما، حيث خصصت الصحف أعدادًا ومقالات خاصة حولهما وتحليل فترة حكمهما.
السيد رئيسي: السياسة في الميدان
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة وطن أمروز: "في ذكرى استشهاد آية الله السيد إبراهيم رئيسي، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشهيد، من الضروري دراسة جوانب من شخصيته الفكرية والتنفيذية التي لم يتم التطرق إليها بشكل كافٍ ولكنها حيوية للغاية لمستقبل البلاد".
وقالت: "اليوم نجد أنفسنا في وضع أصبح فيه مفهوم السياسي ضعيفًا ومهمشًا بشكل كبير في نظام الحكم لدينا، وبدلًا من ذلك، يسود نوع من الإدارة الإدارية، حيث يكون المدير الإداري، على عكس السياسي، لا ينوي تغيير مسار المجتمع، ولا يتحمل المسؤولية التاريخية عن القرارات، ولا يجرؤ على تجاوز حدود موازنة مصالح أصحاب المصلحة".
ورأت أن "السياسي الحقيقي هو من يعرف أن قراراته قد تواجه معارضة اجتماعية أو سياسية، لكنّه يتخذها بشجاعة بناء على الصالح العام، في المقابل، فإن المدير الإداري يتحرك فقط ضمن حدود الهياكل القائمة، وليس هدفه تغيير الوضع، بل الحفاظ على التوازن بين الأجزاء المختلفة من الهيكل".
وأضافت: "في مثل هذه الظروف، فإن إحدى أهم العقد في نظام الحكم في إيران هي أزمة اتّخاذ القرار. وإن عملية اتّخاذ القرار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أصبحت أكثر صعوبة يومًا بعد يوم، وليس بسبب عدم وجود معلومات كافية، بل لأن قضايا البلاد متشابكة ومتعددة الطبقات ومعقّدة، وكلّ قرار بدلًا من حل المشكلة بشكل كامل يؤدي إلى تفعيل قضايا مشكلة جديدة".
وأردفت: "يدخل السياسي إلى الميدان، ويرى الواقع، ويفهم التناقضات، ويتّذ القرار الصعب، مع معرفة التكاليف الاجتماعية ولكن بالاعتماد على المسؤولية التاريخية، أما المدير الإداري فيقضي وقته في قراءة تقارير الخبراء، ويتجنب اتّخاذ القرارات، ويتخطّى الاجتماعات، وفي نهاية المطاف إما لا يتخذ أي قرار أو يتخذ قرارات غير فعّالة إلى حد يؤدي إلى استمرار الوضع الراهن".
وتابعت: "كانت مدرسة الشهيد رئيسي مدرسة السياسة الشجاعة، وباعتباره رئيسًا، حاول كسر هذه السلبية البنيوية وتحمل مسؤولية اتّخاذ القرار. في كثير من الحالات، كان يذهب إلى الميدان بنفسه، ويراقب القضايا عن كثب، وبناءً على ذلك، يتخذ القرارات في تلك اللحظة، وهذا الأسلوب في الحكم هو أسلوب سياسي وليس إداريًا".
وقالت "إننا اليوم لا نواجه مشاكل فحسب، بل نواجه أيضًا مشاكل عظمى. أي قضايا هي في نفس الوقت اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وحتّى نفسية. عندما نحاول فك عقدة ما، ندرك أن هناك عقدًا أخرى متشابكة معها. لذلك فإن اتّخاذ القرار يتطلب أفقًا واسعًا، وشجاعة للتغلب على العقبات، ورؤية طويلة المدى"، مضيفة: "وعلى النقيض من العديد من الإداريين السابقين، برز الشهيد رئيسي كسياسي، ولم يكن هذا الاختلاف في شخصيته فقط، بل كان نابعًا أيضًا من فهم عميق لأوضاع البلاد وضرورة اتّخاذ القرارات. ولم يتراجع في وجه الصعوبات، كان يعتقد أنه لا يوجد حل منخفض التكلفة للتغلب على الأزمات البنيوية، لذا بدلًا من إدارة المشاكل، اتجه إلى حل المشكلة".
وختمت: "على عكس العديد من المديرين التنفيذيين في العقود السابقة، لم يتخذ الشهيد رئيسي القرارات من خلف مكتبه، حيث كان يعتقد أن القرارات الكبيرة يجب أن تتّخذ على أرض الميدان. وهذا الأسلوب نفسه سمح له بتجنب انتظار الإجماع عند مواجهة الأزمات، وتجاوز مجموعات العمل المرهقة، وتحمل عبء اتّخاذ القرار شخصيًا، لقد كان يعلم أن التسويف هو في حد ذاته قرار؛ قرار لصالح الوضع الراهن".
عبداللهيان رمز التعاون بين الميدان والدبلوماسية
في السياق نفسه، كتب وزير الخارجية عباس عراقتشي في صحيفة إيران بمناسبة شهادة وزير الخارجية السابق أمير عبداللهيان: "تولى الشهيد حسين أمير عبداللهيان قيادة وزارة الخارجية في وضع كان يتمتع فيه بخلفية شاملة من المستويات المتخصصة إلى الإدارة العليا لدبلوماسية البلاد، وقد أدت هذه العملية التدريجية والمبنيّة على الخبرة، ولأول مرة منذ سنوات، إلى خلق هدوء غير مسبوق داخل هيكل وزارة الخارجية، وكان السلك الدبلوماسي يثق به ثقة كاملة، وسرعان ما أدى هذا الرأسمال الاجتماعي إلى التماسك التنظيمي وزيادة الكفاءة في وزارة الخارجية".
وأضاف: "لكن فترة ولايته كانت واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية من حيث التطورات الإستراتيجية، فالمفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي، والتي بقيت من الحكومة السابقة، تتطلب متابعة دقيقة وذكية، وفي الوقت نفسه صبورة". وتابع: "لقد سار الشهيد أمير عبداللهيان على هذا النهج بواقعية وحرص على الخطوط الحمراء للنظام، وفي الوقت نفسه، فرضت الأزمة الأوكرانية وعواقبها الدولية، بما في ذلك الضغوط السياسية والإعلامية ضدّ إيران، العديد من التحديات على البيئة الدبلوماسية للبلاد، ولكن نقطة التحول في وزارته جاءت بلا شك في استجابة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتطورات الإقليمية السريعة".
وأردف: "شكلت عملية طوفان الأقصى والهجوم "الإسرائيلي" الذي تلاها على القسم القنصلي في السفارة الإيرانية في دمشق، والذي أدى إلى استشهاد عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، بداية مرحلة جديدة. وفي ظل هذه الظروف، اضطرّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى تنفيذ عملية الوعد الصادق 1؛ عملية أظهرت تنسيقًا لا مثيل له بين الميدان والدبلوماسية".
وأوضح: "لقد مهد الشهيد أمير عبداللهيان الطريق لمنع تحول التوتر إلى حرب شاملة، ليس فقط أثناء العملية، بل وبعدها أيضًا، من خلال سلسلة من المشاورات الدبلوماسية المكثفة. وأثبت مرة أخرى أن الدبلوماسية قادرة على تعزيز وتأمين الإنجازات على الأرض، وكان الوعد الصادق 1 مثالًا ساطعًا على هذا التآزر الإستراتيجي".
وتابع: "من المبادرات الدائمة الأخرى خلال فترة وزارته انضمام إيران إلى المنظمات الإقليمية والعابرة للحدود، رغم أن عملية الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بدأت في عهد الحكومة السابقة، إلا أن إتمامها حصل في عهد إدارة رئيسي وبمتابعة دقيقة من أمير عبداللهيان. وانضمام إيران إلى مجموعة البريكس كان نتيجة مبادرة وتخطيط مستقل تمامًا من قبل الحكومة الثالثة عشرة. وجاءت هذه العضوية في لحظة تاريخية وحاسمة. ولو أن إيران أضاعت هذه الفرصة، لما تمكّنت بعد الآن من الانضمام إلى هذا التكتل الاقتصادي والسياسي المهم".
وأوضح أنه إلى جانب التطورات الدولية الكبرى، كان هناك جانب بارز آخر في دبلوماسية الحكومة الثالثة عشرة وهو اتباع سياسة الجوار في عهد الوزير الشهيد أمير عبداللهيان وتحويل الحدود من منطقة تهديد إلى منطقة فرصة.
عاصفة اقتصادية في "تل أبيب"
في سياق آخر، ذكرت صحيفة رسالت أن "مجموعة الموارد العبرية قالت إن الحكومة صادقت على ميزانية لا تأخذ في الاعتبار التكاليف الحقيقية للحرب، مؤكدة أن استمرار الحرب في غزّة من شأنه أن يعمق الكارثة الاقتصادية لـ "إسرائيل" ويلحق أضرارًا بالغة بقوات الاحتياط التي تشكّل العمود الفقري للجيش والقوّة العاملة الرئيسية".
وقالت: "منذ إقامة الكيان الصهيوني الزائف في الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل 77 عامًا، كان هذا الكيان متورطًا دائمًا في حروب مختلفة في المنطقة، داخل فلسطين وخارجها، ولم يشهد أي فترة سلام وبدون حرب. ولكن ما يميز حروب العقود الخمسة الأولى من احتلال الكيان الصهيوني لفلسطين عن الحروب الجديدة هو أن الحروب السابقة كانت تجري في معظمها خارج حدود فلسطين، ولم تمتد الهجمات إلى الجبهة الداخلية الصهيونية، وكانت التكاليف البشرية والاقتصادية لهذه الحروب بالنسبة لـ "إسرائيل" تقتصر على التكاليف العسكرية، والتي تم تعويض بعضها من خلال الغنائم الحربية. علاوة على ذلك، كانت الحروب السابقة، باستثناء حرب 1948، قصيرة ومحدودة ولم يكن لها تأثير اقتصادي واجتماعي كبير على الكيان المحتل".
وتابعت: "في واقع الأمر، فإن الحروب الصعبة نسبيًا التي خاضها الكيان الصهيوني حدثت بعد عام 1973، والتي أصبحت أطول وأكثر دموية حتّى وصلت إلى مرحلة جديدة. وبعد ظهور حزب الله في لبنان عام 1982، بدأت الضربات المؤلمة للكيان الصهيوني في حروبه مع الدول العربية، وتمكّن الفلسطينيون، باتباعهم نموذج المقاومة اللبنانية خلال الحروب العديدة التي خاضوها مع العدوّ الصهيوني، من إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية للكيان. وبعد أن امتدت الحرب إلى الجبهة الداخلية للكيان الصهيوني اعتبارًا من عام 2000 على يد المقاومة اللبنانية ثمّ المقاومة الفلسطينية، أدرك المحتلون أن تكلفة الحرب عليهم تتزايد كلّ يوم".
وأضافت: "لكن معركة طوفان الأقصى، باعتبارها المعركة الأكثر تاريخية للعرب مع المحتلين الصهاينة، ألحقت أضرارًا غير مسبوقة بالعدو على مختلف المستويات، بما في ذلك على المستوى الاقتصادي، الذي وصل إلى حافة الانهيار بالنسبة للاقتصاد "الإسرائيلي"".
وأردفت: "أعلنت بعض الصحف الاقتصادية "الإسرائيلية" في تقرير لها أن أكبر نفقات "إسرائيل" خلال الحرب الحالية حتّى إعلان وقف إطلاق النار في كانون الثاني/يناير الماضي كانت تتعلق بقوات الاحتياط، التي تشكّل القوّة العاملة "الإسرائيلية" الرئيسية، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، فاستعادة الشعور بالأمن تتطلب وجودًا كبيرًا للقوات على طول الحدود، ولذلك ستظل قوات الاحتياط تتحمل العبء الرئيسي، وأضافت وسائل العدوّ أنه: منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قُتل نحو 840 جنديًا إسرائيليًا وجُرح 14 ألفًا، وفي المتوسط يُصاب 1000 جندي آخر كلّ شهر. في بداية الحرب، تم استدعاء حوالي 220 ألف جندي احتياطي للتجنيد، الأمر الذي كان له عواقب اقتصادية هائلة وبعيدة المدى".
وتابع: "الآن، بعد أن أصدر رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي"، نداء لتجنيد عشرات الآلاف من الجنود الجدد في الجيش لتوسيع الحرب في قطاع غزّة، فقد تزايد الحديث عن العواقب السياسية والاجتماعية والتكاليف الاقتصادية للحرب على "إسرائيل" أكثر من أي وقت مضى".