مقالات مختارة

يوسف الشيخ- موقع المقاومة الإسلامية
في القسم الأول من هذه السلسلة عن عملية علمان الشومرية النوعية تقدم الحديث عن إقرار المقاومة الإسلامية خطة توسيع العمليات برًّا وبحرًا، كما تحدثنا عن أهمية المعسكرات في صقل التجربة الروحية والجهادية وكذلك عن تكتيكات العدوّ الدفاعية الجديدة.
في هذه الحلقة سنقدم تعريفًا للموقعين هدفَي الهجوم مع المميزات التكتيكية والتعبوية لكل واحد منهما، مع العمليات الخداعية التي نفذت لصرف الأنظار عنهما عندما تحين ساعة الصفر لبدء الهجوم:
المميزات التكتيكية والتعبوية لموقع علمان:
هو موقع صهيوني تزيد مساحته عن الخمسمائة متر. وهو عبارة عن تلة مرتفعة تقع فوق نهر الليطاني حيث يتهادى النهر قرب جسر القعقعية. ويشرف الموقع على بلدتي زوطر الغربية والشرقية لجهة الشمال وبلدتي القعقعية وكفرصير شمالًا وبلدتي فرون والغندورية غربًا، وعلى وادي الحجير جنوبًا بينما يتصل من الجنوب الشرقي مع المنطقة المحتلة في بلدة علمان والقنطرة.
الموقع محاط بالسواتر الترابية العالية التي تمنع رؤيته من الداخل، بينما زرع العدوّ خارج السواتر ألغامًا ضدّ الأفراد وبعدها مباشرة نشر الأسلاك الشائكة، فيما أقام على السواتر من الداخل دشمًا من الباطون المسلح موزعة في كافة الاتّجاهات، ومتصلة بخنادق محفورة بشكل يقي الجنود من القصف، ويسمح لهم بالتنقل داخل الموقع من دشمة إلى أخرى. وفي نهاية الساتر الترابي كان يوجد موقع "كيشيت"، وهو رادار أرضي.
ويوجد في الموقع أيضًا قاعتان كبيرتان تتسعان لإيواء ومعيشة ثلاث فصائل، إضافة إلى برج للمراقبة يعلو فوق الموقع مع بعض خزانات الماء.
للموقع مدخلان متقابلان أحدهما لجهة الشرق ويوجد فيه ثلاث دبابات من طراز "Shot D" المعروفة بالعبري بدبابة "Shot Kal Dalet" وهي أحدث طراز سنتوريون مطور محليًا قبل توزيع دبابة الميركافا على الوحدات المدرعة بداية التسعينات. إضافة إلى ملالة من نوع "M113" وشاحنة وجيب عسكريين ورشاشات متوسطة من نوع "ماغ" إضافة إلى الكواشف الضوئية.
كان الموقع في ذلك الوقت تابعًا لمنطقة مسؤولية سرية "المهام المساعدة" التابعة للكتيبة 51 من لواء غولاني وللسرية "أ" التابعة للكتيبة 53 من لواء 188 المدرع. وللتنويه فإن السرية "أ" نشرت في الموقع بعد انسحاب العام 1985 لغرض تكتيكي مهم، لأنها ورغم تبعيتها الفنية للكتيبة 53 إلا أنها كانت تعمل دائمًا بتصرف قائد اللواء 188 ولأهميتها فإن قائد اللواء في اجتياح 1982 العقيد المقبور "مائير داغان" الذي أصبح لاحقًا قائد الفرقة 36 ثمّ رئيسًا للموساد استبقى السرية "أ" تحت امرته المباشرة بعد اجتياز اللواء 188 لصيدا وتقدمه على الخط الساحلي باتّجاه بيروت، وعندما تعطلت العملية على أطراف خلدة الجنوبية بعد تصدي المقاومة البطولي للعدو كلف داغان السرية "أ" بلعب دور رأس الحربة في احتلال مثلث خلدة إلا أنها لم تتمكّن من تنفيذ المهمّة إلا بعد 96 ساعة قتال شرس فقدت السرية "أ" خلالها 4 دبابات و7 من الجنود القتلى خلال معركة خلدة.
بناءً على طبيعة المواقع العسكرية في "الشريط الحدودي" في جنوب لبنان والتهديدات التي كانت تواجهها قوات الاحتلال "الإسرائيلي" و"جيش لبنان الجنوبي" في تلك الفترة، يمكن تفسير وجود هذه التشكيلة من القوات في موقعي علمان والشومرية على النحو التالي:
1.وجود سرية المساندة التابعة للكتيبة 51 من لواء غولاني:
* السبب: لواء غولاني هو لواء مشاة نظامي في الجيش الإسرائيلي. تتولى وحدات المشاة بشكل أساسي مهمّة التمسك بالأرض والدفاع عن المواقع الثابتة والبؤر الاستيطانية أو المواقع. جنود المشاة هم القوّة الرئيسية التي تحرس المحيط. تقوم بالدوريات القريبة بنصب الكمائن (خاصة الكمائن القصيرة المدى أو الليلية)، وتخوض القتال المباشر وجهًا لوجه في حال تعرض الموقع للاقتحام. سرية المساندة غالبًا ما تكون مجهزة بأسلحة أثقل نسبيًا (مثل الرشاشات الثقيلة وقاذفات القنابل)، مما يجعلها مناسبة للدفاع عن موقع محصن.
* الدور في الموقع: هؤلاء الجنود هم حامية الموقع الأساسية، يتولون المراقبة، تشغيل الأسلحة الثقيلة المثبتة في الدشم، والرد على أي محاولة تسلل أو هجوم مباشر على الموقع.
2. وجود السرية "أ" من الكتيبة 53 التابعة للواء 188 المدرع:
* السبب: على الرغم من أن لواء 188 هو لواء مدرع (دبابات)، كان من الشائع في "الشريط الحدودي" نشر وحدات دبابات صغيرة (فصائل أو سرايا) في المواقع الثابتة للمشاة. الدبابات توفر قوة نارية هائلة ومتحركة لا تتوفر لوحدات المشاة وحدها. في التضاريس المعقّدة والمفتوحة نسبيًا لجنوب لبنان، كانت الدبابات حاسمة في:
- توفير الإسناد الناري الثقيل: استخدام المدفع الرئيسي والرشاشات الثقيلة ضدّ أي قوة مهاجمة تتجمع على مسافة أو تحاول الاختراق.
- الدعم النفسي والردعي: وجود الدبابات يعطي شعورًا بالقوّة للحامية ويردع المهاجمين المحتملين.
- الدور في الموقع: تُستخدم الدبابات المتواجدة في الموقع كنقاط قوة نارية رئيسية، إما متمركزة في أماكن محدّدة أو تتحرك حول المحيط حسب الحاجة لتوفير أثقل أنواع النيران للدفاع عن الموقع.
3. وجود نقطة رادار "كيشيت":
* السبب: رادار "كيشيت" (Keshet) هو نظام رادار أرضي متحرك يستخدم للمراقبة والكشف عن الأهداف المتحركة (أفراد، آليات) في المناطق المفتوحة أو الصعبة التضاريس، خاصة في الليل أو الأحوال الجوية السيئة.
* الدور في الموقع: توفير إنذار مبكر عن أي تحركات تقترب من الموقع. في منطقة معروفة بعمليات التسلل والكمائن، يعتبر وجود الرادار أمرًا حيويًا لاكتشاف المهاجمين قبل وصولهم إلى مسافة قريبة جدًا من السواتر والتحصينات، مما يمنح الحامية وقتًا للاستعداد والرد.
إن وجود مزيج من المشاة (غولاني)، الدبابات (اللواء 188)، ونقطة رادار في موقعي علمان والشومرية يعكس نموذج الدفاع عن المواقع الثابتة في "الشريط الحدودي " ضدّ التهديدات المتوقعة. المشاة هم القوّة الأساسية التي تمسك بالأرض وتخوض القتال القريب، الدبابات توفر القوّة النارية الثقيلة والدعم من مسافة، والرادار يوفر عنصرًا حيويًا للإنذار المبكر والاستخبارات التكتيكية. هذا المزيج مصمم لتوفير دفاع متعدد الطبقات ضدّ التسلل والهجمات المباشرة، ويجعل الموقع نقطة قوة يصعب تجاوزها أو اقتحامها دون خسائر كبيرة. وجود كلّ هذه العناصر في موقع واحد يؤكد على الأهمية الإستراتيجية والتكتيكية التي كان العدوّ يوليها لموقع علمان/الشومرية كنقطة دفاع متقدمة ومراقبة في تلك المنطقة.
المميزات التكتيكية والتعبوية لموقع الشومرية:
يقع تحت موقع علمان لجهة الشمال الغرب ويبعد عنه حوالي خمسمئة متر، وهو خاص بميليشيا العميل لحد حيث يوجد فيه على الأقل فصيل مقاتل من ٥ا عميلًا، ومساحته ٣٠٠ متر مسورة بالسواتر الترابية والأسلاك الشائكة وله مدخل واحد على الطريق المؤدّية إلى جسر القعقعية التي كانت نقطة عبور إلى المنطقة المحتلة.
يعتبر هذا الموقع خط الدفاع الأول بالنسبة لموقع علمان ووجوده بالأساس لهذه الغاية وهو يشرف على جسر القعقعية حيث يوجد حاجز للكتيبة الفنلاندية التابعة لقوات الطوارىء الدولية ويراقب الموقع الطريق العام التي تربط بين بلدتي قعقعية الجسر وفرون.
توجد في موقع الشومرية دبابة سنتوريون وملالة أم 113 وجيب عسكري من نوع ويليس إضافة إلى رشاشي براوننغ ثقيلين من نوع ١٢,٧ ملم وثلاث دشم من الباطون المسلح وبرج مراقبة عال وكاشف ضوئي مسلط باتّجاه المنطقة بينه وبين موقع علمان. كان عناصر هذا الموقع يقطعون الطريق فوق جسر القعقعية برصاصهم وقنصهم المتواصل ويمنعون بذلك العبور عليه.
الإعداد لعملية اقتحام موقعي علمان والشومرية
بما أن عملية علمان الشومرية كانت العملية النوعية السادسة منذ أيلول/ سبتمبر 1986 في المرحلة الثالثة من برنامج عمل المقاومة، فقد أخذت وقتها الكافي من التحضير، فإضافة إلى المراحل التحضيرية الأولى نفذت مجموعات الاستطلاع عددًا كافيًا من دوريات الدراسة والاستكشاف داخل الشريط الحدودي وفي محيط الموقعين وتمت مراجعة جميع التفاصيل التكتية والتعبوية للموقعين.
وعلى أساس الناتج المعلوماتي تم تحويل الطرح إلى خطة متكاملة تتضمن تفاصيل عن:
1 ـــ تكتيك العملية: حيث تقرر أن تنفذ المجموعات المشاركة إغارة صاخبة على موقعي علمان والشومرية على أن يكون موقع علمان "الإسرائيلي" هو الهدف الرئيسي المطلوب اقتحامه وتحريره والبقاء فيه لمدة نصف ساعة، أما موقع الشومرية اللحدي فقد تقرر أن يكون الهدف الثاني المطلوب اقتحامه والإجهاز على حاميته ( قتلًا أو أسرًا ) والتي يتراوح عديدها بين 15 و25 جنديًا من اللواء الشرقي التابع لجيش لحد.
2 ـــ خطة الخداع: تقرر تنفيذ عمليتي خداع الأولى على موقعي القنطرة والطيبة الصهيوني وكمائنهما ( كمين ضدّ الكمين + استهداف الإسناد) والثانية على موقعي علمان والشومرية ( قصف مكثف لعملية تبديل "إسرائيلية" ) خلال الشهر الذي يسبق العملية لتشتيت انتباه العدوّ عن طبيعة العملية المقررة ولدراسة ردات فعل العدوّ على العمليات في القاطع الذي يضمّ موقعي علمان والشومرية.
3 ــ الاستعداد المشارك: تقرر إشراك ثلاث سرايا من اختصاصات مختلفة: سرية مشاة وسرية إسناد ودعم وتأمين قتالي وسرية احتياط. كما تقرر حشد الأفراد الذين سيقارب عددهم 200 مجاهد سيجري جمعهم من الجنوب وبيروت والبقاع.
4 ــ تحديد أمكنة الحشد ومسارات التقرب: تقرر القيام بحشد أولي في بيوت بعض المجاهدين في زوطر الشرقية والغربية ثمّ نقلهم نهار وليلة العملية إلى المغاور والأحراش المنتشرة على ضفتي نهر الليطاني، كما تقرر مهاجمة الموقعين من ثلاثة مسارات (جنوبي غربي موقع الشومرية – غربي وشمالي غربي موقع علمان ) واتّخاذ الأحراج غربي موقع علمان ساترًا للاقتراب أكبر قدر ممكن من الموقع.
5 ــ خطة الإسناد الناري: الاعتماد على مرابض مدفعية منحنية ومباشرة من نوع B10 المخصصة لضرب الدشم والتحصينات، إضافة إلى عدد من مرابض الرشاشات الثقيلة من نوع دوشكا 12.7 ملم. لتنفيذ المرحلة الافتتاحية والتي ستتضمن قصفًا مكثفًا للموقعين وطرق إمدادهما والمواقع الساندة لهما (القنطرة – العزية – الطيبة) وبطاريات مدفعية العدوّ داخل الشريط الحدودي، كما ستتضمن ضربًا للدشم الرئيسية والدبابات والآليات العسكرية الموجودة في الموقعين وأي رتل دعم سيتقدّم لنجدتهما.
6 ــ خطة إبطال الموانع والعوائق: استخدام مجموعة هندسة عسكرية من 8 أفراد لتفجير العوائق (أسلاك شائكة – حقول ألغام – موانع كونكريتية) والتي كان أغلبها من الجهة الغربية والشمالية للهضبة التي يستقر عليها الموقعان.
تنفيذ العمليات الخداعية
تعتبر العمليتان التاليتان من قبل المقاومة الإسلامية عمليتي خداع وتحضير وكشف إجراءات العدوّ في المنطقة تمهيدًا للهجوم الكبير والنوعي على موقعي علمان والشومرية. وقد صممتا لتحقيق أهداف تكتيكية ونفسية تخدم العملية الرئيسية القادمة.
العملية الخداعية الأولى: الشومرية (17 آذار/ مارس 1987)
شرح العملية: في فترة ما بعد ظهر يوم 17 آذار/ مارس 1987، وبعد رصد تحرك كبير لشاحنات "إسرائيلية" متجهة إلى موقع قوات الاحتلال على تلة الشومرية (عملية تبديل قوات)، قامت إحدى مجموعات المقاومة الإسلامية بقصف مدفعي مركز باستخدام قذائف الهاون عيار 81 ملم على الموقع فور وصول القوّة الإسرائيلية إليه. تم إطلاق أكثر من 30 قذيفة على الموقع.
أهميتها:
* مثلت ردًا مباشرًا على الاعتداءات الصهيونية وقصف القرى المحررة.
* وجهت ضربة محدّدة ومفاجئة لموقع يعتبر هدفًا رئيسيًا في المستقبل (الشومرية).
* صنفت كعملية "خداعية" أولى، هدفها إعادة توجيه انتباه العدوّ بعيدًا عن هذا الموقع قبل العملية الكبرى بأسابيع، مما جعله يعتبر أي نشاط مستقبلي هنا مجرد قصف روتيني أو أقل أهمية من مناطق أخرى.
التكتيكات المعتمدة:
* الرصد الدقيق لتحركات العدوّ واستغلال لحظة الضعف أو التجمع (وصول التعزيزات/عملية التبديل).
* القصف المدفعي المركز والمفاجئ باستخدام الهاون من العيار المتوسط (81 ملم) الذي يوفر قدرة على الإصابة الدقيقة نسبيًا وتكثيف النيران في منطقة محدّدة.
* الانسحاب السريع بعد تنفيذ القصف قبل ردة الفعل الكبيرة للعدو.
تقييمها:
ـــــ حققت العملية إصابات مباشرة وأوقعت خسائر في صفوف العدوّ ودمرت آليات وأاشعلت فيها النيران.
ـــــ أدت إلى رد فعل "إسرائيلي" عنيف شمل قصفًا للمناطق المحيطة وتمشيطًا بالأسلحة الثقيلة وتحليقًا للمروحيات.
ـــــ من منظور الخداع، نجحت في إبعاد انتباه العدوّ إلى موقع الشومرية كهدف محتمل قبل العملية الرئيسية بشهر تقريبًا، دون كشف النوايا الحقيقية أو حجم الهجوم المستقبلي.
العملية الخداعية الثانية: القنطرة (12 نيسان/ إبريل 1987)
شرح العملية: نفذت المقاومة الإسلامية هجومًا معقّدًا ومتعدد المراحل مساء يوم 12 نيسان/إبريل 1987 في منطقة القنطرة. تضمنت العملية كمائن متعددة متزامنة مع قصف مدفعي على مواقع العدوّ في المنطقة. تميّزت بتحديد ورصد كمين "إسرائيلي" متحرك متجه لنصب نفسه على تلة إستراتيجية (أعلى تلة في المحيط)، فقامت المقاومة بنصب كمين للكمين "الإسرائيلي" نفسه. عند تعرض الدورية الأولى (دبابة ميركافا وآليات مجنزرة) للكمين الأول، تحركت قوة إسناد "إسرائيلية" (دبابة ميركافا أخرى، ناقلة جند M - 113، فصيل مشاة معزز) من موقع القنطرة القريب، فوقعت في كمين ثانٍ معدّ لها خصيصًا. في نفس الوقت، قصفت وحدات المدفعية للمقاومة موقع "مشروع الطيبة" "الإسرائيلي" القريب لمنع تحرك قواته. استمرت المعركة زهاء أربع ساعات متواصلة.
أهميتها:
* تعتبر "العملية الأضخم" للمقاومة في تلك الفترة، وحققت نجاحًا نوعيًا كبيرًا بإيقاع خسائر فادحة بالعدو (اعترف العدوّ بقتيلين و7 جرحى) وتدمير آليات هامة ورمزية (دبابة الميركافا).
* أجبرت العدوّ على رد فعل هائل على أعلى المستويات (وزير الدفاع ورئيس الأركان...) وعلى نطاق واسع (طيران، قصف مكثف)، مع اعتراف رسمي بحجم الخسائر (ولو أقل من المعلن عنه من المقاومة).
* أثبتت قدرة المقاومة على رصد وتفكيك التكتيكات الإسرائيلية الحديثة (مثل الكمائن الليلية) وتحويلها إلى نقاط ضعف، واعتماد تكتيكات متحركة ومباغتة.
* وجهت اهتمام وقدرات العدوّ الاستخباراتية والعسكرية بعيدًا عن محوري علمان والشومرية (الهدفين الرئيسيين لاحقًا) إلى منطقة القنطرة، قبل العملية الكبرى بستة أيام فقط. هذا التحويل للانتباه يعتبر جوهريًا في إنجاح عملية الخداع.
التكتيكات المعتمدة:
* الرصد الدقيق والاستباق: تحديد نية العدوّ بنصب كمين، والتحرك لنصب كمين لكمينه قبل وصوله.
* الكمائن المتعددة الطبقات: إعداد كمين أساسي للدورية المستهدفة، وكمين ثانوي لقوات الإسناد المتوقعة.
* تنسيق النيران: استخدام الصواريخ المضادة للدروع (B - 7) والأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة بكثافة في الكمائن.
* الدعم المدفعي: قصف موقع مجاور (مشروع الطيبة) بقذائف الهاون والصواريخ لشل حركة قواته ومنعها من التدخل.
* استغلال عنصري المفاجأة والقرب الشديد من العدو.
* الحفاظ على حرية الحركة والقدرة على الانسحاب رغم رد الفعل العنيف للعدو.
تقييمها:
ـــــ كانت العملية ناجحة للغاية عسكريًا وتكتيكيًا ونفسيًا.
ـــــ حققت خسائر كبيرة ومؤكدة في صفوف العدوّ وآلياته الهامة والرمزية (تدمير الميركافا كان إنجازًا نوعيًا).
ـــــ أثبتت قدرة عالية للمقاومة على التخطيط والتنفيذ والتنسيق رغم الإمكانيات المتواضعة نسبيًا.
ـــــ من منظور الخداع، كانت ناجحة جدًا في تشتيت انتباه العدوّ وتركيز جهوده على منطقة القنطرة كأولوية قصوى في الأيام القليلة التي سبقت الهجوم الرئيسي على علمان والشومرية.
تقييم دورهما كعمليات خداعية تحضيرية:
كانت العمليتان المذكورتان مصممتين لتكونا جزءًا من خطة خداع إستراتيجي أوسع تمهيدًا للهجوم الكبير في 18نيسان/ إبريل 1987.
الأولى (الشومرية) كإشارة مبكرة ومحدودة تشتت الانتباه "الإسرائيلي" عن الهدف المستقبلي، والثانية (القنطرة) كضجة كبرى وتشتيت ضخم للانتباه في اللحظة الحاسمة قبل العملية الرئيسية، مما مهد الطريق للهجوم على علمان والشومرية.