اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي حزب الله يلتقي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: بالمقاومة نُفشل أهداف العدوان

خاص العهد

جامعة المعارف تجمع الأكاديميا والمقاومة في الحرب الإعلامية
خاص العهد

جامعة المعارف تجمع الأكاديميا والمقاومة في الحرب الإعلامية

321

ضمن فعاليات الملتقى السادس لكليّات الإعلام في لبنان، نظّمت جامعة المعارف ندوة فكرية تحت عنوان "المقاومة والأكاديمية"، جمعت نخبة من الأكاديميين والخبراء والباحثين من مختلف الجامعات اللبنانية والفلسطينية، ناقشت  العلاقة المتبادلة بين المؤسسات التعليمية والعمل المقاوم، واستكشاف سبل دعم قضايا التحرر من موقع الفكر والدراسة والبحث.

الإعلام وتشكيل الوعي: صراع سرديات لا يقلّ ضراوة عن المعركة الميدانية

ركّز المتحدثون في مداخلاتهم على التأثير العميق الذي يمارسه الإعلام في صياغة الوعي الجمعي، لا سيما في العالم العربي، حيث تم التطرق إلى الازدواجية التي يعيشها الإعلام العربي بين الحاجة إلى الحفاظ على الهوية الثقافية، والانجرار أحيانًا خلف أنماط إعلامية غربية. واستُعرضت تجربة التلفزيون العربي التقليدي، كالقناة الأولى، كنموذج حاول الحفاظ على البُعد اللغوي والثقافي، في مقابل وسائل إعلام غربية وأجنبية، مثل بعض القنوات الأرمنية، التي واجهت تحديات في التأثير الثقافي أو نُظر إليها بريبة.

الإعلام المقاوم: أداة تحرير أم سلاح تضليل؟

كان للإعلام المقاوم حيّز أساسي في النقاش، إذ أكّد المشاركون على دوره الجوهري في دعم نضال الشعوب، ولا سيما الشعب الفلسطيني، وتقديم رواية مضادة للخطاب الاستعماري والمهيمن. وتوقّف بعض المتحدثين عند التجربة الفلسطينية في الإعلام الرقمي، التي نجحت في إيصال الصورة الحقيقية رغم التضليل، خاصة خلال الحرب الأخيرة على غزة، حيث تحوّلت وسائل التواصل إلى ساحات مواجهة إلكترونية.

تحليلات إعلامية في زمن التحولات: فلسطين كمرآة للوعي العربي

انطلقت بعض التحليلات من تشريح النقاشات الإقليمية حول القضية الفلسطينية، وموقعها داخل الاصطفافات السياسية العربية، وتحديدًا مقارنة التوجهات الإعلامية بين المشرق والخليج. وتجلّى التوافق بين المتحدثين على أنّ فلسطين ما زالت تشكل ميزان الوعي، ومعيار صدقية الخطاب الإعلامي العربي، وهو ما يضع مسؤولية كبرى على الأكاديميين والإعلاميين في إبقاء هذه القضية في صلب النقاش العلمي والمهني.

الأكاديمية كمحرّك وعي لا كمجرّد مؤسسة

شهدت الندوة مشاركة فاعلة من أكاديميين وأستاذة من جامعات رائدة، كـالجامعة اللبنانية الأميركية، وجامعات وطنية وخاصة أخرى فضلًا عن أكاديميين من جامعة بيرزيت في رام الله، حيث ناقشوا إشكاليات البحث الإعلامي، ولا سيما غياب التمويل المستقل، وخضوع بعض الدراسات لسياسات تمويل مشروطة تخدم أجندات غربية أو دولية، ما ينعكس سلبًا على العمق المنهجي والمصداقية العلمية في الأبحاث.

التحديات البنيوية للبحث العلمي في الإعلام

أبرز النقاش عددًا من العقبات التي يواجهها الباحثون في مجال الإعلام المقاوم، ومنها افتقار العديد من الجامعات إلى رؤية واضحة تُدرج الإعلام ضمن مشروع تحرري تحليلي شامل، فضلًا عن ضعف الاستثمار في تطوير منهجيات البحث النوعي، وغياب التشبيك بين الباحثين والمؤسسات الإعلامية الميدانية.

الإعلام كمهنة حرة لا كوظيفة رتيبة: دعوة لإعادة الهيكلة

أثارت الندوة أيضًا تساؤلات حول طبيعة الممارسة الإعلامية، إذ شدّد بعض المتحدثين على ضرورة تحويل الإعلام إلى مهنة حرة، قائمة على الإبداع والبحث والرسالة، بعيدًا عن الحصص التقليدية والأنماط الاستهلاكية. وأكّدوا أن قضية المقاومة، بما تحمله من بعد تحرري وإنساني، تُشكّل أرضية خصبة لتوليد محتوى إعلامي نوعي وملتزم.

الذاكرة التاريخية كحاجة معرفية في فهم الإعلام

لم يغب البُعد التاريخي عن النقاش، بل شكّل ركيزة لفهم طبيعة الصراع الإعلامي، فقد أكد المشاركون أن البحث التاريخي هو شرط لتحرير الرواية، وأن قضية فلسطين يجب أن تُدرس ليس فقط بوصفها قضية سياسية، بل من خلال سياقها الإعلامي والتوثيقي والتاريخي، بما يتيح كشف أساليب التزييف، وتحصين الأجيال ضد الحرب النفسية والتلاعب بالمصطلحات.

ضغط الإعلانات.. بين التأثير والتضليل

تناولت الندوة مفهوم "الضغط الإعلاني" كجزء من الحرب الناعمة، حيث لا تقتصر الهجمة على القنابل والصواريخ، بل تمتد إلى المحتوى الإعلاني الموجّه، الذي يهدف إلى تطويع الأذواق، وترويج قيم متناقضة مع القيم الثقافية والسياسية للمجتمعات العربية. ودعا المتحدثون إلى تدريب الإعلاميين على أدوات التحليل النقدي، وتمكينهم من إنتاج مصطلحات وأطر مفاهيمية خاصة بالعالم العربي المقاوم.

نحو رؤية بحثية لبنانية متقدمة

في ختام النقاش، أشار المشاركون إلى أن لبنان، رغم أزماته، يمتلك إرثًا إعلاميًا وثقافيًا متقدّمًا، وأن الجامعات اللبنانية بدأت تُراكم خبرات حقيقية في مجال تحليل المحتوى الإعلامي، وتأثيره على الرأي العام. لكن التحدي يكمن في تحويل هذا التراكم إلى مشروع بحثي ممنهج، يربط بين النظرية والممارسة، ويخدم صمود المجتمعات في وجه الغزو الثقافي والإعلامي.

 نحو جامعة مقاومة ومجتمع معرفي مقاوم

اختُتمت الندوة بالتأكيد على أن بناء مجتمع مقاوم يبدأ من الجامعة، ومن إعادة تعريف دور الأكاديمي، ليس فقط كمحاضر أو باحث، بل كفاعل ثقافي يُدرك أهمية الكلمة في مواجهة الرصاصة، والمعرفة في مواجهة السيطرة. كما دعت المداخلات إلى تحصين الأجيال الجديدة عبر المناهج، وتحفيز البحث العلمي الميداني، ليكون الإعلام المقاوم مشروعًا وطنيًا شاملًا لا شعارًا عابرًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة