إيران

بقائي: خطوط إيران الحمراء ستكون أساس الرد على المقترح الأميركي
جزم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بأنّ تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات عن إيران مسائل أساس للوصول إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أنّ "أيّ نص يتضمن مطالبَ متطرّفة ومبالَغ فيها ويتجاهل الحقوق والمصالح المشروعة للشعب الإيراني لن يحظى بالتأكيد برد إيجابي من جانب إيران"، موضحًا أنّ "خطوط إيران الحمراء ستكون أساس الرد على المقترح الأميركي" الذي قدّمته الولايات المتحدة مؤخّرًا إلى إيران عبر سلطنة عُمان.
وتطرّق بقائي، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الاثنين 2 حزيران/يونيو 2025، إلى تقرير "الوكالة الدولية للطاقة النووية"، فاعتبر أنّ "هذه الأساليب التي يتّبعها الغرب والوكالة لن تنجح بالتأكيد"، قائلًا: "من الخطأ اعتماد الأسلوب نفسه الذي لم ينجح من قبل".
وبيّن أنّ "التقرير الذي أصدرته الوكالة يتضمّن محتوىً متكرّرًا إلى حد كبير، كما تم تضخيم بعض القضايا الفنية"، قائلًا: "ممّا لا شك فيه أنّ هذا التقرير تم إعداده تحت ضغوط من بعض البلدان".
وأشار إلى أنّ "إيران تدرك أنّ الوكالة ككل ومديرها العام، تعرّضا لضغوط متكرّرة لإعداد هذا التقرير بمحتوى محدد، ولكن هذا الأمر لا يعني أنّ الوكالة مسموح لها بنشر تقارير متحيّزة تمامًا وذات دوافع سياسية ضد دولة عضو تحت تأثير هذه الضغوط".
وأوضح أنّ "المبالغة هي في إلغاء تعيين عدد قليل من الأشخاص، والذي تم استنادًا إلى لوائح ومواد الضمانات الشاملة، ومن جهة أخرى عدم ذكر استمرار نشاط ووجود 125 مفتّشًا، هو توجه متحيّز وغير موضوعي تمامًا".
وحول ما إذا وُضِعت إيران بين خيارَين، إمّا قبول اتفاق لا يستجيب لمطالبها الأساسية أو دخول مواجهة عسكرية، قال بقائي: "بالتأكيد لم نقبل مثل هذه المعادلة ولن نقبلها أبدًا، ومن غير المقبول أنْ نبقى في هذه المعضلة التي تم ذكرها".
وردًا على سؤال حول الاقتراحات التي قدّمتها الولايات المتحدة إلى إيران، أجاب بقائي: "بالتأكيد، تَلَقّي النص لا يعني أنّه تم قبوله، أو حتى أنّه مقبول"، معتبرًا أنّ "تبادل النصوص أمر شائع في كل عمليات التفاوض، حيث قدّمنا نحن الفريق التفاوضي الإيراني أول نص مكتوب للجانب الأميركي".
ولفت بقائي الانتباه إلى أنّ "الجميع كان يتوقّع أنّ أيّ رسالة متبادلة ستكون نتيجة أو انعكاسًا للمناقشات التي جرت خلال الجولات الخمس من المفاوضات، لأنّ كلا الجانبَين يدرك الخطوط الحمراء لدى الآخر"، مضيفًا: "على أيّ أساس منطقي وقانوني وشرعي واحتياجي، تصرّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على مواصلة التخصيب. وواضح أيضًا، على أيّ أساس تصرّ إيران على ضرورة إنهاء العقوبات القمعية بشكل فعّال".
وفي ما يتعلّق بالمزاعم الغربية بشأن امتلاك إيران قنبلة نووية، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: "إذا راجعتم التقارير المتعلقة بالقضية النووية الإيرانية، فسوف تدركون أنّه منذ عام 1984، زعم مسؤولو الاحتلال الصهيوني أنّ إيران ستحصل على قنبلة نووية خلال الأشهر الستة المقبلة".
وذكَر أنّه "مرّ الآن ما يقرب من 40 عامًا منذ ذلك الحين، ومن ثم فإنّ قضية تسليح البرنامج النووي السلمي الإيراني تشكّل ذريعة للكيان الصهيوني لضمان السيطرة على السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة".
وبشأن قضية العقوبات في المفاوضات وخطوط إيران الحمراء، أوضح بقائي أنّ من "أهم المطالب الإيرانية ومن أهم مطالبنا في أيّ عملية تفاوض مع الغرب هي قضية رفع العقوبات"، مشدّدًا على أنّ "إيران واثقة من برنامجها النووي وطبيعته السلمية، وواثقة من نواياها ليس فقط في الأقوال بل أيضًا في الأفعال، وأثبتت أنّها لن تتجه نحو التسليح بأيّ شكل من الأشكال". وحسم بأنّ قضية إنهاء العقوبات التي اعتبرها "مناقشة أساسية للغاية" ستكون "عنصرًا أساسيًا وجوهريًا في تشكيل أيّ تفاهم مع الولايات المتحدة".
وفيما بيّن أنّ "الجانب الأميركي لم يقدّم حتى الآن التوضيح اللازم بهذا الخصوص"، قال بقائي: "يتعيّن على إيران أنّ توضح لنفسها بشكل كامل كيف وبأيّ آلية سيتم رفع العقوبات المفروضة على شعبها، ويجب أيضًا أنْ تضمن عدم تكرار التجارب المريرة الماضية، وأنْ تتمكّن من رؤية آثار رفع العقوبات على أرض الواقع في مختلف المجالات، بما في ذلك العلاقات الاقتصادية والمصرفية والتجارية".
من جهة أخرى، أكّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنّ "قضية فلسطين أصبحت موضع تهميش في مجلس حقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أنّه "من المتوقّع من الأمم المتحدة والمؤسّسات الدولية أنْ تساعد، خاصة في هذه الظروف، في دراسة القضية الفلسطينية بعناية وتركيز أكبر"، مذكّرًا بأنّه "لم يتم عقد أيّ اجتماع خاص أو طارئ على مستوى مجلس حقوق الإنسان لمراجعة الوضع في غزة على مدى العامَين الماضيين". ونبّه إلى أنّ "ما يحدث في فلسطين المحتلة، وخاصة في غزة والضفة الغربية، يجعل الولايات المتحدة والدول الأخرى الداعمة للكيان الصهيوني شركاء ومتواطئين في هذه الجرائم".
وبشأن ادّعاء فنلندا باكتشافها جاسوسًا إيرانيًا على أراضيها، علّق بقائي بالقول: "كان الادّعاء الفنلندي غريبًا للغاية بالنسبة إلينا. إنّ فنلندا بلد كانت لنا معه دائمًا علاقة معقولة وعقلانية، ونحن نأسف لأنّنا نضطرّ إلى النظر إلى هذا الإجراء باعتباره جزءًا من نهج منسق بين الدول الأوروبية للضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، مضيفًا: "لقد تعاملنا مع هذه المسألة بحُسن نية تامة، وتم استدعاء السفير الفنلندي في طهران لنقل احتجاجنا رسميًا وطلب توضيح بشأن هذه الادّعاءات التي لم يتم تقديم أيّ وثائق أو أدّلة عليها، والتي ليس لها أساس حقيقي أو موثوق".
وعن مقترح قدّمه مشرّعون أميركيون لجعل بعض العقوبات ضد إيران دائمة، رأى بقائي أنّ "هذا الأمر يُعدُّ تناقضًا واضحًا في النهج الأميركي، فمن ناحية، تزعم أميركا باستمرار أنّها تتبع نهجًا دبلوماسيًا واستعدادًا للتفاهم، ولكنْ من ناحية أخرى، لا تأخذ على محمل الجد العقبة الأهم أمام أيّ تفاهم أو خلق الحد الأدنى من الثقة في جدّيتها، وهي رفع العقوبات".
وبخصوص رد فعل إيران على تفعيل الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي لـ"آلية الزناد"، أكّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنّه "إذا حدث أيّ من هذه الأحداث، فسنتخذ التدابير اللازمة وفقًا للظروف ومتطلّبات الأمر".
وحول أهداف زيارة وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقتشي إلى مصر، أوضح بقائي أنّه "خلال العام ونصف عام الماضيَيْن، عقدت لقاءات ومشاورات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومصر على مستوى رفيع من الرؤساء ووزراء الخارجية"، كاشفًا عن أنّ "إيران عاقدة العزم على متابعة سياسة الجوار بشكل جدّي وتعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية والإقليمية، ولذلك فإنّ هذه الزيارة تجري أيضًا في الإطار نفسه".
كما بيّن بقائي أنّ "آخر التطورات في المنطقة، وخاصة التطورات في فلسطين المحتلة، مدرَجة على جدول أعمال المباحثات بين وزير الخارجية (عراقتشي) والمسؤولين المصريين".
وفي حين أكد أنّ قضية "شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي" هي "إحدى القضايا الجدية والدائمة على جدول أعمال الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، اعتبر بقائي أنّ "الُمضِي قُدُمًا في هذه الخطة أمر مهم لأنّ الكيان الصهيوني هو العقبة الوحيدة أمام تحقيق منطقة غرب آسيا خالية من الأسلحة النووية".
وفي ما يخصّ موعد الجولة المقبلة من المحادثات الإيرانية - الأميركية غير المباشرة، أشار بقائي إلى أنّه "بناءً على التحقيقات الجارية والتفاعلات مع الوسيط عُمان، يتم اتخاذ القرار اللازم لتحديد كيفية استمرار المفاوضات في المستقبل".
وتعليقًا على أنباء نشرتها صحف مصرية عن لقاء ثلاثي بين وزيرَي خارجية إيران ومصر مع المدير العام لـ"الوكالة الدولية للطاقة الذرية" رافائيل غروسي، قال بقائي: "هذا لا يمكن تأكيده، وحتى الآن لم أسمع عن هذا اللقاء مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في مصر".
وردًّا على سؤال حول مزاعم احتمال اعتقال بعض الرعايا الأجانب في إيران، قال بقائي: "نحن نحترم جميع المواطنين والأفراد الأجانب الموجودين بشكل قانوني على أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذين دخلوا البلاد وفقًا لقوانين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والذين يقيمون هنا، وجميع حقوقهم محفوظة".
وفي ما يتّصل باجتماع وزراء الدفاع الأوروبيين والاتهامات الموجهة لإيران، اعتبر بقائي أنّ "هذه الاتهامات ليست جديدة، وكانت مسألة تورُّط إيران في الصراع الأوكراني موضوع نقاش لأشهر عدة بعد بدء الصراع"، موضحًا أنّ "إيران قد نفت هذه الاتهامات بشكل قاطع، ولا يوجد أيّ دليل أو إثبات على مشاركة إيران في هذا الصراع".