اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي إسلامي: إيران ستواصل التخصيب ولن تستسلم للضغوط الأميركية 

نقاط على الحروف

مواجهة الهيمنة الأميركيّة بين ناريّ التفاوض والميدان
نقاط على الحروف

مواجهة الهيمنة الأميركيّة بين ناريّ التفاوض والميدان

202

أمام استمرار العدوان العالميّ الغربيّ على غزّة بيد "إسرائيليّة"، وتخاذل الأمم والدول والحركات والشعوب على اختلافها، رغم ارتفاع حصيلة العدوان إلى ما يزيد عن 54,470 شهيدًا و124,693 إصابة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، فضلًا عن القتل والإجرام الذي يطاول مناطق أخرى على امتداد فلسطين ولبنان وسورية واليمن وإيران، فإن إعادة تظهير الوقائع وملاحقة خلاصاتها تبدو ضروريّة، فالموت الذي تفوح رائحته بشهيّة المجرم ليس مجرّد "أرقام"، باتت تمرّ عليها العين مرور "العادة"، وليس دخانًا كثيفًا يعدم "البصائر" التي تنفذ إلى الأحداث بعقلانيّة وواقعيّة وشجاعة، فتعرّي حركة العدوّ رغم تلاشي الوعي والإرادة عند الضعفاء في نفوسهم بينما يكتب الحاضر فصول الآتي، ولا يجف حبر التاريخ عن تدوينه بيد الغالب.

وفي هذا الإطار يمكن القول، تخلّلت المواجهة الأخيرة المستمرّة بين جبهة المقاومة وبين الهيمنة الأميركيّة أربع مراحل: المرحلة الأولى عمليّة طوفان الأقصى، المرحلة الثانية مواجهة العدوان العالميّ على غزّة ويمكن تسميتها بـ"مرحلة الإسناد"، والمرحلة الثالثة "معركة أولي البأس" بموازاة الإسناد المزدوج لغزّة ولبنان، والمرحلة الرابعة "ما بعد معركة أولي البأس" حيث شهدت انعطافةً حادة في مسار المواجهة والأحداث، تضمّنت تجميد عمليّات الإسناد من لبنان والعراق وتعليق الرد الإيرانيّ، وإحداث انقلاب في سورية واستيلاء على السلطة اللبنانيّة بأوامر أميركيّة، بينما انفرد "اليمن" في استكمال الإسناد وتصعيده، ولا تزال هذه المرحلة الرابعة جارية، وتنذر بما بعدها على قدر كبير من الحذر والتحدّيات. 

خلاصات المراحل الأربع الرئيسيّة 
تصدّرت خلاصة أساسيّة أهم الدروس والعبر التي رافقت المراحل الأربع، وتعتبر شرطًا مقوّمًا لإعادة ترسيم موازين القوى بعد اختلاله لصالح الهيمنة: "ضع السيناريوهات كافة في الحسبان ولا تستند إلى سيناريو راجح في اختزال وِجْهَة المواجهة". 

ويمكن انتزاع مجموعة من الخلاصات الرئيسيّة، التي سبق الوصول إليها قبل اندلاع معركة "أولي البأس"، ومن المفيد استعادتها لاستمرار صلاحيّتها في ظل شطط بعض التحليلات الأخرى، وفق الآتي: 
الهيمنة العالميّة بزعامة الولايات المتحدة الأميركيّة وبيد "إسرائيليّة" تقود المواجهة والحرب المتنقّلة على الإنسان والإنسانيّة للنيل من أعدائها وتحقيق مشاريعها بأبعادها كافة لمزيد من السيطرة والاستحواذ. 

الحرب متنقّلة وفق خارطة طريق معدّة سلفًا للقضاء على مراكز قوّة "جبهة المقاومة"، والخطة تسير بشكل متدرّج وعلى مراحل ووفق مستويات متدحرجة تحكمها قاعدة "حرب مضمونة النتائج"، وهي التوصية المركزيّة للجنة "فينوغراد". 

"بنيامين نتنياهو" مؤثّر نوعيّ في توجيه القرار إلا أنه ليس المحدّد له
لا تباين بين الولايات المتحدة الأميركيّة وبين كيان "إسرائيل"، وإن حصل فلا يصل إلى حد التناقض، فالعلاقة عضوية، وبمثابة الجماعة الواحدة، ومن ناحية أخرى، تبقى مرجعيّة القرار النهائيّ للدولة العميقة في واشنطن والتي تتجاوز انقسامات الجمهوريّين والديموقراطيّين، فالهدف واحد وإن تنوّعت الأساليب. 

يخوض كيان العدوّ "الإسرائيليّ" حربه بوصفها "حربًا وجوديّة"، لا على قاعدة تحسين شروط الردع بما سبق "طوفان الأقصى"، ولا يلائمها المعركة بالنقاط. 

يبقى التظهير المقصود والمتكرّر للتباين "الأميركيّ_الإسرائيليّ" من أجل التضليل والاستهلاك السياسيّ المخادع وللتوظيف في الصورة والسمعة الداخليّة وأمام الرأي العام، بينما آلاف الأطنان من المساعدات العسكريّة ناشطة بجسورها الجويّة والبحريّة على طريق المدد الحيويّ والتوريد الدائم لحرب الإبادة والتهجير والتوطين العالميّة بيد "إسرائيليّة". 

لا يوقف اندفاعة العدوان المستمرّة أي مظاهرات وبيانات مندّدة أو قرارات وإدانات دوليّة بما فيها القانونيّة الجنائيّة وغير الجنائيّة سواء صدرت بحق دولة مزعومة أو بحق الأعمال والأشخاص؛ رغم أهميّتها الرمزيّة. 

تتحكّم أميركا وبيد "إسرائيليّة" أو مباشرة في إدارة حركتَي النار والتفاوض (ولاحقًا بتجميد المعركة وإحداث الانقلاب) بتخادم وظيفيّ براغماتيّ تكامليّ لتحقيق مآربها.

لا يؤمَن جانبُ العدوّ "الأميركيّ_الإسرائيليّ" بما يقدّمه من "تطمينات" وفي تورّعه عن اقتحام الخطوط الحمر. 
لا يؤمَن جانب العدوّ "الأميركيّ_الإسرائيليّ" التفاوضيّ. 
العدو يستخدم أوراقه كافة وفق مشيئته، ولا يوجد مكان أو زمان أو أسلوب أو ميدان محظور عليه. 
الذي يردع العدو، ويجعله يعيد النظر في بدائله وأسقف أدائه، فقط وفقط هو الميدان والواقع.

هذه عيّنة من الخلاصات الواضحة التي لا يزال بعض المحلّلين وصنّاع القرار يقفزون فوقها، كجزء من إنكار الوقائع الجارية لحساب الغرق في بحر من الخطاب والأوهام أو الأمنيات والأحلام، ومعالجة التحوّل الإستراتيجيّ الجاريّ بأدوات قاصرة ونوايا ساذجة و"مياومة" باهتة في قراءة الأخبار والأحداث. 

في هذا السياق المشتعل، تحتدم مواجهة الهيمنة الأميركيّة بين نارَي التفاوض والميدان، فلا جبهة المقاومة أعلنت استسلامها بل صمدت بنحو إعجازيّ كبير ولم تُهزم، ولا العدوّ أنجز انتصاره أو تعافى من خسائره العسكريّة والمجتمعيّة والسياسيّة، وبقي "طوفان الأقصى" نقطة تحوّل هائلة كمقدّمة مفصليّة من مقدّمات التحرير الكامل لأرض فلسطين أو كمرحلة فعليّة من مراحل تحريرها الجزئيّ أو الكامل، كما بقيت الحملة العدوانيّة تفرض تحدّياتها مسلّطة العين على اليمن وعلى الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، فالمخاطر محدقة بجبهة المقاومة كاملة وكذلك بالعدو دون رأفة. 

مع التنويه، بأن نار التفاوض لا تقلّ استعارًا عن نار الميدان التي تغلي تحت الرماد، وهي محفوفة بالانزلاق، بين جبهة تريد خفض التصعيد ضمن حدَّي وضع حد للخسائر بإبعاد شبح الحرب مع حفظ ما تبقّى من قوّة صمود ومقاومة وعدم الرضوخ أو الاستسلام، وبين هيمنة هائجة تضع عربة الحرب أمام حصان الاستسلام وبأشفى حال عبر استئناف وجبات التصعيد والعقوبات القصوى؛ إلّا أن الحاسم هو في تقدير ميزان القوّة، ما خفي منه وما ظهر بتقديره الدقيق والحاذق على طرفي نقيض، وتبقى المجريات وحدها تحدّثنا أخبارها.

الكلمات المفتاحية
مشاركة