خاص العهد
في مشهد مؤلم يعكس التدهور البيئي في لبنان، جفّت بحيرة البياضة في رأس العين – بعلبك، تاركة وراءها فراغًا بيئيًا وزراعيًا وسياحيًا يصعب ترميمه. البحيرة التي لطالما شكّلت رمزًا للحياة في المدينة، باتت اليوم عنوانًا لأزمة المياه التي تهدّد ليس فقط الطبيعة، بل الذاكرة الجماعية لأبناء بعلبك.
ينبوع الحياة يتحوّل إلى ذكرى
جفاف "البياضة"، للمرة الثانية خلال أقل من عشر سنوات، لم يكن حدثًا عابرًا. فالمياه التي كانت تفيض من قلب الأرض وتحمل معها الحياة، توقفت فجأة. الأسماك نفقت، الطيور رحلت، والأرض تشققت. الجفاف طال كل شيء، حتى الوجدان.
الجفاف ليس قَدَرًا... إنه نتيجة
- التغير المناخي لعب دورًا، لكن السبب الأعمق هو الاستنزاف البشري.
- أكثر من 500 بئر عشوائي تنهش الحوض المائي بلا رقابة.
- مضخة رسمية بقوة 17 إنشًا تشفط ما تبقى، لصالح الشرب، على حساب البيئة والزراعة.
ثمنٌ باهظ يدفعه الجميع
- المزارعون عاجزون عن ري أراضيهم.
- السياحة الريفية التي كانت تنتعش على ضفاف البحيرة تحتضر.
- العائلات تشتري الماء كما لو كانت سلعة كمالية.
البلدية عاجزة... والوزارات غائبة
رئيس بلدية بعلبك، أحمد زهير الطفيلي، أوضح أن البلدية لا تملك الأدوات ولا الصلاحيات لحماية "البياضة"، مشيرًا إلى غياب خطة طوارئ لدى وزارة الطاقة والمياه ومؤسسة مياه البقاع.
صوت الناس... آخر ما تبقّى
اعتصامات خجولة نظّمتها بعض الجمعيات، تطالب بوقف ضخ المياه من البئر الذي يسحب الحياة من البحيرة. طُرحت حلول تقنية، كاستخدام آبار بعيدة عن الحوض المتضرر، لكنها لم تجد آذانًا صاغية.
إلى أين؟
هل تصبح بعلبك أول مدينة لبنانية تفقد نبعها التاريخي؟
في ظل استمرار الاستنزاف، يبدو الصيف المقبل أشبه بإعلان نعي رسمي لبحيرة كانت جزءًا من هوية المدينة. وحدهما الضغط المجتمعي والسياسات المائية المستدامة قد يوقفان هذا النزيف الصامت.