اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

مقالات

ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟
مقالات

ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟

92

استطاعت الولايات المتحدة الأميركية الصعود على عرش النّطام السياسي العالمي، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ليصبح نظام أحادي القطب عبر فرض سيطرتها على الممرات المائية وبالتالي التجارة العالمية. ولكن، منذ صعود قوى عالمية كبرى جديدة؛ بدأت الولايات المتحدة الأميركية تحاول الحفاظ على استمرارية هيمنتها على العالم بشتّى الطرق. 

أبرز ما تحاول السياسة الخارجية الأميركية مواجهته هو طريق الحرير لمنع السيطرة الصينية على التجارة العالمية باستبدال التبادل التجاري عبر المياه بالتبادل التجاري عبر البرّ ومحاولة أي دولة فرض سيطرتها على أي ممر مائي. وبالنظر إلى موقع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الجغرافي؛ تتضح أسباب التخوّف الأميركي الكبير منها، في ظل معاداتها ومواجهتها للاستكبار الأميركي في المنطقة. إذ إن ايران تربط الشرق بالغرب برّا، وتطلّ على مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم.. فماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟

أهمية مضيق هرمز

مضيق هرمز هو المدخل البحري الوحيد إلى الخليج. يفصل إيران عن عُمان والإمارات العربية المتحدة، ويربط الخليج بخليج عُمان وبحر العرب في المحيط الهندي. يمتد على مسافة 20 ميلًا بحريًا تقريبًا عبر إيران، عند أضيق نقطة فيه، ويقع جزء كبير منه ضمن المياه الإقليمية الإيرانية التي تتداخل أيضًا مع مياه عُمان جنوبًا.

يمرّ عبر المضيق نحو 20% من النفط العالمي ونسبة كبيرة من الغاز الطبيعي. تستورد أوروبا النفط والغاز الطبيعي المسال من دول الخليج، مثل السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، ويمرّ جزء كبير منه عبر المضيق.

وفقًا لوكالة الطاقة الدولية (IEA) هناك نحو 70% من النفط الذي يمرّ، عبر مضيق هرمز، متوجهًا إلى آسيا، وتعدّ الصين والهند واليابان من بين أكبر المتلقين.

تداعيات إغلاق مضيق هرمز

على الرغم من وجود بنية تحتية بديلة للمضيق، وهي خطوط الأنابيب، إلا أنها محدودة. تُقدّر وكالة الطاقة الدولية أنه لا يمكن إعادة توجيه سوى 4.2 مليون برميل يوميًا من النفط الخام عبر الطرق البرية، مثل خط أنابيب  السعودي من الشرق إلى الغرب الممتد إلى البحر الأحمر وخط أنابيب أبوظبي للنفط الخام الإماراتي الممتد إلى الفجيرة. وبالكاد تمثل هذه الطاقة ربع الحجم اليومي النموذجي الذي يمر عبر المضيق.

وبالتالي، إذا أغلقت إيران المضيق ستواجه أوروبا نقصًا في الطاقة، لا سيما في الدول التي تعتمد على وقود "الشرق الأوسط". وحتى الدول التي لا تستورد النفط من دول الخليج سوف تتأثر إذا أغلق المضيق؛ لأن الانخفاض الكبير في الإمدادات من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع سعر البرميل في السوق العالمية. 

كما سيؤدي الارتفاع المفاجئ في أسعار النفط إلى زيادة التضخم وتكاليف الطاقة، وتعطيل الصناعات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا. وستكون قطاعات التصنيع والنقل والزراعة أكثر عرضة للخطر. 

إلى جانب النفط، يُعدّ المضيق طريقًا رئيسيًا للشحن العالمي. قد يؤخّر أي انقطاع، في حركة الملاحة، واردات أوروبا من المواد الخام والإلكترونيات والسلع الاستهلاكية، ما يؤثر في سلسلة التوريد. كما سترتفع أقساط التأمين على الشحن، ما يرفع التكاليف على الشركات والمستهلكين عالميا. وبالتالي، الانتاج العالمي سينخفض متأثرا بأسعار النفط والمواد الأولية التي سترتفع؛ حتى ستحلّق إذا ما اتجهت إيران الى اغلاق المضيق. وسيكون أمام دول العالم تحدٍ اقتصادي كبير. إذ إن أزمات كهذه قد تجعل معدلات النمو تنخفض ومعدلات البطالة والتضخم ترتفع، وأسعار العملات قد تتأرجح من دون مصير واضح. وقد يدخل الاقتصاد العالمي أو بعض الاقتصادات  في الركود. 

أما أسواق الأسهم الأوروبية والعالمية ستتأثر وتتقلب، بحسب القطاعات والدول الأكثر تأثرًا بأزمة الطاقة المحتملة، وكيفية تعاطي المستثميرين معها. ولكن من المرجح أن أسعار أسهم القطاعات المحتمل وقف إنتاجها، مثل الصناعة والزراعة والنقل، ستنخقص انخفاضًا حادًّا.

إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية والعالم على درايّة تامّة أن مضيق هرمز سلاح اقتصادي استراتيجي لا يقلّ أهمية عن أسلحتها العسكرية المتطورة، وقدّ يكون أكثر فتكا إذا اضطرت ايران إلى استخدامه. وكما من الممكن أن تستخدمه بانتقائية، بما أن 70% من النفط الخام الذي يمر عبر مضيق "هرمز" متجه إلى الأسواق الآسيوية. إذ إن الصين، كونها أحد حلفاء طهران، لن يكون من مصلحتها إغلاق المضيق بالكامل، وبالتالي قد تتجه إيران إلى إغلاق جزئي للمضيق بهدف تحييد الشركات الصينية إلى حد معين عن أزمة النفط.  

كل هذه السيناريوهات المحتملة قد يفوقها أهمية سيناريو تراجع الهيمنة الأميركية عن سيطرتها على جميع المضائق المائية، وبالتالي تراجع هيمنتها على التجارة العالمية.. فكيف ستكون ردود فعل الولايات المتحدة الأميركية حينها؟.

الكلمات المفتاحية
مشاركة