اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ريال مدريد يهزم باتشوكا بثلاثية في أول فوز له بمونديال الأندية

تحقيقات ومقابلات

تحقيقات ومقابلات

"العهد" يُجري مقابلة شاملة مع الشيخ قاسم: إيران ستنتصر

الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم يُقارب في مقابلة خاصة مختلف الملفات المحلية والإقليمية
487

بثقة ويقين وإيمان بأنَّ النصر سيكون حليف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يتحدَّث الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم. وفق قناعاته، فالشعب الإيراني العزيز قويٌّ وصلبٌ وشامخ، ولا يُمكن لأحدٍ أن يهزمه، كما أنّ إيران لديها قيادة الولي الفقيه الشجاع والمصمّم على أن تكون إيران عزيزة وقوية. ومن منطلق العالِم بمسار الأمور، يُشدّد سماحته على أنّ "الاعتداء على إيران ستكون له أثمان كبيرة جدًا؛ لأن المنطقة بأكملها في خطر". وحول تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، يُجيب سماحته :" تهديد ترامب باغتيال الإمام الخامنئي (دام ظله) عملٌ دنيء، وفي الوقت نفسه دليلُ ضعف". 

وفي مقابلة خاصة مع موقع "العهد" الإخباري في الذكرى السنوية لتأسيس جريدة العهد، الكلمة الأولى للمقاومة، يُقارب الشيخ قاسم مختلف الملفات المحلية والإقليمية، ويُجيب عن الأسئلة بشفافيته المعهودة. ولسيد شهداء الأمة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله حصّة الأسد من الحديث، فهو رفيق الدرب لأكثر من 33 عامًا. لا يُخفي الشيخ قاسم، أنه كان يأنس لخطاباته وكلماته وينتظرها كما ينتظرها الناس، وهو يفتقده كرفيق درب وقائدٍ وحاملٍ لأثقال هذه المرحلة الخطيرة. 
 
وحول الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، يقول سماحته : "الأساس هو أنَّ الدولة مسؤولة عن حماية مواطنيها وأراضي الوطن. ازدادت هذه المسؤولية بعد إبرام اتفاق وقف إطلاق النار برعاية دولية بين لبنان والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر. على الدولة أن تمارس كلّ ضغوطاتها، وأن تستثمر علاقاتها الدولية، وأن تضغط على من رعى الاتفاق وخصوصًا أميركا وفرنسا لتُلزم "إسرائيل" بالانسحاب ووقف كل أشكال عدوانها على لبنان وشعبه. تعملُ المقاومة في هذه المرحلة لمساعدة الدولة في استخدام خيارها الدبلوماسي، والالتزام بمضمون وقف إطلاق النار، وهي حاضرة لأي خيار تتخذه الدولة لوقف العدوان وانسحاب "إسرائيل". ونحتفظ لأنفسنا بالقرار والخيار المناسب الذي نتخذه في وقته، إذا لم تنجح هذه الفرصة في تحقيق أهدافها".

بصراحة مُطلقة وثبات قوي، يُطمئن سماحته أنّ المقاومة في لبنان باقية ومستمرة، وهي تُرمِّم وضعها وقد عبَّرت عن قوة استمراريتها، بأهلها الذين اندفعوا إلى قراهم في الجنوب وقدموا الشهداء ليثبتوا في الأرض، وبأضخم تشييع مليوني للأمينين العامين، وذلك بشهادة كلِّ المراقبين في العالم، وبإسهاماتها الفعالة في بناء الدولة ومؤسساتها. انظروا إليها بينكم وفي حياتكم تعرفون قدْرَها". 

ويتابع سماحته : "أن نُدير معركة أولي البأس مع المجاهدين الأسطوريين ونخرج منها صامدين ثابتين مستمرين في حمل لواء المقاومة والتحرير فهذا إنجاز عظيم. يجب أن يُدرك النَّاس حجم المخاطر التي واجهناها في غزة ولبنان. فالعدوان الإسرائيلي على المقاومة وشعبها في غزة ولبنان، جرى باستخدام القوة العسكرية الضخمة والمتطورة، مدعومةً بستمئة طائرة أميركية، وأكثر من مئة سفينة، كلُّها مُحملة بمئات أطنان الأسلحة والذخائر من الأعيرة الثقيلة والمدمِّرة، وبدعم أميركي بلا حدود على كل المستويات... وبدعم غربي واسع. واجهنا الشرَّ الأكبر على مستوى عالمي ضدَّنا، وبتوفيق الله تعالى: نظَّمنا وضعنا، وانتخبنا أمينًا عامًا، وعيَّنا بدائل للقيادات الشهيدة، وصمدَ مجاهدونا في كلِّ مواقعهم وأوقفوا التقدُّم الإسرائيلي على جبهة الجنوب... لقد أوقفنا هذا العدوان في لبنان بالصمود والتضحيات باتفاق وقف إطلاق النار، ورؤوسنا مرفوعة، ولدينا إمكانات متبقية".

ولأشرف الناس وعدٌ من سماحته، بأن "إعادة الإعمار، هي أولوية الأولويات ليس لنا فقط بل لمسار الدولة وتعافيها. قمنا بترميم 400.000 منزل وصرفنا بدل إيواء لـ 50.000 منزل، مع العلم أنَّ كل ذلك مسؤولية الدولة، ولكن كي لا يبقى الناس خارج بيوتهم؛ ولأنَّهم أهلنا وأشرف الناس الذين يجب أن نبذل أقصى ما في وسعنا لمساعدتهم قمنا بهذا العمل، ولنفوِّت على إسرائيل ومن معها فرصة الفتنة بين المقاومة والناس، والآن مسؤولية الدولة للمتابعة. لهذا الملف الأولوية القصوى لدينا، ونحن نتابعه باهتمام رغم كل العراقيل المحلية والإقليمية والدولية لمنع إعادة الإعمار". 

وفي ما يتعلّق بما يحصل بين "اليونيفيل" والأهالي، يقول سماحته :" نؤيد استمرار اليونيفيل في تنفيذ مهامها لكنَّنا نرفض أن تتجاوز مهامَّها وأن تُقلق الأهالي... وندعو إلى المعالجة الهادئة وعدم الاحتكاك والتصادم". 

وحول الملف الفلسطيني، يؤكّد الأمين العام لحزب الله، أنّ حكومة بنيامين نتنياهو لم تحقّق أي هدفٍ من أهدافها، ولن تحقِّق أيًّا منها، مع ما نراه من صمود أسطوري للشعب الفلسطيني في غزة.
 

وفي ما يلي نص المقابلة: 

س‌.     بعد مرور أربعة عقود على تأسيس جريدة العهد، الناطقة باسم المقاومة. ما كلمتكم؟ وهل من ذكريات لكم مع هذه الجريدة؟ 

ج.  جريدة العهد هي أول صوت موثَّق للتَّعبير عن مواقف حزب الله ورؤيته للأحداث والتطورات. انطلقت بعد سنتين من تأسيس حزب الله؛ وذلك في 18 حزيران 1984، حين لم يكن لحزب الله ناطق رسمي، ولم يتصدَّ مسؤولوه إعلاميًّا. كان الهم الوحيد وقتها عمليات المقاومة السريَّة، والتي كانت جهات أخرى تعلن تبنِّيها، حين كان الإعلان عنها يتم باسم المقاومة الإسلامية (وهو الاسم المعتمد للمقاومة قبل إعلان حزب الله في 16 شباط 1985). إذًا كيف نُخاطب الجمهور؟ وكيف نُعمم على كوادرنا وإخواننا وأخواتنا رؤيتنا ومواقفنا وروايتنا للأحداث؟ كانت جريدة العهد هي الحل.

إنَّ توثيق التجربة والعمليات والمواقف عملٌ يُساعد المسيرة على تكوين الصورة الكاملة بين الماضي والحاضر، وهو يندرج تحت عنوان "جهاد التَّبيين" الذي أطلقه سماحة الإمام الخامنئي(دام ظله). حيَّا الله المؤسسين والمحررين والعاملين في جريدة العهد، ثم في موقع العهد على امتداد 41 سنة. كنتُ أنتظر صدورها في المرحلة الأولى وأقرؤها بشغف. والآن للموقع قراؤه ومتصفِّحوه؛ لأنَّه يُعبِّر عن مواقف حزب الله. إنَّها إحدى دوائر تظهير موقف حزب الله الصادقة والأمينة.  

س‌.     إلى أي مدى ساعدت جريدة العهد كإعلام مقاوم المقاومة في غربتها، وكانت صوتها الأول؟ 

ج. أدَّت جريدة العهد وظيفتها، وحققت أهدافها في توضيح الصورة ونقل الحقيقة للمنتمين إلى حزب الله وجمهور المقاومة والباحثين عن الحقيقة.

س‌.    تأسست جريدة العهد في ظل ظروف صعبة جدًّا، تُشبه الظروف التي انطلقت فيها المقاومة، ورغم ذلك صمدت وكانت الكلمة الأولى لها. هل الظروف التي انطلقت فيها المقاومة في ذلك العصر أصعب أم الظروف التي تمر عليها اليوم؟. 

ج. لكلِّ مرحلة ظروفها الخاصة، لكنَّنا اليوم في ظروف أصعب بكثير من أيام التأسيس. والدليل على ذلك العدوان الإسرائيلي الأخير في أيلول 2024 والذي واجهناه بمعركة أولي البأس. كان الهدف من العدوان إنهاء وجود حزب الله، باغتيال الصف القيادي الأول وعلى رأسه سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله(قده)، والسيد الهاشمي(قده) والمعاونين وبعض مسؤولي الوحدات الجهادية والمجاهدين، وعملية البيجر، وضرب القدرات العسكرية. الحمد لله تعالى الذي وفَّقَنا لتجاوز هذا الخطر الكبير، باستكمال عقد القيادة البديلة، والصمود الأسطوري للمجاهدين، والتفاف الناس الأشراف حول المقاومة.. ما أدى إلى وقف الحرب واستمراريتنا.

س‌.    أسهمت العهد في تشكيل وعي بيئة المقاومة، وكانت صلة الوصل بين المقاومة وشعبها. كيف ترون الوعي الشعبي اليوم، في ظل التحديات التي تتعرّض لها البيئة؟ هل من كلمة تتوجهون فيها لهذه البيئة؟ 

ج. الوعي الشعبي مُتقدِّم جدًا. لاحظوا المقابلات المباشرة مع الناس، مع النساء والشباب والأطفال، في إطلاق المواقف الواعية والعميقة مباشرة على الهواء، ما يدلُّ على نُضج هذه البيئة وأصالة إيمانها بالولاية والمقاومة.

بكلِّ اطمئنان نقول: هؤلاء الناس هم أشرف وأنبل وأعظم الناس نُصرةً للحق والوطن. هؤلاء الناس شركاء حقيقيون في صناعة انتصار المقاومة واستمراريتها. لقد قدموا صورة نادرة يوم تشييع السيدين الجليلين بالشكل والمضمون ومليونية الحضور والاستعداد للتضحية والتمسك بالعزة والولاء. 

س. برز سيد شهداء الأمة السيد الشهيد حسن نصر الله كصانع رئيسٍ ومشكِّل للرأي العام ولوعي هذه البيئة الشريفة، إذ ربطته عَلاقة روحية قلَّ نظيرها في التاريخ مع الناس. وأنتم تتابعون وسائل التواصل الاجتماعي والمقابلات التلفزيونية وما إلى هنالك من ردود أفعال لهذه البيئة. كيف تفسّرون هذا الحضور القوي للأمين العام في قلب وعقل ووجدان هذه البيئة؟ وهل يمكن لبيئة تتمسّك بنهج وعقيدة سماحة السيد أن تُهزم؟. 

ج. الحضور القوي لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله(قده) هو من قوة الارتباط بالرسول محمد(ص) وما دعانا إليه للارتباط بالثقلين: القرآن الكريم وعترة آل محمد(عم). إنَّ تفانيه في الإسلام المحمدي الأصيل، وذوبانه في الولاية بقيادة الإمام الخامنئي(دام ظله) على خط الإمام الخميني(قده) وامتلاكه لصفات شخصية مميَّزة، خصائصُ أظهرت نوره الوضَّاء وقوة تفاعله مع الناس وتأثيره فيهم. كان يُخاطب عقول الناس وقلوبهم، وكان واحدًا منهم في متطلبات حياتهم وتضحياتهم، وفي الخندق المتقدِّم لمواجهة "إسرائيل" ونصرة فلسطين والقدس، وهو الذي قدَّم ولده هادي شهيدًا. 

س‌.    اسمحوا لي أن أسألكم على الصعيد الشخصي. كم يفتقد سماحة الشيخ قاسم رفيق الدرب سيد شهداء الأمة في هذه الظروف التي نعيشها اليوم؟. 

ج. ترافقنا بشكل مباشر يومي وعملي لأكثر من ثلاث وثلاثين سنة، في العمل التنفيذي لسنتين كان رئيسًا وكنتُ نائبًا له، وباقي السنوات كنائب للأمين العام. حتى عندما تختلف آراؤنا في النادر من الموضوعات فاللياقة والاحترام والاستماع إلى الرأي الآخر هو السائد على قاعدة الالتزام بالتسلسل التنظيمي. كُنَّا معًا في أصعب الظروف والمحطات، وكنتُ دائمًا في حالة اطمئنان لرجاحة رأيه وحكمته وبُعد نظره، ولا أخفي أني كنتُ آنس إلى خطاباته وكلماته وأنتظرها كما ينتظرها الناس. أفتقده كرفيق درب وقائدٍ وحاملٍ لأثقال هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ أمتنا ومقاومتنا. عزائي بأنَّه نال الشهادة التي تمنَّاها، وترك لنا إرثًا عظيمًا نستفيد منه.

س‌.    بعد نحو 9 أشهر على "الحمل الثقيل" الذي تسلمه الأمين العام لحزب الله وهو "أمانة المقاومة لتبقى حيّة وقوية". كيف يبدو هذا الحمل اليوم وسط اشتداد الضغوط؟ وهل ما زالت المقاومة بخير رغم الضجيج الذي نسمعه يوميًا، والحملات الممنهجة  التي تدّعي أنّ هذه المقاومة انتهت الى غير رجعة وولّى زمانها؟. 

ج.  أن نُدير معركة أولي البأس مع المجاهدين الأسطوريين ونخرج منها صامدين ثابتين مستمرين في حمل لواء المقاومة والتحرير فهذا إنجاز عظيم. يجب أن يُدرك النَّاس حجم المخاطر التي واجهناها في غزة ولبنان. فالعدوان الإسرائيلي على المقاومة وشعبها في غزة ولبنان، جرى باستخدام القوة العسكرية الضخمة والمتطورة، مدعومةً بستمئة طائرة أميركية، وأكثر من مئة سفينة، كلُّها مُحملة بمئات أطنان الأسلحة والذخائر من الأعيرة الثقيلة والمدمِّرة، وبدعم أميركي بلا حدود على كل المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية..إلخ. وبدعم غربي واسع. واجهنا الشرَّ الأكبر على مستوى عالمي ضدَّنا، وبتوفيق الله تعالى: نظمنا وضعنا، وانتخبنا أمينًا عامًا، وعيَّنا بدائل القيادات الشهيدة، وصمدَ مجاهدونا في كلِّ مواقعهم وأوقفوا التقدُّم الإسرائيلي على جبهة الجنوب. لقد أوقفنا هذا العدوان في لبنان بالصمود والتضحيات باتفاق وقف إطلاق النار، ورؤوسنا مرفوعة، ولدينا إمكانات متبقية.

المقاومة باقية ومستمرة، تُرمِّم وضعها. وقد عبَّرت عن قوة استمراريتها، بأهلها الذين اندفعوا إلى قراهم في الجنوب وقدموا الشهداء ليثبتوا في الأرض، وبأضخم تشييع مليوني للأمينين العامين وذلك بشهادة كلِّ المراقبين في العالم، وبإسهاماتها الفعالة في بناء الدولة ومؤسساتها. انظروا إليها بينكم وفي حياتكم تعرفون قدْرَها.

س‌.    اسمحوا لي سماحتكم بهذا السؤال. كما تعلمون أنّ هذه البيئة تتمسّك بالمقاومة أكثر من أي وقت مضى. لكن هناك جزء من هذه البيئة يهمس سرًا أو جهرًا متمنيًا إطلاعه على حقيقة ما جرى مع المقاومة مؤخرًا. كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟ هل ترون أن الظروف ستكون مؤاتية مستقبلًا لإطلاع هذه البيئة على بعض التفاصيل؟

ج. سنقدِّم لاحقًا سردية عمَّا حصل بعد انتهاء تحقيقاتنا، علمًا بأن الصورة العامة معروفة ويمكن اختصارها بأنَّنا كُنَّا مكشوفين أمنيًّا بسبب التكنولوجيا المتقدمة للعدو وعدم معرفتنا بحجمها، ووجود فجوة كبيرة نتيجة غياب التكافؤ في القدرة العسكرية.

إطلالة على أبرز المستجدات السياسية

في المواضيع السياسية، عادة ما نبدأ بالأسئلة المحلية لننتقل إلى الشق الإقليمي. لكن اسمحوا لي سماحة الشيخ أن نبدأ من الحرب بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني، الحدث الأبرز اليوم. 

س‌.    تشتد المعركة بين إيران والعدو، سبق وقلتم سماحتكم، إن الاعتداء على إيران ستكون له أثمان كبيرة جدًا؛ لأن المنطقة بأكملها في خطر. بداية، كيف تصفون الخداع الأميركي لصالح العدو في الإعداد لهذه الحرب؟

ج. أميركا هي صاحبة المشروع الأصلي في محاولة القضاء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث لم تمر سنة ونصف على انتصار ثورة الإمام المُلهم الخميني(قده) ونجاحها بإقامة الدولة إلا وبدأت الحرب العراقية ضد إيران لثماني سنوات، بدعم أميركي دولي عربي منقطع النظير لإسقاط الجمهورية الثورية الإسلامية الناشئة. ومنذ ذلك الوقت والعقوبات الاقتصادية والحصار الشامل عليها يزداد يومًا بعد يوم.

الآن استغلت أميركا الفرصة ووجهت رأس الإجرام في زماننا الكيان الإسرائيلي لضرب إيران وإسقاط نظامها. الحديثُ عن الخداع هو في التكتيك، وقد برز بعد العدوان بأنَّ الهدف الأصلي ضرب مشروع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. نعم ستكون هناك تداعيات كبرى في المنطقة وعلى الوضع العالمي إذا استمرت الحرب وتوسَّعت وزادت فيها أميركا من تدخلها بشكل مباشر.

س‌.    سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي قال منذ بداية الحرب، إن الصهاينة سينالون عقابًا شديدًا، ليكتب لاحقًا على حسابه على "إكس" : "نصر من الله وفتح قريب". كيف ترون موازين القوى في هذه الحرب حتى الآن؟ وكيف تفسّرون تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب العلني للإمام الخامنئي؟ 

ج.  أثبت الدفاع الإيراني عن الدولة والشعب والخيار الحر جدواه وأثره، ونحن نسمع عويل الصهاينة من آثار الصواريخ الإيرانية في الكيان الإسرائيلي الذي يصرخ مسؤولوه، مطالبين أميركا بالتدخل العسكري المباشر لدعمهم. هذا جزء من العقاب والآتي أعظم، إن شاء الله تعالى.

ستنتصر إيران لأنَّها صاحبة حق، ومُعتدَى عليها. إيران لديها قيادة الولي الفقيه الشجاع والمصمم على أن تكون إيران عزيزة وقوية، ولديها شعبٌ متماسك ترك خلافاته ليكون موحَّدا في مواجهة العدوان الأميركي الإسرائيلي، ولديها حرس الثورة الإسلامية الإيرانية وقواها المسلحة الذين أثبتوا أنهم حُرَّاس دولة الإمام المهدي(عج).

إنَّ تهديد ترامب باغتيال الإمام الخامنئي(دام ظله) عملٌ دنيء، وفي الوقت نفسه دليلُ ضعف. إنَّه جاهلٌ لمكانة هذا المرجع الكبير عند المسلمين وفي العالم، وجاهلٌ للتداعيات الخطيرة لمثل هذه التهديدات. هذه التهديدات تشدُّ عزيمتنا، وتزيد من الالتفاف الشعبي العالمي حول هذه القيادة النورانية العظيمة. نُردِّد ما قاله إمامنا وقائدنا "نصرٌ من الله وفتحٌ قريب"، إن شاء الله تعالى.

س‌.    هل تعتقدون أن نهاية المعركة قريبة؟ وهل من كلمة للشعب الإيراني الصامد؟

ج‌.    لا نستطيع التكهُّن بوقت نهاية المعركة لأنَّها مرتبطة بمدى تحمُّل "إسرائيل" للضربات الإيرانية. وقناعتنا أنَّ الشعب الإيراني العزيز قويٌّ وصلبٌ وشامخ ولا يُمكن لأحدٍ أن يهزمه. 

س‌.    كيف تقيّمون ردود الفعل عند الشعوب الغربية والإسلامية؟ كيف رأيتم الموقف الباكستاني؟

ج‌.     بعض الشعوب ردود أفعالها جيدة، ولكن بعضها الآخر مُقصِّر. الموقف الباكستاني جيد لكنه معنوي.

س‌.    في حال طال أمد الحرب، وتوسعت إلى مشاركة أميركية. هل تعتقدون أن الشعوب في المنطقة ستبقى مكتوفة الأيدي؟. 

ج.  يمكن أن ترفع أصوات شعوب المنطقة أكثر بشكل عام، وبعضها قد ينخرط في المواجهة ضد أميركا و"إسرائيل" بطرق مختلفة. على العموم صورةُ المنطقة ستكون ملتهبة ومفتوحة على احتمالات كثيرة.

س‌.    في الشق الإقليمي أيضًا، يبرز الموقف اليمني. رغم سنوات الحصار، كيف تفسّرون قدرة اليمن على إيلام العدو، وتطوير أدوات ردع وفرض معادلات جديدة في الإقليم؟ 

ج. موقفُ اليمن قيادة ودولة وشعب هو الأنبل والأعظم والمُميَّز، وهو مؤثرٌ في المعادلة إذا تدحرجت الأمور. وأتوقع أنَّ أميركا تحسب حساب ما ستفعله إيران وهو ليس أمرًا بسيطًا وعاديًّا، هذه مسألة وجودية، وكذلك ما يمكن أن يفعله اليمن وقوى المقاومة في المنطقة وشعوبها.

س‌.    في الموضوع الفلسطيني. بعد مرور نحو عام ونصف على "طوفان الأقصى". إلى أي مدى ترى أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو أخفقت في تحقيق أهدافها المعلنة كالقضاء على حماس واستعادة الأسرى؟

ج.  لم تُحقِّق حكومة نتنياهو أي هدفٍ من أهدافها، ولن تحقِّق أيًّا منها مع ما نراه من صمود أسطوري للشعب الفلسطيني في غزة، وهذا التحمل الاستثنائي للإجرام الإسرائيلي الأميركي العالمي، واستمرارية المقاومة ببسالة وشجاعة وفعاليَّة وتأثير. لم تتمكن "إسرائيل" من تحقيق الهدف الأدنى وهو الإفراج عن الأسرى دون تبادل، ولم توقف استمرارية المقاومة، ولم يُحقِّق نتنياهو ما يسميه النصر المطلق بالاستسلام. نتنياهو لا يخوض حربًا، هو يقوم بفعل الإبادة وقتل الشعب المدني وتدمير الممتلكات والحياة، أي يقوم بعمل إجرامي دون أن يُحقِّق هدفًا واحدًا من أهدافه. 

 الشقِّ المحلِّي

س‌.    بعد مرور 10 أشهر تقريبًا على وقف إطلاق النار، لا تزال الخروقات الإسرائيلية مستمرة، والقرار 1701 يُطبّق فقط من جانب لبنان. أعطيت الدولة اللبنانية فرصة لتثبت قدرتها على إرساء الردع، لكن حتى الآن تعذّر هذا الأمر. إلى متى يمكن للمقاومة أن تصبر على هذا الوضع؟

ج.  الأساس هو أنَّ الدولة مسؤولة عن حماية مواطنيها وأراضي الوطن. ازدادت هذه المسؤولية باتفاق وقف إطلاق النار برعاية دولية بين لبنان والكيان الإسرائيلي بشكل غير مباشر. على الدولة أن تمارس كلّ ضغوطاتها، وأن تستثمر علاقاتها الدولية، وأن تضغط على من رعى الاتفاق وخصوصًا أميركا وفرنسا لتُلزم إسرائيل بالانسحاب ووقف كل أشكال عدوانها على لبنان وشعبه. تعملُ المقاومة في هذه المرحلة لمساعدة الدولة في استخدام خيارها الدبلوماسي، والالتزام بمضمون وقف إطلاق النار، وهي حاضرة لأي خيار تتخذه الدولة لوقف العدوان وانسحاب إسرائيل. ونحتفظ لأنفسنا بالقرار والخيار المناسب الذي نتخذه في وقته، إذا لم تنجح هذه الفرصة في تحقيق أهدافها.

س‌.    كيف تُقيّمون أداء لجنة وقف إطلاق النار في هذه المرحلة؟

ج.  لجنة وقف إطلاق النار شاهد زور، بل تعمل لإرضاء "إسرائيل" وتقديم التسهيلات لها، ولم تتمكن من منعها من الخروقات التي تجاوزت 3600 خرقًا.

س‌.    يعمد بعض من في الداخل إلى استغلال ما يحصل بين "اليونيفيل" والبيئة، وسط محاولات أميركية لعدم التجديد لها أو التجديد وفق شروط جديدة. هل هذا الاستغلال يبدو في سياق لعبة أميركية تسبق التمديد؟ كيف تنظرون إلى الإشكالات التي تحصل بين "اليونيفيل" والبيئة؟ وكيف تبدو علاقتكم بـ"اليونيفيل"؟

ج. نؤيد استمرار اليونيفيل في تنفيذ مهامها، ونؤيد التجديد لها على هذا الأساس. لكنَّنا نرفض أن تتجاوز مهامها، وأن تُقلق الأهالي بالدخول إلى الممتلكات الخاصة وعدم اصطحاب الجيش في مهامها. نتفهَّم اعتراض الأهالي، لكنَّنا ندعو إلى المعالجة الهادئة، وعدم الاحتكاك والتصادم بين اليونيفيل والأهالي.

س‌.    ننتقل إلى ملف إعادة الإعمار. لا تزال الدولة بعد أشهر على وقف إطلاق النار غير قادرة على إطلاق ورشة الإعمار، وسط محاولات خارجية لربط إعادة الإعمار بأجندات محدّدة. المواطن اللبناني يبدو اليوم في حيرة من أمره، بعض المواطنين يعيش حالة قلق، من جهة يربط الخارج الإعمار بأجندة محدّدة، ومن جهة أخرى ثمّة عراقيل توضع لوصول أية مساعدات إلى لبنان. كيف تُطمئنون سماحتكم المواطن، وأنتم الذين أديتم قسطكم للعلى في هذا الموضوع، وأتى دور الدولة اللبنانية؟ هل لا يزال هذا الملف ورغم كثرة التحديات يُشكّل أولوية الأولويات لديكم؟. 

ج.  إعادة الإعمار أولوية الأولويات ليس لنا فقط بل لمسار الدولة وتعافيها، فلا يُمكن أن تستقرَّ الدولة ولا أن تتقدم إلى الأمام وتنهض إلَّا إذا كانت تضع الخطط والبرامج التي تُعالج شؤون الناس وعلى رأسها بناء ما تهدَّم وترميم ما تضرَّر والتعويض الاقتصادي والزراعي والاجتماعي على المتضررين ليسهموا في بناء البلد بتضافر جهودهم واستخدام إمكاناتهم لهذا الشأن.

قمنا بترميم 400.000 منزل، وصرفنا بدل إيواء لـ 50.000 منزل، مع العلم أنَّ كل ذلك مسؤولية الدولة، ولكن كي لا يبقى الناس خارج بيوتهم، ولأنَّهم أهلنا وأشرف الناس الذين يجب أن نبذل أقصى الوسع لمساعدتهم قمنا بهذا العمل، ولنفوِّت الفرصة على إسرائيل ومن معها للفتنة بين المقاومة والناس، والآن تقع على الدولة مسؤولية المتابعة. لهذا الملف الأولوية القصوى لدينا، ونحن نتابعه باهتمام رغم كل العراقيل المحلية والإقليمية والدولية لمنع إعادة الإعمار. 

س‌.    هناك رأي عام شعبي يدعو للتحرك والاعتراض سياسيًا وشعبيًا على سلوك الحكومة في موضوع إعادة الإعمار. هل تقبلون بضغوط الرأي العام هذه عليكم وعلى الحكومة، بحيث يقوم الشعب بفرض أولوية الإعمار على الحكومة وعلى داعميها حمايةً للاستقرار؟.

ج. لا نُملي على الناس كيفية تعبيرهم، ولهم أن يُعبِّروا ويبدوا آراءهم. لكنَّنا كحزب نرى المتابعة السياسية مع الحكومة والضغط عليها هو المناسب الآن ونأمل أن يُوتي ذلك ثماره.

س‌.    إلى أي مدى ترون أن هناك جهات سياسية ورسمية متواطئة في الحصار الأميركي للبنان؟. 

ج. أميركا تستخدم أدوات ولا تشاركهم في مشاريعها وخططها، ولذا لا أهمية للتواطوء والمتواطئين سوى تشويش الرأي العام وإزعاج المواطنين بالأصوات المرتفعة والحاقدة. 

س‌.    نلاحظ المزيد من التدخل من قبل السفارة الأميركية والسفارات الغربية الأخرى في شؤون الوزارات اللبنانية المختلفة. هل برأيكم أصبح لبنان تحت الوصاية الأميركية؟ وكيف يمكن رفع هذه الوصاية؟

ج. نُحذِّر من أنَّ تدخُّل السفارة الأميركية والسفارات الغربية الأخرى في شؤون الحكومة اللبنانية والوزارات المختلفة فيه خطر الوصاية على لبنان، وهو لن يكون لمصلحته.

س‌.    في ما يتعلق بمعركة الإصلاح في الداخل. إلى أي مدى أنتم مقتنعون بأن هذه الحكومة قادرة على معالجة الملفات ذات الطابع الإصلاحي؟ وكيف يمكن لكم كجهة إصلاحية التعاون معها في هذا المجال؟

ج. تسير الحكومة ببطء في عملية الإصلاح، وبما أنَّ مدتها محدودة فقد تُنجز القليل على طريق الإصلاح. المطلوب من الحكومة همة أكبر ضمن برنامج وطني متكامل، لا أن تبقى ملحوقة بالمطالب الأميركية والدول الغربية.

س‌.    من أبرز الملفات الإصلاحية، ملف الودائع لدى المصارف. كيف يمكن لحزب الله أن يتعاون مع الحكومة لإعادة الحقوق إلى الناس المستحقين؟

ج. حزب الله مع معالجة مشكلة الودائع على قاعدة إعادتها بالكامل ضمن خطط وقوانين. وسنتعاون عبر المؤسسات الدستورية وخصوصًا المجلس النيابي ومجلس الوزراء، من أجل إقرار القوانين اللازمة والمراسيم التطبيقية، فهذا هو الطريق العملي لإعادة الودائع.

س‌.    ثمة دعوات لتعديل قانون الانتخاب قبل موعد الانتخابات النيابية العام القادم. هل توافقون على تعديل القانون الحالي؟ برأيكم، كيف يمكن حل مسألة تصويت المغتربين؟

ج.  لدينا ملاحظات محدودة على قانون الانتخابات الحالي، ونحن منفتحون على نقاش التعديلات المناسبة عليه، فإذا لم تنجح التعديلات يبقى القانون الحالي ساريًا. والأفضل أن نناقش موضوع المغتربين في جلسات المجلس النيابي، على قاعدة أن تتمكن قاعدتنا الشعبية من انتخاب ممثليها، ونرفض أي اقتراح يضع قاعدتنا تحت ضغط الدول الأجنبية ورقابتها، ما يجعل الانتخابات غير عادلة بالنسبة إلينا.

س‌.    هل من كلمة أخيرة لسماحتكم؟

ج.  أبارك للعهد عيدها الواحد والأربعين، وأدعوها دائمًا إلى التطوير ومواكبة العصر والاستفادة من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، وأن تكون دائمًا كما عهدناها ملتزمة بقول الحقيقة، ونقل الأخبار كما هي، وكشف المُضلِّل منها لمساعدة الناس على القراءة الصحيحة للأحداث. نحن نتعلم من مدرسة القرآن الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ"(الحجرات 6), وقال تعالى: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً"(الإسراء 36). العهدُ رسالة، وليست غواية، ولا تجارة.

 

 

الكلمات المفتاحية
مشاركة