مقالات

تداول بعض الإعلام خبرًا مفاده بأنّ "وزير خارجية سلطة الأمر الواقع الراهنة في دمشق، أسعد الشيباني، سيزور بيروت، على رأس وفدٍ، في وقتٍ قريبٍ، للبحث في العَلاقات الثنائية بين لبنان وسورية، وكيفية إيجاد حلول للقضايا العالقة بين البلدين، أبرزها: ثلاث قضايا، وهي: عودة النازحين السوريين إلى ديارهم، ضبط الحدود البرية، وتأكيد لبنانية مزارع شبعا". ولا ريب أن القضية الأخيرة، ستتصدر ما عداها من القضايا، وستحتلّ الأولوية في جدول أعمال اللقاءات الثنائية المرتقبة، بين الجانبين اللبناني والسوري، نظرًا لحساسية هذه القضية، ودقتها، خصوصًا في الوقت الراهن، حيث تزداد الضغوط على المقاومة اللبنانية، لتسليم سلاحها. وفي الصدد، يسعى المحور الغربي ومن خلفه بعض من دول المنطقة، إلى دفع "سلطة الأمر الواقع في دمشق"، إلى عدم الاعتراف بلبنانية مزارع شبعا، للتضييق على المقاومة في لبنان، وبالتالي "سحب إحدى ذرائع بقاء السلاح لدى هذه المقاومة"، وفقًا لمفهوم المحور المعادي لها، على اعتبار أن "المزارع هي أرض سورية، وليست لبنانية، والمقاومة غير معنيةٍ بتحرير الأراضي السورية من الاحتلال الإسرائيلي".
الرئاسة الأولى: دمشق أقرت بلبنانية "المزارع" لدى الأمم المتحدة
وفي التفاصيل المتعلّقة بهذه القضية الشائكة، تؤكد مصادر رئيس الجمهورية اللبنانية السابق العماد إميل لحود لـ موقع "العهد": أن "السلطات السورية قامت بالمقتضى القانوني، أمام الدوائر المختصة لدى الأمم المتحدة، للتأكيد على لبنانية "المزارع"، وذلك بعد تحرير الجنوب من الاحتلال الصهيوني، في 25 أيار من العام 2000، بناء على طلب من العماد لحود وقتذاك". وتلفت المصادر عينها إلى أن "هذا الإجراء السوري في شأن لبنانية "المزارع"، موّثق لدى الدوائر المختصة في وزارة الخارجية اللبنانية أيضًا". وتؤكد أن "موافقة الجانبين اللبناني والسوري، على أن مزارع شبعا، هي أرض لبنانية، كافية أي (الموافقة)، لتأكيد حق لبنان بملكية هذه "المزارع"، فلا خلاف بين الدولتين على ملكية لبنان لهذه "المزارع"، وبما أنه ما من خلاف بينهما، لا دور هنا للأمم المتحدة في مسألة تحديد ملكية المزارع المذكورة، فالأمم المتحدة تتدخل عادةً عند وقوع خلاف أو نزاع بين الدول"، تختم المصادر.
وفي هذا الإطار، يروي النائب السابق للرئيس السوري فاروق الشرع، في مذكراته "الرواية المفقودة"، الصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في العام 2015، حيث تحدّث الشرع عن لبنانية مزارع شبعا قائلًا: "اتصل الرئيس سليم الحص (رئيس الحكومة اللبنانية وقتذاك) إثر الانسحاب "الإسرائيلي" من جنوب لبنان، في 25 أيار 2000، مستفسرًا عن تبعية مزارع شبعا، فأخبرت الحص أنّني أبلغت تيري رود لارسن (ناظر تطبيق القرار 425 الذي يدعو إلى انسحاب "إسرائيل" من لبنان) أنّ مزارع شبعا لبنانية". يضيف الشرع في الكتاب عينه: "كان لارسن حريصًا جدًا على أن تكون مزارع شبعا سورية، وليست لبنانية، أي أنّها تتبع لقوات الأمم المتحدة لفض الاشتباك "أندوف"، وليس لقوات "اليونيفل"، وذلك بهدف إلغاء دور المقاومة في جنوب لبنان".
كذلك أكد الشرع، للأمين العام للأمم المحتدة كوفي أنان في العام 2000 أنّ "سورية تدعم ادّعاء لبنان بلبنانية المزارع". وفي كانون الثاني من العام 2006 أوضح الرئيس السوري السابق بشار الأسد نفسه أنّ "المزارع لبنانية": وقال وقتذاك: "لكنّ سورية لن ترسم الحدود مع لبنان، إلّا بعد الانسحاب "الإسرائيلي" من تلك المنطقة".
وفي العام، 2009 أكدّ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز في حديث صحافي، أنّه "عندما التقى في دمشق، وزير الخارجية السورية وليد المعلم قال له: بوضوح ودون أيّ التباس أنّ المزارع لبنانية". وأضاف وليامس: "فقلت له: إنّ عليّ إعداد تقرير لمجلس الأمن. هل أستطيع أن أذكر هذا الأمر؟ فأجاب المعلم بنعم".
وفي السياق عينه، يلفت مرجع سوري مخضرم وشاهد على الحقبة المذكورة آنفًا لـ "العهد، إلى أن "فاروق الشرع قدم الوثائق المطلوبة التي تؤكد لبنانية مزارع شبعا إلى الأمم المتحدة، ولكن حتّى الساعة، لم ترسّم الحدود المشتركة على امتدادها بين البلدين، وكما هو معلوم هناك تداخل جغرافي معقّد بينهما، وديموغرافي أيضًا"، على حدّ قوله. ويشير إلى أن "إسرائيل احتلت مزارع شبعا، في العام 1967، من الجيش السوري، لذا يدّعي الكيان الصهيوني أن هذه "المزارع أرض سورية"، لسحب سبب وجود المقاومة في لبنان". ويقول المرجع: "راهنًا، بعدما خرجت سورية من محور المقاومة، وانضوت تحت لواء المحور الغربي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لا أستبعد أن تضغط الأخيرة على سلطة الأمر الواقع في دمشق بقيادة أحمد الشرع، لسحب اعتراف الدولة السورية بلبنانية مزارع شبعا، وذلك في سياق ممارسة الضغوط على لبنان، لنزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية"، يختم المرجع.
ومن الناحية القانونية، يؤكد مرجع قانوني أن "معاهدة ترسيم الحدود بين الانتداب الفرنسي والانتداب البريطاني، تحسم أن مزارع شبعا لبنانية، كما أن الحكم استمرار، فلا تستطيع سورية تبديل موقفها من مزارع شبعا، أي سحب اعترافها".